دعت الجزائر، اليوم الخميس من نيويورك، إلى تعزيز قدرات الدبلوماسية الوقائية بشكل كبير، كوسيلة فعّالة لتهدئة التوترات المتصاعدة ومنع نشوب الصراعات. جاء ذلك في كلمة ألقاها توفيق العيد كودري، المندوب الدائم المساعد للجزائر لدى الأممالمتحدة، خلال جلسة إحاطة عقدها مجلس الأمن. وأكد كودري أن التحديات المتزايدة والمعقدة التي تواجه السلم والأمن الدوليين تتطلب تعاوناً أعمق واستراتيجياً بين الدول والمنظمات الإقليمية والدولية، مشدداً على أهمية تعزيز الآليات الوقائية والدبلوماسية الهادفة إلى احتواء الأزمات قبل تحولها إلى نزاعات مفتوحة، خاصة في الدول النامية، حيث تكون العواقب الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية وخيمة. وأشار كودري إلى أن منظمة التعاون الإسلامي تملك قدرات مهمة في مجال الوساطة الإقليمية، داعياً إلى استثمار هذه القدرات بشكل أفضل وتعزيز التعاون بينها وبين الأممالمتحدة في مجالات مكافحة الإرهاب، حفظ السلام، وإعادة البناء بعد الصراعات. واعتبر أن هذا التعاون يشكل عنصراً أساسياً للنهوض بشراكة استراتيجية تُسهم في ترسيخ الاستقرار على الصعيد الدولي. وفي هذا السياق، ذكّر الدبلوماسي الجزائري بأن الجزائر، العضو الفاعل في منظمة التعاون الإسلامي، تؤمن بأهمية تعزيز الحوار والتسامح بين الثقافات والأديان، مبرزاً أن المنظمة تأسست عام 1969 كرد فعل مباشر على الهجوم الذي أدى إلى إحراق المسجد الأقصى، ما يعكس جذورها في الدفاع عن القضايا العادلة وعلى رأسها القضية الفلسطينية. وفي هذا الإطار، ندد كودري بما يتعرض له الشعب الفلسطيني من كراهية وتمييز وحرمان ممنهج من حقوقه، مؤكداً أن تلك الممارسات لا تزال مستمرة وتشكل اعتداءً مستفزاً على القيم الإنسانية. كما جدد التأكيد على موقف الجزائر الثابت والداعم لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، والعيش بكرامة وحرية وأمن. واعتبر كودري أن تعزيز الحوار بين الأديان والثقافات لم يعد خياراً بل ضرورة حتمية في عالم يشهد تصاعداً لخطابات الإقصاء والتفرقة، مشيراً إلى أن منظمة التعاون الإسلامي والأممالمتحدة "حليفتان طبيعيتان" في هذا المجال. وأشاد بالخطوات الإيجابية المتخذة مؤخراً، على غرار إعلان يوم 15 مارس يوماً دولياً لمكافحة الإسلاموفوبيا، واستحداث منصب مبعوث أممي خاص بهذا الملف. وختم المندوب الجزائري بالتأكيد على ضرورة إضفاء المزيد من الديناميكية والطموح والتنسيق على الشراكة بين منظمة التعاون الإسلامي والأممالمتحدة، بما يخدم الأهداف المشتركة المتمثلة في السلام والأمن والتنمية المستدامة والكرامة الإنسانية.