البويرة: إحياء ذكرى استشهاد بطل المقاومة الشعبية "الشيخ المقراني"    كرة القدم/ الرابطة الثانية هواة: مباراتا ج.الخروب-م.الرويسات, ه.شلغوم العيد-إ.الحراش بدون جمهور    الإعلان وُقّع بالجزائر العاصمة أمس : ميلاد الفضاء البرلماني العربي الأمريكي اللاتيني    وزير الشباب يستقبل وفدا عن جمعية النساء الجزائريات رئيسات المؤسسات    النص الكامل للبيان مشترك الذي توج زيارة جلالة السلطان هيثم بن طارق إلى الجزائر    اليوم الوطني للذاكرة:استذكار لأهمية وحدة الصف في حماية الوطن وصون مكتسباته    مشاركون في ندوة فكرية:النهضة الديبلوماسية والاقتصادية والتنموية تتطلب مواكبة إعلامية    دورة وهران أحسن من الطبعات السابقة    علامة جزائرية لزيت الزيتون تتألق دولياً    العدوان الصهيوني على غزة: المنظمات الأممية تعلن نفاد مخزون المساعدات في القطاع    توقع إنتاج 1.5 مليون قنطار من الحبوب    أزيد من 400 طبيب مختص في الطب المدرسي يستفيدون من تكوين في مجال الكشف المبكر    بورصة الجزائر: عدة شركات أبدت اهتمامها بالدخول إلى السوق المالية    عيد الأضحى: ضرورة الالتزام بجملة من التدابير الصحية لضمان الحفاظ على سلامة المواشي    ملاكمة: رابطتي تيزي وزو و تيارات تتوجن باللقب    سكن: إطلاق إنجاز 250 ألف وحدة خلال السداسي الأول من 2025    مسؤول صحراوي يدعو إلى التحقيق في انتهاكات ذات صلة بالتعذيب    طلبة من جامعة قسنطينة 3 في زيارة إلى مدينة ميلة القديمة    غزة:ارتفاع حصيلة الضحايا إلى52567 شهيدا و 118610 مصابا    رئيس الجمهورية يخص سلطان عمان باستقبال رسمي بمقر رئاسة الجمهورية    تصفيات بطولة افريقيا للمحلين 2025: الخضر يستأنفون التدريبات بسيدي موسى    وزير الصحة يلتقي رئيس الوكالة الدولية لأبحاث السرطان لمنظمة الصحة العالمية    الرهان على موقف برلماني موحّد في دعم الشعب الفلسطيني "    تسقيف سعر القهوة يصنع الحدث    فتيات يطرقن أبواب العيادات النفسية    صناعة دمى القش.. حرفة تحاكي شخصيات الرسوم المتحركة    تأكيد على تحقيق الأهداف و الأولويات التنموية لكلا البلدين    الدولة الجزائرية ملتزمة بمرافقة ورعاية جاليتها في الخارج    على المعنيين تفعيل الحسابات وتحميل الملفات    أسعار النفط ستستقرّ عند 80 دولارا للبرميل    الشراكة مع سلطنة عمان ستعطي دفعا للصناعة الجزائرية    استكمال الخط السككي تندوف- غارا جبيلات قريبا    الاتحاد البرلماني العربي يشيد بدور الجزائر    الفاف تهنّئ محرز    الدكتور فيلالي يقدّم "بحوث في تاريخ المغرب الأوسط في العصر الوسيط"    حذار من تخمينات مواضيع امتحانات "الباك"    المستعمر الفرنسي استعمل ذخيرة وغازات محرّمة دوليا    اجتماع "كاسول" يومي 19 و20 ماي بالجزائر العاصمة    حقوقيون ينتقدون التضييق وغياب إرادة سياسية حقيقية    توسيع الطريقين الوطنيين 27 و 79 تحت المجهر    إطلاق خدمات وكالة افتراضية مدعمة بالذكاء الاصطناعي    التطور أسرع من بديهتنا    لاعبون مهددون بتضييع لقاءي رواندا والسويد    محرز: التتويج مع الأهلي مختلف وأريد لقبا جديدا مع "الخضر"    الحثّ على استثمار التقنيات الحديثة في الرقمنة    مدينة الصخر العتيق.. القلعة المعلّقة التي استهوت سياح القارات الخمس    الجزائر تتألق في معرض مسقط الدولي للكتاب وتُعزز حضورها الثقافي العربي    المقصد الإسلامي من السيرة النبوية الشريفة    فضل قراءة سورة الكهف    أحاديث في فضل صلاة الضحى    مكسب هام للحفاظ على تراث المنطقة    قبس من نور النبوة    تأكيد على أهمية تعزيز التنسيق و التشاور بين أعضاء البعثة    حج 1446ه: انطلاق أول رحلة للحجاج السبت المقبل    وزارة الصحة تحيي اليوم العالمي للملاريا: تجديد الالتزام بالحفاظ على الجزائر خالية من المرض    تواصل عملية الحجز الإلكتروني بفنادق مكة المكرمة    ماذا يحدث يوم القيامة للظالم؟    نُغطّي 79 بالمائة من احتياجات السوق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثورات·· في مرمى النيران
نشر في البلاد أون لاين يوم 18 - 11 - 2011

في العالم العربي·· ثمة طابور لا آخر له من حاملي ترخيص آدم سميث ”دعه يعمل·· دعه يمر” ·· ومن محترفي الاغتصاب السياسي بداعي حماية الأمن العام·· وقاطعي الطرق على الشعوب المنكوبة·· ومطففي الصناديق الانتخابية·· الذين نصبوا خيامهم في مسام الدولة ومجاري دمائها·· وأعضائها الحيوية·· ليعيدوا تشكيلها على هيئة أجسام عديمة العقول·· وكائنات تخلو من أي روح إنسانية·· وشياطين لا توبة لها·

على خلاف البلاد التي ينعم فيها الناس بهواء غير ملوث بالقمع والسطو والصلف·· تنعكس ملامح الحاكم العربي في المرآة·· فنرى ظله السامي منطبقا على شكل الدولة من طرفها الأدنى إلى طرفها الأقصى·· عابرا من حدها الأسفل إلى حدها الأعلى·· ممتدا من مركزها إلى محيطها·· وإلى كل هوامشها القريبة والبعيدة·

في وسط المرآة·· تعرض صورته البهية·· بوصفها الأيقونة التي تزين جغرافيا الدولة برمتها·· فيتبرك بها المواطن الصالح كل صباح·· قبل أن يغسل وجهه·· أو يشرب قهوته·· أو يحمل همومه في قلبه وعلى ظهره·· ويتردد صدى اسمه المبارك على الأسماع·· باعتباره أعذب لحن ترسله موجات الإعلام الحكومي الملتزم·· وتلهج به ألسنة الخلائق المدجنة·· ويسبح به الأزلام المطرزين كالأسلاك حول الكرسي المقدس·· المحروس بعناية فائقة من قبل الغلاظ الشداد·

ٌٌٌ

في هذا الرسم الانطباعي·· الممهور بحبر الحاكم·· والمرسوم بريشته الذهبية·· أفلحت مخابر الديكتاتوريات العربية·· في تصنيع أخبث أنواع الجراثيم السياسية والمالية والإعلامية والأمنية·· غذتها ودفأتها·· ووفرت لها كل أسباب العناية الصحية والإعلامية والمالية·· وكانت بمثابة الحاضنة الحصينة لها·· فتولدت أنماط فيروسية بغيضة·· لا نظير لها في القبح والفتك·· ألوان من الخلائق الخرقاء·· كأقوام يأجوج ومأجوج·· وتشكيلات مرعبة من الوجوه الشبحية·· التي تغزو كل مكان·· وتتوالد في كل آن·

في هذا الطوفان الفيروسي·· لا شيء يسلم من العدوى·· ولا مناعة لجسم تحيط به البكتيريا الضارة من كل جانب·· تخربه·· وتمتص ما فيه من رحيق الحياة·· حتى إذا استنفذته·· رمته كخرقة بالية·
الثورات العربية جميلة·· وطافحة بالآمال والوعود··لكنها قبل أن تبلغ الشاطئ حيث ستلقي مرساتها·· تكون عرضة لقراصنة البحر المدججين بالخطافات·· وأدوات ثقب المراكب·· وتمزيق الأشرعة·· في هذه المرحلة تظل الثورات العربية هشة وسريعة العطب·· إننا نخشى عليها اللصوص المتربصين·· كأشباح تتسلل عبر الجدران·· وحاملي الخناجر والسيوف·· من مقاتلي نينجا السلطان·· الذين يقفزون من النوافذ والمنافذ·

في لحظة انتصار الشعوب على المتألهين·· يحدث شيء استثنائي·· تسدل ستائر المسرح القديم بسرعة·· يتغير الديكور بلمح البصر·· تزال كل الكتابات والعبارات والشعارات الهالكة·· ويخرج الممثلون البارعون في فن التنكر كل ما لديهم من أقنعة·· وكل ما في حقائبهم من مساحيق وألوان وورق التزيين·· ليتهذبوا على صورة الثورة·· يزيلون زوائدهم الظاهرة·· ويلبسون ثيابا تفصل عند أقرب خياط ثوري·· ويتعطرون بماء الورد المجلوب من ساحات الثورة·· ويجلسون في الصف الأول·· في وضع الانتظار والترقب·· مما يسبق لحظة الانقضاض·
هذا ليس غريبا ولا عجيبا·· فهو مما تنكب به الثورات الغافلة·· فتحمل في النعوش·· وهي لم تفطم بعد·· وربما لم تكمل أيامها الأولى·
الحاقدون والمنافقون والكذابون والأفاكون·· يبغضون ثورات الشعوب·· بمقدار ما يعتصر قلوبهم ذوبان ديكتاتور·· اشتعل بنار ثورة·· أو انهيار صنم كبير ·· أتى عليه فأس ثائر·
عندما ينصرف هؤلاء إلى بيوتهم كل مساء·· وقد خسروا مواقعهم المغتصبة من مالكيها الشرعيين·· يضربون رؤوسا للجدران·· لا ليكسروها·· بل ليزيلوا ما بها من ألم حاد·· ويعضون أصابعهم·· ويجهشون في البكاء·· قبل أن يعيدوا تعبئة قواعدهم ·· بشحنات من السموم والدعايات·· وكل مقومات الثورة المضادة·

كل الثورات العربية·· واقعة في مرمى نيران الأعداء الغاضبين·· وخطوطها الدفاعية ومتاريسها·· يمكن اقتحامها في حال الغفلة والبلاهة·
في النموذج المصري·· تتعرض الثورة للاستنزاف على مرأى الجميع·· ومن الغباء تقدير أن كبراء العسكر والطنطاوي راضون عن خلع مبارك·· هؤلاء نتاج مبارك·· وبيضاته التي فقست·· ونمت فراخها في عشه·· وتناولت القمح من راحتيه·· فكيف يتنكرون له·· أو يعرضون عنه؟!!
من السذاجة الاعتقاد أن القطط السمان·· سترضى بطعام الفئران·· فالجوع لمن خبر التخمة قتَّال·· والأفعى التي تفقد ذنبها بدل رأسها·· تنمي ذنبا جديدا·· لتمارس غريزتها في النفث واللدغ·
المجلس العسكري في غرفة عملياته الخاصة·· حيث يدير السياسة بأفكار عسكرية·· وإن بواجهة مدنية·· يرمي براجماته و(هاوناته) في كل اتجاه·
يسمح للفلول بالترشح لإعادة إنتاج برلمان قديم بعنوان جديد·· ويوحي للجنة ترشيح الطنطاوي أن تخرج من تحت الماء·· وتسبح قريبا من الشاطئ·· تمهيدا للنزول إلى البر·· ويبشر بمبادئ فوق دستورية·· ضمن سابقة فرعونية·· هي آخر ابتكارات أم الدنيا في عصر ما بعد مبارك·· ويشرع قوانين انتخاب تلتف على الأحزاب·· وتقيد حركتها·· ويغلق الجزيرة مباشر·· لوأد الأصوات المنبهة على المؤامرة·· ويجر المدنيين إلى المحاكم العسكرية·· ويحاكم مبارك تحت ضغط المليونيات كي يبرئه·· وينظفه مما علق به من أوساخ وجنايات·· وكي تنطلي الحيلة·· يقال للناس: الجيش حمى الثورة··!
فهلا·· تساءل أحد: كيف؟ ولماذا؟ وممن؟·· وهل يكون فاضلا من لا يطلق النار على شعبه·· ليقتله؟
وقف العسكر على الحياد·· هذا صحيح·· وهل يستطيعون هزم شعب أراد الانتصار·· ليغامروا بفقدان كل شيء·· فيخسروا سمعتهم ومواقعهم وتاريخهم·
لعلهم كانوا أذكى كثيرا من كتائب القذافي·· وعسكر علي عبد الله صالح·· وجيش بشار الطائفي·· ولعلهم كانوا حسني النية·· لكن لا يمكن الجزم بذلك·
أما ما يمكن الجزم به·· فهو أن الثورات كالكائنات الحية ·· لا تولد كبيرة·· أو منتصرة مائة في المائة·· فقد يسقط الرأس الأكبر·· لكن كم يخبئ الأزلام في أكمامهم من رؤوس أكبر·· فأكبر؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.