انعقاد دورة رابطة علماء و أئمة الساحل في الجزائر التطرف .. ايديولوجية لا تؤمن بالآخر فكريا و عقائديا و بالتالي تعمل على الغائه وجوديا من خلال محاربة أفكاره و الوصول إلى إبادته جسديا حينما تسمح الفرصة بذلك . و لا يقتصر التطرف على الاختلاف في العقيدة بل الرأي و الفكر و غالبا ما يغلب التعصب على الفكر التطرفي فيمتد عدوانه إلى التراث و الحضارة و بالتالي يصبح الأفراد و المجموعات عدو المتطرفين المؤمنين بضرورة محو كل ما و مَن يخالفهم الرأي و المعتقد تحث طائلة احقاق الحق " بمنظورهم " و ابطال الباطل و دائما يتم ذلك بالقوة و استعمال العنف من أبسطه إلى أعقده فيتولد الارهاب ، هذه الآفة التي صارت عابرة للأوطان ، لا دين لها و لا حدود ، خاصة أنّها في كثير من البلدان تجد المناخ الذي يغذيها من تهميش و استفراد بالثروات و استحواذ على الريع و ممارسة للإقصاء في حق الشعوب أو الأقليات و غلق مجال النشاط السياسي . بدلا من اعتبار أنفسهم متطرّفين متعصبين متزمتين ، أولئك الموصومين بهذه الصفات يميلون لرؤية الحاجة للأعمال المتطرّفة في حالة معيّنة. و يتجلى نشاط التطرف في مجالات عديدة من ترهيب الفكر إلى الاغتيال الجسدي ، في حين أنّ صوره كثيرة أيضا تمتد من التمييز العنصري إلى تكفير الآخر و من الاستبداد إلى إثارة النعرة و الطائفية التي تغذي الحرب على الدولة المركزية من خلال الانخراط في الإرهاب . و منذ ركوب الجماعات المتطرفة موجة الارهاب و الابادات الجماعية مستندين إلى الفكر الأصولي الذي يتغذى من مراجع فكرية كابن تيمية الممنوعة كتبه في كثير من البلاد الاسلامية فهذا الأخير يذكر : إيّاكم و الغلو في الدين . مصداقا لقول النبي محمد : "هلك المتنطعون " أي الذين يبالغون في القول و الفعل. النخبة و الطريق إلى الاقناع و لا يذكر التاريخ مجالا تورط فيه التطرف كما هو الشأن بالنسبة للدين و المعتقد بصفة عامة فذلك المشتلة التي ترعرعت و نشطت فيها كل أنواع التطرف باعتبار أن المعتقد هو الوتر الحساس لدى الفرد والعلامة الفارقة ضمن عناصر هويته . لقد جابه العلماء المسلمون خاصة هذه الظاهرة التي تبنتها عديد المجموعات إن كان في الماضي البعيد أو الحاضر بالدعوة إلى الوسطية و التي غالبا ما تنحو نحوها الدولة أو المجتمع الفكري المتمثل في النخبة ( بمفكريها و أئمتها و دعاتها ...) من أجل احلالها كفكر معتدل يجنب المجموعة الوطنية التصادم و المواجهة و تتوغل الوسطية كاعتدال من خلال قوة الاقتراح و اعطاء البديل الذي يتضمنه أولا الخطاب المتوازن و الذي لا يلغي أيّا كان إلّا مَن ألغى نفسه بالتوجه نحو العنف . و كمظهر متحضر من مظاهر تكافئ الفرص في عديد المجتمعات صارت الأحزاب الدينية المعتدلة تصل إلى سدة الحكم و تشكل الجهاز التنفيذي و تلتزم ببرامج الدولة التي تسير في سياق محيطها الاقليمي و الدولي ، أو تشكل جزءا من الحكومة لممارسة دورها في العمل السياسي باعتبارها في أغلب الأحيان موجودة في الحياة التشريعية حيث تعبّر عن رأيها. و رغم الحملة الشعواء التي يشنها غير المسلمين - و بعض المحسوبين على الاسلام -على هذا الدين من خلال اتهامه بالتطرف و الراديكالية و عدم قدرته على التعايش مع الديمقراطية و مسايرته لمطالبها و تصديره الارهاب بعد الصورة النمطية التي وضعه الارهابيون في قالبها فإنّ الاسلام كفكر و ممارسة يتجلى فيه يقينا الأسلوب الوسط و الاعتدال في التعامل مع مسائل الدين و الدنيا.