كشف المؤرخ و الإطار الجامعي العربي بوعمامة أن هناك حقائق يجب أن تصحح حول اندلاع الثورة التحريرية المظفرة ، مشيرا في اتصال مع «الجمهورية» أنه بحث في الأمر و توصل بشهادة بعض المجاهدين إلى جانب الفرنسيين أنفسهم أن انطلاق الثورة كان من منطقة سيدي علي 50 كلم شرق مستغانم في مساء 31 أكتوبر 1954 قبل دقائق معدودة على حلول منتصف الليل.و ذلك بعد اطلاق النار من طرف فوج من المجاهدين على احد المعمرين و هي الحادثة التي أكدها بعض المجاهدين الذين لايزالون على قيد الحياة . حيث تم الاعتراف بان أول رصاصة على مستوى الوطن خاصة في اندلاع الثورة التحريرية أطلقت بسيدي علي بمستغانم . بن مهيدي طلب من بن عبد المالك رمضان بالهجوم على الدرك عند 01.30 سا من صباح أول نوفمبر و تبدأ قصة هذه الرصاصة في يوم 02 أكتوبر 1954 أين زار العربي بن مهيدي مدينة سيدي علي بغية إخطار نائبه الشهيد بن عبد المالك رمضان عن تاريخ بداية الثورة المجيدة المقرر في الفاتح نوفمبر 1954 ابتداء من منتصف الليل أي عند الساعة الصفر و التي تكون فترة انطلاق العمليات الفدائية في كامل التراب الوطني. و طلب منه أن ينفذ هجوما على مركز الدرك الفرنسي على الساعة الواحدة و نصف صباحا من أول نوفمبر المصادف لعيد القديسين الفرنسيين . و خلال أيام 23 و 27 و 29 أكتوبر 1954 ، عقد الشهيد بن عبد المالك رمضان اجتماعا تحضيريا خاصة لعملية الهجوم على مركز الدرك الفرنسي بسيدي علي في الليلة الليلاء ( مثلما أطلق عليها الشيخ البشير الإبراهيمي ) داخل مغارة سيدي يوسف من اجل الاستيلاء على الأسلحة . فوج من المجاهدين يقتل معمرا فرنسيا أمام مركز الدرك الفرنسي و يضيف المؤرخ حسب شهادة بعض المجاهدين انه في يوم الأحد 31 أكتوبر 1954 و في ليلة مقمرة قرر معمران فرنسيان شابان الأول يدعى فرانسوا لوران و صديقه جون فرانسوا منداز الذهاب إلى مدينة مستغانم لقضاء سهرة آخر أسبوع المصادفة مع عيد القديسين عند النصارى الموافق للفاتح نوفمبر ، حيث توجها إلى إحدى الملاهي الليلية و لعدم ملائمة أجواء السهرة ، قررا العودة إلى مقر سكناهما قبل منتصف الليل ببلدية خضرة شرق مستغانم على الساعة الحادية عشر و نصف ليلا و عند وصولهما إلى مفترق الطرق بين بلديتي بن عبد المالك رمضان و حجاج لفت انتباههما ألسنة النيران تلتهم مزرعة المعمر المدعو «مونسونيغو» التي هاجمها الشهيد برجي عمر و فوجه عند الساعة العاشرة من نفس الليلة . و عند مرور السيارة التي كان على متنها المعمرين الشابين على موقع الحريق ، أطلق عليها الفوج النار فاخترقت الرصاصة الزجاج الأمامي و الواقي للسيارة . قبل أن يأمرهما صاحب المزرعة الذي كان متواجدا عند حافة أشجار الكروم بالابتعاد من المكان و طلب منهما إبلاغ الدرك الفرنسي بالمركز ..و هو ما جعلهما يسرعان نحو مقر الدرك بسيدي علي للتبليغ و هناك كان فوج آخرا من المجاهدين مختبئا بالقرب من المركز و لما وصل الفرنسيان إلى عين المكان و نزلا من المركبة ، أعطى المجاهد الميهوب الأمر بإطلاق النار عليهما فأصابت إحدى الرصاصات رأس المعمر لوران و كان ذلك قبل دقائق معدودة عن منتصف الليل بينما انسحب صديقه منداز حبوا إلى أن دخل إحدى منازل الدرك الفرنسي هروبا من الهجوم . و عقب انتهاء عملية مقتل المعمر الشاب دقت ساعة الكنيسة القريبة من مركز الدرك دقاتها الاثنا عشر معلنة عن تمام منتصف الليل. في حين انسحب الفوج في جنح الظلام سالما لا غانما بعد فشل محاولة الاقتحام والهجوم على ثكنة الدرك. و ضربوا موعدا صباح يوم الثلاثاء في المكان المسمى حجرة سي احمد بالطريق المؤدي إلى تازغايت لتقييم الوضع، ثم التوجه فيما بعد إلى غابة سيدي سليمان الواقعة في منطقة بني زنطيس، التابعة حاليا لولاية غليزان، لتقديم عرض مفصل حول ما وقع. و على اثر هذه العملية يؤكد العربي بوعمامة و بعض مجاهدي المنطقة يكون المعمر الفرنسي البالغ من العمر 22 سنة من بلدية خضرة ( التابعة حاليا لدائرة عشعاشة) أول قتيل من فرنسا في تاريخ الثورة التحريرية على مستوى الوطني في هذه الليلة . و بعد أربعة أيام من اندلاع الثورة استشهد البطل بن عبد المالك رمضان المدعو سي عبد الله يوم 4 نوفمبر 1954 ليكون أول شهيد يسقط في ساحة المعركة . «موقع فرنسي يصحح خبر أول قتيل فرنسي و يؤكد انه لوران بسيدي علي من جانبه ، تناول موقع فرنسي هذه الحادثة التي نقلها من مقال صحفي نشر بجريدة «ليكو دوران» و من بعض الشهود و الذي يثني من خلالها على المعمر الفرنسي فرانسوا لوران الذي أكدوا انه أول ضحية هجوم مسلح من الثوار الجزائريين منذ اندلاع الثورة و ليس المعمر غاي مونيروت الذي حسب الاعتقاد السائد انه هو أول ضحية بعد اندلاع الثورة ، كاشفا أن هذا الأخير قتل رفقة خطيبته في هجوم على حافلة نقل أين كانا متواجدين على متنها للسفر صبيحة أول نوفمبر 1954 ، بينما فرانسوا لوران قتل قبل ذلك بساعات قليلة و بالضبط حسب اعتقادهم على الساعة الواحدة و نصف من ليلة غرة نوفمبر. ليكو دوران تنقل الخبر : «اغتيال لوران فرانسوا بمستغانم» أما المقال الصحفي الصادر بجريدة «ليكو دوران» بعنوان.. «مستغانم : اغتيال لوران فرانسوا» فتمت الإشارة من خلاله انه في مساء 31 أكتوبر 1954 اجتمع فوج من الرجال بقيادة صحراوي و بلحميتي بمنطقة واد عبيد و أن صحراوي كانت بحوزته أسلحة من صنع ايطالي منحا له إياها برجي عمر ، حيث كان الهدف من هذا الاجتماع هو وضع خطة لتنفيذ هجوم على مركز الدرك بسيدي علي بداية من الساعة الواحدة ليلا من 1 نوفمبر 1954 و أشارت انه تم تقسيم الفوج إلى نصفين الأول بقيادة بلحميتي و الذي كان يضم كل من محنطل و بلكونان محمد و شوارفية . أحكام بالإعدام و الأعمال الشاقة في حق المجاهدين من طرف محكمة مستغانم بينما الفوج الثاني فكان تحت إمرة عبد القادر صحراوي و كان يضم كل من بلكونان الطيب و طاهر احمد و بلجيلالي يوسف و هو الفوج الذي كان قرب مركز الدرك الفرنسي قبل أن يتفاجأ بتوقف سيارة المعمرين الفرنسيين اللذان كان يريدان تبليغ الدرك بهجوم تعرض له المعمر المدعو ميرا صاحب المزرعة المحروقة . لحظتها أمر صحراوي بإطلاق النار عليهما. فيما كان الفوج الأول مختبئا على مستوى الطريق و حسب مقال الجريدة أن الثوار الذين وصفتهم بالإرهابيين أصابوا لوران فرانسوا و لم يتمكنوا من قتل صديقة منداز و أن هدفهم في الهجوم على مركز الدرك الفرنسي لم يتحقق . و أوضحت أن محكمة مستغانم في جلستها يوم 24 جويلية 1955 حكمت بعدها بالإعدام في حق كل من بلكونان الطيب و احمد طاهر و صحراوي عبد القادر بينما حكمت على بلحميتي وبالسجن المؤبد مع الأشغال الشاقة و 20 سنة سجنا في حق الآخرين شوارفية و بلكونان محمد مع الأعمال الشاقة أيضا. منداز رفيق لوران : «هذه قصة تعرضنا للهجوم مساء 31 أكتوبر 1954» و ينقل المؤرخ شهادة فرانسوا منداز الذي كان رفقة القتيل فرانسوا لوران الذي أكد فيها بأنه في ليلة 31 أكتوبر 1945 كان رفقة لوران و قررا أن يذهبا إلى مرقص بمستغانم متواجدة بنحو 75 كلم على بيكارد و هي خضرة و كان لنا موعدا بالفندق الكبير رفقة شابتين تقطنان بمستغانم و عندما لم تعجبنا السهرة ، قررنا العودة ليلا إلى المنزل ب بيكارد رفقة الفتاتين اللتان كانتا معنا في السيارة و كان لوران يقود المركبة من نوع 4 cv . و في الطريق لاحظنا رجلا ساكنا توقفنا عنده و طلب منا البحث عن الإنقاذ لان مزرعة تحترق لحظتها سمعنا طلقات الرصاص اخترقت زجاج السيارة و أصابت لوران بجروح ، إذ كان ينزف دما من الجهة اليسرى لجبهته و أسرعت بإخراج المنديل لأعطيه إياه و زدته آخر بغية مسح الدم و قد طمأنني لوران بان إصابته خفيفة لا تدعو للقلق قبل أن نقرر الذهاب إلى مركز الدرك للتبليغ. و عند وصولنا إلى هناك بدأنا نصرخ و نستعمل منبه السيارة حتى نلفت انتباه أعوان الدرك غير انه لا احد أجابنا لنتفاجأ بإطلاق الرصاص نحونا ، ما جعلني انبطح أرضا و لم أر سوى لوران لا يتحرك أبدا و بدأت اطلب النجدة دون جدوى لأقرر الفرار بجلدي حتى أدركت حارس ليلي كان يوجه بندقيته نحوي حينها شرحت له الوضع و طلبت منه استدعاء الطبيب من اجل لوران. لحظات بعدها يأتي زميله و يخربنا بأنه تعرض للاعتداء و تم سرقة بندقيته . قبل أن نتوجه إلى الطبيب الذي فحص لوران و طلب من الدرك تبليغ السلطات بالحادثة غير أن الدرك لم يتمكن من ذلك لان خيوط الهاتف تم قطعها رغم ذلك تم الاستنجاد سيارة لأخذ لوران إلى المستشفى بمستغانم بينما أنا كنت عند مركز الدرك لأخبرهم بتفاصيل الحادث.