"الجنرال... مدرّب متشدّد... صارم... مدرب سيقوم بطرد كل من يتجاوز حدوده... ستكون له مشاكل مع اللاعبين في صورة غزال وغيره..." إلى غيرها من الكلمات والعبارات التي إستعملها العام والخاص في الجزائر منذ تعيين عبد الحق بن شيخة مدربا للمنتخب الوطني خلفا لسابقه رابح سعدان، هي أوصاف وأحكام في آن واحد لم يصدقها من يعرفون الرجل، ممن تعاملوا معه في الأندية التي سبق له أن أشرف على تدريبها في أرض الوطن، كشباب بلوزداد، مولودية الجزائر وإتحاد الحراش وغيرها، لكنها أثرت بعض الشيء في نفسية اللاعبين المحترفين الذين منهم من صدق الخرافة مسبقا، وحضر التربص والخوف يتملكه من التعامل مع مدرب صوّره البعض لهم بأنه "غول زمانه"، لكنهم إكتشفوا عكس ذلك بمجرد أن وطأت أقدامهم فندق "بني مسوس" العسكري منذ سهرة الأحد الفارط، أين إكتشفوا رجلا عكس الرجل الذي حدّثوهم عنه، وأخافوهم به. كلام مفهوم، رسائل واضحة، خطاب قوي ومؤثر وفضلا عن حفاوة وحرارة الإستقبال الذي خصهم به بن شيخة لدى وصولهم إلى فندق بني مسوس واحدا واحدا، فإن جلسة التعارف التي جمعته بهم مجموعات مجموعات أو فردا فردا عندما كانوا يلتحقون بالتربص، جعلتهم يكتشفون شخصا آخر عكس ذلك الذي سمعوا عنه من قبل، فاللاعبون أعجبوا كثيرا بكلام بن شيخة المفهوم والموزون، ورسائله الواضحة أيضا، بل وبخطابه المؤثر والقوي للغاية، وهو الخطاب الذي طالما كان سرّ نجاح هذا المدرب مع كافة الأندية التي أشرف على تدريبها، خطاب يرغب بن شيخة في بعث الروح من خلاله في لاعبيه الجدد، لعل وعسى يسترجعون به تلك الروح التي تحلوا وتسلحوا بها في الإقصائيات المزدوجة لكأسي إفريقيا والعالم 2010، وفي مباراتي كوت ديفوار وإنجلترا. حتى في التدريبات وجدوا ضالتهم معه وحتى التدريبات لم تفقد طعمها ونكهتها، وحافظت على نفس الأجواء الرائعة التي كانت تميزها في عهد المدرب السابق سعدان، ما يؤكد أن بن شيخة لم يفرض نظاما عسكريا على لاعبيه لا في الفندق ولا في الملعب أثناء التدريبات، فإلى حدّ كتابة هذه الأسطر فإن منتخبنا خاض ثلاث حصص تدريبية، جرت في ظروف رائعة وأجواء حميمية بين المدرب ولاعبيه، ما يعكس أن علاقة الصداقة والود بين الطرفين بدأت تبنى باكرا منذ الآن. وفّر لهم كل ظروف الراحة وغرفة لكل لاعب بن شيخة سهر أيضا على راحة لاعبيه حسب ما علمناه من داخل أسوار الفندق العسكري، وخصّ كل لاعب من لاعبيه بغرفة خاصة به يقيم بها لوحده، وذلك حتى يجد كل لاعب ضالته وكامل راحته وهو لوحده، وهي نفس المنهجية التي ينتهجها الكبار في أوروبا سواء على مستوى المنتخبات أو الأندية الكبيرة، حيث يقيم 18 أو 22 لاعبا عندما يتعلق الأمر بمثل هذه التربصات أو المباريات كل واحد في غرفة خاصة به، مهما كان عددهم. الهدف إجبار اللاعبين على التركيز الشديد للمباراة ويكون بذلك بن شيخة قد ضرب عصفورين بحجر واحد، لأنه من جهة وضع للاعبيه كامل ظروف الراحة التامة، ومن جهة ثانية أجبرهم بطريقة غير مباشرة على صب كامل تركيزهم في المباراة التي تنتظرهم، لأنه يدرك أن تواجد كل لاعب في غرفته، سيجعله مرتاحا من جهة، ويجعله يفكر في المباراة أكثر مما قد ينشغل بسرد الحكايات إن تم الجمع بين لاعبين اثنين أو ثلاثة في غرفة واحدة. اللاعبون فيما بينهم: "سنساعده وننجح معه" وقد خرج اللاعبون حسب مصادرنا الخاصة في ظرف ثلاثة أيام بإنطباع وحيد، وهو أن المدرب بن شيخة يتمتع بشخصية قوية، وأهل لتولي العارضة الفنية للمنتخب الوطني، في إنتظار وقوفهم على كفاءته المهنية من خلال ما سيعرضه عليهم من أطباق تكتيكية ينتهجونها بدءا من اللقاء المقبل، كما أنهم أجمعوا على ضرورة تقديم يد المساعدة له في بدايته حتى ينجح في مهامه، خاصة وأن نجاحه هو نجاح لهم وللمنتخب وللجزائر ككل.