استحال لون صورة الطفلة إكرام خنة المعلقة على مختلف جدران مدينة تيارت، منذ نهاية شهر جويلية الماضي، إلى لون باهت بفعل العوامل الطبيعية، واختفت عديد ملصقات إعلانات البحث عنها من السيارات والمحلات التجارية، في مؤشر على اختفاء الأمل في العثور عليها، لكن عائلتها وأقاربها وجيرانها لا يزال أملهم قائما لإيجاد البنت، رغم مرور ثلاثة أشهر على اختفائها في ظروف غامضة. مرت مناسبة عيد الأضحى ولسان حال أقاربها يقول "عيد بأي حال عدت يا عيد"، ولم يظهر أي خبر عن الطفلة إكرام وأعقبتها مناسبة الدخول المدرسي ولم تعد المفقودة إلى مقاعد الدراسة بقسم السنة الخامسة بمدرسة حدو ميلود الواقعة بالشارع الرئيسي لحي التفاح بالضاحية الشرقية لمدينة تيارت. ومرت الأيام والليالي ليدخل اختفاء الصغيرة إكرام صاحبة العشر سنوات بداية شهره الرابع، وتراجع معه التضامن الحاشد للمواطنين وتجمع الشباب أمام مسكنها العائلي بحي التفاح، وتوقفت عمليات البحث المنظمة من طرف المواطنين بمختلف المناطق المشبوهة، ليبقى لغز اختطاف إكرام يثير علامات الاستفهام، كونها الحالة الأولى التي لم يظهر عليها أي خيط يمسك به المحققون والباحثون، في حين أن حالات اختفاء لأطفال ومراهقين سجلت بتراب الولاية انتهت بعودة المبحوث عنهم إلى أحضان عائلاتهم وسط فرحة عارمة. إلا أن قضية إكرام التي أسالت الكثير من الحبر لم تصل إلى الحل وسط بصيص من الأمل لدى أفراد عائلتها، الذين تبقى آمالهم معلقة حول نتائج التحقيقات المفتوحة من طرف مصالح الأمن التي تواصل عمليات البحث عنها دون انقطاع، بينما تظل العائلة تنتظر من يدق عليها الباب ويزف إليها بشرى العثور على البنت في ظروف عادية، فما أصعب أن تظل العائلة معلقة بين الاحتمالات الكثيرة. ولقد انتقل الحزن بمناسبة الدخول المدرسي بعد حوالي شهر ونصف من اختفاء الطفلة إكرام من بيت عائلتها إلى مدرسة الشهيد حدو ميلود الواقعة بحي التفاح، على بعد أمتار عن مسكنها العائلي، وسط زملائها في قسم السنة الخامسة ابتدائي وباقي تلاميذ المدرسة الذين يعرفونها بحيويتها ونشاطها وابتسامتها التي لا تفارق محياها. زملاؤها تركوا مقعدها شاغرا في المدرسة ولم يقطع هؤلاء الأطفال، على صغر سنهم، الأمل في عودتها إلى مقاعد الدراسة، تاركين مكانها شاغرا لعلها تعود يوما للمشاركة معهم في امتحان نهاية التعليم الابتدائي مع نهاية الموسم الدراسي والانتقال إلى المتوسطة لمزاولة التعليم المتوسط، وهي التي اختفت عن الأنظار يوم 29 من شهر جويلية الماضي في حدود الحادية عشرة صباحا عقب عودتها من المدرسة القرآنية وخروجها مجددا من البيت العائلي لشراء الخبز من أحد المحلات الواقعة بمدخل حي التفاح الذي يشهد حركة كثيفة للمركبات والراجلين، لكنها لم تعد تاركة شرخا كبيرا وحزنا عميقا وسط أفراد عائلتها وجيرانها والمواطنين المتضامنين مع عائلتها من ولاية تيارت وخارجها. ولم يجد المشاركون في البحث دليلا بسيطا يوصلهم إليها، فيما كثفت المصالح الأمنية أبحاثها دون انقطاع وحرم بعض منتسبيها من العطلة السنوية في فصل الصيف استكمالا لعملهم في البحث عنها، بعد أن نظمت الحماية المدنية بالتنسيق مع مصالح الأمن والدرك الوطنيين، في ال13 من شهر أوت الماضي، حملة بحث بسيدي الدحموني وبخدة دون أي نتيجة. ولم يساعد الفضاء الأزرق في البحث عن الصغيرة إكرام كثيرا، بل إنه تحول في بعض المناسبات إلى مصدر "تشويش" على المحققين وعلى أفراد عائلتها بنشر أخبار كاذبة عن العثور عليها، دون مراعاة مشاعر أمها ووالدها وإخوتها المحروقة أكبادهم على إكرام، بعد أن مرت عليهم مناسبة عيد الضحى المبارك مُرﱠة. وكانت مصالح الدرك الوطني بولاية تيارت سجلت في حصيلة نشاطها للسنوات الثلاث الأخيرة حالات اختطاف، منها 5 حالات في سنة 2016، فيما لم تسجل أي حالة خلال سنة 2017، وحالة واحدة خلال الأربعة أشهر الأولى من السنة الجارية، لكنها صنفت على أنها حالات اختفاء "بسيطة" لكون المفقود عادة ما يكون بنتا قاصرا سرعان ما تعود إلى أهلها، غير أن قضية إكرام بقيت لغزا محيّرا.