تكمن أهمية زيارة الرئيس التونسي قيس سعّيد كونها أول زيارة للرئيس التونسي خارج التراب الوطني ،وهي زيارة في المحصلة لها دلالات تعبر عن عمق العلاقات الضاربة في الأعماق بين البلدين والشعبين ، ثم يأتي من بعدها بالضرورة قاسم المصالح الاقتصادية البينية و السياسية أيضا و المسائل الإقليمية المشتركة. لكن ثمة ما يجمع البلدين في الظروف الحالية المتمثل في الملف الليبي الذي يعد « ملفا ضاغطا « على البلدين ويعد أحد أهم النقاط في الملف الليبي هو تبادل الآراء والتنسيق أكثر في الملفين الأمنيين ، التونسيوالجزائري على اعتبار أن أمن ليبيا من أمن الجزائر و تونس وهي قاعدة واحدة تهم الأطراف مجتمعة . وتندرج هذه الزيارة في سياق تجسيد حرص القيادتين على توطيد مختلف مجالات التعاون والتنسيق والتشاور بشأن المسائل ذات الاهتمام المشترك في ظل ما تشهده المنطقة العربية من مستجدات متلاحقة. فمنتظر أن تنعقد قمّة ثنائية بين الرئيسين الجزائري و التونسي حول ليبيا ، و هو الملف الشائك الذي دخلت عدّة قوى أجنبية على خطّه ، و ربما يكون الأمر الذي زاده تعقيدا في الوقت الذي تسعى فيها جارتا ليبيا ، الجزائر و تونس إلى تفكيك ألغامه محلّيا و بأقل الأضرار، و ذلك بالتوجه إلى حل سياسي و سلمي يجمع إلى طاولة النقاش كل الليبيين المتنازعين . كما لا تقلّ القضية الفلسطينية في الوقت الراهن أهمية خاصة بعد إعلان واشنطن و من طرف واحد ما سمته «صفقة القرن» هو اقتراح يهدف إلى حل « النزاع الإسرائيلي الفلسطيني حسب الإدارة الأمريكية لكنّه في حقيقة الأمر يوطّد الاستعمار الصهيوني على الأراضي العربية الفلسطينية . و لا تزال العلاقات و الملفات التي يطرحها الجانبان للنقاش ذات أهمية و تعرف تطوّرا مطردا في الآونة الأخيرة بفعل الظروف التي تفرضها المستجدات الإقليمية و العالمية و تلقي بظلالها على المنطقة المغاربية ، خاصة على مستوى التعاون الاقتصادي والصناعي و إنشاء الشركات المختلطة ، فقد توج المسعى بتوقيع البلدين على معاهدة الإخاء والوفاق في 19مارس 1983 وعرفت العلاقات التونسيةالجزائرية تطورا هاما تمثل خاصة في تكثيف نسق التشاور بشأن ملفات التعاون الثنائي والقضايا السياسية محل الاهتمام المشترك وتوقيع عدة اتفاقيات هامة. و تدعمت العلاقات الاقتصادية بين البلدين من خلال التوقيع سنة 2001 على الاتفاق الإطار الجديد للتعاون الصناعي الهادف إلى تطوير صيغ الشراكة والاستثمار المباشر بين البلدين. كما شهد حجم التبادل التجاري بينهما تطورا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة. كما تجاوز عدد الاتفاقيات والبرامج التنفيذية المبرمة منذ 1963 بين البلدين 115 وثيقة من أهمها اتفاقية الإقامة لسنة 1963 والاتفاقية التجارية والتعريفية لسنة 1981 واتفاقية نقل المسافرين والبضائع والعبور عبر الطرقات البرية لسنة 2001. و لم تتوقف العلاقات عند هذا الحجم من التبادلات بل تعرف في ككل مرة تجديدا لعزيمة التعاون المشترك بين البلدين.