التنظيمات الطلابية تشيد ب"النقلة النوعية" التي حققها قطاع التعليم والبحث العلمي خلال السنوات الأخيرة    حج 1445ه /2024 م: "حجاجنا الميامين مدعوون لأن يكونوا خير سفراء لوطنهم"    فلاحة: القطاع الفلاحي يساهم بنسبة 18 بالمائة في الناتج الداخلي الخام    إيران: وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي ومرافقيه في حادث تحطم المروحية    بمشاركة وزير الري.. افتتاح المنتدى العالمي ال10 للماء ببالي    زيتوني: مشروع "فينكس بيوتيك" سيشرع في تسويق منتجاته الصيدلانية في غضون 18 شهرا    عرقاب في زيارة عمل إلى الكونغو لبحث توسيع آفاق التعاون الطاقوي    جيتور ستصنع سياراتها في الجزائر    عطّاف: إفريقيا تمرّ بمنعطف حاسم    غزّة تُزلزل الكيان من الداخل    الجزائر تواصل الضّغط على مجلس الأمن    الذكرى ال 51 لاندلاع الكفاح المسلح : تأكيد على فشل المقاربة الاستعمارية في الصحراء الغربية    السيتي بطلا للدوري الإنجليزي لرابع مرّة توالياً    تعرّضت لحملة حقد وكراهية لا تطاق بفرنسا    اختتام المهرجان الوطني لإبداعات المرأة    حرفة عريقة بحاجة إلى تثمين    الجزائر العاصمة: حجز أزيد من 25 ألف قرص من المؤثرات العقلية    جهود لتثمين الموقع الأثري لرجل تيغنيف القديم    جامعة الجزائر 1 تنظم احتفالية    الطالب.. بين تضحيات الماضي ورهانات المستقبل    رئيس الجمهورية يعزي في وفاة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي    تجنيد 7000 عون لإنجاز الإحصاء العام للفلاحة    إطلاق مشروع فينيكس بيوتك    السيد دربال يستعرض حالة العلاقات الثنائية مع رئيس سلطة المياه الفلسطينية    طواف الجزائر للدراجات : الجزائريون أمام حتمية الاستفاقة لاستعادة القميص الأصفر بعنابة    السيد دربال يتحادث ببالي مع الوزير السعودي للبيئة و المياه و الفلاحة    باتنة: استرجاع سيارة مسروقة وتوقيف لصّي المنازل    طواف الجزائر للدراجات    مرافقة الطلبة في إنشاء مؤسّساتهم ومشاريعهم الابتكارية    لتوفره على مرافق عصرية تضمن تكوينا نوعيا للطلبة،الرئيس تبون: القطب العلمي والتكنولوجي بالمدينة الجديدة يعد مكسبا هاما للجزائر    تفعيل تواجد الجزائر في منظمة الأمن والتعاون بأوروبا    هيئة إفتاء مصغرة لمرافقة الحجاج إلى البقاع المقدسة    برنامج استعجالي لتهيئة محطات القطار الكبرى عبر الوطن    ربط سكيكدة بالطريق السيار "شرق-غرب" مشروع مستعجل    بحث فرص رفع المبادلات المقدرة ب700 مليون دولار سنويا    قوات الاحتلال تحاصر مستشفى "العودة" شمال غزة    الآفات الزراعية محور يوم دراسي ببسكرة    تتويجنا باللّقب مستحق.. ونَعِد الأنصار بألقاب أخرى    دورة تكوينية لفائدة مسيري الجمعيات واعضائها ببسكرة    الجيش الصحراوي يستهدف جنود الاحتلال المغربي بقطاع السمارة    اللباس الفلسطيني.. قصة مقاومة يحاول المحتل طمسها    صور بهية ومتنوعة عن "ميموزا الجزائر"    إبراز دور الشيخ الإبراهيمي في الثورة التحريرية    جامعة الجزائر 1 "بن يوسف بن خدة" تنظّم احتفالية    محرز "الغاضب" يردّ على شائعات خلافاته مع مدرب الأهلي    كلوب بروج وأندرلخت البلجيكيَين يتنافسان لضم قادري    أندية إنجليزية تراقب اللاعب الواعد مازة    نحو إصدار مؤلف جديد يجمع موروث سكان "الوريدة"    حجز آلاتي حفر بعين الذهب والنعيمة    توصيات بإنشاء مراكز لترميم وجمع وحفظ المخطوطات    قتيل و5 جرحى في اصطدام تسلسليّ    تحسين التكفل بالمرضى الجزائريين داخل وخارج الوطن    بلقاسم ساحلي يؤكد: يجب تحسيس المواطنين بضرورة المشاركة في الانتخابات    نفحات سورة البقرة    الحكمة من مشروعية الحج    آثار الشفاعة في الآخرة    نظرة شمولية لمعنى الرزق    الدعاء.. الحبل الممدود بين السماء والأرض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوفاء.. الخُلق الّذي كاد يندثر
نشر في الخبر يوم 16 - 10 - 2014

إنّ المتتبِّع لآيّ الذِّكْر الحكيم يجد أنّ أكثر من آية تتحدّث عن هذا الخُلق: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ}، {وَبِعَهْدِ اللّه أَوْفُوا}، {وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا}. وقد ضرب أنبياء اللّه أمثلة في الوفاء سطّرت بأحرف من نور في صفحات القرآن، فقال تعالى في إبراهيم عليه السّلام: {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى}، وقال في إسماعيل: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسَمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا}.
الوفاء بالعهد أدب ربّاني حميد، وخُلق نبويّ كريم، وسلوك إسلامي نبيل، فمَن وعد وجب عليه الوفاء، فإن منعه مانع لا طاقة له به وجب عليه الاعتذار: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولًا}. لمّا حضرت عبدَ اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما الوفاةُ قال: إنّه كان خطب إليَّ ابنتي رجل من قريش، وقد كان منّي إليه شبه الوَعد، فو اللّه لا ألقى اللّه بثلث النّفاق، أشهدكم أنّي قد زوّجته ابنتي.
من صور الوفاءِ الوفاءُ بالدَّين، فعن أبي هريرة رضي اللّه عنه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يؤتى بالرجل المتوفى عليه الدّيْن فيقول: “هل ترك لدينه من قضاء؟ فإن حدث أنّه ترك وفاء صلّى عليه، وإلّا قال للمسلمين: صلّوا على صاحبكم، فلمّا فتح اللّه عليه الفتوح قام فقال: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمَن توفي من المسلمين فترك دَيْنًا عليّ قضاؤه، ومَن ترك مالًا فهو لورثته”.
ومن صور الوفاء الوفاء مع الوالدين، فقد تعبا لراحتنا، وسهرا لنومنا، فمن الوفاء الدّعاء لهما: {وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}، ومن الوفاء لهما طاعتهما وفعل الجميل معهما، وإدخال السّرور على قلبيهما، والاستغفار لهما، وإكرام صديقهما بعد موتهما؛ جاء رجل من بني سلمة فقال: يا رسول اللّه هل بقي من بِرّ أبوي شيء أبرّهما به بعد موتهما؟ قال: “نعم، الصّلاة عليهما والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما”.
من الصور أيضًا: الوفاء مع مَن أسدى معروفًا، فمن شيم الأوفياء وأخلاق الفُضلاء وشمائل النبلاء الوفاء للمحسنين وصنَّاع المعروف، فقد كان سيّد الأوفياء وَفِيًا حتّى مع الكفّار، ومِن وفائه ما قاله في أسرى بدر: “لو كان المطعم بن عدي حيًّا ثمّ كلّمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له”، وذلك وفاء لصنيع المطعم بن عدي حيث إنّه أجار النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لمّا أراد أن يدخل مكّة بعد رجوعه من الطّائف. وهذا أبو البحتري بن هشام أحد الرّجال الّذين سعوا في نقض صحيفة الحصار الجائرة الّتي تعرّض لها رسول اللّه عليه الصّلاة والسّلام، فحفظ صلّى اللّه عليه وسلّم جميله، فلمّا كان يوم بدر قال صلّى اللّه عليه وسلّم: “مَن لقيَ أبا البحتري بن هشام فلا يقتله”. فيا لعظمة هذه الأخلاق، ويا لروعة هذا الوفاء، وإنّ أعظم مَن أسدى لنا المعروف هم مَن علّمونا فيجب ألّا ننسى جميلهم، يجب أن نذكر أفضالهم. ومن أهم أنواع الوفاء الوفاء بين الزّوجين، فقد جمعهما عقد عظيم، وميثاق غليظ، ومن أعظم صور الوفاء بين الزوجين وفاء النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لخديجة بنت خويلد رضي اللّه عنها الّتي كانت أوّل مَن آمَنَ بالنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، وهي الّتي ثبَّتت فؤاده عند نزول الوحي، وقوّت عزيمته، وواسته بمالها، فقابل رسول اللّه عليه الصّلاة والسّلام وفاءَها بوفاء أعظم منه، فكان يشكرها في إحسانها، وظلّ بعد موتها يكثر ذِكرها. تقول عائشة رضي اللّه عنها: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا ذَكَر خديجة لم يكن يسأم من الثّناء عليها والاستغفار لها، فذكرها ذات يوم، فاحتملتني الغيرة فقلتُ: قد عوّضَك اللّه من كبيرة السن، قالت: فغضب رسول اللّه ثمّ قال: “واللّه لقد آمنت بي إذ كفر بي النّاس، وصدّقتني إذ كذّبني النّاس، ورُزِقَت منّي الوَلد”.
لقد كان وفاؤه صلّى اللّه عليه وسلّم متعدّدًا لأمّته، فتأمَّل رعاك اللّه ذلك الموقف العظيم، حين يموج فيه النّاس موجًا، ويبلغ بهم الكرب ما لا يُطيقون، ويعتذر جميع الأنبياء من الشّفاعة فيأتونه صلّى اللّه عليه وسلّم فيقول: أنا لها، فيستأذن على ربّه فيخرّ ساجدًا تحت العرش، ثمّ يفتح اللّه عليه ويلهمه من محامده وحُسن الثناء عليه شيئًا لم يفتحه لأحد قبله، ثمّ يقال: يا محمّد ارفع رأسك، وقُل يُسمع لك، وسَل تُعْطَ، واشْفَع تُشَفَّع، فيَرفع رأسه فيقول: يا ربّ أمّتي أمّتي، حينها يشفع صلّى اللّه عليه وسلّم للخلائق. نسأل اللّه التّوفيق.
إمام مسجد عمر بن الخطاب
بن غازي براقي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.