هي مجموعة قصص صغيرة، صدرت عن دار الهدى في حلة جميلة للكاتبة أسيا رحاحلية تحمل عنوان “اعتقني من جنتك”. يقع الكتاب في 142 صفحة ويضم عشرين قصة قصيرة متباينة المواضيع والحجم، أهدته صاحبه إلى القابضات على جمار الحروف باكف من حرير، المرابطات على ضفاف الأحلام، المشوبات بتاء التانيث الساكتة إلى أسلاك شائكة، إليهن تهدي هذه القصص دون أن تنسى الطرف الأخر، وإليكم أيضا. يقول طالب عباس الظاهر وهو قاص وروائي من العراق في كلمته التقديمية للمجموعة “كلمات دافقة تندفع بليونة الماء، وسحر الخرير، هادئة صاخبة، في بوح غير محسوب، وشجن لا متناه، وهو يطلق آهة متصلة، غناء ، عويلا، صراخا أخرص، وتداع منفلت من أسر الواقع، وجمود المعقول..نحو ال طوبائية، ينساب رقيقا بين صمت الطبيعة وجلال الخلق وجماله. هروب من قسوة الواقع وتصلبات المعقول نحو الحلمية، فما الأدب إلا إعادة مستحيلة لخيارات الواقع المأزوم، وترميما لبعض انكساراته بمثالية الخيال. صوت القاصة المبدعة أسيا رحاحلية، صوت مغاير في السردية العربية..نغمة موسيقية تنزف وجعها المنفرد في سينفونية الأحزان.ارادة فكر انثوي متمرد على السائد والمألوف في الأصوات، خصوصا النسوية منها، متسلح بسحر الرقة، وجاذبية الجمال، لاقتحام حصون التابوهات وتحطيمها، همس عفوي نابض ببراءة طفلة كبيرة، بيد انه ناطق بلسان الشيوخ والحكماء. إن النص النسوي المقابل او كتابة القاصة بضمير الرجل..مداهنة مع عين الذكورة المراقبة بحذر مشوب بالصلصة من أجل التأويل المغرض لكل كلمة تقولها. نلمح لدى القاصة قدرة متميزة في الغوص في اعماق النفس الإنسانية، وتفوقا واضحا في عملية استخراج مخزونها باحساس عال قد لا يتهيأ لكثير من الكتاب، نساء ورجالا خصوصا في امر المسكوت عنه. كما في لعض القصص تتميز بلغة إيمائية تتوغل في الكشف عن بواطن ودواخل أبطال مهمشين، تغاضت عنهم اشعة الشمس، فقبعوا طويلا في ظل الحياة، وتعهدت القاصةالا أن تتبنى قضاياهم ومظلوميتهم الراتبة، كانها لسان الامهم الساكتة بل الخرساء. جاء في اعتقني من جنتك وهي القصة التي اتخذتها عنوانا لمجموعتها “..المطبخ مملكة المرأة تهز رأسها تبتسم بسخرية..يسعدني التنازل عن عرشي، طواعية، مقابل ورقة وقلم..مسلوبة الفكر، شاردة الذهن، تود الانتهاء بسرعة لكي تدخل عالمها، عشقها، لعبتها الساحرة فوق الورق، تنحت من الابجدية شخوصا، تنفخ فيهم من المخيلة ثم تلقي بهم في مسرح اللاوجود. تراقبهم من بعيد وتصفق ..لم تقرر بشأن الرواية ، لا بد ان تؤثتها بحكاية حب كبير، متيقنة أن العالم ما زال يدور حول الهو وألت هي، وقصص العشق ما زالت تغري بالقراءة رغم تكاثر الصدأ على جنبات المشاعر، وتمرغ الحب فوق أرصفة الكذب.يجد القارئ عنوانين كثيرة ومواضيع مثيرة ، منها واجهة حلم واخرى للجحيم، ودارت الايام، لو العمر حافظة اوراق، حمم الذاكرة ، ضوء الكابوس، فرحة مع وقف التنفيذ.في نصها “عشر درجات على سلم الذهول” تقول القاصة” تشير بإبهامها إلى عينيها فتبتسم، نفهم ما تعنيه قبل أن تنطلق العبارة”أنتما عيناي..انت اليسرى، وأنت اليمنى..ما تزال صورتها البهية تؤثث ذاكرتي، حين تدنو منا لحظات فقط قبل ان يسلمنا النوم إلى حضن الأحلام..تزرع وجهي ثم وجه زينب بقبلاتها المشبعة بالحنان.. يومها كان للدنيا طعم السكر وحياتي ضحكة كبيرة ساحرة، لها مزاج الشمس حين تستفرد بكبد السماء، وأمي ملاك فوق الأرض، قديسة، أميرة، حب العمر الأول والوحيد. المجموعة القصصية جديرة بالمطالعة وهي متوفرة بالمكتبة الوطنية في رفوفها.الكاتبة من مواليد مدينة سدراتة بالشرق الجزائري، خريجة جامعة قسنطينة، تدرس الأدب الانكليزي بسوق أهراس، تكتب الشعر والخاطرة والمقالة الأدبية، القصة القصيرة والقصيرة جدا،، لها من الكتابات” فضفضة قلم” مقالات أدبية وخواطر، “العمر بدل الضائع” مجموعة قصصية، “وسام على صدر بارد” مجموعة قصص قصيرة جدا. صدر للمؤلفة “ليلة تكلم فيها البحر” مجموعة قصصية عن دار الهدى عين مليلة 2010، سكوت اني احترق مجموعة قصصية عن نفس الدار في 2012.خليل عدة