فيما يتواصل إنجاز أكثر من 23 ألف وحدة من مختلف الصيغ: توزيع 3550 سكنا اجتماعيا في الفاتح نوفمبر بقسنطينة    عرض كتابه "خمسون مفتاحا للخمسينية"    الأمين العام للمحافظة السامية للأمازيغية انتقد المنحى البطيء لتدريسها: مساعٍ لبعث تدريس اللغة الأمازيغية بأم البواقي    وزير المالية أمام أعضاء مجلس الأمة: قانون منح العقار الاقتصادي لا يقل أهمية عن قانون الاستثمار    رشيد حشيشي يخلف توفيق حكار على رأس سوناطراك    يتعرف على المنافسين هذا الجمعة: إتحاد الجزائر يبلغ دور مجموعات كأس الكاف    الرابطة تضبط برنامج الجولات القادمة    بعد مرور ثلاث جولات فقط: حميسي خامس مدرب يغادر !    لبلورة حل سياسي في إطار مبادرة الرئيس تبون: النيجر يقبل وساطة الجزائر    من بينهم 26 ألف سائح أجنبي توافدوا على المناطق الصحراوية: تسجيل أزيد من 1.5 مليون سائح منذ بداية العام الجاري    شدد على ضرورة تنفيذ تعليمات رئيس الجمهورية: بلعابد يدعو لتنسيق يذلل الصعوبات التي قد تعترض السنة الدراسية    بحضور رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي: جثمان المجاهد العميد المتقاعد حسين بن حديد يوارى الثرى    إنشاء الوكالة الوطنية للعقار الحضري قريبا    اتفاقيات شراكة لجلب السياح الايطاليين والصينيين    قال قبل نهاية 2024،مدير الدراسات بوزارة الطاقة:    تنظيمات ونقابات تُثمّن القرارات الرئاسية    اجتماع "تاريخي" لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في كييف    اهتمام بتجربة الجزائر في ترقية الشباب    السكك الحديدية وتحلية المياه ضمن التخصصات الجديدة    في ندوة صحفية عقب اجتماع تقييمي ضم مسؤولي القطاع،ربيقة:    جثمان المجاهد العميد المتقاعد حسين بن حديد يوارى الثرى بمقبرة بن عكنون    رفض الاستخدام السياسوي لحقوق الإنسان كورقة ضغط على بعض الحكومات    تنظيم الاستيراد وتوفير السلع    صالون حول التكوين والتصديق بالجزائر    مولوجي تشرف على إطلاق منتدى الكتاب    الترخيص ل435 وكالة بتنظيم العمرة    اتصال بين بلماضي وعدلي: ما الذي دار بينهما؟    انطلاق محاكمة ترامب ونجليه بنيويورك    انطلاق أشغال اللجنة الرابعة الأممية المعنية بتصفية الاستعمار    "اللعب" حق للأطفال لا بد أن لا يغفل عنه الآباء    حزب سياسي برازيلي يدعو الى تقرير مصير الشعبين الصحراوي و الفلسطيني    بلومي يتمنى تكرار نجله لتجربتي ماجر وبراهيمي في البرتغال    تراجع مستوى بن رحمة يهدد مكانته في "كان 2023"    الإعلان عن صفقة ترميم    تأكيد على أهمية التوثيق للأعمال المسرحية    نادي "سوسطارة" يمدد مغامرته الإفريقية    رجال أعمال بسكرة يتبرعون ب3 ملايير    التحاليل الطبية يجب أن تعطى لصيدلي أو طبيب مختص    سليماني يوقّع ثاني هدف له مع نادي كوريتيبا    لحظات للرقي والتأمل    باحثون يرافعون لدور التّرجمة في ثقافة العيش المشترك    بقرار من رئيس الجمهورية:إنهاء مهام توفيق حكار وتعيين رشيد حشيشي على رأس سوناطراك    الشرطة تطيح بمروج خطير للمخدرات    استرجاع دراجة نارية محل سرقة    نشر القوانين الأساسية لمستخدمي قطاع الصحة على أقصى تقدير نهاية السنة الجارية    الحكومة اللّيبية تبحث عن استيراد مساكن جاهزة للمنكوبين    الفحوص الطبيّة للأسير علي الحروب بيّنت ظهور أورام جديدة في جسده    البويرة : جفاف الحنفية يؤرق سكان الأخضرية.. والوالي مطالب بالتدخل    الشلف : حجز قرابة 12 قنطار من الحبوب والبقوليات موجهة للمضاربة    من إنتاج المسرح الجهوي "عبد القادر علولة" : عرضان لمسرحية "العازب" في مهرجان البحر المتوسط للمسرح بتونس    وفد من منطقة شينجيانغ الصينية في زيارة مرتقبة للجزائر العاصمة بحر الأسبوع القادم    تبسة: حجز 6500 قرص مهلوس ببئر العاتر    سيدنا محمد صديقاً    المسؤولية،تكليف أم تشريف.. ؟!    مسابقة للالتحاق ب 6900 مقعد بيداغوجي للمستخدمين شبه الطبيين    الإيمان برقابة الله تعالى    من وسائل دفع الحزن عن النفس في السنة النبوية    عدد زوجات النبي وأسماؤهن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المعهد الفرنسي في الجزائر يُكرم الروائي أنور بن مالك
نشر في الخبر يوم 19 - 03 - 2016

يُكرم المعهد الفرنسي في الجزائر، اليوم ابتداء من الساعة الرابعة زوالا، بمقره الكائن بالجزائر العاصمة، في إطار “احتفالية الفرانكوفونية”، الروائي الجزائري أنور بن مالك. تنظم بالمناسبة ندوة ينشطها يوسف سايح بعنوان “أنور بن مالك.. تجربة أدبية فريدة”. وجاء تكريم بن مالك بالاشتراك مع “الخبر”، بعد أن لفتت أعماله الروائية منذ “العاشقان المنفصلان” سنة 1998 انتباه النقاد، حتى أن الروائي الراحل محمد ديب أثنى عليه ووضعه في مرتبة الروائي الإنجليزي من أصل بولندي “جوزيف كونراد”.

أنور بن مالك ل”الخبر”
“الثقافة العربية تثري كتاباتي بشكل حيوي”
يعتقد الروائي أنور بن مالك أن أعماله الرواية تجيب دائما عن السؤال التالي: “ماذا كنت سأفعل لو أنا في وضعية مأساوية؟”. واعتبر أن الحياة تجربة فظيعة لأن الموت هو مصيرها. وقال بن مالك في حوار خص به “الخبر” إن ارتباطه بالمخيال الثقافي العربي الإسلامي يعود لسنوات التكوين، معتبرا أن الكتابة تحتم على الكاتب الاحتفاظ بنظرة جد محايدة بخصوص سلوكيات ودوافع شخصياته.
يبدو أن الرواية تشكل فضاء إبداعيا مهما بالنسبة إليك، رغم أنك قادم من عالم الرياضيات، لماذا؟
أعتقد أن الرواية تتطابق في العمق مع التجربة العلمية. لنأخذ مثلا عددا من الشخصيات ونفرض عليها أشكالا مختلفة من الضغوط، ونُلقي بها في أوضاع خارجية خارجة عن نطاقها (البلد، الأحداث التاريخية، الأوضاع الاجتماعية والسياسية، والمعتقدات الدينية)، ونلاحظ كيف تتصرف كل هذه الشخصيات المُبتدعة والافتراضية وهي محملة بكم من الحتمية وحرية التصرف، لكي تصل بنفسها إلى مرفأ النجاة. أعتقد أن الوصف الذي قدمته هنا يتصف بالكاريكاتورية، لكن المهم أن الروائي يملك منذ البداية حرية الاختيار التي نجدها عند من يشتغل بالعلم، فيقدم عدة فرضيات، ليخلص إلى نتائج جزئية. الكاتب حسب اعتقادي (أو بالأحرى الروائي الذي يستهويني) مجبر على شيء من الحياد تجاه شخوصه. حتى في حال وصوله إلى مرحلة الشعور بشيء من التماهي مع هذه الشخصيات الورقية، عليه أن لا ينسى أن الكتابة تحتم عليه الاحتفاظ بنظرة جد محايدة بخصوص سلوكياتها ودوافعها الدفينة.
هذه النزعة العلمية لم تمنعك من الاهتمام بمسائل فلسفية كالعلاقة بين الحياة والموت، هل تعتقد أن الرواية يجب أن تعبرها هذه القضايا الفلسفية؟
الحياة عبارة عن تجربة فظيعة، نأتي للعالم لكي نموت، وندرك هذا جيدا. هذا الواقع بمفرده يجعل كل إنسان فيلسوفا تراجيديا. تحدق في شخص تحبه، امرأة، رجل، طفل، وتتأكد أن مصير هؤلاء هو الموت، وهو نفس مصيرك. هذا أمر فظيع، لا يطاق، ويحول كل وجود بشري إلى رواية لا يمكن تجاوزها. لا يوجد عمل روائي قادر على بلوغ العظمة الفظيعة لأي حياة بشرية، فبمجرد أن نبلغ مرحلة فهم الحياة التي أُعطيت لنا، نفقدها. وعليه، فالحياة ليست سوى احتضار طويل، صرخة الرضيع الأولى هي التي ترسم العد التنازلي الذي يوصله إلى قبره. وعليه، فإن كل كتابة عبارة عن كتابة فلسفية، فكل ضحكة، وكل سعادة، وكل إثارة، تخلقها رواية أو قصيدة عبارة عن انتصارات على الموت، لكنها انتصارات مؤقتة، وتتسم بالسخرية على المنتصر الوحيد: الموت. لكن عظمة الإنسان باعتباره الحيوان الوحيد الذي يملك معرفة بنهايته على الأرض، تكمن في تراكم الانتصارات المؤقتة في كل المجالات، مجال الفن أو العلم بالخصوص، ونقلها إلى من يأتي بعده سواء أكانوا في الوقت الراهن أو في المستقبل بالخصوص، ليقوم بتحويل حاضره البسيط والزائل إلى نوع من الخلود، يتم نقله بواسطة سلسلة طويلة تعود إلى بداية الخليقة. أعتقد أن الأدب في العمق لا يملك تبريرا، اللهم لأننا سائرون للموت. ففي حالة حذف الموت يصبح الأدب بلا جدوى، بل يصبح سخيفا.
يحضر التاريخ في عالمك الروائي، من رواية “العاشقان المنفصلان” التي تعود من خلالها لحرب التحرير، وصولا إلى روايتك الأخيرة “ابن شيئول” التي قاربت من خلالها موضوع “إبادة اليهود” خلال الحرب العالمية الثانية، كيف تحدث هذه العودة الدائمة للماضي؟
لم أكن أرغب أبدا في كتابة الرواية التاريخية بالمعنى المتعود عليه. لا يهمني التاريخ إلا وفق تلك الطريقة التي تمكنني من الإجابة عن الأسئلة التي تعبر كل كتبي تقريبا، وهو “ماذا كنت سأفعل لو..”. ماذا كنت سأفعل لو تعرضت للنفي إلى كاليدونيا الجديدة جراء ثورات القبائل الجزائرية في نهاية القرن التاسع عشر؟ ماذا كنت سأفعل لو كنت من السكان الأصليين في أستراليا وتعرضت للإبادة من قبل الأنجلو ساكسون (رواية “ابن الشعب العتيق”)؟ ماذا كنت سأفعل لو تعرضت للتعذيب خلال حرب التحرير (العاشقان المنفصلان)؟ ماذا كنت سأفعل لو كنت فلسطينيا سجين ظلم تاريخي وعرضة لمأساة مخيمات اللاجئين (الحب الذئبي)؟ ماذا كنت سأفعل لو تعرضت للتعذيب خلال أحداث أكتوبر 1988 بالجزائر أو وقعت بين مخالب جماعة إرهابية في التسعينات (الاختطاف)؟ وماذا كنت سأفعل لو كنت يهوديا ألمانيا في طريقي إلى غرف الغاز النازية؟ أو أحد أفراد شعب “الهيريرو” الضحية الإفريقية المنسية التي تعرضت للإبادة في ناميبيا خلال القرن العشرين، التي اقترفت سنة 1904 من طرف الرايخ الثاني (ابن شيئول)؟ الإنسان لا يهتم سوى بالتاريخ، وهو يُظهر، ويُبرز أضراسه الحديدية. وبقصة رجل وامرأة يعيشان جنب هذه التي تسمى “ملتهمة المصائر”، مع التظاهر بنسيانها، أو يتمنيان بكل قواهما بأن تتجاهلهما. بإمكانهما أن يبديا الرغبة في الحب، في الحقد، في الغيرة، وفي إظهار الخير أو السفالة، بينما تلقي أحداث فظيعة بظلالها عليهما. لكن ماذا يبقى لهما حينما يتحولان إلى شخصيات روائية بواسطة إرادة الكاتب، يعيشان حياتهما خلال حرب التحرير أو الحرب العالمية الثانية أو الحروب الأهلية السورية والعراقية؟ ما أريد إظهاره في رواياتي هو هذه المعركة بين الحتمية المرعبة بين بعض اللحظات التاريخية وبين الحرية التي يتم دفع ثمنها غاليا في بعض الأحيان، والتي بحوزة الإنسان حتى لا يخضع لهذه الحتمية. شخوصي ليسوا أبطالا، بل أشخاص عاديون يكتشفون ذواتهم ويظهرون للآخرين عبر أوضاع فوق العادة.
ما هي علاقتك مع الثقافة العربية، أنت الكاتب الفرانكوفوني؟
عشت سنوات مهمة في حياتي، أقصد سنوات التكوين، في وسط طبعته الثقافة العربية، وبالضبط الثقافة العربية - البربرية. يكفيني حاليا أن أستمع مثلا لأغاني عبد الوهاب أو العنقى لكي أتذكر والدي وهو يكتب بالعربية كتابه حول علم الاجتماع أو ترتيل لعبد الباسط عبد الصمد لكي أستعيد الطاولة العائلية خلال وقت الإفطار في رمضان. أدين لوالدي حبي للغة العربية. لسنوات طويلة كان يلقننا العربية خلال صباحات العطل الصيفية ليتبعها درس اللغة الفرنسية، ليختم ذلك بدروس في الرياضيات. وكان والدي رجلا وطنيا منفتحا على العالم وعلى متطلباته. وأوضح لمن يريد أن يقلد والدي أن هذه الدروس كانت تجري قبل فطور الصباح. إن الثقافة العربية، شعرها وآدابها وموسيقاها تشكل كلها جزءا من حياتي الثقافية واليومية، وهي تثري كتابتي بشكل حيوي، وتعطيها ما يمنحها خصوصيتها.
ماذا تعني الثقافة العربية بالنسبة إليك اليوم؟
الغضب أولا. يتملكني حزن شديد لما أدرك حجم الدمار والفوضى والحقد المنتشر في العالم العربي اليوم. العراق تنوع في معتقداته وثقافاته، هو الذي كان وريث الأمويين والعباسيين، ربما يكون وجوده قد انتهى. وسوريا سائرة نحو البلقنة بشكل نهائي. وماذا نقول عن اليمن الصغير الذي دهسته جيوش تحالف تخوض ضده حربا ضروس؟ علينا أن نقرأ روايات وقصائد كتاب العالم العربي الأحرار، هؤلاء الذين يواجهون خطر الموت. أعتقد أننا لا نُساند بما يكفي هؤلاء الكتاب والصحفيين المحكوم عليهم بالسوط والسجن من قبل أنظمة ثيوقراطية. نحن صامتون في الغالب تجاه قوة المال الخليجي ودعايته الأصولية.
يتم تكريم أنور بن مالك اليوم بمناسبة عيد الفرانكوفونية، بالاشتراك مع جريدة “الخبر”، ماذا يعني لك هذا التكريم ؟
هي أجمل هدية أتلقاها من الجزائر، راودتني السعادة طبعا، رغم أنني شعرت للحظة الأولى بنوع من التذبذب، وبأنني صرت من عداد الموتى، لأن التكريم في الغالب يخص الموتى. لكن تكريما من هذا النوع لا يعني نهاية في حد ذاته، بل هو “علاقة مرحلة” اعتراف بأن الكتب التي كتبناها ليست عديمة الجدوى.
سأستمر في الكتابة، حتى يأتي الموت ويخبرني قائلا: “هيا يا وليدي لقد جاء دورك”.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.