كثر الحديث خلال السنوات الأخيرة حول عصرنة الإدارة وتقريبها للمواطن وتخفيف الوثائق وبشكل أكبر حول إدخال الوسائل التكنولوجية في الإدارة، أو ما يعرف ب " الإدارة الالكترونية" مما ينزع المشقّة على المواطنين، جزء من هذا الكلام تحقّق فعلا من خلال تخفيف الوثائق ببعض الملفات الإدارية التي كانت تكلّف المواطن الكثير من الوقت لتحضيرها، ولكن بقي الكثير أمام الإدارة الجزائرية للحديث عن عصرنة الإدارة ويبرز ذلك جليا من خلال المواقف التي يتعرّض لها المواطنون خلال الانتخابات مثلا، كضرورة التقدم لمصلحة البلدية لشطب الاسم في حال تغيير مقر السكن، أو ضرورة تقديم وكالة لانتخاب شخص مكان آخر لعدم تواجده بالجزائر مثلا، وغيرها من الإجراءات التعجيزية التي تجعل من المواطن بكي لا نقول لا يبالي، يتناسى ولا يجد فائدة من إسماع صوته الذي يزن الكثير في دول ليست بالبعيدة عنّا. ويطالب، الكثير من المهتمين بالشأن السياسي من أحزاب وجمعيات المجتمع المدني وشخصيات وطنية، بإعادة النظر في تنظيم وسيرورة العملية الانتخابية خاصة ما تعلّق بعلاقتها مع المواطن، من جهة وفي قانون الانتخابات بشكل عام من جهة أخرى، وهو ماكان قد أشار إليه سالفا، رئيس الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات سابقا، عبد الوهاب دربال، الذي أكّد، أن القوانين المتعلقة بالعملية الانتخابية بمختلف درجاتها تحتاج إلى تحسين ومراجعة دائمة لأن إسقاطاتها محدودة بالزمن، مذكرا بالفجوات والفراغات التي وقفت عليها الهيئة خلال إشرافها مرتين على الانتخابات. لنقف عند مسألة "إسقاطاتها محدودة بالزمن"، كل شيء لابد له من تجديد وتحديث لمعايشة الواقع، قانون الانتخابات مثله مثل بقية القوانين لابد من إعادة مراجعتها، باعتبار أن ما كان صالحا سنة 2000 لا يمكن تطبيقه في 2019، شاب تلك الفترة ليس شاب اليوم الذي يمشي عكس التيار،.. "انترنت، مواقع التواصل الاجتماعي، واتساب، فايسبوك..."، كل شيء يسرع، يجب التماشي مع السرعة التي تفرضها يوميات الجزائري اليوم، الذي يرفض مثلا الذهاب للبلدية من أجل شطب اسمه وإعادة تسجيله في بلدية أخرى، معتبرا، أن العملية يمكن القيام بها الكترونيا وبشكل مباشر بالنظر للوثائق البيومترية التي يحوز عليها كل المواطنين اليوم. مواطنو جزائر 2019 يبحثون عن المرونة في التعامل مع الإدارة لإعادة كسب الثقة المهزوزة بين طرفي المعادلة، إدارة بيروقراطية من جهة ومواطن أهلكته بيروقراطية وانعدام الاتصال بينه وبين الطرف الآخر، خلق نوع من الاضطهاد الذي ولّد مسيرات تتواصل منذ 22 فيفري الماضي، لا يأبى فيها المواطن الرجوع للوراء.