خبراء ينوهون بالإصلاحات الهامة التي أقرها الرئيس: الجزائر تعيش ديناميكية اقتصادية جديدة    الفاف حضرت لهذه السفرية مسبقا: ترسيم لقاء الخضر و أوغندا بكامبالا    قبل 4 جولات من نهاية بطولة الوطني الثاني: شبح السقوط يهدد 9 فرق والقاعدة الشرقية تحت ضغط عال    طواف الجزائر الدولي للدراجات - 2024    قسنطينة: توقيف 3 متهمين في قضايا حيازة مهلوسات    الوادي: وفاة 3 أشخاص في حادث مرور    السيد بوغالي يستقبل الأمين العام للاتحاد البرلماني العربي    بمناسبة إشرافها على افتتاح أشغال ملتقى حول الأسرة،كوثر كريكو: نثمن التنسيق ببن قطاعي التضامن والعدل حفاظا على الاستقرار الأسري    خطة لإنعاش مؤسسة "أنيام" غلاف مالي بقيمة 3.5 مليار دج    في حديث خص به المجلة الآسيوية المختصة في التأمينات،فايد: سوق التأمينات الجزائرية ستعرف السنة الجارية إصلاحات هامة    باعتبارها القضية المركزية للعالم العربي والإسلامي،بلمهدي: الجزائر تؤكد تمسكها بموقفها الداعم للقضية الفلسطينية    ستكون يوم الأحد المقبل بمناسبة الذكرى 76 للنكبة الفلسطينية: الجبهة المغربية لمناهضة التطبيع تعلن عن تنظيم مسيرة وطنية    توقيف 7 أشخاص ووضعهم تحت النظر حتى يتم التحقيق    انطلاق ملتقى دولي حول جودة الحياة والسلم الاجتماعي بتيسمسيلت    صناعة : السيد عون يدعو إلى استكشاف الأسواق الأجنبية    ريال مدريد يحتفل بلقب الليغا    الاحتلال يصعّد عدوانه في الضّفة الغربية    ارتياح لظروف الامتحانات التجريبية    مجازر وأحزمة نارية بشمال غزة وغارات مكثفة على رفح    عنابة: الفريق الطبي ينجح في إجراء 6 عمليات جراحية معقدة    قسنطينة: انطلاق مشاريع والانتهاء من أخرى بأولاد رحمون    دعوات لموقف حاسم ينهي الإبادة الصهيونية    هكذا تجلّت الهوية الفلسطينية في الأدب الجزائري..    بن ناصر يتألق    تراجع أسعار الذهب وسط ترقب لبيانات أمريكية    الميزانية العمومية: اعتماد نظام البرامج والأهداف في التسيير يعزز دور الرقابة    بتكليف من رئيس الجمهورية.. عطاف يشارك بالمنامة في الاجتماع الوزاري التحضيري للقمة العربية    قوجيل يترأس اجتماعا تنسيقيا للوفد المشارك في أشغال الدورة 18 لبرلمان البحر الأبيض المتوسط    مكافحة المخدرات: التأكيد على تعزيز ثقافة الوقاية وتنسيق الجهود بين الفاعلين في المجال    ضرورة الإسراع في إتمام دراسة إنجاز مخطط تثمين الموقعين الأثريين "كولومناطا 1 و 2 " بسيدي الحسني    للمشاركة في معسكر جوان المقبل.. بيتكوفيتش يضع أربعة لاعبين جُدد ضمن قائمة "الخضر" الموسعة    مديوني: نتوقع ارتفاع حركة المسافرين بمطار الجزائر الدولي إلى 10 مليون مسافر نهاية 2024    عدد مشتركي الانترنت الثابت في الجزائر يصل إلى 7ر5 مليون مشترك    سيدوم إلى غاية 15 ماي الجاري.. عرض أولى الأفلام القصيرة المتنافسة على جوائز مهرجان ايمدغاسن    معرض فني لاستذكار مساره الإبداعي : "لزهر حكار .. حياة" مهرجان من الألوان المتلاحمة تحكي نصا حياتيا    استراليا: الآلاف يتظاهرون في سيدني وملبورن ضد اجتياح الاحتلال الصهيوني لمدينة رفح    تكوين مهني: التطور الرقمي ساهم في مواصلة عصرنة القطاع    مليار دولار لاستيراد 180 ألف سيارة    رحلة ترفيهية تتحوّل إلى مأساة..    موقف قوي للرئيس تبون والجزائر حيال القضية الصحراوية    وضع تصوّر لسوق إفريقية في صناعة الأدوية    هذا موعد تنقل أول فوج من البعثة إلى البقاع المقدسة    رؤية ميسي ومبابي مع الهلال واردة    تحذير من السباحة في المجمعات المائية وسدود الشلف    إدراج وثيقة قانونية تنسب كل تراث لأصحابه    تقديم مسودة نص القانون الجديد أو المعدل في السداسي الثاني من 2024    الأرقام تنصف رياض محرز في الدوري السعودي    إجماع على وضع استراتيجية فعالة لمجابهة الخبر المغلوط    جنح تزداد انتشارا في ظل التطور التكنولوجي    انتاج صيدلاني: انتاج مرتقب يقدر ب4 مليار دولار في سنة 2024    الشاعر ابراهيم قارة علي يقدم "ألفية الجزائر" بالبليدة    130 مشروع مبتكر للحصول على وسم "لابل"    ضرورة خلق سوق إفريقية لصناعة الأدوية    آثار الشفاعة في الآخرة    نظرة شمولية لمعنى الرزق    الدعاء.. الحبل الممدود بين السماء والأرض    اللّي يَحسبْ وحْدُو!!    التوحيد: معناه، وفَضْله، وأقْسامُه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



.. الرواية الطويلة أم الرواية القصيرة أيهما يفضلها قارئ اليوم ؟
نشر في الحوار يوم 10 - 02 - 2010

الرواية حاليا هي أكثر الفنون الكتابية ازدهارا وانتشارا، هناك من يرى أنها تتغذى على أزمة الإنسان وكآبته، وثمة من يرى أنها ليست مكلفة بتغيير الواقع أو إصلاحه أو تزيينه بقدر ما هي مطالبة بالمساهمة مع تفاعلات إبداعية أخرى في تأسيس نواة كيانية إنسانية سليمة نافعة ومتصالحة مع نفسها ووقتها.. ولكن ما هي مواصفات الرواية الناجحة.. والرائجة..؟ وكيف يمكن للرواية أن تحقق الهدف الذي وجدت من أجله وتصل إلى حد الذي رسمته لنفسها منذ بدء الكتابة؟.. الجواب على هكذا سؤال يتوقف على معرفة أهواء وأهداف ومقاصد المبدع.. هناك من يكتب ليمارس مطلق القول، مطلق الصدق فيصنع كثافة الصدمة وتشرق كلماته في وعي القارئ أينما كان وكيفما كان.. وهناك من يكتب لإضفاء قيمة على حياته وجعلها متوهجة ومشرقة بالشهرة والمعنى.. وهناك من يكتب ليخلف أثرا مميزا يخلد اسمه.. ومن يكتب ليثبت لنفسه وللآخر أنه يتقن فن الحياة ويتدرب عليه مع كل منجز.. والكاتب الحقيقي كما يقول ماكس جاكوب هو الذي لا يكتب بالكلمات بل يكتب بالأشياء والمشاعر.. وما دامت الكتابة هي الحياة.. هي تدريب عن فن الحياة ..وهي الإنسان والدنيا والعالم وهي أيضا الذات والآخر والأشياء.. فإن المبدع يفصل الكلمات حسب مقاسات موهبته وحقيقته ومخياله وجنونه وأحلامه.. نجد من يكتب كمن لا يكتب.. يشغل القلم ويلطخ الورق فيحسب أنه يكتب.. ولا يدرك أنه بصدد محو جماليات ما وإمضاء غياب ما.. مثل هكذا مبدع لا يشعر أنه بصدد تعذيب الكلمات وبهدلة اللغة ، وثمة من يكتب فتنحني له الكلمات وتجله المعاني ويوقره الأسلوب.. يكتب فيفجّر وينفجر.. يكتب فيقوض ويبني.. يبهر ويصدم ما يجعل القارئ يلتهم صفحات التهاما ولا يخشى شيئا أكثر مما يخشى نهايتها مهما طالت الرواية ومهما كبر حجمها..
في هكذا أعمال يصبح المزيد هو الهدف، هو المتعة واللذة الحقيقية ..
الآراء بخصوص حجم الرواية وكبرها تختلف من مبدع لآخر ومنظور كل كاتب بالنسبة لعدد صفحات الرواية وطول النص الروائي وحتى الشعري ليس موحدا لدى كل الكتاب ..لكل نظرته وتقييمه لمقاييس العمل الإبداعي.. أراد الموعد الأدبي أن يعرف هل صحيح أن كبر حجم الكتاب يشعر القارئ بفشل المبدع وعجزه عن قول ما يريده في الرواية .. فطاف بهذا السؤال على ثلة من المبدعين والشعراء وسجلت لهم هذه الآراء:
- عمرأزراج كاتب وشاعر
إذا كانت الرواية فن قول الحياة، فالحياة في رأيي لا يمكن أن تقاس بمتر الخياط أو بميزان التاجر.. فالرواية بما أنها رصد للحياة وكتابة لها فإن حجم التجربة الحياتية هي التي تؤسس لحجم الرواية صغيرة كانت أم كبيرة.. وفي هذا السياق إذا قلنا أن الحجم يخيف القارئ بهذا المعنى فإن رواية دستويفسكي ''الجريمة والعقاب'' أو رواية ''أوليس'' لجويس يشكلان منظمة لإرهاب القارئ ،وإذا كان معيار الموضة المعاصرة يؤكد على الحجم الضامر فإن هذا المقياس جمالي رأسمالي بامتياز ،وحتى في البلدان الرأسمالية بدأ الجسم الكبير يشكل جمالية خاصة به.. أذكر مرة كنت في نقاش بجامعة لندن حول الموضة التي تشدد على أن يكون الجسم نحيلا وممشوقا فقلت لهم ''إن والدتي قالت لي مرة إن المرأة التي لا تهز السرير ليست بامرأة''، وهذا يعني أن المقاييس الجمالية لشكل كتاب أو لشكل عمارة أو أي شكل آخر هي نسبية تماما.. وهنا يجب القول أن لكل ثقافة جمالياتها الخاصة بها.. وإذا اعتبرنا رواية ''الغريب'' لألبير كامو قصيرة فإن التجربة الحياتية التي رصدها أكبر وأضخم، فهي تجربة مضغوطة حيث نزع الشخصيات الجزائرية وجودها داخل الرواية واكتفى ب''ميرسول '' كمحرك لتفاصيل وأحداث تلك الرواية.
مؤخرا أعدت قراءة ''الدون الهادئ'' رائعة ميخائيل شولخوف وهي رواية تراوح بين الجسم الكبير والمتوسط لكنها تنقل عبر زخمها الفني عالما ضخم الحجم والتجربة الحياتية، ونفس الشيء بالنسبة لرواية ''وداعا للسلاح''لارنست همنغواي .. ويجب القول هنا أن الرواية عموما هي نتاج المجتمع الصناعي الذي يتميز بتلك المركبات الصناعية والانتاجية ،والمدن الكبيرة والضخمة، وعليه فإن الرواية لكي تقبض على كل هذه الضخامة لا بد لها أن توسع فضاء ها وتدرج داخلها عوالم كثيرة قد تؤدي في كثير من الأحيان إلى ضخامة الحجم.. ولهذا علينا ألا نخاف من الأحجام الكبيرة مثل الأهرامات في مصر أو مكسيكو، كما لا ينبغي ألا نخاف حجم المدن الكبيرة مثل نيويورك ومكسيكو فإنها بقدر كبرها تنحو نحو التعقيد.. ومن هنا فإن قارئنا ينبغي عليه التعامل مع معطيات التجربة كما هي، ولا يدخل هذه التجربة في سرير بروكست الذي كان يصطاد الناس في الطريق فإن كان السرير أكبر من حجمهم يمددهم وإذا كان حجمهم هو الأطول ينقص منه حتى يتواءم مع حجم السرير.
- إبراهيم سعدي روائي (لكل موضوع حجمه)
لا يمكن أن يكون يكون حجم الرواية سببا في فشلها أو نجاحها ..هذه المقولة خاطئة بدليل أن هناك أعمالا روائية كبيرة الحجم ورائعة مثل الحرب والسلم لتولستوي والزمن الضائع لبروست وأعمال أخرى ضخمة لكتاب كبار تعد من روائع الأدب العالمي.. في رأيي ما يصنع جودة العمل الإبداعي ليس الحجم، لا الطول ولا القصر بإمكانه أن يتحكم في جودة الرواية. الجودة تصنعها مجموعة من العناصر الفنية والجمالية واللغوية والتقنية، إضافة إلى عنصر التشويق.. ومن خلال تجربتي الخاصة أرى أنه إذا كان موضوع الرواية هو الذي يتحكم في تحديد حجم العمل، فإذا كان العمل لا يحتاج الإطالة ويعمل الكاتب على تضخيمه بالحشو والإطناب والثرثرة فلا شك أن العمل سيكون فاشلا.. نص قصير مكتنز بكل عناصر العملية الإبداعية أنجح من نص مطول بلا فائدة ولا متعة.الموضوع في نظري
هو الذي يملي الحجم ويتحكم فيه ،وليس للروائي دخل في تحديد عدد صفحات عمله . بالنسبة لي لا يمكن في بداية أي رواية أكتبها أن أعرف عدد الصفحات التي سيحتويها الكتاب ،ولا أدري متى ستنتهي، مسألة الحجم لها علاقة عموما بنفس الكاتب والمادة التي يشتغل عليها.. ولكن هناك من الكتاب من يعطي أهمية لحجم وشكل الكتاب على حساب المحتوى لاعتقادهم أن حجم الرواية دليل على حجم الموهبة، وهذا طبعا خطأ، رواية العجوز والبحر لهيمنغواي و''الغريب'' لكامو وغيرها من الأعمال ذات الحجم الصغير لكنها تعد من روائع الأدب العالمي ولم يقلل صغر حجمها من أهميتها، لكل موضوع حجمه ونفسه، طويلا كان أم قصيرا وإلا أساء المبدع لعمله..
- مليكة بغاشي (كاتبة وشاعرة)
إذا اعتمدنا على الحكمة التي تقول خير الكلام ما قل ودل فإن كبر حجم النسبة لخطاب أو مقالة أو محاضرة أو غير ذلك لا يعود في صالح النص ولا في صالح صاحبه، أما إذا تعلق الأمر بالرواية فإن المسألة عكس ذلك، لأن الكاتب الذي يؤلف رواية بالحجم الكبير دليل على سعة خياله وقوة فكره وقدرته على الخوض في أدق التفاصيل ومهارته في التعبير،وهذا ما يجعل العمل الإبداعي ضاجا بكل العناصر الإبداعية والفنية التي يجب أن تتوفر في الرواية سواء بالنسبة للشخوص أو المكان أو الزمان .ولهذا نجد الكاتب يدقق في كل كبيرة وصغيرة ليصل إلى ما يريده القارئ الفضولي خاصة، لكن ما يجعلني أوافق نوعا ما على من يرى أن كبر حجم الرواية يشعر القارئ بفشل الكاتب في قول ما يريد قوله ،وبالتالي إثارة شكوكه اتجاه جودة الرواية ما أفرزته سرعة العصر الذي نعيشه، فقارئ اليوم ليس كقارئ الأمس، لقد أصبح يتهرب من الكتب ذات الحجم الكبير لما تسببه له من ملل وإنفاق للوقت الذي بات يوزعه على انشغالات أخرى منها الكمبيوتر والانترنت والتلفاز ومجمل الأجهزة التكنولوجية والرقمية التي غزت حياتنا اليوم، ولذا فإن وقته ما عاد يسمح له بتخصيص فترات مديدة لقراءة رواية مطولة وبهذا نراه أصبح يفضل الكتب ذات الحجم الصغير على الكتب الكبيرة الحجم لتسهل عليه قراءتها وإنهائها بسرعة . و هذا طبعا لاعلاقة له بمستوى وقدرة المؤلف ولا يرجع لفشل الكاتب في التعبيرعما يريده ، وبخصوص النص الشعري فالأمر يختلف لأن الشاعر ليس له اختيار البداية والنهاية فهو يبدأ القصيدة في فترات التجلي والانفعال العاطفي ويشرع في تشكيل صوره الخيالية والغوص في المعاني والدلالات التي يعتمد فيها على حسه الشعري ورهافة مشاعره وأحاسيسه، لأن القصيدة ليست كالرواية فهي لا تطيق الإبحار في التفاصيل وتوسيع فضاءات السرد بقدر ما يهمها تكثيف المعاني وضغط الرموز وشحن الصور بما يلزم من جماليات خفية وظاهرة .لذا فإن قارئ القصيدة لا بد أن يكون قارئا خاصا ملما بخصائص الكتابة الشعرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.