تسبب ارتفاع أسعار حديد البناء بنحو 50 بالمائة، خلال ستة أشهر الأخيرة، في خسائر يتحملها خصوصا المرقين والمقاولين وتجار مواد البناء وحتى الناقلين من أصحاب الشاحنات العاملين، في نقل هذه المادة لفائدة المؤسسات والخواص، فضلا عن الشباب العامل في حمل هذه المادة عند شرائها، من لدن الزبائن نتيجة تقلص العمليات التجارية الخاصة، بشراء وبيع حديد البناء بما يزيد عن 80 بالمائة، حسبما أكده لنا التجار ممن التقينا بهم، خلال الجولة الاستطلاعية، التي قادتنا إلى الحاسي و"كنستال" بالقرب من محور الدوران المعروف بتجارة مواد البناء، وكذا العديد من مؤسسات البناء، المتوقفة لهذا السبب في وقت يتعذر عليهم، مباشرة إجراء مراجعة قيمة الصفقات التي حازوا عليها بالأسعار السابقة ما سينتج عنه، لا محالة تأخر العشرات من مشاريع التجهيزات العمومية، ومنها المؤسسات التربوية لعدم تمكن المقاولات المكلفة بها، من إتمام الاشغال، وهم يعرفون بأن أرباحهم المحدودة في الأصل ستتقلص، هذا ويعتبر نشاط مواد البناء، مساهما فعالا في تشغيل عدد كبير من الشباب، الناشطين في النقل والحمل وحتى البناء، بما فيهم الأفارقة غير أن الزيادة الهامة، التي عرفتها أثمان بيع هذه المادة، منذ عدة أشهر حسبما صرح به لنا هؤلاء، تسببت في خسائر مادية لهم نتيجة محدودية المداخيل، التي لا يكادون يحققونها اليوم، خاصة وأن الارتفاع في مادة حديد البناء، كان تدريجيا في البداية ثم أصبح مباشرا، بحجة تقلص العرض وتراجعه في الآونة الأخيرة، ويتوفر اليوم حديد البناء بسعر 12700 دج للقنطار الواحد، فيما كان سعره سابقا يقدر ب 6 آلاف دج، يعني (زيادة بالضعف) وهذا بالنسبة لحديد البناء بقطر 12 ملم وهو الأكثر طلبا في السوق، وهي نفسها الأسعار تقريبا التي يباع بها حديد البناء بقطر 14 و16 ملم، وهو أمر اشتكى منه كثيرا التجار والمقاولين على وجه التحديد. كيس الإسمنت ب450 دج وصرح لنا التجار بأن مداخيلهم تراجعت، وأصبحت مقتصرة على نشاط بيع الاسمنت، الذي لا تزال قيم بيعه كما كانت أي 450 دج لكيس 50 كلغ، وكذا بقية مواد البناء الأخرى غير أن ارتفاع أسعار الحديد، أوقف أشغال المئات من الورشات، وبالتالي فإن الاقبال على بقية مواد البناء، هو الآخر تقلص كثيرا وصرح لنا ممثلون، عن عديد مؤسسات البناء والمرقين بأنهم تضرروا فعلا من هذه الوضعية، وقال لنا السيد ابراهيم لخضر افواتيح ، ممثلا عن شركة "افواتيح" للبناء بأن مشكل زيادات أسعار حديد البناء، يتواصل منذ أزيد من ستة أشهر وقد أعاق استكمال العديد من المشاريع، وخاصة التجهيزات العمومية، التي يجد فيها صاحب المؤسسة نفسه حائرا، بين إلزامية احترام المواعيد وضبط تكاليف البناء ضمن سقف قيمة الصفقة، التي لا يمكن حتى مراجعة قيمتها، مع تغير معطيات السوق منذ تاريخ حصوله عليها، وبالتالي فإن العديد من المشاريع ستتأخر في حال عدم التدخل واحتواء هذا المشكل المطروح حاليا بحدة، ومن المؤسف أن تجد مؤسسات رائدة معروفة بالجدية والالتزام بالمواعيد نفسها، في هذه الوضعية ما قد يجعلها في خانة المخلة بالالتزامات، رغم كون السبب هو مشاكل وعراقيل أخرى خارجة عن نطاقها، ومنها بالتحديد عدم تسوية وضعياتها المالية، وصرح لنا ممثل عن اتحاد المرقين بأن مشكل ارتفاع أسعار الحديد، سيتسبب فعلا في خسائر فادحة للمؤسسات والمواطن، لأن مشاريع المرافق ستتأخر ومشاريع السكنات الجديدة وخاصة الترقوية سترتفع أكثر وسيكون المواطن هو الضحية، وحتى المرقي لتأخر تمكنه من بيع ما يتوفر لديه من سكنات بسرعة لارتفاع الأسعار، وبالتالي فإن المشكل سيكون له تبعات وخيمة على السوق، وحتى على القدرة الشرائية، التي تسبب ضعفها أيضا في تعقيدات أخرى، منها غلاء اليد العامة رغم توفرها والتي أصبحت قيمتها مضاعفة عما كانت عليه سابقا، وهذا راجع لضعف القدرة الشرائية التي جعلت العامل اليومي من بناء وكهربائي وعامل التحميل وغيرها، يطلب أتعاب مضاعفة بحجة الغلاء والذي يعتبر فعلا حقيقة ستنعكس على باقي المتطلبات .