يكاد المستهلك الجزائري الذي خارت قواه أن يُعلن انهزامه ويرفع راية الانسحاب أمام جيوش الاحتكار و المضاربة التي تشنّ حربا ضروسا ليس ضدّه فحسب بل ضدّ كل ما يعترضها في الجبهة المقابلة بأسواقها و قوانينها و مؤسسات الرقابة، و حتى الاقتصاد الوطني صار مستهدفا هو الآخر ربما لأنه يشكل تهديدا لهذه الجيوش و يضرب أمنها المالي و استقرارها الريعي، فصارت بالفعل حرب استنزاف اشتدت رحاها و امتدت فلم يُعرف أولها من آخرها و من الذين يقفون خلفها و لا حتى الدوافع التي جعلتهم يُكنون كل هذا الحقد للمستهلك و هم يدركون أنه بقي وحيدا، الأسواق بالنسبة له هي ساحة الصراع و لا يكاد يضع موطئ قدم فيها حتى يُهزم شرّ هزيمة ،فالانتكاسات و الهزائم تتوالى و هو كلّما حاول العودة من جديد بعُدّة و تخطيط لن يلقى سوى الخيبة فسلاح التضخم المستعمل من آخر جيل ،يصيب الأهداف دائما و بأقل الأضرار ،عدوّه يبقى مبنيّا للمجهول فكلما اشتكى المواطن من عبء الغلاء كلما زاد و التهب ،يقولون بأن الفلاح بريء و التاجر كذلك و وكيل الجملة لا علاقة له بالموضوع كما لا أحد يتهم المنتج فهو فوق كل الشبهات و كالعادة المضاربون و المحتكرون و الوسطاء هم المتهمون لكن من هؤلاء و لصالح من يعملون ، افتعال الندرة هو آخر أسلحتهم لتحقيق الأهداف و بسط السيطرة على الأسواق كلها و بالأخص أسواق المواد الغذائية المدعمة التي تحميها الدولة و تصرف من أجلها أموالا طائلة للحفاظ على كرامة الفئات الهشة ، فلماذا تمسّ الندرة فقط هذه المواد كحليب الأكياس و زيت المائدة و الدقيق و غيرها؟ و لا نراها في كل المواد الاستهلاكية الأخرى ،فأصحاب الملبنات ينتجون الحليب المقنن و معه المشتقات كذلك و مصانع الزيت لها منتجات أخرى لم تحدث بها أي ندرة و نفس الشيء بالنسبة للدقيق فهل هو أسلوب الضغط لأجل تحرير الأسعار المسقفة أم مجرد نزوة منتجين أم تحايل على الرقابة و تآمر ضدّ المواطن ،فالعديد من المواد الأساسية المسقفة اخترقت أسعارها بنفس الأسلوب فإلى متى تبقى المضاربة تُقيد ضدّ مجهول.