ما ميّز موسم الاصطياف وهو يسدل ستاره هذه السنة على غرار السنوات الماضية، إقبال المصطافين الوافدين من كل حدب وصوب على شواطئ تلمسان والتي تمتد على شريط ساحلي يصل إلى 70 كلم، إذ بلغ عددهم خلال شهري جوان وجويلية ما يقارب مليوني مصطاف، حسب المكلفة بالإعلام بمديرية الحماية المدنية لولاية تلمسان الملازم أول "عبودي جميلة"، التي أكدت ل "المساء" أنه تم تسجيل في شهر جوان 70.210 مصطاف. وتم إحصاء في شهر جويلية أكثر من مليون ونصف مليون مصطاف، موزعين على 10 شواطئ مسموحة فيها السباحة (مرسى بن مهيدي، مسيردة1 ومسيردة 2، عين عجرود، بيدر، أولاد بن عايد، سيدي يوشع، تافسوت، واد عبد الله، أقلا) من أصل 23 شاطئا مقارنة بسنة 2015؛ إذ أحصت ذات المصالح ثلاثة ملايين و900 ألف مصطاف، وثلاثة ملايين و700 ألف مصطاف سنة 2014، حيث كانت هذه الشواطئ خلال موسم الاصطياف، مقصدا للمصطافين الذين يتوافدون عليها من كل الولايات المجاورة، خاصة الجهة الغربية كمعسكر وتيارت وبلعباس وغليزان وولايات الجنوب الغربي كبشار والنعامة والبيّض، إلى جانب نسبة معتبرة من المغتربين وحتى الأجانب الذين توافدوا على شاطئ مرسى بن مهيدي ومسكاردة 1 و2، فبالرغم من الوسائل والهياكل المخصصة للاستقبال لم تستطع تلبية الاحتياجات المتزايدة، إذ بلغ عدد المصطافين إلى غاية 25 أوت، ما يفوق مليونين ونصف مليون مصطاف. واحتل شاطئ مرسى بن مهيدي ومسكاردة 1و2 الصدارة من حيث عدد المصطافين الوافدين على شواطئ تلمسان باستقبالهم أزيد من 990 ألف مصطاف خلال شهري جوان وجويلية، وأكثر من مليون و300 ألف مصطاف إلى غاية 25 أوت، حسب مصالح الحماية المدنية، التي أشارت في تقديراتها إلى أن معدل إقبال المصطافين على شواطئ مرسى بن مهيدي يتراوح بين 5 و6 ملايين سنويا، غير أنه خلال السنتين الأخيرتين انخفض بكثير معدل الإقبال الذي وصل ما بين 3 و4 ملايين مصطاف؛ نتيجة قلة هياكل الاستقبال التي تحصي 3700 سرير بين الفنادق والتخييم. وحسب تصريحات أحد ملاك المخيمات الصيفية الذي أكد أن مدينة مرسى بن مهيدي تتحول في أوج الموسم الصيفي إلى فندق كبير، إلى درجة أن سكان المدينة لا يتوانون أمام هذا الإقبال الكبير في تأجير بيوتهم وشققهم للمصطافين مقابل مبالغ هامة. ورغم هذه العروض التي حاولت تنظيمها مديرية السياحة وجعلها تتماشى مع القوانين الجديدة، إلا أن أسعار الاصطياف تبقى مرتفعة وفي غير متناول ذوي الدخل المتوسط. فعلى سبيل المثال، تؤجَّر شقق من غرفتين ب 12 مليون سنتيم للشهر، بينما يصل مبلغ إيجار شقة من ثلاث غرف إلى 18 مليون شهريا. أما الفيلات فحدّث ولا حرج، فتوجد فيلات تؤجر ب 20 مليون سنتيم، ومنها ما يصل إلى حدّ 25 مليون سنتيم للشهر، ما يعادل 8 آلاف إلى 10 آلاف دينار لليلة الواحدة، كما أن سعر الاستئجار يختلف من شهر إلى شهر؛ فسعر الاستئجار مثلا في شهر جوان أو جويلية، يختلف عن شهر أوت. أما الفنادق فلاتزال تبحث عن مكان لها، في ظل منافسة وسطاء وسماسرة العقار الموجهة خصيصا لاستقطاب السياح والمصطافين، حيث زارت "المساء" بعض الفنادق بالمنطقة التي وصل سعر استئجار شققها إلى 15 ألف دينار لليلة الواحدة وتحتوي على كل الخدمات إضافة إلى موقعها الاستراتيجي على واجهة البحر. وخلال إنجازنا لهذا التحقيق وقفنا عن كثب على بعض تصريحات المواطنين الذين يقطنون في مختلف البلديات القريبة من شواطئ مرسى بن مهيدي، والذين لجأوا إلى كراء مساكنهم بغرض الحصول على مدخول إضافي، حسب تصريحات بعض من التقتهم "المساء"؛ إذ إن البحث عن مكان للاستئجار على الساحل يبدأ قبل الصيف بأربعة أشهر؛ أي في شهري أفريل وماي خاصة بالنسبة للمغتربين من فرنسا، كندا، إسبانيا... وعادة ما يكلّفون أقرباءهم بمهمّة البحث أوالاستئجار، والدليل على ذلك الانتشار الكبير والعشوائي لأرقام هواتف بكل أحياء بلدية مرسى بن مهيدي من قبل أشخاص يعرضون خدماتهم وبأسعار قريبة من بعضها البعض. مجانية شواطئ تلمسان في مهبّ الريح موازاة مع ذلك وخلال الجولة الاستطلاعية بشوارع مرسى بن مهيدي كشفت لنا حجم معاناة المصطافين القادمين من مختلف ولايات الوطن وحتى الأجانب منهم، والتي تكمن بدايتها مع ركن السيارات؛ حيث فرض أصحاب رخص استغلال الحظائر أسعارا خيالية تراوحت بين 100 دينار و200 دينار لركن المركبة، في حين البلدية حددت السعر ب 20 دج فقط. ونفس الأمر ينطق على عملية كراء الكراسي والطاولات التي تراوح سعرها ما بين 500 دينار إلى 3000 دينار للطاولة الواحدة مع 4 كراسي، حيث أثارت هذه الوضعية سخط العائلات القادمة من الولايات المجاورة، معتبرين هذا الأمر غير معقول. تدابير أمنية أعطت أكلها عبر الشريط الساحلي والمنافذ المؤدية إلى مختلف الشواطئ من جهة أخرى، مكنت التدابير الأمنية المتخذة في إطار "مخطط دلفين" بتلمسان بغرض تأمين المصطافين عبر الشريط الساحلي والمنافذ المؤدية إلى مختلف شواطئ الولاية، من تحقيق نتائج إيجابية إلى حد الآن، حيث عمدت المديرية العامة للأمن الوطني والمجموعة الإقليمية للدرك الوطني من خلال مخططهما الوقائي، إلى توفير الأمن والسكينة للمصطافين بشاطئ مرسى بن مهيدي وشاطئ تافسوت (هنين)، وقامت مصالح أمن ولاية تلمسان بوضع حيز التنفيذ عدد من التشكيلات الأمنية معتبرة العدد من مختلف المصالح والرتب (شرطة قضائية، أمن عمومي) والآليات المرورية؛ بهدف تسهيل حركة السير والوقاية من حوادث المرور، وتأمين النقاط الحساسة، ومنع الازدحام في الأماكن العمومية، وإقامة الحواجز ونقاط المراقبة عن طريق دوريات راجلة وراكبة بالزي المدني والرسمي 24سا/24سا، وإقامة حواجز ثابتة في مداخل ومخارج المدينة من أجل منع المشتبه فيهم من الدخول، ومنع أي شكل من أشكال المضايقات والتحرشات، من خلال التمركز المكثف على الطرق الرئيسة التي تشهد حركة قوية. وسمحت هذه التدابير بتفكيك العديد من الشبكات وعصابات الإجرام ممن حاولت زرع الرعب في أوساط المصطافين أو ترويج المخدرات والأقراص. 6 وفيات و802 حالة إنقاذ من الغرق في 804 تدخلات أغلبها في شواطئ ممنوعة فيها السباحة من جهة أخرى، سجلت مصالح الحماية المدنية لولاية تلمسان خلال هذا الموسم ابتداء من الفاتح جوان إلى غاية نهاية شهر جويلية، 802 حالة إنقاذ من الغرق الحقيقي في البحر في 804 تدخلات لإنقاذ المصطافين من الغرق، و74 حالة تم تحويلها إلى المراكز الصحية. شاطئ مرسى بن مهيدي في الصدارة من حيث التدخلات، والمقدّرة ب 219 تدخلا، أسفرت عن إنقاذ 100 حالة من الغرق الحقيقي في البحر، و38 حالة تم تحويلها إلى المراكز الصحية. كما سجلت ذات المصالح خلال شهري جوان وجويلية حالتي وفاة نتيجة الغرق؛ الأولى بشاطئ محروس تافسوت، والثانية بشاطئ غير محروس يدعى "تيزغينت" متواجد بعين عجرود. كما انتشلت ذات المصالح جثة شخص متوفى بميناء الغزوات، والذي يُعتبر من المناطق المحظورة فيها السباحة. أعوان فرق لمراقبة النشاط التجاري وأكثر من 350 فحصا طبيا يوميا للمصطافين موازاة مع ذلك، سهرت مديريتا الصحة والبيئة على ضمان حماية المناطق الساحلية من التلوث، وسلامة المصطافين من انتشار الأمراض والأوبئة من خلال إجراء التحاليل الكيميائية لمياه السباحة، مع مراقبة النوعية البكتريولوجية من طرف مصالح مديرية الصحة. كما كثفت لجنة النظافة والصحة لبلدية مرسى بن مهيدي المتكونة من مختلف المصالح، برنامجا طيلة 24 سا/24، حيث تعمل من خلال تكثيف خرجاتها اليومية على مراقبة المحلات التجارية ومختلف المأكولات والمشروبات الغازية التي تُعرض يوميا على المصطافين لتفادي أي تسممات قد تحدث لهم. وفضلا عن ذلك تقوم اللجنة بتحاليل لمياه الشرب شبه يومية بمخبر للتحاليل بالعيادة متعددة الخدمات لبلدية مرسى بن مهيدي، وترسلها إلى الجهات المختصة. كما تعمل من جهتها فرق مديرية البيئة على مراقبة حالة الشواطئ بالتنسيق مع مصالح النظافة التابعة للبلديات الساحلية. أما في مجال الصحة فقد جنّدت مديرية الصحة لولاية تلمسان منذ بداية موسم الاصطياف على مستوى العيادة متعددة الخدمات لمرسى بن مهيدي، كل الإمكانيات المادية والبشرية لإنجاح هذا الموسم واستقبال مختلف حالات المرضى المصطافين في ظروف حسنة، وفي مقدمتها حالات الغرق، حيث تحصي ذات المديرية يوميا أكثر من 350 فحصا طبيا، وهو رقم، حسب مدير المؤسسة العمومية للصحة الجوارية لدائرة باب العسة السيد "ميطالسي محمد"، لم يسجَّل حتى على مستوى الاستعجالات الطبية الجراحية بالمركز الاستشفائي الجامعي لتلمسان، مضيفا في سياق حديثه إلى "المساء"، أنه تم تدعيم موسم الاصطياف هذه السنة ب 04 أطباء أخصائيين، مع فتح العيادة متعددة الخدمات لدائرة باب العسة؛ قصد استقبال جميع الحالات الاستعجالية والمرضية سواء لسكان الدوائر المجاورة أو المصطافين الوافدين على شاطئ مرسى بن مهيدي والشواطئ المجاورة له، إلى جانب 03 مصحات للتكفل بالعلاجات الأولية للمصطافين قبل جلبهم إلى العيادة متعددة الخدمات لمرسى بن مهيدي، وهي موزعة على كل من مسكاردة2 وعين عجرود التابعة إقليميا لمرسى بن مهيدي ومنطقة بيدر، التي تم تزويدها بأدوية إلى جانب ممرض يسهر على استقبال المصطافين بهذه الشواطئ المحروسة، وتخفيف الضغط عن العيادة متعددة الخدمات بمرسى بن مهيدي.
