الفريق أول السعيد شنقريحة من الناحية العسكرية الثالثة    وزارة الشؤون الخارجية توضّح    القادة يُشدّدون على توحيد المواقف وتكثيف التشاور    لعقاب ينهي مهام مديرين    هوية رقمية للجزائريين    اجتماع حول استراتيجية المركز الوطني للسجل التجاري    80 بالمائة من الجزائريين يستفيدون من الأنترنت    هذا جديد سوق السيارات في الجزائر    مجلس الأمة يشارك في مؤتمر بإسطنبول    غزّة على رأس أولويات الجزائر    غزّة تحت القصف دائماً    مولودية الجزائر تقلب الطاولة على شباب قسنطينة وتبلغ نهائي كأس الجزائر للمرة العاشرة    الاستخدام العشوائي للنباتات الطبية.. عواقب وخيمة    الجزائر تشارك في معرض تونس الدولي للكتاب    تأسيس جائزة وطنية في علوم اللغة العربية    اختتام ملتقى تيارت العربي للفنون التشكيلية    فلاحة: السيد شرفة يبحث مع نظيره التونسي فرص تعزيز التعاون    مباراة اتحاد الجزائر- نهضة بركان : قرار الكاف منتظر غدا الاربعاء كأقصى تقدير    قسنطينة: السيد عون يدشن مصنعا لقطع غيار السيارات ووحدة لإنتاج البطاريات    فتح صناديق كتب الشيخ العلامة عبد الحميد بن باديس الموقوفة على جامع الجزائر    وزير الداخلية: استلام 134 منطقة نشاط مصغرة مع نهاية 2024    وهران: إيفاد لجنة من وزارة التربية الوطنية للنظر في أسباب سقوط سقف لقسم بمدرسة ابتدائية    تكتل ثلاثي لاستقرار المنطقة ورفاه شعوبها    الجامعة العربية تجتمع لبحث تداعيات استمرار جرائم الاحتلال    تقرير دولي يفضح ادعاءات الكيان الصهيوني حول "الأونروا"    ضرورة توفر وسائل إعلام قوية لرفع التحديات    الرقمنة طريق للعدالة في الخدمات الصحية    الشفافية والصرامة في إعداد دفتر شروط التجهيزات الطبية    العماني: مواقف الجزائر مشرفة في المحافل الدولية    التحكم في الرقمنة لتحسين خدمات قطاع العدالة    لا تزال الأزمة تصنع الحدث في الساحة الرياضية: بيان رسمي .. اتحاد العاصمة يعلّق على عدم إجراء مباراته أمام نهضة بركان    لا مفر من الرحيل عن ليل: بعد إهانة ليل.. صديق آدم وناس يكشف "المؤامرة "الفرنسية    محطة تضمن 50 رحلة طويلة يوميا ومؤسسة حضرية هامة    شلالات "كفريدة" تستعيد جمالها    الحاجة الاقتصادية والاجتماعية لضبط عروض التكوين في الدكتوراه    سايحي يشرف على افتتاح اليوم التحسيسي والتوعوي    سقوط عامل من الطابق السادس لعمارة    90 بالمائة من الأبناء يفشلون لعدم الاهتمام بمواهبهم    العاصمة.. إحصاء 248 مشروع تنموي في مختلف القطاعات    المنتخب الوطني يتعادل أمام نظيره التونسي    إشادة ألمانية بأول تجربة لشايبي في "البوندسليغا"    بلومي هداف مجددا في الدوري البرتغالي    ماندريا يُعلّق على موسمه مع كون ويعترف بتراجع مستواه    قصف ومجازر وسط القطاع واقتحامات للمسجد الأقصى    تمنطيط حاضرة للعلم والأعلام    الوقاية خير من العلاج ومخططات تسيير في القريب العاجل    رجل الإصلاح وأيقونة الأدب المحلي    مطالب بحماية الشعب الصحراوي من الاضطهاد المغربي    دعم الإبداع والابتكار في بيئة ريادة الأعمال    معالجة 245 قضية إجرامية    حج 2024 : استئناف اليوم الثلاثاء عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    القرار سينفذ هذا الصيف: منع كراء عتاد الاستجمام و زوارق النزهة بشواطئ عنابة    منصّة رقمية لتسيير الصيدليات الخاصة    حكم التسميع والتحميد    الدعاء سلاح المؤمن الواثق بربه    أعمال تجلب لك محبة الله تعالى    دروس من قصة نبي الله أيوب    صيام" الصابرين".. حرص على الأجر واستحضار أجواء رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر في مفترق الطرق
مستشار الرئيس المصري المستقيل فاروق جويدة ل''الخبر'' :
نشر في الخبر يوم 14 - 12 - 2012

الثورة المصرية انتصرت لكن الديمقراطية مهدّدة بالضياع
العلمانيون يراهنون على الشارع بعد خسارة معارك الانتخابات
مصر في مفترق الطرق تبحث عن معالمها المستقبلية، بين دولة يتحكّم فيها تنظيم الإخوان المسلمين وفي كل مفاصلها، وبين دولة يجد كل طيف موطأ قدم ويجد نفسه ممثّلا، سواء في أركان الدولة أو في المعارضة. اختلاف المشاريع وتخوّف كل طرف من الآخر، جعل مصر تعيش مخاضا عسيرا بعد ثورة يناير وسقوط نظام مبارك، لكن هذا المخاض العسير الذي هو في نظر الكثير من المتتبعين طبيعي وصحي، ويطبع كل مرحلة انتقالية في أي بلد يشهد تغييرات جذرية، إلا أن بعض الآخر يرى أن الذي يجري معركة تكسير العظام بين تيارين.. إسلامي والآخر مدني، ما يجعل مصر مفتوحة على كل الاحتمالات.
لعبة شدّ الحبل بين الرئيس المصري، محمد مرسي، وجبهة الإنقاذ الوطني، بقيادة البرادعي وحمدين صباحي وعمرو موسى، من شأنها أن تؤدّي إلى كوارث حقيقية على الشعب المصري، أولها انهيار الاقتصاد المصري المنهك أصلا، وأخطرها دخول مصر في أتون حرب أهلية لن تبقي ولن تذر، وقد يتطلّب علاج هذه الأوضاع سنوات طويلة من المصالحة الوطنية قبل أن يندمل الجرح، لذلك فالشعب المصري أمام لحظات تاريخية لبناء مؤسساته الدستورية بأسرع وقت ممكن، لتفويت الفرصة على من يدافعون بشراسة عن مناصبهم ومصالحهم، أو الساخطين على خيارات الشعب أو المتوجّسين من هيمنة تيار سياسي على بقية الأحزاب.
كان من المفترض أن تنتهي حقبة حسني مبارك بميلاد جمهورية مصرية ديمقراطية، تبدأ بانتخابات تشريعية ينبثق عنها برلمان من غرفتين (مجلس شعب ومجلس شورى)، تتشكّل عقبها حكومة ائتلافية من عدة قوى سياسية فائزة، يليها الاستفتاء على الدستور الجديد، وعلى أساسه يُنتخب رئيس للبلاد وتُستكمل حلقة البناء المؤسّساتي للجمهورية المصرية الثانية، طبقا للتعديلات الدستورية التي اقترحها المجلس العسكري في 2011. غير أن أول شرخ وقع بين ''الثوّار'' كان في استفتاء 19 مارس 2011، عندما أيّد الإسلاميون، إخوان وسلفيين، تعديلات العسكر بينما عارض اليساريون والليبراليون هذه التعديلات، وكانت النتيجة مذهلة.. 77 بالمائة لصالح التعديلات وأقل من32 بالمائة ضد التعديلات، بمعنى أن الإسلاميين فازوا على العلمانيين بشكل كاسح تجاوز ثلاثة أرباع الأصوات.
وكانت الهزيمة الثانية للتيارات ''الثورية العلمانية'' في الانتخابات التشريعية، عندما اكتسح الإسلاميون 70 بالمائة من مقاعد البرلمان بغرفتيه، إلا أن القوى الثورية العلمانية لم تستسغ هذه النتيجة، بل حاولت، بشتى الوسائل، تعطيل انتخاب البرلمان للجمعية التأسيسية المكلّفة بصياغة الدستور، واعتبرت أن نتيجة التشريعيات لا تعبّر عن جميع فئات المجتمع المصري، واستطاعت، هذه القوى، تأجيل تشكيل الجمعية التأسيسية، ما أخّر عملية إعداد مشروع الدستور إلى درجة أنه تمّ الاتّفاق على تنظيم انتخابات الرئاسة قبل الاستفتاء على الدستور، كما جاء في التعديلات الدستورية التي أقرّها الشعب في 2011.
ووقفت القوى الثورية العلمانية منها خلف المرشّح اليساري حمدين صباحي، بينما تكتّل الإسلاميون خلف محمد مرسي، وتكتّل أنصار الحزب الحاكم خلف أحمد شفيق، ورغم الحملة القوية لحمدين صباحي إلا أنه حلّ ثالثا، ما شكّل صدمة ثانية للقوى الثورية العلمانية، التي تعتبر نفسها مفجّرة الثورة، وبالتالي فهي الأولى بالحكم، لكنها اصطدمت بمبدأ لطالما دافعت عنه.. ''الديمقراطية''، لذلك دعت، بسذاجة، مرسي للانسحاب من سباق الرئاسة لصالح مرشّحها حمدين صباحي.
ولأن الديمقراطية لم تكن في يوم من الأيام لصالح التيارات الثورية، الليبرالية منها واليسارية، فقد وجدت في الصراع القائم بين الرئيس مرسي ومؤسسة القضاء فرصة لإضعاف الرئيس مرسي عبر الشارع، فإن استطاع الرئيس المصري كبح تدخّلات القضاء في القضايا ''السيادية'' وتغوّله على السلطتين التنفيذية والتشريعية، من خلال تحصين قراراته، إلا أنه أعطى للقوى الثورية العلمانية مخلبا يمكنهم عبره قصم ظهر الرئيس، بواسطة الاحتجاجات والاعتصامات وحرق مقرات الإخوان، ما عمّق الشرخ بين الثوّار الإسلاميين والثوّار العلمانيين.
ورغم إلغاء الرئيس المصري للإعلان الدستوري المثير للجدل إلا أن جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة بقيت متمسّكة بتأجيل الاستفتاء على الدستور، في حين تمسّك الإسلاميون، بجميع أطيافهم، بتنظيم الاستفتاء في موعده، والخلاف الحقيقي، غير المعلن، بين الثوار العلمانيين ونظرائهم الإسلاميين ليس على الدستور في حدّ ذاته، ولكنه يتعلّق برفض التيارات اليسارية والعلمانية أن تجر للعب في ملعب الإسلاميين، لأن الاستفتاء على الدستور لن يكون حتما لصالحهم، لذلك يناور التيار الثوري العلماني بالضغط، بكل الأوراق التي يمتلكها، من أجل الحصول على تنازلات من الرئيس محمد مرسي، قد تصل إلى غاية المطالبة بالإطاحة به، ولو على ظهر الدبابة وعلى جثّة الديمقراطية.
الجزائر: مصطفى دالع
المتابع لشؤون الإخوان المسلمين في مصر سعيد مرسي ل''الخبر''
من المبكّر الحكم على أداء مرسي والليبراليون مازالوا يسيطرون على مواقع كثيرة
مرسي لا يملك الإمكانيات لمواجهة مطالب الشعب والواقع المصري
يشرح سعيد مرسي، أحد أبرز قيادات الحركة الإسلامية في الجزائر والمتابع للشؤون المصرية، خلفيات الحراك السياسي في مصر، ويعتبرها حراكا إيجابيا. ويرى، في حوار مع ''الخبر''، أن هناك بعض الانعكاس السلبي سيمسّ صورة الإسلاميين في الحكم، ويفسّر التقارب الحاصل بين السلفية والإخوان في مصر.
من باب معرفتك بالساحة المصرية.. ما هو تقييمك لأداء الرئيس محمد مرسي في الستة أشهر الأولى من فترة حكمه؟
هذه الفترة غير كافية لتقييم الأداء الحقيقي للرئيس محمد مرسي ومن يحيط به، لقد جاءت التحوّلات سريعا في مصر، ولا يملك الرجل من الإمكانيات المالية التي يواجه بها مطالب الشعب في الواقع المصري. أعتقد أن الرجل تسلّم دولة هشّة على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي، بواقع ديون خارجية وميزانية عاجزة ومؤسّسات منهكة وفقر ومستوى معيشي متدنّي، إضافة إلى وضع سياسي هشّ، وديمقراطية قيد التأسيس.
هل القوى الليبرالية في مصر هي التي بادرت إلى وضع العوائق السياسية أمام مرسي، أم هو الذي منحها فرصة كانت تنتظرها؟
في الحقيقة الأمران معا. هذه القوى الليبرالية قد اجتمعت مع أجهزة النظام السابق التي مازالت تسيطر على مواقع كثيرة، اقتصادية وإدارية وإعلامية. وحتى في المجتمع الّذي أرهبوه بتخويفه من الحكم الإسلامي. وكان بإمكان الرئيس أن يرخي طرف الحبل معهم، من غير انطلاقه في لعبة سياسية لا يعرف منتهاها، لكنني أعتقد أن الرئيس مرسي حاول استعمال صلاحياته الدستورية.
هل تعتقد أن قرارات الرئيس مرسي تسبّبت في وضع شرخ بين الإخوان وباقي أطياف المجتمع المصري؟
توجد بعض الآثار السلبية بالتأكيد، وما جرى من تدافع سياسي دليل أن هناك بعض الشرخ حصل بين الإخوان وطيف سياسي في مصر. بعض أسباب هذا الشرخ واقعية وبعضها مصطنعة، وفّر لها الإعلام وقوى لها خلفيات صراع مع الإخوان بيئة لتحدث، لكن ثمّة إيجابيات في واقع الحراك السياسي والديمقراطي الّذي أحدثته هذه الأوضاع في مصر، عربيّا ودوليّا، لصالح التيار الإسلامي السياسي الذي أظهر قدرة على إدارة الصراع السياسي، والقبول بقواعد اللعبة والاحتكام إلى الشعب في القرارات المصيرية.
كيف تتصوّر انعكاسات قرارات مرسي والوضع الحالي على باقي عهدته الرئاسية؟
في تصوّري سيكون انعكاسها إيجابيا، حيث يأخذ الرئيس بعين الاعتبار المتطلّبات الحقيقية للشعب المصري، بما فيها المعارضة الحالية. أما الذي يُخشى في مصر فهو خلط الساحة السياسية وتأزيمها، باستخدام العنف أو القيام بعمليات عنف شبيهة بحادثة ''المنشيّة''، لكي يدفع الإخوان والسلفيّون الثمن الباهض لإجهاض هذه التجربة الديمقراطيّة، التي وُلدت من رحم الشّعوب العربيّة.
كيف تفسّر وجود تحالف بين تيار الإخوان مع التيار السلفي في مصر، مقارنة بالصراع الحاد بين التيارين في باقي الدول العربية، بما فيها تونس والمغرب؟
إنّ كثيرا من قيادات الإخوان هي سلفيّة في التزاماتها التربويّة وحتّى الدعويّة، وقد سبق لبعضهم أن تربّوا في أحضان السلفيّة، ولا يفوتنا بأنّ للإخوان علماء أصوليّين ومفكّرين بالحجّة والدلائل الشرعيّة. كما إنّ السلفيّة في مصر ذات مصداقيّة شعبيّة وإيجابيّة ومرنة في تعاملاتها السياسيّة مع الإخوان، بخلاف الأقطار الأخرى الّتي توجد فيها السلفية بشكل مغاير، ويوجد فيها تنازع وتنافر إلى حين توفّر عوامل التقارب السياسي.
الجزائر: حاوره عثمان لحياني
الباحث في علم الاجتماع السياسي، الدكتور عمار علي حسن ل''الخبر''
قلة خبرة الإخوان أوقعتهم في الأخطاء وعلى القوى المدنية استغلال ذلك
المؤسسة العسكرية أصبحت أكثر قوة من قبل
هذا الدستور لا يمثّل كل المصريين ولن يكون مصدر استقرار للبلاد
يشير الدكتور عمار علي حسن، الناشط السياسي والمختص في علم الاجتماع السياسي، أن كل المؤشّرات ونتائج سبر الآراء تتّجه إلى تأكيد رفض الشارع المصري لمشروع الدستور، ما يفسّر قرار جبهة الإنقاذ بالمشاركة في الاستفتاء، غير أنه يؤكّد أن احتمال الموافقة على الدستور واردة.
كيف تنظرون لقرار جبهة الإنقاذ بالمشاركة في الاستفتاء، بعد فترة من المناداة بالمقاطعة؟
في اعتقادي أن قرار المشاركة في الاستفتاء، في هذه اللحظة، خطوة سياسية مهمّة، وذلك بالنظر لما يتوفّر من معطيات تشير إلى أن الشارع المصري رافض لمشروع الدستور موضوع الاستفتاء، وعليه جاء قرار المشاركة، لأن الدعوة للمقاطعة يبدو عبثيا في ظل الأجواء الراهنة لأنه ببساطة يخدم مصلحة الجماعات المنظّمة، يعني الإسلامية التي ستكون الفائز الأكبر لأن النتيجة ستكون في صالحها، أقول إن المشاركة في الاستفتاء مهمة شرط أن يتمّ في ظروف من النزاهة والشفافية، وهنا أعتقد أنه دور القضاة والمجتمع المدني ليمارس الرقابة، كما أن المسؤولية تقع على القوى السياسية لمراقبة مجريات الاستفتاء وتفادي التزوير.
تطرّقتم لدور القضاء، مع أنهم استبقوا الأحداث وأعلنوا عدم مسؤوليتهم عن الإشراف، ألا يفقد ذلك الاستفتاء مصداقيته؟
ليس كل القضاة أعلنوا المقاطعة، هناك من قاطع وهناك من أعلن مشاركته، وهناك من سعى إلى إمساك العصا من الوسط حيث طالب بالمزيد من الضمانات، مثلما دعا إليه مجلس الدولة، وبغض النظر عن ذلك أعتبر أن مسألة الإشراف على الاستفتاء واجب وطني لابدّ من كل القوى الحية في المجتمع المصري أن تنخرط فيه لضمان نزاهة المجريات.
تحدّثتم عن الاتجاه العام للإحصائيات التي تشير إلى رفض الشارع للدستور، لكن تظلّ الأرقام غير دقيقة ولا تعكس الواقع بدقة، ماذا لو جاءت النتيجة لصالح الاستفتاء؟
هذا احتمال وارد، لكن ما يمكنني تأكيده أن هذا الدستور المطروح للاستفتاء لا يمثّل كل المصريين بقدر ما يمثّل نظرة فئة واحدة من المجتمع المصري، وعليه في اعتقادي أنه لن يكون أبدا محل اتفاق ولا توافق، كما لن يكون أرضية لتنظيم الحياة العامة في مصر، تماما كما لن يكون مصدر استقرار في مصر، من هذا المنطلق أعتقد أنه، في حال التصويت لصالح هذا الدستور، فسيكون مصدر نزاع مستمر، لأن القوى السياسية التي تعارضه لن تُهزم، وستظلّ تدافع عن وجهة نظرها من خلال موقعها في المعارضة.
يتركّز الحديث في الاستفتاء على الدستور، ماذا عن الإعلان الدستوري الذي لم يتغيّر في جوهره؟
مثلما سبق وقلت، إن مصر تتوفّر على قوى سياسية حية تدافع عن موقفها بكل ما أتيح لها من إمكانيات، وفي اعتقادي إن هذه القوى الثورية، التي تسعى للحفاظ على ثورتها، ستركّز على استغلال أخطاء النظام الحالي، لأنه، في الواقع، أبان، خلال الفترة التي مارس فيها الحكم، أنه يفتقد للحنكة السياسية ولا يملك الخبرة اللازمة، وعليه أعتقد أن القوى المدنية ستواصل معارضتها، من خلال استغلال نقاط الضعف، ويمكنها أن تُحدث التغيير الذي تريده في حال نجحت في الفوز بالانتخابات التشريعية المرتقبة بعد شهرين، والتاريخ يؤكّد أن الشعب المصري مثابر عندما يتعلّق الأمر بالدفاع عن معتقداته، إذ يكفي التذكير بدستور 0391 الذي أقرّه إسماعيل صدقي، والذي ظلّت الجماهير تتظاهر لترفضه إلى أن تم إلغاؤه سنة 1935. أعتقد أن المصريين سيواصلون الاعتراض وسينزلون في مظاهرات إلى أن يزول سبب الغضب، والمتمثّل في الإعلان الدستوري الذي بالرغم من إلغاء الأول إلا أنه في الجوهر يمنح صلاحيات مطلقة للرئيس، والحال أنه إذا ما تمّ رفض الدستور فهذا يعني أن صلاحيات الإعلان الدستوري ستظلّ سارية المفعول لمدة تسعة أشهر على الأقل، الفترة اللازمة لتعيين لجنة تأسيسية أخرى وصياغة دستور جديد.
المؤسسة العسكرية عادت لتظهر في الصورة من خلال دعوتها لحوار وطني، هذا يعني أنه لم يتمّ تحييد دورها بإقالة بعض قياداتها؟
في الواقع مشروع الدستور الجديد أعطى صلاحيات للمؤسسة العسكرية أكثر من الأول، وهو الآن أقوى مما كان عليه في السابق، وإن ظلّ خلف الستار يراقب الأحداث. أعتقد أن هناك احتمالا أن يعود الجيش ليتدخّل في الشأن السياسي في مصر، ولو من باب إعادة الأمور إلى نصابها، قد تقوم القوى المدنية باستدعاء المؤسسة العسكرية لممارسة دور سياسي لفترة ما.
هناك مخاوف من تكرار سيناريو الجزائر في مصر، هل تعتقدون أن ذلك وارد؟
كل الاحتمالات واردة في الوقت الحاضر، والمؤسسة العسكرية لم تبتعد كثيرا عن الساحة السياسية، وإن كان على رأسها اليوم قيادات لا ترغب في التدخّل في العمل السياسي، إلا أنها ما تزال تحتفظ بقوتها وقدرتها على فرض كلمتها في الساحة السياسية.
الجزائر: حاورته سامية بلقاضي

كرونولوجيا الأحداث في مصر منذ الإعلان الدستوري

؟ 22 نوفمبر: الرئيس المصري يصدر إعلانا دستوريا ينصّ على أن قرارات الرئيس وإعلاناته الدستورية، منذ انتخابه وحتى انتخاب مجلس شعب جديد، نهائية ونافذة وغير قابلة للطعن، وإعادة التحقيق في قضايا قتل الثوار، وصلاحية تعيين النائب العام الذي تستمر ولايته أربع سنوات بقرار رئاسي.
؟ 24 نوفمبر: القوى الوطنية والديمقراطية تعلن تشكيل جبهة الإنقاذ الوطني ككيان جامع لكل القوى الرافضة للإعلان الدستوري، وإنشاء قيادة وطنية جماعية.
؟ 25 نوفمبر: البورصة المصرية تشهد أكبر انخفاض بعد ثورة الخامس والعشرين جانفي.
؟ 30 نوفمبر: مليونية حماية الشهيد والمطالبة بإلغاء الإعلان الدستوري
- الجمعية التأسيسية تصوّت على مواد الدستور.
؟ 1 ديسمبر: الرئيس محمد مرسي يتسلّم مسودة مشروع الدستور.
- التيارات الإسلامية تنظّم مليونية ''نصرة الشرعية والشريعة'' لمساندة الرئيس محمد مرسي والإعلان الدستوري.
؟ 5 ديسمبر: أحداث قصر الاتحادية، اشتباكات بين مؤيّدين ومعارضين للإعلان الدستوري، توقع ستة قتلى وأكثر من 400 جريح.
؟ 6 ديسمبر: الرئيس مرسي يلقي خطابا في محاولة للتهدئة، حرق مقر حزب الحرية والعدالة بالقاهرة وعدد من مقرات جماعة الإخوان.
؟ 7 ديسمبر: مليونية ''الكارت الأحمر''، أبرز قوى المعارضة ترفض، رسميا، المشاركة في الحوار المقرّر في 8 ديسمبر.
؟ 8 ديسمبر: إصدار إعلان دستوري جديد يلغي السابق.
؟ 10 ديسمبر: القوّات المسلّحة تدعو إلى حوار وطني شامل لتجاوز الأزمة.
؟ 12 ديسمبر: القوات المسلّحة تؤجّل دعوة القوى الوطنية والسياسية لموعد لاحق.
- جبهة الإنقاذ الوطني تعلن مشاركتها في الاستفتاء وتدعو للتصويت ب''لا''.
- بدء استفتاء المصريين في الخارج.
المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمود غزلان ل''الخبر''
الحركات الاحتجاجية في مصر لا تعدو كونها حركة ديمقراطية عادية
لن نسمح بإسقاط نظام وحاكم شرعي جاء بإرادة الشعب
يرى الدكتور محمود غزلان، المتحدّث باسم جماعة الإخوان المسلمين، أن الأحداث السياسية الملتهبة التي تشهدها مصر لا تكاد تعدو عن كونها حركة ديمقراطية عادية، في إطار التحوّل الديمقراطي الذي تشهده البلاد منذ ثورة 25 جانفي، وأكّد محدّثنا وجود جهات داخلية وخارجية تعبث باستقرار وأمن الوطن، رافضا اتّهام جهات بعينها بإثارة الفوضى والفتنة، ودعا المعارضة إلى الاحتكام إلى صناديق الاقتراع، حقنا للدماء وتحقيقا للسلام الاجتماعي، متوقّعا بأن نسبة كبيرة من المصريين ستصوت ب''نعم'' على مشروع الدستور الجديد، رغبة منه في الخروج من دوامة الصراعات.
ما هي قراءتك للوضع السياسي الملتهب في الشارع المصري؟
المسألة في منتهى الوضوح، ما يعيشه الشارع المصري راجع إلى حالة الديمقراطية الشديدة التي نحاول تعلّمها، وجميع المظاهرات والمليونيات التي تخرج إلى الشارع، سواء من ناحية الطرف الآخر أو من جماعة الإخوان المسلمين، ما هي إلا حركات عادية للتعبير عن الرأي، لن تقطع الطريق أمام الاستفتاء على الدستور الجديد، لأنها لا تعدو كونها حركة ديمقراطية عادية يشتد فيها الخلاف اللفظي لا أكثر.
وكيف ترون موقف المعارضة وإصرارها على رفض الاستفتاء على الدستور الجديد؟
من حقّ كل إنسان التعبير عن آرائه ومواقفه، ولا يمكن لأي جهة، مهما كانت، منعه، بشرط أن تكون طريقة التعبير عن الرأي سلمية ووفقا لإطار قانوني. وأدعو الجميع إلى الاحتكام إلى صناديق الانتخاب، من أجل تخفيف الاحتقان وحفاظا على الوطن والدماء وتحقيق السلام الاجتماعي، لأن الحكم، في النهاية، للشعب المصري الذي سيخرج بوعيه ليقول كلمته في الصندوق، دون تأثير عليه من أي طرف، وقد لمسنا رغبة شديدة من شريحة كبيرة من الشارع المصري بالاستفتاء ب''نعم'' على مشروع الدستور الجديد، وأتوقّع أن نسبة التصويت ب''نعم'' ستصل إلى 75 بالمائة.
المعارضة تهدّد بالتصعيد والإعلان عن إضراب عام، في حال عدم الاستجابة لمطالبها، ما تعليقك؟
من المؤكّد أن يستمر الحراك السياسي على الساحة المصرية، لكننا لن نسمح بتحويل حالة الديمقراطية إلى حوار عنيف ودموي، أو إسقاط نظام وحاكم شرعي جاء بإرادة الشعب.
ما هو السيناريو الذي تتوقّعونه للخروج من هذه الأزمة، وإيقاف فتيل الفتنة والانقسام بين مختلف القوى السياسية؟
نتوقّع حوار الرئيس مع القوى الوطنية والسياسية، وتأكيد الرئاسة على أن أبواب الحوار لا تزال مفتوحة أمام كل الشخصيات والجهات التي ترغب في البحث عن مخرج للأزمة الحالية، وسيكون السبيل الوحيد لردع كل من يحاول إحراق البلاد وإسقاط النظام.
التيار الإسلامي اتّهم جهات داخلية وخارجية بمحاولة الانقلاب على مرسي، ما قولك؟ ومن هذه الجهات في رأيكم؟
بالتأكيد هناك أياد داخلية وخارجية تحاول العبث باستقرار وأمن البلاد، منذ وصول الدكتور محمد مرسي إلى سدّة الحكم، وأؤكد أن أصل المعركة والعنف المستخدم ليس له علاقة بالدستور والإسلاميين فقط، وإنما لإجهاض الثورة والنيل من مكاسبها وأهدافها، لكنني لا أريد الدخول في معارك صحفية مع أي جهة، وأترك القضية لجهات التحقيق المخوّلة بالكشف عن هذه الأطراف بالأدلة والمواقف.
هناك اتهام للإخوان بأنهم اعتدوا على المتظاهرين في التحرير عن طريق ملثّمين؟
لم يحدث هذا، ونحن نراعي حرمة دماء المصريين، وهو اتّهام باطل لا أساس له من الصحة، ومنذ قيام الثورة المباركة شارك الإسلاميون فيها وتعرّضوا لاعتداءات من ''البلطجية''، وسقط منهم شهداء ومصابون، دفاعا عن الثورة، ونحن نحترم حقّ التظاهر السلمي المكفول للجميع، بشرط عدم الاعتداء على المنشأت العامة ومصالح المواطنين.
لكنكم رفضتم الاستماع للمعارضة بشأن الدستور ووجّهتم لها الاتهامات؟
الجمعية التأسيسية للدستور تمّ تشكيلها بالاتّفاق بين كل القوى الوطنية، وشارك الجميع فيها، وتناقشت كل الأحزاب والتيارات المشاركة في الجمعية في كل مواد الدستور، وفوجئنا بالانسحاب، رغم أنهم يتّفقون معنا على معظم مواد الدستور، وشاركوا في وضعه، وهذا يؤكّد أن هناك تغليبا للمصلحة السياسية على المصلحة العامة، ولدينا مواد بالدستور وقّع عليها معارضون انسحبوا من الجمعية التأسيسية.
هل يمكن تجاهل وجود 10 ملايين مسيحي في مصر غير ممثّلين في الدستور؟
الكنائس الثلاث كانت ممثّلة في الجمعية التأسيسية وأثروا المناقشات، والتزمنا بكل مقترحاتهم، ثم انسحبوا فجأة مع آخرين، وحقوقهم مصانة في الدستور، وفي النهاية الشعب هو الذي سيحدّد في الاستفتاء، فإذا وافق فهذا دستوره، وإذا رفض ستُجرى انتخابات لتشكيل جمعية تأسيسية جديدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.