ممارستنا التشريعية تعد "نموذجا واقعيا في التنسيق المؤسساتي"    رئيس الجمهورية يجدد التزام الجزائر بدعم التنمية في القارة    يوم الأحد المقبل عطلة مدفوعة الأجر    المجلس الأعلى للشباب: ندوة افتراضية حول المشاركة السياسية للشباب    العدوان الصهيوني: 169 منظمة إغاثية تطالب بوقف نظام توزيع المساعدات في غزة    استشهاد 20 فلسطينيا وإصابة آخرين    الضغوط باتجاه إنجاز صفقة في غزة ج2    الفاف" تقرر تقليص الطاقة الاستيعابية لكل الملاعب بنسبة 25 بالمائة    الشلف : شرطة الأمن الحضري الخامس    توقرت : تفكيك جمعية أشرار مكونة من شخصين    أمطار رعدية على عديد الولايات    دعوة إلى الاستلهام من الثورة الجزائرية للتحرر من قيود الاستعمار    المغرب: 232 باحث يعلنون مقاطعة المنتدى الخامس لعلم الاجتماع بالرباط بسبب مشاركة الصهاينة    توزيع أزيد من 13000 وحدة سكنية بمختلف الصيغ بست ولايات من جنوب الوطن    يجب على المجتمع الدولي أن يعمل بشكل جماعي لتصفية الاستعمار من الصحراء الغربية    تعزيز البعد الإفريقي للجزائر وترقية العلاقات الروحية والثقافية    جرائم التاريخ تتكرر في غياب المسؤولية الأخلاقية والقانونية    مزرعة توارس... استثمار يجمع الابتكار بطموح الشباب    ياسين بن زية يتجه لتوقيع عقد جديد في أذربيجان    هدفنا بلوغ العالمية بقدرات مصارعينا واجتهاد مؤطريهم    المسؤولون المحليون يتحملون تبعات الوضع الحالي    تمرين محاكاة لحادث على متن ناقلة لغاز البترول المسال    إنشاء آلية للتبادل في مسائل الهجرة بين الجزائر وسويسرا    بوغالي يترأس اجتماعا لمكتب المجلس الشعبي الوطني    "بريد الجزائر" يطلق منصة للشكاوى والاستفسارات    160 مدرب في مهمة وطنية لتأهيل داخلي "القفص الذهبي"    مراقبة صارمة لنوعية مياه الصهاريج بعنابة    حدائق ومعالم أثرية في طريق الشرق    التزام مشترك بإنجاح مشروع "بلدنا الجزائر"    مدّ جسور الإنشاد من البلقان إلى دار السلام    ستة مؤلفات جزائرية في أربع فئات    كرة القدم/نهائي كأس الجزائر-2025 (اتحاد الجزائر-شباب بلوزداد): طرح 20 ألف تذكرة للبيع يوم غد الاربعاء    وزير الثقافة والفنون يشيد بنتائج دراسة هادفة لإنعاش الصناعة السينمائية الجزائرية    الرابطة الأولى موبيليس 2025-2026 : افتتاح الميركاتو الصيفي    طاقة و مناجم: عرقاب يتباحث مع السفير السعودي لدى الجزائر فرص التعاون و الاستثمار    الاتحادية الجزائرية تقرر تقليص الطاقة الاستيعابية لكل الملاعب بنسبة 25 بالمائة عن النسبة المعتادة    خنشلة: الطبعة الثانية للمهرجان الوطني للموسيقى والأغنية الشاوية من 6 إلى 9 يوليو    نحو استحداث بوابة إلكترونية للتعريف بالمواقع المنجمية    العرباوي يلتقي ملك إسبانيا    حملة وطنية للوقاية من حوادث المرور    غزّة تنزف حتّى الموت!    630 مليار دينار مصاريف صندوق التأمينات الاجتماعية    بورصة الجزائر: إدراج سندات قرض الشركة العربية للإيجار المالي بقيمة 3 مليار دج    المغير: استفادة التلاميذ النجباء من رحلة استجمامية إلى ولاية وهران    المهرجان الدولي للإنشاد بقسنطينة: الأصالة والتجديد في اختتام الطبعة ال11    هذا جديد الوفاق    المشاريع المُصادَرة.. العودة؟    برنامج خاص بالعطلة الصيفية    الكشف المبكر عن السكري عند الأطفال ضروريٌّ    بللو يشرف على إطلاق برنامج "هي"    بلال بن رباح مؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم.. صوت الإسلام الأول    الدعاء وصال المحبين.. ومناجاة العاشقين    فتاوى : حكم تلف البضاعة أثناء الشحن والتعويض عليها    التاريخ الهجري.. هوية المسلمين    تنصيب لجنة تحضير المؤتمر الإفريقي للصناعة الصيدلانية    الجزائر تستعد لاحتضان أول مؤتمر وزاري إفريقي حول الصناعة الصيدلانية    صناعة صيدلانية: تنصيب لجنة تحضير المؤتمر الوزاري الافريقي المرتقب نوفمبر المقبل بالجزائر    يوم عاشوراء يوم السادس جويلية القادم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أزمة الاقتباس ونقل السرد الرّوائي إلى البنية المسرحية !.
نشر في الجمهورية يوم 23 - 09 - 2019

الإقتباس المسرحي عن نص روائي هو عمل إبداعي محض متفرّد بخصائصه، لا دخل للرّوائي فيه.. سوى أنه يُقال في حقه.. هذا العمل المسرحي عن رواية كذا للكاتب فلان.. سواء نجحت المسرحية أم خابت.. يحترم فيه الكاتب الفكرة الفلسفية للعمل فقط، والملامح العامة للرّواية التي يمكن أن تحضر في عفويات اللاشعور في نبض الذاكرة لمن يكون قدر قرأها من المتلقين سابقا.. و أن يحافظ على عموم فضائها الدّلالي الأصلي في الرّواية
ولكن سيتحرر المقتبِس والمخرج من أي قيد يلتزم بقداسة الرّواية من حيث بنية نصّها، فله حينها الحق في التلاعب بترتيب الأحداث، وإضافة ما يريد، أو أنه يحذف ما بدى له، إذ يمكنه البدء من لحظة تأزم العقدة أو من أي طرف من الّرواية.. أو أنه بإمكانه نقل الأحداث كما هي في الرّواية من أفعالها وظروفها إلى مكان آخر و زمان آخر.. كأن يجعل أحداثا حدثت في الصين في قرون مضت فينقلها إلى الجزائر في زمننا اليّوم.. نفس الأحداث بإسقاط زمكاني آخر.. وفيه يكون العامل على النص المقتبس، حرّا حتى في تغيير العنوان.. وتقليص عدد الشخصيات أو تضخيمه.. أو تغيير الأسماء في الشخوص.. ولعل الاقتباس مأخوذ من القبسة.. أي الومضة التي تشير إلى الأصل الذي نبعت منه.. ولا يهم إن كانت تلك الومضة خافتة أو مشعة أو ملتهبة .غير أنه ستحيط بكاتب الاقتباس ظروف ملتبسة لحال عمله ذاك !. فيجب عليه أن يفهم جيّدا الطرح الفلسفي وأبعاد النص الذي يريد أن يقتبس منه على جميع الأصعدة.
أن يعي بأنه يقتبس.. أي أنه يأخذ بعض ملامح النص لا أن يُترجم النص كاملا، بالمعنين اللذان تحملهما كلمة ترجمة.. في معنى أنها حكي مسرحي لأحداث الرواية كما هي، أو دبلجة لغوية عن لغة النص الروائي الأصلية بلغة ثانية، كأن ننقل من الفصحى إلى العامية مع الحفاظ على الجمل والعبارات التي كتبها المؤلف الرّوائي كما هي.. وهنا سيصطدم الكاتب الدراماتورج لحال اقتباساته تلك بملابسات تجعل عمله ذاك صعبا غير طيّعِ بين يديه، كأنه يعيد نسخ الرّواية في عقوبة تمرينية.
ولكن، متى تحدث تلك الملابسات، التي تجعل الكاتب الدراماتورج يقع ضحيتها ؟.
هنا، يتبادر إلينا طرح أخلاقي في التعامل مع ظاهرة الاقتباس المسرحي للرّواية !.
لماذا نقتبس نصا مسرحيا من رواية ؟!. و هل هنالك أزمة نصوص مسرّحية حقيقية ؟!.
الحقيقة التي يقف عليها الإنسان عن كثب، حين يدخل الكواليس الخفية للمسرح، حيث تعالج النصوص المسرحية لدى لجان القراءة المحترفين، يجد كما لو أنه في مصلحة لحفظ الجثث، حال التحقيق في جريمة قتل الكتابة !.
ولكنه في أحيان كثيرة يعثر هذا المُنتقي للنصوص على نصوص مسرحية غاية في الإبداع، وهي أصلية، يمكن أنه ينقصها بعض المعالجة الدرامية، لكنها تصلح لأن تكون مسرحيات بارعة، يكتبها شباب متحمسّون للإبداع المسرحي.
لكن الحقيقة الثانية التي تواجه أزمة النص، بل هي الجوهر الخفي الذي يخلق أزمة نصوص مسرحية، هي العودة إلى الاقتباس الرّوائي للمسرح في ظل تواجد نصوص شبابية حقيقية مؤهلة للنجاح على جميع أصعدة الدراما.
أما الاقتباس المسرحي للرواية، فأنا أعلم حقيقة، وعاينتها في الميدان لدى الكثير من المقتبسين للمسرح عن كثب، وهو أنه لديهم اعتقاد بأنهم حين يقتبسون نصوصا مسرحية لروائيين صنعوا أسماء شهيرة في الساحة الأدبية، مثل أمين الزاوي وواسيني الأعرج، وغيرهما سيُضمن لهم النجاح بكل تأكيد.. وسيتحمس من هم في لجنة القراءة لانتقاء النصوص بأخذها من دون أن يقولوا رأيهم فيها، لأنها عن رواية فلان الشهير ومن اقتباس الشهير الآخر... !.
هذه حقيقة لن أفصل فيها، وأنا أعرف عن جد واقعها المريض.. فأنا شخصيا طلبت مني أمور كهذه، ولكنني كنت أثق كثيرا في نصوصي الأصلية غير المقتبسة من روايات، أنا أكتب الدراماتورجيا في نصوص أصلية، لذلك لن أقتبس.. ولا يُفهم من كلامي أنني ضد الاقتباس المسرحي للروايات.. بل أقول، أنه توجد روايات لكتاب لم ينالوا حظهم من الشهرة، ولكن أعمالهم الروائية أروع بكثير من أعمال هؤلاء المشاهير، أروع من " نساء كازانوفا " مثلا في موضوعها الأصلي والدراماتورجي.. والتي أريد بها أن تعبّر عن الواقع الذي نعيشه في الجزائر في خضّم أزمة الحراك.. وهذا من مبتذلات فرض وجهة الرأي، وتوجيه المتلقي لفهم هذا التأويل لذلك النص المقتبس عن رواية الأعرج.. ولكن منطق التلقي المسرحي، يقول أنه لا يجب على المقتبس ولا على الروائي ولا على المخرج أن يفرض على المتلقي فهما مجبرا له على أن يأخذ المسرحية بهذا التأويل أو ذاك.. ولعل لغة الدراماتورج تلك، لم تكن توحي بأي شكل من الأشكال بما يفي بغرض ذلك التأويل.. فلا يصح أن تفرض عليّا أن موت كازانوفا مثلا، وعدم غفران نساءه خطيئته معهن.. وجميع الجشع الذي كان في القلوب هو إسقاط على ما يحدث في الجزائر.. هذا تأويل مبتذل.. بل اتركني أشاهد المسرحية ثم أنقلها بقدراتي الذهنية إلى مستوى التأويل الذي أريده أنا المتلقي.. وهذا من الأخطاء الشائعة لكتابة الدراماتورج والرواية أيضا، أن أغلب الكتاب يعطون قارئ الدراما تورج الرؤية التأويلية للعمل مسبقا في شكل مقدّمة يجمعون الأقوال النقدية التي قيلت من قبل في الرّواية المقتبس منها.. وهكذا!.
لا؛ بل يجب أن تعطيني نصّا دراماتورجيا من حيث قواعد الكتابة الدرامية للمسرح القابلة للإخراج، ومن خلال قراءتي له تلقائيا يجب أن تتبلور الفكرة منفجرة داخل إدراكي الذي يعطيها التأويل المناسب عفويا.
لذلك يفضل أغلب المقتبسون للنصوص المسرحية من الرّوايات، أن تكون رواية لأسماء لامعة في الساحة الأدبية، كي يضمنوا على الأقل نصف احتمالات النجاح، استنادا إلى شهرة الأصل الذي أخذوا عنه...
يتبع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.