- تعزيز قيمة الدينار مرهون بمدى التعجيل في تطبيق الاصلاحات الجبائية والبنكية تتجه بلادنا نحو عصرنة القطاع المالي والمصرفي، في اطار الاصلاحات التي ستمس عدة قطاعات ومؤسسات اقتصادية أخرى، المعنية بهذه العملية... فالأمر هنا لا يُعد خيارا بل ضرورة ملحة وحتمية لا بد منها، من أجل مواكبة التطورات السريعة التي يشهدها قطاع المال والأعمال في العالم برمته، لا سيما في مايخص الاقتصاد الرقمي والخدمات البنكية الالكترونية. كما أن خطوة مهمة كهذه تقتضي منها تسخير كل طاقاتها و انمكانياتها، لاستدراك تأخرها الكبير في هذا المجال، والذي جعلها تحلق خارج سرب الدول المتقدمة، وحال دون انتعاش الاستثمارات فيها وتمويل الاقتصاد الوطني، وتطور سوق العمل وكذا عدم تأقلمها مع المعايير الدولية المعمول بها منذ زمن بعيد. من بين قرارات الحكومة التي جاءت لتطبق توجيهات رئيس الجمهورية، وتجسد خطوة عصرنة القطاع المالي، لما تكتسيه من أهمية البالغة، نجد قرار تشييد مركز صناعي عصري لبنك الجزائر، يضم مطبعة ومقرا للصندوق العام، ومركزا وطنيا لفرز الأوراق النقدية، وكذا مركزا مهنيا خاصا بمهن الطباعة وصك النقود، الذي سيساهم لا محالة في تحسين العمل في هذه المؤسسة، التي يخول لها القانون إصدار العملة الوطنية، ذلك أن مقر المطبعة الحالية للأوراق المقدية، حسب ما صرح به وزير المالية أيمن بن عبد الرحمن، على هامش مراسم اصدار ورقة نقدية جديدة وأخرى معدنية، التي أشرف عليها الوزير الأول عبد العزيز جراد بمقر الحكومة، قديم جدا حيث يعود تاريخ بنائه إلى سنة 1901. وفي هذه الحالة وجب تحويل هذا المعلم التاريخي، حال تشييد المركز الصناعي العصري لبنك الجزائر إلى متحف خاص بهذه المؤسسة المالية الوطنية العريقة. جاء صدور الورقة النقدية الجديدة من فئة 2000 دج، التي تحمل صورة مجموعة الستة التاريخية التي فجرت الثورة إبان حرب التحرير الوطني، تخليدا للذكرى ال 58 لعيد الاستقلال الوطني، يأتي هذا في خضم تراجع قيمة الدينار الجزائري، الذي بات ارتفاعه وتعزيز مكانته، مرهونا بالإصلاحات الجبائية والبنكية وكذا المنظومة الجمركية، وفق ما يخدم مصالح الاقتصاد الوطني، وكذا مصالح المتعاملين معه، وأفرز أزمة نقص السيولة النقدية التي فرضتها جائحة كورونا، بسبب تراجع الحركية الاقتصادية، وهو أمر طبيعي لاقتصاد يعتمد في تعاملاته على الدفع الفوري، الذي يتطلب بدوره توفير سيولة ضخمة، وعليه وجب التعجيل في رقمنة الاقتصاد الوطني وكل التعاملات المالية، من أجل القضاء على مشاكل السيولة النقدية المطروحة مستقبلا. كم خسرت الجزائر من تأخر تطوير وعصرنة قطاعها المصرفي ؟ أكيد الكثير من المال ومن الوقت أيضا، في حين ربحت الكثير من المشاكل المطروحة بحدة، وهي اليوم تواجه تحديات كبرى، ومطالبة برفعها وفي أسرع وقت، حتى لا تخسر المزيد. وتبقى اشكالية سوق العملة الصعبة معضلة أخرى، التي تمارس نشاطها وتفرض منطقها خارج الأطر القانونية، في غياب الرقابة عن هذا الفساد العلني، الذي يكبّد البلاد خسائر ضخمة، وأفقد الدينار الجزائري قيمته أمام العملات الأجنبية، التي بات يشتريها المواطن بأغلى الأسعار في السوق السوداء، ليس لديه خيار آخر، سوى دفع هذه الضريبة الثقيلة جدا من جيبه، إلى حين القضاء على هذه النقطة السوداء المتجذرة في سوق المال ببلادنا.