سيفي يشرف رفقة فام مينه على التوقيع على عدد من الاتفاقيات    اجتماع تنسيقي متعدد القطاعات لبحث التدابير اللازمة للشروع في استغلال    الرئيس يستقبل الوزير الأوّل الفيتنامي    الجيش حاضر في صالون المناولة    الأعلى منذ الاستقلال    سيلفي رونالدو يغزو العالم    تصويت الجزائر على القرار الأممي تكريس للتوافق العام    الجزائر ساهمت في وقف الإبادة الصهيونية    فوز مُقنع.. وأداء يُبشّر بالخير    مولودية الجزائر وشبيبة القبائل تريدان انطلاقة موفقة    تمرين محاكاة لإنقاذ غريق    توقيف شقيقين يروجان السموم قرب مدرسة    التحوّل الرقمي أداة للتنمية والازدهار بالنسبة للجزائر    دعم الجزائر للأشقاء الفلسطينيين ثابت وراسخ    إرهابي يسلّم نفسه وتوقيف 8 عناصر دعم للجماعات الإرهابية    الجزائر تملك ثقلا استراتيجيا في إفريقيا والعالم العربي    الجزائر.. ثبات على العهد مع القضية الفلسطينية    موقف الجزائر من القضية الفلسطينية وازن ومتزن    11-11 خط أخضر للتبليغ عن الأطفال في حالة خطر    حاج موسى وشرقي وبلعيد أكبر الفائزين بعد تربص السعودية    شبيبة القبائل تنتقل اليوم إلى القاهرة    قانون الإعلام نموذجا    فائض في البذور وتوزيع جيد للأسمدة    محرز يَعد بالتألق في "الكان" ويتوقع النجاح في كأس العرب    نقاش حول آفاق استغلال المياه المصفّاة في الري الفلاحي    عرض فيلم "الشبكة"    في "أوركسترا الموت" كل موت هو بداية لسرد جديد    59 سرقة تطول منشآت طاقوية    "ديك الليلة" عمل مسرحي جديد لسيد أحمد سهلة    الجزائر تسعى للصدارة عالمياً في الأسبوع العالمي للمقاولاتية 2025    وزير العدل يؤكد تقدم قطاع العدالة في مسار الرقمنة خلال زيارة سكيكدة    توقرت تحيي الذكرى ال68 لاستشهاد البطلين محمد عمران بوليفة ولزهاري تونسي    عطاف: الجزائر تقود مساراً ثلاثياً لإيجاد حل سياسي شامل للأزمة الليبية    التين المجفف يقوي المناعة في شهر رمضان    دورات تأهيلية ل 734 حرفي بغليزان    من طعام البسطاء الى رمزية التقاليد الجزائرية    زروقي يشارك في مؤتمر التنمية العالمي للاتصالات    اختتام فترة المراجعة الدورية    وردة آمال في ذمّة الله    الأستاذ محمد حيدوش : شجّعوا أولادكم على مشاريع شخصية لبناء الثقة وتطوير المهارات    مشاركون في المهرجان الدولي للفيلم القصير بتيميمون.. دعوة إلى تطوير الصناعة السينمائية وتحسين أدائها    يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار    فريق عمل من "لوجيترانس" في تندوف    أحمد عطاف: مجلس الأمن لم يعتمد الأطروحات المغربية وملف الصحراء الغربية لم يطو    وسط ارتفاع المقلق لحالات البتر..التأكيد على الفحص المبكر لحالات مرض القدم السكري    حذر من الضغوط..آيت نوري يرسم طريق الجزائر في كأس أفريقيا    حوارية مع سقراط    تحسبا لكأس أفريقيا 2025.. 3 منتخبات إفريقية ترغب في إقامة معسكرها الإعدادي بالجزائر    عمورة ثالث هدافي العالم في تصفيات مونديال 2026    مدينة لايبزيغ الألمانية تحتضن تظاهرة ثقافية    فتاوى : أعمال يسيرة لدخول الجنة أو دخول النار    أبو موسى الأشعري .. صوت من الجنة في رحاب المدينة    آية الكرسي .. أعظم آيات القرآن وأكثرها فضلا    ورقلة.. يوم دراسي لتعزيز ثقافة الاتصال داخل المرافق الصحية العمومية    وزير الصحة يبرز جهود القطاع    دعوة إلى تعزيز حملات التوعية والكشف المبكر    إبراز قدرات الجزائر ودورها في تعزيز الإنتاج الصيدلاني قاريا    دعاء في جوف الليل يفتح لك أبواب الرزق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثراء اللغة العربية هل هو نقمة عليها ..؟
مساهمة / في اليوم العالمي للغة الضاد
نشر في الجمهورية يوم 19 - 12 - 2020

لستُ خبير لغات ولا متبحراً في معادلاتها وكل ما أجيده منها لا يتجاوز أربعاً هي للحياة وللمهنة ولبعض الإبداع الذي تجود به الظروف، على رأسها العربية بطبيعة الحال، وتلك الفرنسية التي رافقتني صغيراً والإنجليزية التي كثيراً ما تصاحبني في المهنة ومن ثم الأوردية التي غدت بدورها جزءاً يومياً تقريباً ضمن عملي في ورشات العمل الهندسي مع العمالة هناك.
- وبقدر اقترابي التاريخي كذلك ولأسباب ثقافية بحتة من العديد من اللغات الأخرى منذ زمن رحت أزداد اعتقاداً بأنه لا لغة في العالم قديمة أو حديثة أخرج لغويوها للدنيا مؤلفات في النحو والصرف والبلاغة والمعاجم والأساليب فوق ما فعل العرب وأصدقاؤهم من المحبين والمريدين لها أكثرهم كان من العجم كما يبدو ولأسباب شتى ربما يكون العامل الديني أهمها نظراً لارتباطها الوثيق بالعقيدة التي اعتنقوها ذات يوم..
- وفي هذا يمكن أن نتساءل مثلاً عندما يقول لنا التاريخ بأن واحداً مثل بن جني قد قضى من عمره أكثر من أربعين سنة يتعلم النحو والصرف وحدهما، أو آخر مثل الفراهيدي البصري الذي كان ومن أجل تطويرها (أي اللغة العربية) زاهداً في الأخصاص كما يقال وتلاميذه يأكلون الخبز ببعض علمه (اللغوي) من وراء ذلك ويروجون لكتبه كالعروض والإيقاع أو (النقط والتشكيل) أو (معاني الحروف) أو غيرها من المؤلفات التي تركها، أو الأزهري الهروي الذي مات ولم يُكمل مشاريع كتبه مثل (علل القراءات) أو تفسير إصلاح المنطق أو (معجم تهذيب اللغة) أو غيرها، أو ذلك الملقب بالحسن الصفائي (الهندي) الذي ترك لهذه اللغة ثروة لا تقدر تمثلت في كتب (العروض) و(الفحول) و(الأضداد) و(أسماء العادة) وغيرها، وغيرها من جبال المؤلفات اللغوية لغيرهم والتي تكدست إرثاً صلباً لم يكن من السهل التعامل معه أو الاستفادة منه بقدر بعض الجهد الذي بُذل من أجل إنجازه، ومن ثم يمكن القول: ماذا يعني لنا مثلاً إذا كانت هذه العربية تحتوي على (12) مليون مُفردة كما تقول الإحصائيات مقارنة بغيرها، وهي كما نرى الأكثر غزارة بالنسبة لكل لغات العالم الأخرى بينما نسبة تأثيرها تظل محدودة، فقط لأن فرص مشاركتها في تدريس المعارف والعلوم وإجراء الأبحاث العملية والنظرية شبه منعدمة عدا في قلة من البلاد العربية التي يحاول مجتهدوها ونخبتها إدخالها في المنظومات المسيطرة مثل بقية اللغات .
ونذكر في هذا الصدد جهود الأشقاء في المشرق العربي وبالأخص سوريا التي قطعت في الموضوع أشواطاً متقدمة عندما نبذت الكسل والتواكل في الأمر ، وراحت تشارك في التحليق الحر للحرف العربي دون رهبة أو عقد.. أو ليست اللغات تحلق بالأمم والشعوب التي تنتسب إليها، وكذلك الحضارات؟ ، فكانت سباقة في الكثير من الميادين إلى تأسيس الأرضية الصلبة لحوار فكري فاعل في التنوير والتأثير وكذلك التجهيز لصناعة متقدمة في المجالات كافة مقارنة بغيرها من البلاد العربية..
- فهل يحق لنا كجيل في هذه الأيام أن نتساءل عما فعلت الأمة بمحيطات المؤلفات اللغوية وعلومها تلك؟ ، هل نحن أمام ثروة أم كارثة أتعبت حتى مستودعات أدق الحواسيب الحديثة وأضخمها بالضبط كما أتعبت أرفف الخزائن القديمة من فرط التجميع والرص والتخزين؟، ويُضاف إليها كما نعلم الآلاف المؤلفة من مجلدات الشعر والتاريخ والفلسفة التي كنا كذلك نعتز بها في المحافل داخلاً وخارجاً،وقد كانت بالإضافة إلى تركة علماء الطب والفيزياء والفلك من أهم المصادر القوية والواثقة لنهضة أوروبية عرفت جيداً كيف تستثمرها وتخرج منها إلى العالم بهذا البذخ العلمي والفكري المبهرين، ولكنها ظلت عند العرب ميراثاً شبه ميت حظه أن يظل في مأمن من الغبار على الرفوف النائية لا غير، تصحو فقط كلما اقترب منها علماء الآثار وهواة التحف وأمثالهم لغياب الاستعمال أو التحديث حتى غدت كجزر بعيدة نرنو إليها بالعين الحائرة فتتضاعف حيرتنا كل يوم لأننا لا نعرف بالضبط ماذا سنفعل بها..
أهمية العربية كلغة وظيفية ومهنية :
- والسؤال الذي يجب أن يُطرح بجدية كلما جال بالخاطر موضوع المخزون ذلك: إلى ماذا يمكن أن يدفعنا إحساسٌ كهذ ا لا يورث سوى الاكتئاب؟.. فهل اللغة هوية مثلاً؟.. ربما ، ولكن الهوية (أية هوية) ستفقد مقوماتها مع تراكم الضعف ومعادلات الحياة كما نعلم، وتلك كانت جريمة الجهل والتخلف وفائق الغرور والاستبداد الذي ارتكبه العرب في حق ذواتهم في الميادين كافة وليس فقط في حق هذه (اللغة الهوية) التي أبهرت كل من اقترب منها، ومن جملة عناصر فتنتها وقوتها التي استخدمت ضدها فيما بعد يميناً وشمالاً وفي كل الاتجاهات إن قوة اللغة (أية لغة) كما يقول العلماء دائماً تشبه قوة الجاذبية المعروفة وأجيال اليوم مع الأسف لم يعد هناك الكثير مما يجذبها في تلك اللغة، إلا إذا أعيدت تلك الجاذبية إلى الهوية ، وهذا لن يكون إلا بالإرادة السياسية الواعية والعالمة والعاملة على تحويل مخزون قواعد اللغة إياه إلى معادلات فيزيائية واليكترونية وميديا وفكر حديث يناسب العصر بالضبط كما فعلت كل الأمم المحترمة التي عاملت لغاتها بالتقدير والرقي اللازمين.
- بقي فقط أن نذكر بأمرين اثنين في الموضوع: أولهما المطالبة بالعمل على تداول هذه العربية الجميلة كلغة وظيفية ومهنية فقط وليس شيئاً آخر.
- وثانيهما مداومة الحرص على وحدتها كفصحى لتفادي ما حدث لغيرها مثل اللاتينية التي تحولت إلى لهجات غدت بدورها لغات كالإيطالية والإسبانية والفرنسية وغيرها خوفاً من تشكيلة الدعوات التي سمعنا عنها منذ القديم بتبني العاميات المشوهة التي تؤدي حتما إلى الاندثار وقيام الكيانات المتناحرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.