تواجه البنوك التجارية شحا في السيولة منذ فترة، فقد تسببت تقلبات صرف الدينار ولجوء المدخرين إلى عملات ملجأ وهي العملات الصعبة الرئيسية وتراجع معدلات الادخار، في نقص ملحوظ في السيولة، حيث تراجعت الكتلة من السيولة من حوالي 1500 مليار دينار إلى حوالي 600 مليار دينار، رغم قرار البنك المركزي التدخل مجددًا في السوق المصرفية بعد تفاقم الأزمة المالية وما ترتب عليها من نقص في السيولة، من خلال مراجعة سقف احتياطي المصارف العمومية والخاصة للمرة الثانية في خلال 15 شهرا، بهدف توفير السيولة المطلوبة للأسواق. ووفق تعليمات أرسلها بنك الجزائر للبنوك التجارية الناشطة في الجزائر في 13 أوت الماضي، فإنه تم مراجعة حجم احتياطي المصارف الإلزامي من 8 في المائة من الوعاء الإجمالي لاحتياطي جميع المؤسسات المصرفية إلى 4 في المائة، ما يعني أن البنوك ستضخ نصف احتياطيها من العملة الصعبة والدينار في السوق المصرفية. ورغم الإجراء، فإن ظاهرة نقص السيولة لاتزال قائمة، ويلاحظ أن صعوبة متزايدة يعاني منها طالبو الأموال لاسيما تلك التي تفوق سقفا محددا، والتي تقتضي إيداع طلبات مسبقة يمكن أن تمتد ليومين لتوفير السيولة الضرورية التي غالبا ما تفوق مليوني إلى 10 ملايين دينار، كما أضحى المدخرون ملزمين بملء استمارات خاصة وتقدم المبررات لسحب مبالغ مالية تفوق 150 ألف دينار. وبعد أزمة السيولة التي كانت تطال مؤسسات البريد في مرحلة 2010-2012 بالخصوص، أضحت البنوك تواجه أحيانا إشكالا لتوفير سيولة الأجور للمؤسسات. ويعتبر الخبراء أن مشكل السيولة يتطلب حلولا وبدائل عملية، بداية بإعادة الاعتبار للتعامل بالشيك في المعاملات التجارية والمالية. فرغم توفر الإطار القانوني والتشريعي واعتماد مركزية المخاطر واعتماد قوانين تخص الصكوك دون رصيد، إلا أن التعامل بالصك يبقى شبه منعدم بما في ذلك في الدوائر الاقتصادية والتجارية، بل إن منطق "الشكارة" يبقى سائدا والتسديد بالنقد أيضا، وباستثناء بعض التعاملات التي يطلب فيها الشيك المصادق عليه الذي تصدره البنوك وبإجراء يستغرق أياما، فإن النقد يبقى هو أساس التعامل. أما البديل الثاني، فإنه يخص اعتماد الدفع الإلكتروني وانتشار نهائيات الدفع الآلي، وهنا أيضا ورغم إنشاء شركة النقد "إلىلي" والعلاقات التلقائية بين البنوك "ساتيم" في منتصف التسعينات، إلا أن البطاقة تظل محدودية الاستخدام، فإلى جانب السقف المحدد في مجال السحب، فإن غياب نهائيات الدفع يبقي دائرة استخدام البطاقة شبه منعدم في مجال الدفع، ويبقى ساريا في بعض عمليات السحب فحسب. ومما زاد الضغط على البنوك، تسجيل نقص محسوس للادخار، فضلا عن حالة الأزمة التي تدفع شريحة كبيرة إلى الاكتناز وتحويل الدينار إلى عملات أجنبية أو ذهب كظاهرة الملجأ في حالات الأزمة.