عرضت جمعية الفنون الجميلة لوحات وأعمال فنية لتلاميذها المنخرطين في مختلف التخصصات على غرار الرسم، وفن المنمنمات، بقصر رؤساء البحر، حصن 23، بساحة الشهداء، بحضور الجمهور من أهالي الطلبة وكذا المنضوون في المجال الفني، وذلك على مدار أسبوع. وحضر حفل الاختتام مدير جمعية الفنون الجميلة مصطفى بلكحلة، وأساتذة الرسم بمختلف أنواعه، على غرار الأستاذ أحمد بوكراع، وكذا إدارة الجمعية وأهالي الطلبة، وكل من يعتبر الفن جزء من حياته. وخلال هذا الأسبوع عرف حصن 23، توافدا معتبرا على معرض الرسم، حتى أن أجانب من أمريكا أبدوا استعدادا لاقتناء لوحات كانت معروضة وكذا صناديق خشبية مزينة بفن المنمنمات، حتى أن منهم من أعجب بلوحات للأطفال. وعبّر رئيس جمعية الفنون الجميلة مصطفى بلكحلة، عن سعادته بهذا الكم من فناني الغد الذين يواظبون على حضور دروسهم في الجمعية التي تحوي تخصصات مختلفة، مضيفا أن المعرض شكرٌ لهم على مجهوداتهم التي يبذلونها طوال السنة، كما أنه فخر لهم وهم كذلك فخر للجمعية. وأضاف مصطفى بلكحلة، أن الجمعية ورغم ظروفها المتوسطة، إلا أنها لا تفرّط في تلاميذها، ولا يمكن أن تهمل أعمالهم التي تعبوا في تحضيرها مدة سنة كاملة، مشيرا إلى الآفاق التي تنشدها الجمعية، وكذا الفرص التي تُقدَم لها من أجل عرض أعمال تلاميذها شاكرا بالمناسبة المسؤولين الذين يقدمون المساعدة من خلال تأمين فضاءات للعرض، على غرار قصر مصطفى باشا، قاعات السينما، وكذلك صالات الفنادق في أحيان كثيرة. من جانبه قال مدير "حصن 23"، الذي يرأس الفضاء منذ السنة الماضية، أنه في سعي متواصل لعمل ما في وسعه من أجل الارتقاء بالفن وكذا منح الفرصة للموهوبين لعرض أعمالهم، مشيرا أن المعرض فرصة لإنارة الحصن بكل هذا الكم من الفن المتنوع، فخُصصت غرف الحصن السفلية لتلاميذ قسم الرسم الذين يشرف عليهم الأستاذ أحمد بوكراع، وكذا لأعمال تلاميذ فن المنمنمات. وقد سُمح للحضور بالتجوال في أروقة وغرف الحصن، والاستمتاع باللوحات المعروضة التي أبدع الطلبة في إنجازها تحت إشراف أستاذ الرسم أحمد بوكراع، حيث استمتع هؤلاء بما جادت به أنامل فناني المستقبل. اللوحات المعروضة كانت مختلفة ومتنوعة وجميلة، هناك منها من تصوّر الطبيعة الجميلة، وأخرى خاصة بالحيوانات، وكذا لوحات صوّرت مناطق من التاريخ والتراث الجزائري مثل القصبة، وكذلك جلسات نسائية، بالإضافة إلى لوحات خاصة بالبورتري، حيث اعتمد التلاميذ على الشخصيات التاريخية في البورتريهات، وكذا بورتريهات لنساء ورجال بملابس تقليدية، على غرار نساء القصبة، وكذا النساء الأمازيغيات. واختلفت التقنيات كذلك في رسم تلك اللوحات المعروضة فمنها التي استُعملت فيها الألوان الخشبية، وأخرى استُعملت فيها الألوان الزيتية، وكذا لوحات بتقنية الألوان المائية "الأكريليك"، والألوان الزيتية التي يشرف مصطفى بلكحلة على تدريسها، بينما كان أساس البعض الآخر من اللوحات قلم الرصاص، وذلك حسب المستوى الذي وصل إليه الطالب، حيث عادة ما تبدأ دروس الرسم بقلم الرصاص ثم الألوان الخشبية إلى غاية آخر مرحلة وهي الألوان الزيتية. وفي حديثه ل"الجزائر الجديدة"، أكد أستاذ الرسم بجمعية الفنون الجميلة أحمد بوكراع، أن المعرض بسمة في وجه التلاميذ حيث تمنحهم الجمعية هذه الفرحة التي ينتظرونها منذ بداية السنة، مشيرا أن الجمعية تعكف على إقامة عروض نهاية السنة لتُقيم تلاميذها وتتابع تطوراتهم، كما أن عرض لوحاتهم مجرد فرصة لإبراز ما تعلموه من الأساتذة الذي يظهر دورهم كذلك في النتائج المُحصّلة، مضيفا أن اختتام المعرض بالحصن كان الخميس الماضي في حين ستُخصص عرضا آخر لتلاميذها بمقر الجمعية ويرافقه استقبال على شرفهم وشرف أوليائهم، وهناك تُقدم الشهادات الشرفية للطلبة في جوّ احتفالي حتى يشعروا بالسعادة بعد سنة من العمل. وفي حديث ل"الجزائر الجديدة"، قالت صبرينة وهي طالبة في قسم الرسم حيث تعتبر أول سنة لها في الجمعية وكذا أول عرض لها، أن جمعية الفنون الجميلة قد أعطتها الفرصة لتشق طريقا نحو الفن، هي التي كانت تحلم بذلك لأنها موهوبة منذ صغرها، لكن ظروفا مختلفة مرت بها حالت دون اهتمامها بموهبتها، مضيفة أن عائلتها سُعدت بما عرضته بعد أن تفاجأ أفرادها بأن الجمعية أروع مما وصفتها لهم. وانضمت أمال إلى الحديث، لتقول أنها تدور الجمعية منذ سنة 1999 بشكل دوري، وقبل ذلك كانت طالبة وهي مراهقة، وقد جابت مختلف التكوينات من خلالها على غرار الرسم على الحرير وإن كان هذا القسم غير موجود حاليا، مشيرة أن الجمعية جزء من طفولتها وشبابها، وتعتبرها مثل منزل ثان لها. وأكد أولياء التلاميذ، بأن الجمعية مكان قديم وجميل ولا يجب التفريط فيه بل على العكس يجب الاهتمام به أكثر فهو يستقطب الكثيرين سواء من الأطفال أو من الكبار فالكل يحب التعلم لأن الأساتذة لطفاء وكذلك المبلغ مناسب جدا للجميع، بل هو مبلغ زهيد، مضيفين أن الجمعية بحاجة لبعض من الدعم الذي سيزيد حتما من النتائج المرضية. وثمن طلبة آخرون من قسم الرسم، ما تقدمه الجمعية من خلال الدروس والاهتمام الذي يلقونه، مضيفين أنهم يتعلمون بسرعة كبيرة وهذا يدل على جدية الأساتذة وحبهم للعمل الذي يقومون به. وأعربوا عن سعادتهم برؤية لوحاتهم وهي معروضة خاصة الطلبة الذين يعرضون لأول مرة، بالإضافة إلى أن العرض متواجد بمكان جميل وأثري وتراثي كقصر "رؤساء البحر". وأكد هؤلاء، أن جمعية الفنون الجميلة ورغم الظروف الصعبة التي تعيشها، إلا أنها تقدّم الكثير للمواطن من خلال الدروس التي يبذل فيها الأساتذة جهودا كبيرة، وأضاف البعض منهم ممن كبر بين جدران الجمعية أنها لم تعُد مثلما كانت، فهي قد تغيرت كثيرا من الخارج ويظهر عليها القِدم والإهمال لكنها تبقى نفسها في قلوبهم وتبقى هي المكان الذي وطّد علاقتهم بالفن.