هاتف نقال: منح رخص الاستغلال لشبكات الاتصالات الإلكترونية النقالة من الجيل الخامس    حملة جني الطماطم الصناعية بالطارف: توقع إنتاج أزيد من 3 ملايين قنطار    وزارة العدل توقع مع منظمة "اليونيسف" على خطة عمل للتعاون    اختتام أشغال الدورة ال 32 لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا    الجيش يُوجّه ضربات موجعة لبقايا الإرهاب    قانون التعبئة العامّة في مجلس الأمة    اختتام مشروع باورفورماد بوهران    مقاولاتية : وكالة "ناسدا" تطلق موقعا ومنصة جديدين لتسهيل الولوج إلى المعلومات والخدمات    هذه تفاصيل هدنة ترامب في غزّة    ندوة حول الأمر اليومي للعقيد هواري بومدين    مستقبل الهجرة ونظرية الاستبدال العظيم    المجتمع الدولي مطالب بالعمل على رفع الحصار الجائر المفروض على الأراضي الصحراوية المحتلة    نهائي كاس الجزائر/ اتحاد الجزائر- شباب بلوزداد: قمة واعدة بين اختصاصين    الجزائر تتوفر على مؤهلات لوجيستيكية ومنشآت رياضية لاحتضان أي تظاهرة عالمية    ندوة وطنية لمديري التربية    الشواطئ ملك وطني مفتوح لكل المواطنين    شرطة الجلفة توقف مروّجين للمخدرات    توزيع آلاف السكنات ومقرّرات استفادة من قطع أرضية    المجلس الأعلى للغة العربية ينظم احتفائية    سورة الاستجابة.. كنز من فوق سبع سماوات    غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 57130 شهيدا و135173 مصابا    رئيس الجمهورية يصل إلى قصر الشعب للإشراف على الحفل السنوي لتقليد الرتب وإسداء الأوسمة    آلية حقوقية تندد ب"الانتقام العقابي" في حق الطلبة الصحراويين بجامعة أكادير المغربية    أمطار رعدية مرتقبة على عدة ولايات بشرق البلاد    جانت: انطلاق تظاهرة ''السبيبا'' الثقافية وسط حضور جماهيري غفير    البطلة الاولمبية كايليا نمور سفيرة جديدة لمؤسسة "أوريدو"    نصاب الزكاة لهذا العام قدر بمليون و ستمائة و خمسة عشر ألف دينار جزائري    ضرورة إعادة الاعتبار للضحايا وتحقيق عدالة تاريخية منصفة    المشاريع السكنية أصبحت تُنجز في غضون سنة واحدة فقط    تغيراتها وانعكاساتها الإقليمية ج1    متابعة المشاريع المهيكلة الكبرى    اللجنة الجزائرية- الفنزويلية تعقد اليوم دورتها الخامسة    نشكر الجزائر لحرصها على تقوية العلاقات بين البلدين    رصد تطوّر الإنتاج وفرص التصدير    أخبار اليوم تُهنّئ وتحتجب    مشروع مستشفى ب500 سرير في قسنطينة قريبا    تعيين حجيوي محمد رئيسا جديدا لمجلس الإدارة    دعوة لانتهاج خطط تحمي المواد المائية الحيوية    الأمن الفرنسي يوقف بلايلي في مطار باريس    توأمة بين البلديات : انطلاق قافلة ثقافية من تيميمون باتجاه مدينة أقبو    كرة اليد/كأس الجزائر (سيدات)..نادي بومرداس- نادي الأبيار: نهائي واعد بين عملاقي الكرة الصغيرة النسوية    فاطمة الزهراء سليماني و عبد الباسط بودواو يتوجان في المهرجان الوطني السادس للمواهب الشابة في فنون الغناء    إيليزي: إطلاق مشروع انجاز 240 مسكن بمنطقة تين تورهة سبه النائية    دعوة إلى الاستلهام من الثورة الجزائرية للتحرر من قيود الاستعمار    الفاف" تقرر تقليص الطاقة الاستيعابية لكل الملاعب بنسبة 25 بالمائة    مدّ جسور الإنشاد من البلقان إلى دار السلام    ستة مؤلفات جزائرية في أربع فئات    الجزائر تطمح للعب دور إقليمي في مجال الهيدروجين الأخضر    ياسين بن زية يتجه لتوقيع عقد جديد في أذربيجان    170 منظمة إنسانية تطالب بوقف عمل "مؤسسة غزة الإنسانية"    630 مليار دينار مصاريف صندوق التأمينات الاجتماعية    برنامج خاص بالعطلة الصيفية    الكشف المبكر عن السكري عند الأطفال ضروريٌّ    الدعاء وصال المحبين.. ومناجاة العاشقين    فتاوى : حكم تلف البضاعة أثناء الشحن والتعويض عليها    تنصيب لجنة تحضير المؤتمر الإفريقي للصناعة الصيدلانية    الجزائر تستعد لاحتضان أول مؤتمر وزاري إفريقي حول الصناعة الصيدلانية    صناعة صيدلانية: تنصيب لجنة تحضير المؤتمر الوزاري الافريقي المرتقب نوفمبر المقبل بالجزائر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الآداب الأجنبية.. هل نحن فعلا نختار ما نقرأ؟
نشر في الجمهورية يوم 16 - 10 - 2017

القراءة اختيار.. جملة نردّدها كثيرا لتوصيف فعل القراءة والمطالعة. فالقارئ، أيّا كانت مستوياته، لزام عليه أن ينتقي ما يقرأ أمام زخم المعرفة والتأليف الكبير، واللامتناهي، الذي يحفل به تاريخ الإنسانية جمعاء، بشكل يستحيل معه الإحاطة والإجمال بكلّ شيء، ولو مُنِح هذا القارئ / الإنسان عُمُرَ أكبر مُعَمِّر في الحياة،
والقارئ الذكيّ هو الذي يحسن الانتقاء، مراعيا أمرين اثنين في اختياراته القرائية: الأمر الأوّل أن يقرأ لتوسيع معارفه بشكل عامّ، فيطالع من كلّ المجالات ما يفيده وينمّي ثقافته. والأمر الثاني براغماتي محض، يتقيّد فيه بما له علاقة مباشرة بتخصّصه العلميّ، وببحوثه ودراساته حتّى تكون قراءته قراءةً وظيفية مُثلى. هذا عن القراءة بشكل عام. فهل ينسحب هذا الكلام على كلّ ما نقرأ؟ وتحديدا؛ هل القارئ العربي أمام حرية مطلقة لانتقاء ما يشاء من الكتب باللغة العربية، أو باللغات الأجنبية، أو الكتب المترجمة؟ الحقيقة أنّ القارئ العربي المُعرَّب (وأقصد بالمعرَّب هنا الذي لا يتقن لغة أخرى غير العربية، لا بالمحمول الأيديولوجي للكلمة) حين يقرأ الأدب الأجنبي فهو لا يختار وينتقي، بل في الواقع هو يقرأ اختيارات المترجمين إلى اللغة العربية والنصوص التي اختاروا ترجمتها. أمّا القارئ بلغة أخرى كالإنجليزية، أو الفرنسية، أو الإسبانية، أو الألمانية... فهو يختار ما يقرأ، وإن كانت اختياراته، كذلك، محصورة ضمن تخوم اللغة الثانية أو الثالثة التي يمتلكها، أو أكثر، لأنّه أيضا مشدودٌ بوَثاق اختيارات المترجمين حين يقرأ ترجماتهم من اللغات التي لا يتقنها إلى العربية، أو إلى اللغة الأجنبية التي يفهمها.
قد يقول البعض: بل نحن نختار وننتقي من الكتب المترجمة ولا نقرأها كلها!
في واقع الأمر نحن لا نقرأ إلا ضمن نطاق ما تُرجِم من أعمال ونصوص، ولا يمكن لمَن هو مقيَّد بعامل الترجمة أن يكون حرّا في اختياراته، وبالتالي فنحن تحت وقْع سطوة خفية يمارسها علينا المترجِم، بالوكالة، حين يختار الأعمال التي يشتغل على ترجمتها. إنّ الأدب اللاتيني، ونصوصا أصدرها الكاتب الكولومبي "غابرييل غارسيا ماركيز"، أو الروائي البيروفي "ماريو فارغاس يوسا"، أو التشيليان "إيزابيل الليندي" و«بابلو نيرودا"، هل كانت ستصلنا لو لم يختر المترجم الفلسطيني الأصل "صالح علماني" نقلها إلى العربية؟. كذلك رواية بديعة مثل رواية "ظلّ الريح" للروائي الإسباني "كارلوس ثافون"، وهو واحد من أبرز الكتّاب باللغة الإسبانية اليوم، هل كانت ستصلنا لو لم يختر المترجم السوري الشابّ "معاوية عبد المجيد" ترجمتها، رغم صدورها منذ أوائل الألفينيات وانتشارها الكبير في الغرب؟. بل نحن الآن واقعون تحت رحمة أبوّة إجبارية يفرضها علينا معاوية لأنّنا ننتظر بشغف بقية ترجماته لرباعية ثافون "مقبرة الكتب المنسية" بعد إصداره الجزء الثاني منها ممثَّلا في رواية "لعبة الملاك". وهل كنّا سنتعرّف على نصوص الأدب الروسي، وأعمال "دوستويفسكي" و«تولستوي" و«بوشكين"، وجماعة أدبية مثل جماعة "آكلي لحوم البشر" الإيطالية، والحركة الروائية ما بعد الكلاسيكية هناك، وعلى روايات "نيكّولو أمّانيتي" وغيره لولا جهود واختيارات مترجمين أمثال سامي الدروبي وأحمد الصمعي ومعاوية عبد المجيد؟. هذه أمثلة بسيطة فقط استعنت بها لتوضيح كيف أنّ اختيارات المترجمين هي العامل الأوّل الذي يُفرض علينا مسايرته أثناء قراءة الأدب الأجنبي. أمّا العامل الثاني فهو عامل آخر مرتبط بالترويج لنصوص دون أخرى، ولكتّاب معيّنين دون غيرهم. قبل أيّام قليلة تمّ الكشف عن اسم الفائز بجائزة نوبل لعام 2017. وكعادة الأكاديمية السويدية، في الأعوام الأخيرة، كان المُتوَّج بالجائزة الأدبية الأولى عالميا اسما كسَر أُفُق انتظار المتابع العربيّ الذي يستذكِر كلّ عام أسماءً أصبحت مكرّسة جدّا ومكرَّرة، إذ وقع اختيارهم على الكاتب البريطاني، الياباني الأصل، "كازو إيشيغورو"، والذي في جعبته ستّة نصوص روائية منشورة وحوالي ثلاث مجموعات قصصية، منها أربع روايات ترجمها المركز القومي للترجمة بمصر، أبرزها رواية "بقايا اليوم" التي نال بها البوكر البريطانية منذ 1989، وحُوِّلت إلى فيلم سينمائي شهير رُشِّح لأكثر من جائزة أوسكار. اللافت في الأمر أنّ مواطنه الياباني الآخر "هاروكي موراكامي" لديه، تقريبا، نفس العدد من الروايات المترجمة إلى العربية، ونصوص قصصية أقلّ، وإيشيغورو لحدّ الآن نال جائزتين قديرتين أهمّهما نوبل، وموراكامي لم ينل نوبل بعد، ومع هذا قرأنا كثيرا الثاني (موراكامي) الذي يكتب باللغة اليابانية، ولم نقرأ الأوّل الذي يكتب بالإنجليزية، لأنّ قراءتنا لموراكامي أو باولو كويلو أو دان براون... لم تكن اختيارية في جوهرها وحقيقتها، بل هي قراءات تمّت تحت تأثير كبير ومباشر من فعل الترويج الذي تمارسه علينا وسائط الميديا، وتحت تأثير عوامل تجارية ودعائية أسهمت في خلق هذا الانتشار، وخلق هيمنة على اختيارات القرّاء وتوجيهها، مع التأكيد أنّي لا أقف هنا موقف مفاضلة بين هؤلاء الكُتّاب، فهذا نقاش آخر له سياق مختلف...فهل نحن فعلا نختار كلّ ما نقرأ؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.