صرح وزيرالعدل حافظ الأختام خلال إشرافه على مراسم تنصيب النائب العام الجديد لدى مجلس قضاء وهران أنه :«يتعين على قضاة النيابة تحريك الدعوى العمومية في حالات التعدي والمساس بالأراضي الفلاحية بالطرق غير الشرعية والمخالفة للقوانين مهما كان مصدر هذا الاعتداء سواء كان من الهيئات العمومية أو الخواص».مبرزا في ذات السياق ؛أن المحافظة على الأراضي الفلاحية من منطلق أنها من وسائل التي تضمن الأمن الغذائي والاستقرار الاجتماعي قد أدرجت في الدستور الأخير, الذي نص على محاربة كل مساس بالأراضي الفلاحية.داعيا بالمناسبة إلى : «المتابعة بكل صرامة وبقوة القانون حالات التعدي غير القانوني على الأرضي الفلاحية» مبرزا في السياق ذاته أن «ذلك يقتضي مساهمة جميع مؤسسات الدولة الأخرى في الوقاية ومحاربة التعدي على هذا المجال الحيوي». و إذا كان التذكير ضروريا بدسترة حماية الأراضي الفلاحية, فإن النواب العامين من المفروض أن يكونوا على أهبة الاستعداد لوضع أي تشريع جديد حيز التنفيذ , لمنح المنظومة القانونية فعاليتها في حماية الحقوق و في مراقبة مدى الالتزام بالواجبات في نفس الوقت , إذ ما من حق إلا و يقابله واجب بل واجبات, و واجب تحريك الدعوى العمومية في كثير من المجالات إحداها . فغض الطرف لكثير من الأطراف عما تعرضت له الأراضي الفلاحية من تغيير لطبيعتها , رغم وجود ترسانة من القوانين و النصوص التشريعية لحمايتها , جعلنا ندور في حلقة مفرغة , تمثلت في تخصيص ملايير الدينارات لاستصلاح أراض غير صالحة للزراعة , بينما تصرف ملايير الدينارات لتعمير أراض صالحة للزراعة, فأصبحنا نسمع عن حي 30 أو 50 هكتارا في مدننا , و حي مزرعة كذا في هذه المدينة أو تلك , و حي مستثمرة سي فلان هنا أو هناك داخل الأنسجة العمرانية , و هي ظاهرة لم تنج منها حتى الولايات المشهورة بطابعها الفلاحي .و هي المفارقة التي تزداد تجذرا في وقت يكثر فيه الحديث عن الرهان على القطاع الفلاحي لتحرير الاقتصاد من التبعية إلى الريع البترولي. فترسانة القوانين الصادرة لحماية العقار الفلاحي , سرعان ما تخرق بمجموعة من التعليمات و الاستثناءات , تحت شعار «الضرورة تبيح المحظورة» و بحجة الطابع الاستعجالي لبعض المشاريع , بحيث أصبح اقتطاع عشرات الهكتارات من الأراضي الفلاحية الخصبة من أسهل الإجراءات لدى السلطات المحلية و المركزية على حد سواء ( و ولاية معسكر أبرز مثال لمن يريد التحقق من هذه الممارسات ). و لذا يمكننا القول , أنه عندما تصبح حماية الأرض الفلاحية أولوية في السياسة الاقتصادية للبلاد , بحيث يمكن التضحية في سبيلها بجميع الأولويات الأخرى , عندئذ سيشمر الفلاحون الحقيقيون عن سواعدهم ,و يفتحون صناديقهم , و يجندون أبناءهم , لخدمة الأرض و الدفاع عنها إذا اقتضى الأمر. و النتائج بعد ذلك سيلمسها ذوو الدخل المحدود بالدرجة الأولى .فالقضاء الواقف مطالب بالوقوف بكل صرامة ضد مهددي أمننا الغذائي.