نظم أمس قسم سوسيو- أنثروبولوجيا التاريخ و الذاكرة التابع لكراسك وهران ندوة في إطار نقاشات المركز تحت عنوان "حراك 22 فبراير 2019: عناصر أولية للنقاش"، شارك فيها كل من الباحث بلقاسم زنين مختص في العلوم السياسية بكراسك وهران، والدكتور محمد مبتول من جامعة وهران، والبروفيسور وليد العقون المختص في القانون الدستوري لجامعة الجزائر 2، حيث نشط الباحث عمار محند عامر هذه التدخلات التي سلطت الضوء على العديد من المسأل التي تشغل الرأي العام. «كل مرة تم اختراق فيها للدستور وقعت أزمة» تطرق الباحث بلقاسم زنين إلى عرض عام حول بداية الحراك الشعبي الذي أطلق عليها اسم الانتفاضة أو الثورة منوها بأنه لم يسبق لأي حراك شعبي ومحطات احتجاجية في الجزائر منذ الاستقلال، أن جمع كل الفئات الشعبية والاجتماعية والوظيفية، وكافة الأطياف السياسية على اختلاف مرجعياتها الأيديولوجية، في مسار احتجاجي متزامن وتحت مطلب مركزي و عناوين فرعية مثل رحيل النظام والانتقال نحو الديمقراطية والحريات ، وهذا عندما بلغ اليأس السياسي بالجزائريين حده الأقصى بفعل التضييق الذي مارسته السلطة في عهد السابق على مدار 20 سنة، بالتزامن مع التخويف من نماذج التغيير التي أدت إلى التمزق الداخلي في عدد من الدول العربية مما جعل مجموعات شبابية كانت لها رغبة كامنة في التغيير السياسي والدفع بالجزائريين نحو التغيير خاصة و أن نصوص الدستور تتضمن كل التطورات للشعب الجزائري منذ الاستقلال 1963 كل الحقوق والوجبات موجودة رغم أنه تم خرقه في الكثير من الأحيان و تم تعديله و أعطى على سبيل المثال الحقوق للمرأة و قام بترسيم الأمازيغية وغيرها، مؤكدا أنه كل مرة يتم فيها اختراق الدستور تقع أزمة في البلاد، منتقدا الغرفة الثانية المتمثلة في مجلس الأمة التي كان من المفروض أن تضم شخصيات محنكة و بارزة لتعالج أي أزمة محتملة لكن تحول دورها الأساسي وأصبحت عبارة عن جائزة تمنح لبعض الشخصيات التي أثبتت "ولائها " للرئيس. «الدولة لا يمكن أن تُبنى إلا بروح المواطنة» من جهة أخرى ، أكد الدكتور محمد مبتول على أن الدولة لا يمكن أن تُبنى إلا عن طريق ترسيخ روح المواطنة و أن جل المسيرات التي انطلقت منذ 22 فيفري الماضي، حملت أملا و حلما و إبداعا لطالما فقده الشعب منذ سنوات خلت، و هذا ما تم لمسه من خلال الشعارات المرفوعة التي عبر عنها المتظاهرون، ليكون العلم الوطني، الرمز الجامع بين الأطياف المختلفة لهذا الوطن بحكم أنه الرابط القوي بين الماضي والحاضر. كما طالب مبتول من زملائه المختصين في علم الاجتماع أن ينزلوا إلى أرض الميدان لدراسة كل هذه الظواهر السوسيو سياسية و الثقافية النابعة من عمق المجتمع المطالب بالتغيير ،و الذي غفل عنه الكثير من الباحثين طيلة الأعوام الماضية معرجا على المعطيات و البذور التي مهدت للانتفاضة القوية التي انفجرت في 22 فيفري، ضد الأوضاع التي كانت تسوء من يوم إلى آخر، و نتيجتها الوصول إلى حالة اكتئاب، جعلت الشعب يخرج عن صمته و يرفض العهدة الخامسة و تلتها فيما بعد مطالب أخرى خلال 9 أسابيع ماضية. «احترام الدستور و الشعب هو الحاكم» أما المحلل السياسي وليد العقون فلقد تطرق لصورة القانون من خلال ذكره لأغلب الأزمات التي مرت بها الجزائر منذ 1963، والتي قد قام بحلها حسبه - أفراد من السلطة، لكن انتفاضة الشعب هو من طالب بالتغيير و تفعيل مواد من الدستور، لتقوم قيادة أركان الجيش الوطني، إلى تطبيق المواد ال7، 8 و102 من الدستور كحل للأزمة السياسية الحالية، متسائلا في نفس السياق عن كيفية تطبيق المادتين 07 و 08 التي تنصان على أن الشعب مصدر كل سلطة، والسيادة الوطنية ملك للشعب وحده والسلطة التأسيسية ملك للشعب، وهذا المبدأ ليس موجودا في دستورنا فقط، بل في كل دساتير الدول والأنظمة الديمقراطية ، مسجلا أن الأزمة الراهنة كانت من المستحيل أن تحل بالقوانين والمؤسسات الحالية مرتبطة بالأشخاص التي طالب المتظاهرون بمغادرتهم و المتمثلة في رحيل " الباءات " وهذا بسبب انعدام الثقة بين الشعب و مؤسساتها مقدما مثال عن ذلك في غلق أبواب البرلمان بالقفل و منع رئيسه من الدخول مما جعل الشرعية الدستورية تخرق، وهذا ما جعل اليوم الشعب يثق في المؤسسة الوحيدة المتمثلة في المؤسسة العسكرية لأنها ملجأه الوحيد في هذه الفترة الانتقالية للبلاد ملحا على احترام الدستور والشعب هو الحاكم .