النظرية الأمنية الإسرائيلية بقلم: أ. د. محسن محمد صالح هزَّت عملية طوفان الأقصى النظرية الأمنية الإسرائيلية، ووجهت ضربة قاسية للمبادئ التي تقوم عليها، وتحديدًا "الثالوث الأمني" الذي ظلّ قائمًا طوال 75 عامًا، ويتمثّل في مبادئ: 1. الردع. 2. الإنذار المبكر. 3. الحسم (النصر السريع المطلق). فقد كان الفشل ذريعًا في "ارتداع" حماس، ولم تنجح معها سياسات الحروب السابقة قصيرة المدى، ولا محاولات "التهدئة" تحت التهديد، ولا الاستيعاب. وفشل نظام الإنذار المبكر في توقّع عملية طوفان الأقصى، بالرغم من قوتها واتساعها وتغطيتها ضِعف مساحة قطاع غزة في الداخل الفلسطيني المحتل 1948، والخسائر الضخمة التي أحدثتها في ساعات قليلة (نحو 1200 قتيل و250 أسيرًا)، وكشفت العملية عن "فشل متعدد الطبقات" في المنظومة الأمنية. ثم إن العدوان على غزة فشل تمامًا في حسم المعركة بسرعة، والتي ما زالت فصولها مستمرة بعد أكثر من 600 يوم من القتال، وصمود المقاومة. المراجعات على النظرية الأمنية قبل 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 كانت النظرية الأمنية الإسرائيلية قد خضعت للعديد من المراجعات و"التحسينات"، ولكن مبادئها ظلت سارية معتمدة. كما ظلّ عدد من القواعد والخطوط الإستراتيجية الأمنية حاضرًا مثل: "تجييش الشعب"، وضمان التفوق والهيمنة، والضربات الاستباقية، والحدود الآمنة والمجال الحيوي، ونقل المعركة إلى أرض العدو، وضمان دعم القوى الكبرى، مع تطوير الاعتماد على الذات. وراعت بعض المراجعات في العقدين الأوَّلين من القرن ال 21 عددًا من التغيرات كاختلاف أهمية الجغرافيا، وخطر الصواريخ والطائرات المسيرة، والأمن السيبراني، وحالة الثورات واللااستقرار في البيئة العربية، و"تهديد" النمو السكاني الفلسطيني في الداخل، وتهديدات نزع الشرعية، ومشاكل الوضع الداخلي الإسرائيلي، وتراجع نوعية المقاتل الإسرائيلي، وعدم الرغبة في تحمل أعباء الحرب. وفي سنة 2015 أضيف إلى "الثالوث الأمني" مبدأ رابع هو مبدأ "الدفاع" ليعكس الاهتمام بالدفاع الصاروخي والقبة الحديدية، وبالسياج الحدودي وحمايته. بينما تبنت القيادة الإسرائيلية في فترة "الربيع العربي" إستراتيجية "انتظر، وحافظ على القلعة" في متابعة الأحداث التي عصفت بالمنطقة، غير أنها عملت بشكل فعَّال "تحت الطاولة"، وعبر الوكلاء والحلفاء لإسقاط هذا "الربيع". التغيرات في النظرية الأمنية بعد عملية طوفان الأقصى.