شركة "ستيلانتيس الجزائر" توقع اتفاقية شراكة مع مؤسسة "ايدينات" لتجهيز سيارات الأجرة بحلول نظام تحديد المواقع و أجهزة العداد    الصالون الدولي للصناعات الغذائية بموسكو: جلسات ثنائية بين متعاملين اقتصاديين جزائريين ونظرائهم من مختلف الدول لبحث سبل التعاون و الشراكة    ولاية الجزائر: تكثيف جهود الصيانة والتطهير تحسبا لموسم الأمطار    فلاحة: تطور ملحوظ و آفاق واعدة لشعبة إنتاج التفاح بولايتي باتنة و خنشلة    وزارة التضامن الوطني: توحيد برامج التكفل بالأشخاص المصابين باضطراب طيف التوحد    وزير الأشغال العمومية يؤكد تسريع وتيرة إنجاز مشروع توسعة ميناء عنابة الفوسفاتي    فرنسا تشهد احتجاجات عارمة ضد السياسات الاقتصادية وتشديد أمني غير مسبوق    إطلاق برنامج "الأسرة المنتجة" لدعم الأسر ذات الدخل المحدود    إطلاق خدمة "تصديق" لتسهيل إجراءات اعتماد الوثائق الموجهة للاستعمال بالخارج    وزير السكن: تقدم أشغال المركب الرياضي الجديد ببشار بنسبة 20 بالمائة    وزير الداخلية يشدد على تسريع إنجاز مشاريع المياه بولاية البليدة    الجزائر تحتضن أولى جلسات التراث الثقافي في الوطن العربي بمشاركة الألكسو    جامعة التكوين المتواصل: انطلاق الدروس عبر الأرضيات التعليمية غدا السبت    المحاور ذات الأولوية للتكفل بانشغالات المواطن محور اجتماع سعيود بولاة الجمهورية    مجلس الأمن الدولي يخفق في تبني مشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة بسبب الفيتو الامريكي    بطولة إفريقيا للأمم لأقل من 17 سنة إناث: الجزائر تفوز على زامبيا وتبقي على حظوظها في التأهل إلى النصف النهائي    جامعة: تفويض مدراء المؤسسات الجامعية سلطة التعيين في عدد من المناصب    القمع القانوني ضد الشباب الصحراويين في سجون الاحتلال المغربي من "أخطر أشكال التضييق على الحريات"    منشآت قاعدية: السيد جلاوي يترأس اجتماعا لمتابعة أشغال إنجاز مشروع توسعة ميناء عنابة الفوسفاتي    ألعاب القوى مونديال- 2025: الجزائري جمال سجاتي يتأهل إلى نهائي سباق ال800 متر    ناصري يندّد بالعدوان الصهيوني    عبد اللطيف: نحو تجسيد رؤية عصرية    الجزائر تشارك في الدورة ال69 بفيينا    سوناطراك تشارك في أسبوع الطاقة الدولي    إرهابي يسلّم نفسه وتوقيف 4 عناصر دعم    "مغامرات إفتراضية", مسرحية جديدة لتحسيس الأطفال حول مخاطر العالم الافتراضي    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى65141 شهيدا و 165925 مصابا    كرة القدم/ترتيب الفيفا: المنتخب الجزائري في المركز ال38 عالميا    سجّاتي ومولى يبلغان نصف نهائي ال800 متر    هذا جديد الأطلس اللساني الجزائري    التكفل براحة المواطن و رضاه من أولى أولويات القطاع    إبادة صحيّة ممنهجة تقتضي تدخل دولي عاجل ج/1    البيض : هلاك 4 أشخاص وإصابة 4 آخرين    إقرار جملة من الإجراءات لضمان "خدمة نموذجية" للمريض    مهرجان عنابة يكرّم لخضر حمينة ويخاطب المستقبل    فرنسا على موعد جديد مع "رياح خريف" الغضب    آفاق أرحب للشراكة الجزائرية-الصينية في مجال الصحة    سفير زيمبابوي في زيارة لجامعة باجي مختار    قانون الإجراءات الجزائية محور يوم دراسي    التناقض يضرب مشوار حسام عوار مع اتحاد جدة    بن سبعيني يتألق أوروبيا ويثير أزمة بسبب ضربة جزاء    براهيمي ينتظر تأشيرة العمل لبدء مشواره مع سانتوس    شاهد آخر على بشاعة وهمجية الاستعمار    "الألسكو" في الجزائر لبحث سُبل حماية تراث العرب    إحياء التراث بالحركة واللوحةُ رسالة قبل أن تكون تقنيات    بجاية: العثور على 120 قطعة نقدية من العصور القديمة    دعوة لإعادة تكوين السواق وصيانة الطرقات للحد من حوادث المرور    تحية إلى صانعي الرجال وقائدي الأجيال..    المهرجان الثقافي الدولي للسينما إمدغاسن: فيلم "نية" من الجزائر ينال جائزة أحسن فيلم روائي قصير    يعكس التزام الدولة بضمان الأمن الدوائي الوطني    تمكين المواطنين من نتائج ملموسة في المجال الصحي    حضور جزائري في سفينة النيل    صناعة صيدلانية : تنصيب أعضاء جهاز الرصد واليقظة لوفرة المواد الصيدلانية    أبو أيوب الأنصاري.. قصة رجل من الجنة    الإمام رمز للاجتماع والوحدة والألفة    تحوّل استراتيجي في مسار الأمن الصحّي    من أسماء الله الحسنى (المَلِك)    }يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ {    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أوروبا تنتصر للشعبوية على حساب النخبوية
النظام السياسي العالمي في ورطة
نشر في الجمهورية يوم 11 - 03 - 2018

"الشعب يريد" , هو شعار تردد كثيرا خلال ما سمي بالثورات العربية , وما زالت بعض القنوات الفضائية تعنون به بعض حصصها, لعلها تستقطب ما فقدته من مشاهديها بعد خفوت أصوات تلك الثورات و تراجع أخبارها , أمام أصوات الانفجارات و صراخ ضحياها و انهيارات البنى التحتية بالبلدان التي خربتها الثورات الشعبوية ."الشعب يريد" , هو شعار الشعبويين في كل عصر و في كل مصر, منذ فجر التاريخ إلى اليوم .
و خلافا للرأي الذي يريد أن يجعل من الشعبوية سمة خاصة بالأنظمة الديمقراطية , فإن الشعبوية ظاهرة معدية ولا تستثني نظاما سياسيا أو حزبا أو سياسيا أو إعلاميا , أو منظمة حكومية كانت أو غير حكومية , أممية أو وطنية , لأن الشعبوية سلوك فردي قبل أن تتحول إلى ظاهرة اجتماعية , و من ثم إلى تيار أو حراك سياسي قد ينتهي بثورة كالتي عرفتها عدة دول في أوروبا أولا, ثم في العالم العربي.
و في هذا الخصوص , نشرت مجلة الإكونوميست البريطانية أواخر 2016 ,على صفحتها الأولى , صورة جمعت شخصيات سياسية اعتبرتهم رموز الشعبوية في العالم . ورغم أن الصورة أعجز عن جمع كل حاملي لواء الشعبوية , غير أن صورة المجلة حاولت- قدر المستطاع- منح كل ذي حق في الشعبوية نصيبه , فكان فيها لجميع القارات حظ , سواء من الديمقراطيين أو الشيوعيين أو اليمينيين أو اليساريين , الدينيين و اللادينيين , الشيوخ و الأصغر منهم , الرجال و النساء . و الاستثناء الأبرز في الصورة ,غياب ممثل لذوي البشرة السوداء , و لعل مُركِّب الصورة تعمَّد إغفال تمثيلهم , لأنهم يرمزون إلى الهجرة و المهاجرين , و هؤلاء عادة ما يناصبهم الشعبويون العداء . وبالتالي فإن وضع صورة شعبوي أسود , وسط صور مجموعة من الشعبويين البيض, قد يوحي بنوع من التناقض و التشويش الذهني .

و لعل التشويش الذهني , هو الذي ساعد الشعبوية على اكتساح أوروبا , حيث تكشف نتائج الاستحقاقات الانتخابية التي جرت في دول أوروبا خلال الخمس سنوات الأخيرة" حصول حزب شعبوي واحد على الأقل على نسبة 10 %أو أكثر من الأصوات في 16 دولة أوروبية. وبشكل جماعي، سجلت الأحزاب الشعبوية نسبة 16.5 % من الأصوات كمعدل، ووصلت هذه النسبة إلى 65 % في المجر، لكنها لم تتعدى 1 % في لوكسمبورج.
ويسيطر الشعبويون على أكبر حصة من المقاعد البرلمانية في ستة بلدان هي: اليونان، والمجر، وإيطاليا، وبولندا، وسلوفاكيا، وسويسرا. وفي ثلاثة من هذه الدول(المجر، إيطاليا، وسلوفاكيا)، اكتسبت الأحزاب الشعبوية مجتمعة أغلبية الأصوات في الانتخابات الوطنية الأخيرة، على الرغم من أن الأحزاب الشعبوية الرئيسية في المجر وإيطاليا كانت منافسة لبعضها البعض في الانتخابات. لكن الوضع في المجر هو الأكثر لفتا للانتباه، حيث أن الحزب الحاكم (فيدس) وأكبر الأحزاب المعارضة (جوبيك) هي أحزاب شعبوية. وأخيرا، فإنه في كل من فينلندا وليتوانيا والنرويج، تعدّ الأحزاب الشعبوية جزءا من الائتلاف الحاكم".
ما هو القاسم المشترك بين هذه الأحزاب الشعبوية ؟
من أبرزها العداء للنخب , و للتيارات السياسية التقليدية , و لمؤسسات الحكم القائمة. و يركز الخطاب الشعبوي على التأكيد بأن الشعب مهمش و مُمَثَّل من طرف نخب مزيفة و فاسدة .و في جميع القضايا التي تهم الشعب ," فإن الناس على على حق و النخب على خطإ" كما قال دونالد ترامب في بعض تصريحاته الصحفية.
و أمام عجز النظام السياسي الكلاسيكي عن مواجهة تبعات " الركود الاقتصادي والنمو البطيء والحلول الاقتصادية التدريجية كسياسة التقشف في اليونان وإسبانيا أو قلة الحلول المتاحة في أيدي الساسة، بالإضافة إلى الشروط الديموغرافية الجديدة التي يعيشها الغرب، والعولمة التي أنتجت جحافل من المهاجرين الباحثين عن فرص عمل و في أوروبا على وجه الخصوص , كلها عوامل تلغم المستقبل و تنشر "شعورا عميقا بالإحباط بين العديد من الناخبين الأوروبيين الذين يريدون حلولًا أكثر دراماتيكية وزعيمًا حاسمًا وجريئًا على استعداد لإقرارها".
و من ثم ظهور تأييد متزايد لمثل هذا الزعيم، الذي من شأنه الاستغناء عن ضوابط وتوازنات الديمقراطية الليبرالية",و أحد أبرز الأمثلة عن ظهور مثل هؤلاء الزعماء هو دونالد ترامب الذي أقنع 61 مليون أمريكي بالتصويت له بعد أن وعدهم ببناء جدار بينهم وبين المكسيك، وبترحيل المهاجرين غير الشرعيين، وبأن "يجعل أمريكا أمة عظيمة مرة أخرى تحت شعار (أمريكا أولا) و هو نفس الشعار الذي ترفعه الأحزاب الشعبوية في أوروبا و إن اختلفت الصيغ , في انتظار الزعيم المرتقب, الذي يناهض الإسلام علنا و يرفض إيواء اللاجئين و استقبال المهاجرين , ويطرد الغجر و يعادي الأجانب , و يطالب بالخروج من الإتحاد الأوروبي , أو بعدم الانضمام إليه ,و بالعودة إلى العملات المتعددة , فضلا عن المطالب الانفصالية في إيطاليا و إسبانيا و فرنسا ...فالزعماء يصلحون لكل المهام , فهم يسهمون في ازدهار الشعبوية , أو في منع ظهورها مادام نيكولا ساركوزي الرئيس الفرنسي الأسبق قد تساءل بمنتدى الأفكار العالمي بأبو ظبي منذ أسبوعين : كيف يمكن الجمع بين الديمقراطية و الزعامة؟ مضيفا : كيف يمكن أن تكون لنا رؤية تمتد على مدى 10, 15, 20 عاما ,و في نفس الوقت عهدة انتخابية مدتها أربع سنوات , مثلما هي الحال في إمريكا؟ بالنسبة لساركوزي فإن" الزعامة هي التي تصنع الدول" , و ضرب المثل بالبلد المضيف "الإمارات العربية المتحدة" (لقد بنوا بلدا رائعا بفضل الزعامة).
و استمر زعيم اليمين الفرنسي الأسبق في سرد تساؤلاته, دعما لوجهة نظره هذه , قائلا: "أين الشعبوية في الصين ؟أو هنا (في الإمارات)؟ أو في روسيا؟ أو في العربية السعودية ؟ قبل أن يجيب :" إذا ما غادر زعيم قوي كرسي الحكم فإن مسيريين شعبويين سيخلفونه"؟ و لا داعي للتعليق , فتكلكم خصائص الخطاب الشعبوي , خطاب ابن لحظته, لتحقيق غرض عابر, لدى جمهور أتخمته الشعبوية .
و ما دامت الشعبوية تركز على القضايا الاجتماعية و الثقافية و الأخلاقية على حساب المسائل الاقتصادية و السياسية , فإن حظوظها في النجاح تظل ضئيلة حسب الباحثين الذين يرون أن بروز الحركات الشعبوية في التاريخ السياسي العالمي ليس وليد اليوم , و أن :" الشعبوية اليمينية الصاعدة حاليا تعود جذورها الاجتماعية والاقتصادية إلى عقود مضت".

.. وللشعبوية جذورها في التاريخ السياسي و هذا عصر ازدهارها
تُعَرِّف موسوعة السياسة , الشعبوية بأنها "تيار سياسي , يعتبر الرجوع إلى الشعب و الاعتماد الكامل على عفويته و اندفاعه الثوري , أساس العمل السياسي الناجح و وسيلة فعالة لتغيير المجتمع و دفعه باتجاه الثورة الكاملة ".
فالشعبوية بهذا المفهوم, تختلف عن الشعبية, كتيار سياسي يؤمن بالشعب , و يعتبره مصدر السلطة و حامي السيادة . فمرجعية كلا التيارين هو الشعب , غير أن الشعبوية هدفها الثورة ,و الشعبية هدفها وضع الأسس الموضوعية للديمقراطية .
و يمكن العودة بالشعبوية كظاهرة في الممارسة السياسية تاريخيا إلى العهد اليوناني , ما دام كل من أفلاطون و تلميذه أرسطو ,قد حطا من شأن ما سمياه "بحكم الرعاع", في تصنيفهما لأنظمة الحكم . و في عصر الرومان استطاع بعض الخطباء الشعبويين الاستيلاء على الحكم, و منهم يوليس قيصر نفسه ,أول من سمى نفسه امبراطورا . كما هناك من ينسب أنظمة الحكم التي تعاقبت على منطقة الشرق الأوسط في القرون الوسطى , إلى الشعبوية , غير أنه رأي , لا ينسجم مع تعريف هذا المفهوم, من حيث الموقف من الشعب, كأداة أو كهدف لنظام الحكم. حيث كان نظام الحكم في العالم الإسلامي في معظم حقبه نظاما ملكيا مدعوما من النخب الدينية و الثقافية و الاجتماعية , و من خلالها كل أو معظم فئات الشعب .
وفي عصر النهضة , استحوذ الشعبويون على الحكم في فرنسا "بثورة شعبية راديكالية " قوضت الملكية و استبدلتها بحكم استبدادي أغرق فرنسا و نخبها في حمام من الدماء.
خطوات فاشلة نحو التأسيس في روسيا و أمريكيا
أما الشعبوية كحركة سياسية في العصر الحديث , فقد تزعمها بعض المثقفين الروس ما بين 1850 و 1880 لمعارضة الحكم القيصري, حسب ما أوردته موسوعة السياسة,وكانت الحركة تعرف باسم نارودنيشستفو(Narodnichestvo).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.