محادثات بين مزيان ومرقص    أمام المؤتمر العالمي السادس لرؤساء البرلمانات بجنيف:ناصري يدعو البرلمانيين إلى التمسك بمطلب إصلاح الأمم المتحدة    رئيس الجمهورية يستقبل رئيسي الأرندي وحمس    وزارة الداخلية : ورشة حول التخطيط التشغيلي لمشروع "الحوكمة المحلية الرقمية والشاملة"    استشهاد 3 وإصابة أكثر من 20 بنيران الاحتلال.. نساء غزة يواجهن الموت جوعا أو القتل خلال البحث عن الطعام    جبهة البوليساريو ترد على الاحتلال المغربي : "ممارسة حق تقرير المصير تشكل الحل العادل والتوافقي"    مؤتمر حل الدولتين: الجزائر ترافع لمنح العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة    بطولة العالم للسباحة 2025:جواد صيود ينهي سباق 200 متر متنوع في المركز 24    اليوم العالمي لنيلسون مانديلا:استذكار مواقف أيقونة النضال والتحرر    الكرة الطائرة/ مونديال 2025 /أقل من 19 سنة ذكور : انهزام المنتخب الجزائري أمام نظيره الكوبي 3-0    موجة حر    حملة تحسيسية لتفادي التسمّمات الغذائية    بللو يترأس جلسة عمل مع خبراء واطارات قطاعه:دعوة إلى إرساء خارطة طريق لتعزيز البحث الأثري في الجزائر    راجع ملحوظ في معدل انتشار العدوى بالوسط الاستشفائي في الجزائر    الطبعة الثامنة للمهرجان الثقافي الدولي "الصيف الموسيقي" من 7 إلى 14 أغسطس بالعاصمة    السيد بللو يدعو المتعاملين الخواص إلى الاستثمار في المجمعات السينمائية    فتاوى : الترغيب في الوفاء بالوعد، وأحكام إخلافه    من أسماء الله الحسنى.. الخالق، الخلاق    الألعاب الإفريقية المدرسية /الجزائر2025/ : الجذافون الجزائريون يحرزون أربع فضيات وبرونزية واحدة    القانون الجزائري لمكافحة الاتجار بالبشر وضع التكفل بالضحايا في "صلب اهتماماته"    الجيدو/مونديال-2025 لصنف الأشبال: الجزائر حاضرة بأربعة مصارعين في موعد بلغاريا    وزير العدل يشرف على تنصيب الرئيس الجديد لمجلس قضاء الجزائر    رئيس المجلس الشعبي الوطني يستقبل سفير جمهورية مصر العربية بالجزائر    المغرب: الموانئ المغربية من جديد في خدمة آلة الإبادة الصهيونية    الألعاب الإفريقية المدرسية (الجزائر - 2025) تنس الطاولة: الجزائرية هنا صادي تنال البرونزية في الفردي    توقيع عقود المرحلة الأولى من إنجاز مشروع بلدنا    استثمارات جازي ترتفع    بوجدرة يفتح النار على مُمجّدي الاستعمار    تيسير المعاني باختيار الألفاظ ليس إهانة لها بل وفاء لجوهرها    مالطا تعتزم الاعتراف بدولة فلسطين في سبتمبر المقبل    والي بجاية يتفقد مشاريع ويستعجل استلامها    غزوة الأحزاب .. النصر الكبير    عرقاب.. حشيشي وبختي في اجتماع هام    ارتفاع أسعار النفط بأكثر من 2 بالمائة    رئيس الجمهورية يجري محادثات ثنائية مع نظيره اللبناني    جئت للجزائر بشغف كبير وسأغادرها بإعجاب أكبر    توقرت : توقف شخص في قضية حيازة وترويج المخدرات    وفاة 35 شخصا وإصابة 2225 آخرين    الجزائر تدعو إلى تحرك دولي عاجل وفوري لإغاثة غزة    مجلة "الشرطة" تحتفي بالذكرى ال63 لتأسيس الشرطة الجزائرية    استئناف الرحلات نحو بيروت اعتبارا من 14 أوت المقبل    تمديد استثنائي لآجال إيداع الحسابات الاجتماعية للشركات التجارية    الشرطة الجزائرية تحذر من مشاركة الصورة الشخصية مع الغرباء    جعل ولاية تمنراست قطبا طبيا بامتياز    تنصيب نبيلة بن يغزر رئيسة مديرة عامة لمجمّع "صيدال"    مولودية الجزائر تلتقي الباجي التونسي وديا    هدفي العودة إلى المنتخب والمشاركة في "الكان"    ندوة حول تطهير العقار الفلاحي    "كيرا كوميدي" تعد بسهرة فنية مميزة    "قراءة في احتفال" تملأ فراغ أطفال البليدة    "الشيطان يرتدي برادا 2".. عودة الثلاثي الذهبي    تمنراست: سيشرع في الأيام القادمة في الإجراءات المتعلقة بفتح مصالح المستشفى الجديد بسعة 240 سرير    توقيف مختلسي أموال من وكالة بنكية    معالجة 501 قضية    حجز 7 دراجات "جات سكي" بوهران    السيدة نبيلة بن يغزر رئيسة مديرة عامة لمجمع "صيدال"    الابتلاء.. رفعةٌ للدرجات وتبوُّؤ لمنازل الجنات    رموز الاستجابة السريعة ب58 ولاية لجمع الزكاة عبر "بريدي موب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التطرف..هل يصبح دينا جديدا
نشر في الحوار يوم 31 - 12 - 2009

نتجه إلى نهاية عام تاسع من قرن جديد، قرن بدا متطرفا في كل شيء إلا في العقلانية والإنسانية، قرن ميزه ومنذ سنته الأولي توجه صارخ نحو التطرف العصابي غير المسبوق، فقد نظمت وكالة استخبارات اكبر البلدان تسلحا في العالم وهو الولايات المتحدة الأمريكية عملية إرهابية غاية في الاستعراضية والدموية على أرضها وضد شعبها وممتلكاتها وأسقطت معلما تجاريا كان يمثل جزءا من تاريخ وثقافة المدينة والدولة على حد سواء، وببرودة أعصاب مميتة انهمك هذا البلد الأكثر تسامحا وتطورا في حرب كيشوتية ضد مجموعة من الأسماء كانت إلى تاريخ قريب موظفة في وكالة استخباراته وتقتسم رؤاه وتتقاطع مع مصالحه وعرف كل العالم الذي كان في جهاته الأربع على موعد مع القابلية لمزيد من التطرف، عرف أسماء ''بن لادن '' ''والظواهري'' ''والزرقاوي'' و''الحمراوي'' وآخرون انطلقت بورصة شهرتهم تحصد هشيم وسائل الإعلام وتسكنها في الوقت الذي تراجعت فيه شعبيات كانت تصنع الفرحة عالميا، طبعا فالوقت الآن للتطرف وفقط .... الحقيقة أن بداية القرن الماضي ميزها البؤس أيضا وشهدت حربا اعتبرت الأكثر دموية في تاريخ البشرية وسماها الجميع الحرب العالمية الأولى، كأن العالم ابتدأ منذ مئة عام فقط، ما يمكن أن يفسر بحالة مرضية تصيب البشر بجنون مؤقت يجتاح بدايات القرون، غير أن هذه الإحالات اللاهوتية واللامعقولة لم تعد تقنع، وأصبح الجميع ينخرط في التطرف دون وعي وضاقت مساحة العقل وانقلب العالم إلى علبة لصناعة وممارسة التطرف بكل ألوانه وأشكاله، وليس هذا كله بمستوى كارثة تهدد العقل البشري وتجعله يقبل التطرف والعنف من بين أفضل وسائل التسلية والانشراح...
يتطرف صانع العاب الأطفال في فكره التجاري ويمعن في تطرفه لفهم معايير الربح والخسارة فيغرق سوق البراءة بمدافع وقنابل وخناجر والعاب نارية ومسدسات من كل الإشكال تهون العنف في لاوعي الطفل وتطيح بقيمة الروح الآدمية في نظره إلى اقل من سعر اللعبة بكثير ويتطرف الأب في حب ابنه فيشتري له المزيد من اللعب ويشعه على بداية تجريبها في جسم أخيه الطري ..ألا تنتهي لعبة الكبار السمجة عادة هكذا وحينها نسميها حربا...
يتطرف السياسي الحاكم الباحث عن أمل البقاء والاستمرار فيعرض فكرة إلغاء الآخر على مواطنيه أو فكرة إلغاء رموزه ودينه ومخزونه الثقافي ويتطرف الجميع فيتبرؤون من الآخر المختلف ويناشدون السياسي بترحيله أو منعه من طقوسه أو منعه من مآذنه وأجراسه وصلاته ويقدم طبق ''الآخر'' المذبوح ملفوفا في رداء حماية الحريات وحقوق الإنسان طبعا دون إضافة '' المتطرف ''
لماذا يصبح إنسان العصر ''السيليكوني'' متطرفا وعنيفا وغير مستقر ذهنيا وهو الذي يبدع يوميا ملايين خطابات التعايش والتسامح؟ ألانه يبدع كل ثانية أيضا ملايين المحرمات والخطوط الحمراء و مساحات الأنانية والجشع؟
المحرمات التي يحملها كل فكر بشري وتميز كل ثقافة آدمية هي المقياس الحقيقي لكل تطرف أو عنف فكلما قلص مجتمع ما أو فئة معينة اتساع دائرة المحظورات والخطوط الحمراء والممنوعات كلما اتسع أمامها هامش الحريات وتراجع خطر التطرف والعنف ..
قرن ينغلق فيه الإنسان على نفسه ويستسلم لنزعة تطرف شاملة لم يعد معها يقبل التفاوض دون التلويح بإمكانية التوجه نحو الدمار والفناء في تناقض صارخ مع ما يبدو انه قفزة إنسانية نحو عالم أفضل وأكثر عقلانية على الشاشات الافتراضية، فهذا الذي يدق ناقوس الحرب ويجمع ما تبقى من قتلاه في قنينات زجاجية يبتسم بوسامة خادعة على الشاشة ويعدد محاسن السلم العالمي والتقدم الذي أحرزه شخصيا في هذا المجال...
لم يعد مطلقا التطرف مرافقا المعنى الديني الذي ألحقته به عنوة وكالة الاستخبارات الأمريكية التي عاقبت كل دولة ارتأت فيها الخروج عن خطها بتفجيرات دموية تؤشرها بختم جماعة دينية معينة من بين مئات الأختام التي تملكها وطبعا بموافقة الجماعة المسبقة التي ستستفيد أطراف منها ماديا وأخرى من بعض الدعاية المجانية ولكن التطرف الذي بدأ دينيا انتشر وعم وأصبح دينا في حد ذاته والمصيبة انه يتجه ليكون ميزة إنسان العصر الجديد في عامه الجديد وقرنه الجديد.
والخطر الحقيقي للتطرف انه لم يعد موقفا سلوكيا فرديا بل اتجاها ذهنيا دوليا تؤسس له الجماعات الضاغطة الصناعية الكبرى والتكتلات التجارية العالمية وتغذيه المقاييس العرجاء في التعامل مع مختلف القضايا البشرية في المقابل لا يبذل الإنسان أي جهد للتخلص من هذا السم وكأنه يستسلم لملذاته مثلما هو الأمر مع الغاز السم ذي الرائحة الزكية ..
لقد فجر العقل البشري فقاعات المخاطر المستقبلية جميعها وتوقع أن تكون الأوبئة سببا في الفناء وتوقع أن تكون حرارة الأرض خطرا يهدد العالم وتصور مهالك متعددة تتربص بالبشر على مدى القرون القادمة ولكنه لم ينتبه لهاوية التطرف التي تهدد بابتلاعه وتنخر حضارته على امتداد خطها الزمني وربما لأنه خطر يأتي من الداخل من لاوعي الإنسان.. وحتى يستطيع الإنسان مواجهة وحش التطرف والعنف بضراوة فإننا لا نملك إلا أن نحلم... نحلم على الأقل بعام جديد يتراجع فيه التطرف يتراجع ولا يكون دينا مختارا أو مفروضا ...على فكرة... التطرف في الحلم يجعله غير ذي معنى......


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.