وهران: تكريم كوكبة من الصحافيين بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة    مؤسسات ناشئة: إطلاق الطبعة الخامسة لمسابقة الابتكار في قطاع الفلاحة في إفريقيا    أوبك+: الجزائر وسبع دول أخرى تقرر زيادة جديدة في الإنتاج ابتداء من يونيو المقبل    المؤتمر ال38 للاتحاد البرلماني العربي يواصل أشغاله عبر اجتماعات لجانه الدائمة    شهر التراث: انطلاق الورشة التكوينية الثانية في مجال حماية التراث الثقافي لفائدة سلك القضاة بالجزائر العاصمة    حج 1446ه: انطلاق أول رحلة للحجاج السبت المقبل    المحافظة السامية للأمازيغية: الجزائر واحدة وموحدة والهوية الوطنية ليست موضوعا للتشكيك    وهران: أبواب مفتوحة على المصلحة الوطنية لحراس السواحل    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 52495 والإصابات إلى 118366    تسجيل أزيد من 4900 مخالفة تجارية خلال ال 4 أشهر الأولى للسنة الجارية ب 7 ولايات غرب الوطن    الخناق يضيق على روتايو    الأمم المتحدة تحذّر من جرائم الحرب بمالي    سوريا.. الفتنة التي لا تهدأ    هذا موعد انطلاق الموسم المقبل    تأشيرة الصعود إلى قسم الكبار في المزاد    الألعاب الإفريقية للرياضة المدرسية 2025 : اجتماع رؤساء البعثات يومي 19 و20 مايو بالجزائر العاصمة    توقيف 6 عناصر دعم للجماعات الإرهابية    مرّاد يشيد بالجهود المبذولة    مصالح الرقابة تسجّل أزيد من 1500 مخالفة    انطلاق دورة تدريب القادة الشباب    الجزائرية للمياه: توقيع خمس اتفاقيات لعصرنة تسيير خدمات المياه    هذا ما ينصّ عليه مشروع قانون التعبئة..    الجزائر وغانا تجدّدان التزامهما بتعزيز الشراكة    وزارة التربية تعلن عن انطلاق عملية سحب استدعاءات امتحاني "البيام" و"الباك"    الصحفيون الفلسطينيون يحيون اليوم العالمي لحرية الصحافة في ظل انتهاكات المحتل الصهيوني وصمت المنظمات الدولية المعنية بحمايتهم    إطلاق خدمة جديدة عبر الانترنت على مستوى بوابة جبايتك    كرة القدم/ بطولة إفريقيا للمحليين 2025 (الدور التصفوي الأخير): آخر حصة تدريبية للخضر قبل مواجهة غامبيا    انطلاق أشغال الجلسات الوطنية للوقاية من السرطان ومكافحته    كرة القدم داخل القاعة/كأس الجزائر: أتلتيك أوزيوم يفوز على نادي بئرمراد رايس ويتوج باللقب    لا تراجع عن الزيادة في الأجور والتخفيف من الضرائب    أم الطوب تستذكر الشهيد البطل مسعود بوجريو    مهرجان تقطير الزهر والورد يعبّق شوارع سيرتا    خرجات ميدانية مكثفة من مسؤولي عنابة    174 عائلة تستفيد من سكنات جديدة ببلدية أرزيو    انطلاقة مثالية للمنتخب الجزائري وطموح 15 ميدالية ذهبية في المتناوَل    نادي ليفربول يصرّ على ضم ريان آيت نوري    الذكاء الاصطناعي رفيق التراث وحاميه الأمين    تقوية الروابط الروحية بين زوايا منطقة غرب إفريقيا    الطبعة ال29 لمعرض مسقط الدولي للكتاب : مشاركة لافتة للناشرين الجزائريين    عرضان إيطالي وفرنسي قد يُخرجان بن سبعيني من ألمانيا    تطوير شعبة الليثيوم وفق الرؤية الاستراتيجية للرئيس تبون    رئيس الجمهورية وحّد الرؤية نحو جزائر وقوية وآمنة    الاتحاد البرلماني العربي: دعم القضية الفلسطينية ثابت لا يتزعزع    وزير النقل يترأس اجتماعًا لتحديث مطار الجزائر الدولي: نحو عصرنة شاملة ورفع جودة الخدمات    البروفيسور مراد كواشي: قرارات تاريخية عززت المكاسب الاجتماعية للطبقة العاملة في الجزائر    وزارة الصحة تحيي اليوم العالمي للملاريا: تجديد الالتزام بالحفاظ على الجزائر خالية من المرض    عميد جامع الجزائر يُحاضر في أكسفورد    تم وضع الديوان الوطني للإحصائيات تحت وصاية المحافظ السامي للرقمنة    تواصل عملية الحجز الإلكتروني بفنادق مكة المكرمة    بلمهدي يدعو إلى تكثيف الجهود    المحروسة.. قدرة كبيرة في التكيّف مع التغيّرات    ماذا يحدث يوم القيامة للظالم؟    نُغطّي 79 بالمائة من احتياجات السوق    معرض "تراثنا في صورة" يروي حكاية الجزائر بعدسة ندير جامة    صفية بنت عبد المطلب.. العمّة المجاهدة    هذه مقاصد سورة النازعات ..    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.




نشر في الخبر يوم 31 - 05 - 2021

يلتقي المؤرخ الفرنسي، فابريس ريسبوتي (في حوار مع ميديا بارت)، مع نظيرته الفرانكوتونسية، صوفي بسيس، في مقال لها في "صحيفة لوموند"، في أن النقاش المتطرف وسط الطبقة السياسية والحزبية الفرنسية بشأن الأوضاع في غزة، أعاد استنساخ نفس ردود الفعل التي كانت سائدة إبان حرب الجزائر من قبل أنصار "الجزائر فرنسية"، مما يكشف أن ردود أفعال قياداتها، خصوصا أحزاب اليمين، لم تتطهر بعد من رواسب الفكر الاستعماري رغم كل هذه السنوات.
يفتخر وزير الداخلية، الفرنسي جيرار دارمنان، بأن بلاده رحّلت يوم 9 أكتوبر الجاري، شخصا خارج فرنسا لأنه فقط "دعا بالموت لإسرائيل". والسؤال هل كان سيقوم الوزير بنفس الإجراء ضد "الذين يدعون بالموت على فلسطين".
كما أعلن الوزير بنوع من الانتصار، أن فرنسا تعتبر "الوحيدة في أوروبا التي منعت المظاهرات الداعمة لحماس"، ولم يسأل ولو للحظة لماذا لم تقم الدول الأوروبية الأخرى بنفس السلوك، هل لأنها خائفة من حماس؟ أم أن موقفها من القضية الفلسطينية تحكمه ضوابط أخلاقية أخرى تتنكر لها أحزاب اليمين الفرنسي التي كانت تصنّف "الأفالان" ومناضليه ب "الإرهابيين" إبان الثورة.
أصبح رفع علم فلسطين في الشارع تهمة تجر صاحبها للسجن في فرنسا، والدفاع عن حق الفلسطينيين تصنّف في خانة الخيانة للوطن والتخابر مع العدو، وعدم إدانة حماس يعتبر معاداة للسامية وإشادة بالإرهاب، ولذلك وصفت نائب منطقة بادكالي في حزب مارين لوبان، زميلها الناخب في الحزب الشيوعي ب "القاتل" خلال مداخلته في البرلمان حول الحرب في غزة، لأنها لا تريد سماع الرأي الآخر.
ما يصدر من أعمال وردود أفعال في تصريحات وخطابات ومواقف قيادات الأحزاب الفرنسية، تصدم البعض، لأنها تصدر في بلد يفترض تقديسه لحرية التعبير وحقوق الإنسان والحيوان، لكنها ليست بالمفاجأة ولا بالغريبة، لأنها تعبّر عن رواسب عقلية كولونيالية متأصلة داخلها ولم تستطع التخلص منها، وقد فعلت نفسها ضد المهاجرين الجزائريين ذات 1961 بباريس، حيث وقفت مساندة للقمع الوحشي الذي مورس يومها ضد المتظاهرين الجزائريين الذين قمعوا ورمي بهم في نهر السين.
حتى أطفال المدارس من الجاليات العربية، تعرضوا للتضييق لمجرد إظهارهم تعاطفا مع أطفال فلسطين، وأصبح التعامل معهم كطرف معادي، وهو وليد فكر العنصرية والكراهية إزاء المهاجرين الذي روّج له إيريك زمور وأكثر من قناة تلفزيونية، تحولت إلى عراب للحرب وتعادي كل من يتحدث حتى عن وقف إطلاق النار في غزة.
تعرض المحتل الإسرائيلي لرد موجع من قبل المقاومة أحيا بشكل غير مسبوق شعور الفكر الكولونيالي وأخرجه للعلن لمن كانوا بالأمس دعاة "الجزائر فرنسية"، من بوابة "فلسطين إسرائيلية"، فظهرت قيادات من أحزاب اليمين واليمين المتطرف التي لم تتطهّر من عقليتها الكولونيالية، وهم بقايا "أو.أ.أس" و"الحركى" و"الأقدام السوداء"، أكثر صهيونية من المحتل نفسه وأكثر قسوة في مواقفهم وبياناتهم أو في خطاباتهم لمنع أي حديث عن وقف الحرب في غزة، ليسهل على نتنياهو تنفيذ جنونه الانتقامي ضد الفلسطينيين.
وبالنتيجة وجد زعيم حزب فرنسا الأبية، يصنّف كعميل لحركة إرهابية ويعامل بنفس الطريقة التي كانوا يطلقونها على الفرنسيين، من أمثال هونري مايو، هنري علاق، بيار أودان، وغيرهم من المتعاطفين مع الأفالان إبان الثورة. هذا السلوك لم يخلق فجأة، بل ظل دفين في أعماق قيادات الأحزاب اليمينية من بقايا أنصار "الجزائر الفرنسية"، وعجّلت حماس بتفجيره وإخراجه للعلن غداة 7 أكتوبر، لأنهم ربما رأوا فيه بأنه1 نوفمبر جديد الذي بدأ فيه العد التنازلي لنهاية خرافة استعمارية اسمها "الجزائر فرنسية".
إسرائيل دولة احتلال مثلما كانت فرنسا محتلة للجزائر، ومن يؤمن بالفكر الكولونيالي، لا يجد أي صعوبة في إنكار الحق في المقاومة المعترف به في المواثيق الدولية والوقوف لجانب الجلاّد ضد الضحية. وفي هذا الصدد، تذكّرت جيزيل حليمي، المحامية والناشطة والسياسية الفرنسية-التونسية المعارضة بقوة لحرب الجزائر، والتي دافعت عن مناضلي الأفالان بالأمس، كيف عارض دعاة "الجزائر فرنسية" من "الأقدام السوداء" و"الحركى" ومنظمة "الأو.أ.أس"، إدخال رفاتها لدفنها في مقبرة "عظماء فرنسا" (البنتيون) بباريس رغم اقتراح جمعيات نسوية فرنسية ذلك تكريما لنضالها التاريخي، وهي نفس الأصوات التي تريد إلغاء فلسطين من الخريطة.
أزعج الأمين العام الأممي غوتيريش بكلامه "من المهم أن ندرك بأن هجمات حماس لم تحدث من فراغ، لقد تعرّض الشعب الفلسطيني لاحتلال خانق على مدار 75 عاما". ليس لأنه قال تصريحات غير عادية، وإنما فقط لأنه ذكرّهم بأن الاحتلال هو السبب في كل ما حدث، بعدما اعتقد البعض أنه تم طي مسألة اسمها "القضية الفلسطينية"، ولذلك خرج الكيان المحتل ليطالب بإقالة غوتيريش من منصبه الأممي، وقد نجد من يدعو أيضا لتجريده من الجنسية البرتغالية، مثلما طالبت بذلك فاليري بوايي، عضوة في مجلس الشيوخ عن حزب الجمهوريين في فرنسا، بتجريد كريم بن زيمة من الجنسية الفرنسية، فقط لأنه تضامن مع ضحايا غزة، واتهامه بالانتماء لجماعة "الإخوان المسلمين"، كما ردّد وزير الداخلية الفرنسي واعتبرته الوزيرة السابقة النائبة بالبرلمان الأوروبي نادين مورانو (تصريح لقناة "سي نيوز" وإذاعة "أوروبا 1)، بأن بن زيمة اختار معسكره وبات "عميلا للبروباغندا التي تمارسها حماس وتهدف لتحطيم إسرائيل".
هذا النوع من النقاش المتطرف الجاري وسط قيادات الأحزاب اليمينية المتطرفة الفرنسية، التي لم تتطهّر بعد من فكرها الاستعماري، قد أضرت بصورة فرنسا داخليا وخارجيا، يرى فيه صاحب موقع "ميديا بارت" إيدوي بلينال، بأن "قادة فرنسا الحاليين يقودوننا إلى حرب الحضارات".
ويبدو أن هذا الأمر وراء خطوة الرئيس ماكرون بإعادة تصويب الموقف الفرنسي، بعدما انجرّ بعيدا عن مسافته التقليدية في الصراع العربي الإسرائيلي، اعتقادا من أحزاب اليمين بأن ذلك سيعيد سراب كذبة كولونيالية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.