قانون معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي.. التعديل يهدف إلى الانخراط في المسعى الدولي للتعاون القضائي    الجزائر- السعودية : بحث سبل توطيد التعاون الأمني الثنائي    غليزان.. توقع إنتاج قرابة 2.2 مليون قنطار من الطماطم الصناعية    المشيخة العامة للصلح في إفريقيا : إشادة بمواقف الثابتة للجزائر في نصرة القضايا العادلة    انطلاق فترة تقديم طلبات النقل للأساتذة والمديرين    تيبازة : الأمن الوطني يتدعم بهياكل أمنية جديدة    ربيقة يشرف على افتتاح ملتقى وطني    نستهدف استقطاب 4 ملايين سائح    اتفاقية بين "سونلغاز" و"بريد الجزائر" للتسديد الإلكتروني لفواتير الكهرباء    عقد اتفاقية "قبل نهاية يوليو الحالي" مع البنوك لمنح قروض للفلاحين لإنجاز غرف التبريد    المكونات الثقافية للجزائر عامل هام في الترويج السياحي    المستوطنون يتوحّشون في الضفة    لماذا يبدو ترامب ضعيفا أمام بوتين؟    استنكار حقوقي وسياسي واسع    الصفقات الأغلى في إنجلترا..    الجزائر تستضيف الألعاب المدرسية الإفريقية الاولى من 26 يوليو إلى 5 أغسطس 2025    وزارة الصحة تحيي اليوم العالمي للسكان    زيارات ميدانية عبر الولايات السياحية    ضبط قنطار الكيف مصدره المغرب    شايب: الجزائر فاعل مهم إقليمياً ودولياً    لا حضارة دون نخب حكيمة تجيد البناء الجماعي الجزء الثاني    شرطان لا يصح الإيمان إلا بهما    وضع حجر أساس مشروع إنجاز وحدة لإنتاج المادة الأولية لصناعة الأدوية المضادة للسرطان بسطيف    الصحراء الغربية: الابتزاز الذي يقوم به المغرب دليل على فشله في تكريس سياسة الأمر الواقع    كرة القدم: مشاركة 25 مترشحا في التكوين الخاص للحصول على شهادة التدريب "كاف - أ"    تلمسان: السيد مراد يشدد على ضرورة رفع مستوى اليقظة لحماية الثروة الغابية من الحرائق    لا خوف على "و ديعة الشهداء" في عهد "الجزائر المنتصرة    موجة حر على العديد من ولايات الوطن    العرض الأولي لفيلم "دنيا" بالجزائر العاصمة    يشارك في أشغال البرلمان الإفريقي بجنوب إفريقيا    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني    المهرجان الثقافي الدولي للرقص الشعبي بسيدي بلعباس: تواصل السهرات مع إقبال جماهيري غفير    رفح.. بوابة الجحيم القادمة؟    الاستثمارات في الصحراء الغربية تدعم انتهاك المغرب للقانون الدولي    ندوة للصحفيين والإعلاميين حول تقنية الجيل الخامس    استشهاد 76 فلسطينيا في غارات للاحتلال على قطاع غزّة    تتويج المولودية    حلول مستعجلة لمشاكل النقل والمياه    مساع حثيثة لتطوير الزراعات الزيتية وتجربة أولى لإنتاج "الصوجا"    مشروعي إنشاء منصة رقمية للتحكم في المياه الجوفية ببسكرة    المدرب البوسني روسمير سفيكو يلتحق بشباب قسنطينة    موكوينا لقيادة العارضة الفنية ل"العميد"    وفد "الكاف" ينهي تفتيش مرافق البلدان المستضيفة    ملتقى فكري حول مسرحية الممثل الواحد في نوفمبر    توثيق وإعلام لحفظ ذاكرة الملحون    سهرة ثالثة تنبض بالبهجة    لجنة تفتيش من الداخلية بوهران    المنتخبون ينتفضون لتغيير الوضع القائم    اختتام المرحلة النهائية بوهران    المسابقة الوطنية الكبرى للقفز على الحواجز نجمتين وثلاث نجوم من 16 إلى 19 يوليو بوهران    فضائل ذهبية للحياء    تلمسان ستصبح قطباً صحّياً جهوياً بامتيازّ    نجاح موسم الحجّ بفضل الأداء الجماعي المتميّز    وزير الصحة: تلمسان على أبواب التحول إلى قطب صحي جهوي بامتياز    تكريم وطني للطلبة المتفوقين في معاهد التكوين شبه الطبي بتلمسان تحت إشراف وزير الصحة    من اندر الاسماء العربية    هذا نصاب الزكاة بالجزائر    جامع الجزائر : ندوة علميّة تاريخيّة حول دروس عاشوراء وذكرى الاستقلال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الذكرى الأربعين لتأسيس الاتحاد العالمى للمدارس العربية الإسلامية
نشر في الحوار يوم 16 - 07 - 2017

محمد مصطفى حابس: جنيف / سويسرا
الصيف فصل راحة ووقت استجمام لكل التلاميذ والطلبة والمدرسين، إلا أنه بالنسبة لبعض المؤسسات التربوية والمدارس الحرة التي تحضّر البرامج والمناهج والكتب والأقراص المدمجة لا تعرف للراحة سبيلا، إضافة إلى تنقلات المشرفين بين المدن في ورشات التكوين والتأهيل والإشراف، كل ذلك لأن أدبيات ودراسات وبحوث "الاقتصاد" بمفهومه الواسع، تؤكد على أن التعليم "تجارة رابحة على طول العمر"، كما يقول العلامة الدكتور توفيق الشاوي، رحمه الله، و هو من مؤسسي البنك الإسلامي للتنمية، وبنك فيصل الإسلامي، وصاحب ما يربو عن 30 مؤلفا، منها سلسة كتب عن الاقتصاد الإسلامي.
* التعليم والتنمية وجهان لعملة واحدة محورهما وغايتهما الإنسان
لا لشيء إلا لأن التعليم بالنسبة لأمة إقرأ – في نظر "أصحاب اتحاد المدارس"- هو حجر الأساس، وهو محور التنمية، وأن نجاح أي عملية تنموية يعتمد في الأساس على نجاح النظام التعليمي في هذا المجتمع أو ذاك، فالتعليم مفتاح التقدم وأداة النهضة ومصدر القوة في المجتمعات. ويعتبر التعليم والتنمية وجهين لعملة واحدة، فمحورهما الإنسان وغايتهما بناء الإنسان وتنمية قدراته وطاقاته من أجل تحقيق تنمية مستدامة شاملة تنهض بالفرد والمجتمع إلى مقام الدول المتقدمة. ويعدّ التعليم من أهم روافد التنمية وعناصرها الأساسية، فالمجتمع الذي يحسن تعليم وتأهيل أبنائه ويستثمر في الموارد البشرية ويؤهلها للإشراف على عملية التنمية وإدارتها، جدير بالتقديس و الاحترام، إذ لا تنمية من دون قوى بشرية متعلمة ومؤهلة. والنظام التعليمي هو المحرك الإستراتيجي والمحوري والأساسي في عملية التنمية وتأهيل وتكوين الكوادر في مختلف التخصصات والمجالات قصد النهوض بالدولة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وثقافيا…إلخ.
* مدارس "المنارات" استثمار في البشر وللبشر
ومادام محفز بعث مدارس "المنارات" العربية، تأكيد مؤسسيها على "أن عملية التعليم والتعلم والتكوين والتأهيل هي استثمار في البشر وللبشر "، وهذه المقولة هي عين إستراتيجية الثنائي المؤسس لها، كل من الدكتور توفيق الشاوي (1918 /2009)، والأمير محمد الفيصل (1937 / 2017)، لأن الاستثمار في رأس المال البشرى هو أحد أكثر الوسائل فعالية للحد من الفقر والجهل والتخلف، والتاريخ يذكّرنا دائما بأن الأمم الرائدة في العالم هي تلك الدول التي استثمرت في الإنسان وفي التربية والتعليم والتدريب والتطوير، لما لا وحتى أكبر الهيئات الدولية المهتمة بالتربية كمنظمتي اليونسكو والإيسيسكو، تقر في أدبياتها أن التعليم هو أساس التنمية، كما أنه أداة رئيسية لتغيير القيم والمواقف والمهارات والسلوكيات وأنماط الحياة بما يكفل انسجامها مع التنمية المستدامة في داخل البلدان على اختلاف مكوناتها ولغاتها وتصوراتها.
* أربعون سنة من الجهد والتضحية والعطاء في ورش عالم الأفكار
بهذه النظرة التفاؤلية الواعدة، جهد وتضحية وعطاء، أسس الاتحاد العالمي للمدارس العربية الإسلامية الدولية، على بركة الله بتاريخ 26 مارس سنة 1976م، وقد تدارس المؤسسون أمر قيام اتحاد عالمى لمدارس عربية إسلامية دولية، يلبى حاجة أبناء المسلمين إلى تعليم عربي إسلامي نموذجي رائد يقوم على نظام موحد من خلال المدارس العربية الإسلامية القائمة، وباستكمال حلقاتها بإنشاء مدارس عربية إسلامية في مختلف بلاد العالم تحقق أعلى مستويات التربية والتعليم في إطار إسلامي خالص، وتعنى بتعليم لغة القرآن كمادة أساسية لأبناء المسلمين وطلاب المعرفة في جميع أنحاء الأرض على هدى توجيه الإسلام وثقافته قصد سد الثغرة وصد هجمة الثقافات والأفكار المعادية للإسلام وأمته من خلال المدارس الأجنبية التي تستقطب بعض النابهين والقادرين من أبناء الأمة وتغريهم بالإمكانات الفنية التي توفرها لهم، بقصد عزلهم عن دينهم وتراث أمتهم، كما تسعى مدارس الاتحاد أيضا لوضع حد لحاجات أبناء المهاجرين والدبلوماسيين وأبناء الجاليات الإسلامية في الغرب.
* الدكتور أحمد فريد مصطفى خير خلف لخير سلف
وقصد الاقتراب من هذه المعاني النبيلة والسامية لرسالة التربية والتعليم، وبمناسبة الذكرى الأربعين لتأسيسه، كان لنا هذااللقاء الودي مع رئيس الاتحاد، أستاذنا الكبير الدكتور أحمد فريد مصطفى-حفظه الله-، الذي كان كاتب هذه السطور قد تعرف عليه، في نهاية تسعينيات القرن الماضي، في حياة الرئيس المؤسس، الدكتور توفيق الشاوي، رحمه الله. أذكر أني نزلت ضيفا مع وزير الصحة الأفغاني عندهم في استراحة مدارس المنارات، بالمدينة المنورة في موسم حج عام 1997 أو 1999؟.
رئيس الاتحاد من مواليد عام 1939م، درس الهندسة بجامعة الإسكندرية، حاصل على الماجستير من جامعة MIT الأمريكية العريقة، ثم الدكتوراه من الجامعة الكاثوليكية الأمريكية في واشنطن. أنشأ أول قسم للعمارة في جامعة الرياض بالسعودية، ثم أسس كلية العمارة والتخطيط بجامعة الملك فيصل بالدمام، وحالياً له مكتب إستشاري بالمدينة المنورة، حيث يقوم بتصميم المباني والتخطيط المعماري والإقليمي، بالإضافة لاهتمامه بالعمل الخيري فهو حاليا أيضا رئيس الاتحاد العالمي للمدارس العربية الإسلامية الدولية، خلفا لكل من الأمير محمد الفيصل والدكتور توفيق الشاوي -رحمهما الله- و الاتحاد يشتغل حاليا على بركة الله وفق خمسة مجالات رئيسية كما عددها لنا الدكتور أحمد، وهي:
– طباعة ونشر كتب اللغة العربية لغير الناطقين بها.
– عمل وبرمجة وتخطيط مناهج لمدارس جديدة.
– إقامة دورات لتدريب معلمي اللغة العربية والثقافة الإسلامية.
– تصميم والإشراف على مباني المدارس والجامعات في الدول الإسلامية.
– الإشتراك في مجالس الامتحانات، ومهمته الإشراف على اللغة العربية ونشرها في العالم أسوة بالمعهد البريطاني (بريتيش كانسيل).

شخصيات استوقفتني: صاحب" نصف قرن من العمل الاسمي" و صاحب"بنك دبي الإسلامي"
و مادام لكل عصر رجاله، ولكل عصر أفعاله، والعصر بالتالي ليس هو الزمن .. إنه الرجال، وإنه الأفعال.. فالعصر – كما يقول المثل- عبارة عن "مضغة في فم، فكه الأعلى من الرجال، و فكه الأسفل من الأفعال"، هذه البديهيات جرّتنا إلى الاستفسار عن الشخصيات التي لازمها وتأثر بها الدكتور أحمد في مسيرته، فبدأ بذكر صاحب كتاب"مذكرات نصف قرن من العمل الإسلامي"، المرحوم د. توفيق الشاوي، الذي يعتبر من الشخصيات النادرة بالنسبة لجيل الدكتور أحمد فريد، حيث يقول عنه " الدكتور توفيق وهب نفسه لخدمة الإسلام والمسلمين وقام بالاشتراك في إنشاء البنوك الإسلامية والمدارس الإسلامية واتحاد المدارس هذا، وقد نجح في جعله منظمة من منظمات المؤتمر الإسلامي (منظمة التعاون الإسلامي حالياً)"، كما لا ننسى أن الدكتور توفيق اشتغل في كل ربوع العالم الإسلامي، وكان، رحمه الله عليه، لا يكل ولا يمل لخدمة القضية الإسلامية، حيث عمل في المغرب ثم في الجزائر في ستينات القرن الماضي، ثم في السعودية ومصر، وكتب عن ذلك خلاصة فكره في مؤلفات، منها خاصة كتابه النفيس المشهور" مذكرات نصف قرن من العمل الإسلامي"، الذي تشرف كاتب هذه السطور بالاطلاع على مسودته الأولى قبل نشرها لمراجعتها رفقة بعض الإخوة الكتّاب الثقات في نهاية تسعينيات القرن الماضي.

ومن الشخصيات العربية التي أعجب بمشاريعها رئيس الاتحاد، الشيخ العصامي سعيد لوتاه، مؤسس وصاحب بنك دبي الإسلامي، الذي أدرك مبكرا أن مشكلة العالم الإسلامي تكمن في التعليم وطول مدته على اللزوم، فقام بإنشاء لجان لتخفيض مدة سنوات التعليم الأساسي، وبعث تعليم فني مواٍز له، وأنشأ "المدرسة الإسلامية للتربية والتعليم" في دبي، وحرص كذلك على تخفيض مدة التعليم الجامعي، وطلب من الدكتور أحمد فريد رفقة الدكتور جميل أكبر، مراجعة التعليم الجامعي بالذات في مجال الهندسة، وبالتأكيد فإن هذا العمل استفادت منه دول في أقصر مدة ممكنة، مثل الدول الفقيرة كأفغانستان أو الصومال التي مزقتها الحروب وشتت شملها.
* التصميم المعماري أو التخطيطي يجب أن يهدف أساسا لخدمة الإنسانية
أما في تخصصه، يرى الدكتور أحمد فريد، أن التصميم المعماري أو التخطيطي يجب أن يهدف أساسا لخدمة الإنسانية بالدرجة الأولى، واضعا في الاعتبار المؤثرات البيئية من مناخ ومواد، ومتطلبات الفرد والمجتمع في جوانبه الاجتماعية والاقتصادية والدينية.
أما عن حرصه على تعليم لغة الوحي الإلهي لغير الناطقين بها، والدعوة في العالم الإسلامي عموما، وفي أدغال إفريقيا وفي أفغانستان خصوصا، بقول ضيفنا، أنه تشرف بإنشاء كلية العمران والهندسة في بيشاور للمهاجرين الأفغان، والتي شملت الأقسام الأربعة الأساسية: قسم العمارة وقسم المدني وقسم الكهرباء وقسم الميكانيكا، وقد تخرج من هذه الجامعة مهندسون يقومون حالياً بالتعمير في أفغانستان، والحمد لله.
و من أهم الإنجازات أيضا إنشاء مدارس للبنات في جدة بداية ب30 طالبة، ثم أنشأت فروع لها في الرياض ومكة المكرمة والمدينة المنورة والدمام والخُبَر كلها بالمملكة، وحالياً فيها حوالي 1500 طالب وطالبة. بعدها فتحت مدارس"منارة دكا "في بنجلاديش، ثم "منارة القاهرة" في مصر، والمشاريع متواصلة بتوفيق من الله.
و تمتاز مدارس المنارات على غيرها من المدارس الحكومية بالتركيز على تدريس المواد الدراسية المعتمدة من الحكومة تدريساً جيداً، ثم يضاف إليها مناهج أخرى مثل المدرسة القرآنية وتعليم الطلاب المهن والحرف مثل النجارة والحدادة وإصلاح السيارات وكذا برامج رياضية كالسباحة وركوب الخيل. وقد أقيمت دورات لتدريب المعلمين في الفلبين وتشاد وجنوب السودان وألبانيا وغيرها.
* مع الأسف بعض الحكومات تسعى لاختزال التاريخ والمواد الدينية من المناهج
وكخبير تربوي يرى الدكتور أحمد، أن المُدَرس هو أهم عنصر في العملية التربوية، قائلا "من الضروري اختيار العناصر المؤهلة تأهيلاً جيداً، تكون حريصة على دينها وعلى بث روح حب التعلم والتفكر وليس اجترار معلومات".. أما عن المناهج فهو يقر أنها تكون عادة موضوعة من قبل الحكومات ،متأسفا على أن بعضهم يسعى الآن لاختزال التاريخ الإسلامي والأمور الفقهية والدينية من المناهج، مما يخلّ بمبادئ كثيرة، قائلا "ندعو الله ألا يوفقهم" لخطورتها على الناشئة، حسب قوله.
هذا غيض من فيض، من مسيرة عطاء بدأت بخطوات محلية، و هاهي اليوم في سن الرشد والعطاء الدولي .. نعم 40 سنة من عمر مؤسسة تربوية خيرية فاعلة، نسأل الله التوفيق والسداد لها وللقائمين عليها خدمة للإسلام والمسلمين، والله يجازي مسعاهم النبيل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.