- اعتمدت في كتابي على الشهادات استقيتها من مجاهدي المنطقة الرابعة على غرار بلحميتي بن ذهيبة، كوكا عبدالقادر، بطواجين مدني وغيرهم. - توصلت الى الكشف عن الأفواج ال 5 التي خططت ونظمت لانطلاق الثورة بمنطقة الظهرة - أجتهد لكشف أكاذيب الجيش وإدارة الحركة الاستعمارية في الجزائر المهتمة بتزييف الحقائق رغم مرور 65 سنة على الشعار التاريخي الذي أطلقه الشهيد ديدوش مراد يوم 18 جانفي 1955 «إذا استشهدنا حافظوا على ذاكرتنا» إلا أن هذا الأخير لا زال يصنع الحدث وسط المؤرخين، الباحثين وعشاق تاريخ الجزائر، الحاج بشيخ يعد من بين تلك الفئة التي أخذت على عاتقها تخليد الذاكرة ببحثها في تاريخ منطقة مستغانم خلال الثورة التحريرية، وكذا منطقة الغرب الجزائري اعتمادا على تسجيل شهادات حية مع عدد كبير من مجاهدي المنطقة وكذا جمعه المئات من الصور للمجاهدين والوثائق التاريخية لتوثيق عمله الذي سيصدر قريبا في كتاب من ثلاثة أجزاء بعنوان «دروب نوفمبر في القطاع الوهراني» . الحاج بشيخ ، خريج المعهد التكنولوجي الفلاحي بمستغانم، اقتحم باب البحث التاريخي صدفة وهذا جراء تجمع وتداخل عوامل غير إرادية من بينها تعيينه الأول بمزرعة السفاح دي جنسون ببلدية حجاج ، احتكاكه بالأسرة الثورة عندما كان مندوبا على بلدية حجاج، وتمثيله فيما بعد ولاية مستغانم في البرلمان خلال العشرية السوداء، مواهبه صقلت أكثر بعد اقترابه من المخرج السينمائي مصطفى عبدالرحمان والكاتب عمار بلخوجة وكذا عدد من الشخصيات الوطنية، كل هذه العوامل ساهمت بقدر كبير في إصدار كتابه الجديد . جراء كل هذه المعطيات انتقلت الجمهورية إلى بلدية حجاج وأجرت معه هذا الحوار : - في كلمات من هو الحاج بشيخ ؟ ^ الحاج بشيخ من مواليد 06 فبراير 1955 ببلدية حجاج ، هو ليس بمؤرخ وأقل من ذلك باحث في مادة التاريخ ، وإنما هو محب للتاريخ خاصة تاريخ منطقة مستغانم والجهة الغربية، الحاج بشيخ خريج المعهد التكلولوجي الفلاحي (ITA) بمستغانم ، شغل عدة مناصب في القطاع الزراعي ، خلال العشرية السوداء ، عين مندوبا لبلدية حجاج ، كما كان له شرف تمثيل ولاية مستغانم في البرلمان الجزائري خلال نفس الفترة، يعد الحاج بشيخ من الفئة التي حركتها مقولة الشهيد ديدوش مراد «إذا متنا حافظوا على ذاكرتنا» هذا ما دفعني لجمع ما أمكنني من الأحداث التاريخية التي لا زالت تسرد بطريقة شفهية وأساهم في طرحها على الورق . - ما هي الخطوات التي اعتمدتها في كتابة مؤلفك «في دروب نوفمبر في القطاع الوهراني» ؟ ^ أول خطوة دفعت بي إلى الاهتمام بالتاريخ ترجع إلى تعييني المهني سنة 1980 بمزرعة السفاح دي جنسون الذي سخر مزرعته لتعذيب مئات الجزائريين ثم قتلهم ورمى جثثهم للذئاب والحيوانات المفترسة التي كانت ترعى في الغابة المحاذية لمزرعته . للعلم هذا السفاح كان رئيس بلدية حجاج ، كنت دوما أستمع إلى أهل المنطقة الذين كانوا يسردون حكايات غريبة عن ما كان يجري بهذه المزرعة، هذا ما أثر في نفسي لكنني لم أستطيع فهمها و تجسيدها إلا بعد التقائي بالمخرج السينمائي مصطفى عبدالرحمان والأستاذ عمار بلخوجة اللذين جاء إلى المزرعة لتسجيل وتصوير ما حدث مع المجاهدين، مع مرور الوقت وتطورت معارفي في مجال التاريخ بعد أن عينت كمندوب على بلدية حجاج ، أين كنت أحتك كثيرا بالأسرة الثورة التي أمدتني بالكثير من الوثائق والصور لمجاهدي وشهداء المنطقة، هكذا خضت مرحلة التسجيل السمعي البصري ثم جاءت فترة التكوين عن طريق المشاركة في المحاضرات والندوات التاريخية والاقتراب من شخصيات هامة في تاريخ الجزائر أمثال رضا مالك، مصطفى لشرف، علي هارون، علي بوداوود، معزوزي سعيد، بشير بومعزة الذي انخرطت في جمعيته « 8 ماي 1945 «، كل هذا ساهم في تكويني وساعدني وبقدر كبير في إنجاز هذا الكتاب الذي سيصدر عن قريب وهو في ثلاثة أجزاء ، للعلم استغرقت مدة إنجازه 20 سنة . - أنت لست بمؤرخ وأقل من ذلك باحث، أين تصنف نفسك ؟ ^ كما ذكرت لك أصنف نفسي ضمن الفئة التي تهتم أولا بجمع الوثائق وإجراء الحوارات وصور المجاهدين الذين لا زالوا على قيد الحياة وكذا الشهداء عبر ذويهم ثم وضعها في متناول المؤرخين والباحثين، هذا الكم الهائل من المعلومات سمح لي وفي مدة 20 سنة تسجيل عشرات الشهادات وجمع مئات الصور والوثائق من داخل وخارج منطقة مستغانم . أضف إلى أنني أجتهد في مجال كشف أكاذيب الجيش وإدارة الحركة الاستعمارية في الجزائر التي كانت تهتم بتزييف الحقائق التاريخية مستعملة في ذلك السياسيين ، الأدباء وحتى الرسامين . - ممكن أن توضح لنا ما هي الأكاذيب الاستعمارية التي توصلت إلى كشفها ؟ ^ كثيرة هي ، ولا يمكنني سردها كليا، سأقتصر على ذكر البعض منها مثلا جدارية الرسام جوني جوانو (7 أمتار على 3) الموجودة في متحف بباريس تظهر جزائريين يقتلون بعضهم داخل مغارة فراشيح في حين أن الجينرال بيليسيي هو الذي قام بهذه المحرقة التي ذهب ضحيتها أكثر من 1200 شخص يومين 18 و 20 ماي 1845 ، وكذا صورة الطابع البريدي الذي طبع سنة 1950 بحجة يوم الصداقة بين الجزائروفرنسا والذي يظهر على أن الأمير عبد القادر صديق الجنرال بوجو في حين أن الأمير عبد القادر قاوم بكل قواه هذا المجرم الذي ارتكب جرائم في حق الجزائريين يندني لها الجبين، ضف معاهدة طانجا 1844 التي ضغطت بها فرنسا على ملك المغرب لكي يتخلى على تقديم المساعدات الحربية لمقاومة الأمير وأظهرتها على أنها عمل إرادة كون الملك صديق فرنسا ... يمكن أن أسرد لك العديد من هذه الأكاذيب التي كانت فرنسا تستعملها للتضليل والتستر على تاريخها الأسود في الجزائر ، آخرها قانون 2005 الذي جاء لتلميع صورتها الإستعمارية في الجزائر . - ما الذي توصلت إليه حول انطلاق الثورة بمستغانم ومنطقة الظهرة ؟ ^ اعتمدت في كتابي بخصوص انطلاق الثورة بمستغانم ومنطقة الظهرة، على الشهادات التي استقيتها من مجاهدي المنطقة الرابعة على غرار بلحميتي بن ذهيبة، كوكا عبدالقادر، بطواجين مدني وغيرهم ، حيث سمحت لي شهاداتهم ولوج عالم الحركة الوطنية المحلية من الداخل مدنية كانت أو عسكرية ، كما أنني توصلت إلى الكشف عن الأفواج التي خططت ونظمت انطلاق الثورة بمنطقة الظهرة وهي خمسة أفواج كان برجي عمر ينسق بينها وهي كالتالي فوج أولاد الحاج كان يشرف عليه برجي عمر و فوج ويليس رواونة كان يديره بن عروم حمو، فوج بوسكي كان تحت إشراف قواد سبع ميلود أما فوج سيدي علي فكان تحت تسيير الثنائي بلحميتي محمد بن ذهيبة وصحراوي عبدالقادر إضافة إلى فوج الحشم الذي كان يشرف عليه المجاهد طاهرة الحاج ، هذه الأفواج كانت تابعة للمنطقة الرابعة التي كانت تمتد من مستغانم إلى غاية غليزان والرمكة وكان بإمكانها إحداث أضرار كبيرة لكن حكمة المسؤولين أرادت غير ذلك لتستمر الثورة في الزمان والمكان . أبعد من هذا وبفضل المجاهد كويني عبدالقادر الذي فارقنا الشهر الماضي اطلعت وعن قرب على الثورة في القطاع الوهراني كونه كان من الأساسيين الذين فجروها بمنطقة عين تموشنت رفقة زبانا حميدة وبن علا . - ما هي الاستنتاجات التي توصلت إليها ؟ الشيء الذي توصلت إليه من خلال نشاطي في البحث التاريخي ، هو أنه لا يوجد شبر من هذا الوطن لم تدنسه فرنسا الإستعمارية ، حيث استعملت هذه الأخيرة النار والغاز كسلاح لتقتيل الجزائريين ، طريقة تقتيل جماعي جربتها فرنسا قبل أن يعتمدها النازيين بقرن [1840/1940] من الزمان . كما استنتجت أيضا، أنه بات من الواجب أن نكتب المئات من الكتب ونصدر العشرات من الأفلام والأشرطة التاريخية من أجل الحفاظ على الذاكرة الجماعية للشعب الجزائري، كما يجب على الحكومة ووزارة التربية أن ترفع من معامل التاريخ في شهادة البكالوريا حتى يهتم أبنائنا أكثر بمادة التاريخ . - ما هي كلمتك الأخيرة لهذا اللقاء ؟ ^ نحن في سنة 2020 والسؤال المطروح اليوم، ألسنا في الوقت البدل الضائع لكتابة تاريخنا ؟ أعتقد أنه لم يبق الكثير من الوقت وسنفقد حتما ما بقي من المجاهدين الذين يعدون مكاتب متنقلة من الذكريات واستمرارنا على هذا الحال سنندم على عدم نقلنا لشهاداتهم التي لا زال الكثير منها شفهي، يجب أن ندون ونكتب ما أمكننا من أحداث حتى نجسد شعار ديدوش مراد «إذا متنا حافظوا على ذاكرتنا» .