الحسابات الفردية على وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت هي الأكثر عرضة للقرصنة واستعمال الأسماء المستعارة ونشر المعلومات السرية عن الفرد أو الشخص مهما كانت صفته، بغرض الإساءة إليه. هذه الممارسات الاجتماعية، لم تكن معروفة في السابق بسبب عدم وجود إمكانية هذا التواصل الشبكي العنكبوتي في المجتمع العالمي اليوم. الويب، صار بيتا عنكبوتيا، يمكن لكل الممارسات الاجتماعية التي نعرفها سابقا في المجتمعات الحلية، توجد وبضراوة أكبر في المجتمعات الرقمية، خاصة وأن المتعامل هو مجرد اسم ولقب أو اسم مستعار، لكنه يحمل هوية رقمية IP، يمكن تتبعه ومتابعته عن طريق برامج خاصة لمراقبة التتبع Trackers عن طريق التتبع المضاد. الشركات العالمية المنتجة لبرامج مكافحة الفيروسات التجسسية أو التخريبية للبرامج والمواقع والحسابات، كثير منها أو جزء منها متورط في إنتاج برمجيات من هذا النوع بعرض إنتاج برامج مضادة للفيروسات: فيه الداء الدواء، خاصة وأن كثيرا من برامج المضادة للفيروسات تحمل من الانترنت بمعدل كبير من الخطر من المصدر. المجال السياسي للانفتاح حول العالم، فتح المجال السحابي أمام الجميع بدون اختيار منا وبدون غربال، الأمر الذي جعل من عمل المراقبة للإفراد وهم بالملايير، جد صعب وجعل من المتابعة القانونية صعبة أحيانا في ظل غياب قوانين محينة ورادعة وتقنيات متطورة لمتابعة الأمر واكتشافه قبل أوانه أو في وقته. هذا ما يراد له وطنيا أن يحدث، بل هو واقع اليوم، لكن ليس إلى درجة فعالة. فالتحكم في البيانات الآن هو من اختصاص كل فرد ومؤسسة. فكل فرد أو مؤسسة عليه أن يحمي بياناته بكل الأشكال، وهي مسؤولية فردية، غير أن هذا لا يمنع الدولة من الحرص على التدخل لمنع مثل هذه الأشكال من القرصنة، التي تحدث افتراضيا لكنها في غاية الخطورة. فالتستر وراء الأجهزة والبرامج الافتراضية لا يجعل المستخدم بعيدا عن الحساب والمحاسبة والمتابعة، وهذا من مهمة الدولة التي عليها أن تكون كفاءاتها العلمية والمعلوماتية والرقمية في مجال مكافحة الفساد والقرصنة السيبرنطقية //////////////////////////////////////// تزييف الحقائق شكل آخر من القرصنة ما يزيد في الطين بله، هو أن التكنولوجيات السمعية البصرية والصورة، قد مكنت المستخدم من فبركة صور أو فديوهات على درجة عالية من الدقة، ثم الترويج لها على أنها مادة خبرية أو تقارير إعلامية، لاسيما مع تزايد وتعاظم الحسابات على وسائل التوصل الاجتماعي، حتى أنه صار لكل فرد قناة مجهزة لبث لكل ما هو مغلوط ومتداول بغير دقة أو مفبرك لغاية في نفس يعقوب. كثير من المستخدمين من لا يدركون دقة التقنيات التكنولوجية في هذا المجال تنطلي عليهم الرسالة المزورة أو المفبركة فيصدقها ويقوم بنشرها عن حسن نية، وهذا ما يساهم في خلط أوراق المعلومة الصحيحة من الكاذبة في أذهان المتصفح. يمكن الآن لأي مستعمل مالك لشريحة وهاتف ذكي أن يفتح أكثر من حساب على مواقع التواصل الاجتماعي وبأي اسم يختاره قد يقبله صاحب المنصة أو التطبيق، ويستعمل هذا الحساب باسم مستعار قد يكون لشخصية واقعية، سياسية أو مالية أو عادية، وهذا لأغراض غير أخلاقية غالبا ما تكون تشويها للمعني أو المساس بسمعته أو ابتزاه أو نحو ذلك، وهنا ندخل في مجال الجرائم السيبرنطيقية. رجال الأمن من درك وشرطة وجيش مجهزين غالبا بإمكانيات تقنية عالية، للوصول إلى صاحب الحساب ويمكن بسهولة كشف هويته وتنفيذ القانون في حقه. هذه الظاهرة الاجتماعية الثقافية، لم تكن موجودة قبل نحو عشر إلى 15 سنة، كون أن دخول الجيل الثاني والرابع على الهواتف المحمولة زاد من عدد المستعملين للهواتف الذكية، مما زاد في عدد الحسابات وكثرتها، حتى أنه يوجد للواحد أكثر من حساب واحد بأسماء مستعارة في نفس التطبيق. ////////////////////////////////////////// رهان التواصل الرقمي ولعل أكبر رهان يواجهنا اليوم هو كيفية أخلقة التواصل عبر هذه المواقع وهذه الحسابات. صحيح أن المسألة مرتبطة بأخلاق الفرد، لكن ليس كل الأفراد على خلق وليس كل الأفراد لهم تصور واحد للعمل الاتصالي أو نفس الهدف، فالغايات كثيرة ، والوسائل أكثر، والغاية تبرر الوسيلة في كثير من الأحيان. القراصنة، عادوا أكثر انتشارا، بعدما كانوا مرتبطين بقرصنة البحار، صارت القرصنة الحسابية اليوم أو الافتراضية هي أكبر مغامرة يقوم بها الجيل الرابع من الثورة السيبرنطيقية، التي بلا شك قد أنتجت كثورة معرفية اتصالية أكثر من ظاهرة اجتماعية ثقافية، علينا أن نواكبها ونتعرف عليها قبل إنتاج ميكانيزمات التصدي لها عبر القنوات القانونية وتطوير المنظومة السياسية الجنائية لتشمل كل هذه الظواهر التي لم تكن معروفة ، بل والتي باغتت دولنا ومؤسساتنا التي بقيت ضمن المرحلة التقليدية ولم تدخل عالم الرقمنة العلمية إلا مؤخرا وباحتشام أحيانا، في انتظار تهيئة النفس وإعادة رسكلة منظوماتنا القانونية والإدارية والبشرية وضخ ودم جديد شباني في مجال الإدارة الرقمية للأعمال والعلم والمال. وهذا يتطلب جهدا جبارا في التكوين وفي المال وفي الممارسة اليومية، خاصة أننا مقبلون على جيل جديد آخر من التجارة الالكترونية، حيث ستدخل القرصنة المجال واسعا للمؤسسات المالية والبنوك وأيضا الأفراد. فإذا كانت اليوم القرصنة مرتبطة بحسابات التواصل الاجتماعي هي المنتشرة، فإنه في المستقبل القريب سنجد أنفسنا أم تفشي ظاهرة أكبر هي قرصنة الكبار، لاسيما وأننا في مواجهة كبار قراصنة العالم "الهاكرز" لما يتعلق الأمر بأسرار الدولة والمال العام والخاص والأسرار الفردية والجماعية. وقد لا حظنا كيف تمت قرصنة حساب وزيرة الخارجية الأمريكية في موسكو من طرف قراصنة روس وكيف استغل القراصنة هذا الفعل في التأثير على مجريات الانتخابات الرئاسية الأخيرة في أمريكا نفسها..أمريكا وروسيا وبقية الدور الصناعية والنووية التي تخشى كل ما تخشاه هو قرصنة شيفرة المنظومة العسكرية وخاصة الأسلحة غير التقليدية..