قانون الأحزاب الجديد... خطوة نحو بعث ديناميكية سياسية وترسيخ الممارسة الديمقراطية    هدر غير مبرر للكهرباء والغاز في فصل الشتاء    المذكرات الورقية تنسحب من يوميات الأفراد    أعضاء النقابات مدعوون لتسوية وضعيتهم القانونية    تدشين مقرات جديدة للأمن الحضري    مجلس المحاسبة ينشر تقريره السنوي    الجزائر تؤكّد ريادتها الاقتصادية في إفريقيا    وضع آخر اللمسات على المشروع المدمج    الرقمنة خيار استراتيجي لتحديث قطاع الضمان الاجتماعي    أطفال غزّة يموتون برداً    لقاءات حول الإطار القانوني لمكافحة الاتجار بالبشر    الجزائر خاضت حروبا دبلوماسية حقيقية    آيت مسعودان يؤكّد أهمية الأمن السيبراني    ولايات غرب البلاد تسير نحو أمن مائي شامل ومستدام    أطفال يمارسون حرفاً متنوعة خلال العطلة الشتوية    نُثَمِّنُ " عاليا" جهود الدولة في مجال حماية وترقية الطفولة    تواجد ميداني للحفاظ على الأمن العمومي و السلامة المرورية    ناصري يترأّس اجتماعاً لمكتب مجلس الأمة الموسع    ملتقى وطني للأدب الشعبي الجزائري بالجلفة    الاستعمال العقلاني للمضادات الحيوية أولوية وطنية في إطار الأمن الصحي    "الخضر" بالعلامة الكاملة في الدو الثمن النهائي    عنابة تحتضن أبطال الشرق    شبيبة القبائل تعود إلى سكة الانتصارات    رفع التجريم عن أخطاء التسيير يؤسس لبيئة اقتصادية تنافسية    مطار هواري بومدين ضمن أكثر 10 مطارات إفريقية استيعابا للمسافرين    مشاريع رقمية مبتكرة في الأفق    الرئيس تبون حريص على إشراك الشباب في بناء جزائر قوية    استكمال التسجيل وتصحيح الملفات المرفوضة قبل 6 جانفي    حين تتحول الأرقام إلى واقع    كواشف الغاز.. بين جهود الدولة والسلوك غير المسؤول    انطلاق الأيام الوطنية التكوينية للمقاولاتية لذوي الهمم    مجلس الأمن الدولي يعقد جلسة طارئة اليوم    47 خدمة عصرية على البوابة الوطنية للخدمات الرقمية    مبارك دخلة.. من رفوف "الكاسيت" إلى "التريند" الرقمي    مؤسسات الثقافة تحتضن الأطفال بأنشطة هادفة    تواصل الدورة السابعة للمهرجان الوطني للفرق النحاسية    الفريق يواصل هدر النقاط    بلومي يُصاب مجدّدا    تيميمون تحتفي بالطبعة 17 للمهرجان الوطني للأهليل وترسخ تراث الواحة الحمراء    الاتحاد يقتنص نقطة    سنفعل ما بوسعنا للفوز والإقناع    قانون الاستثمار 18/22 ركيزة للأمن القانوني وتحفيز الاستثمار في الجزائر    دار الثقافة ابن رشد بالجلفة تحتضن الملتقى الوطني الثاني للأدب الشعبي الجزائري    رفض عربي وإسلامي واسع لاعتراف الكيان الصهيوني ب"أرض الصومال" وتحذير من تداعيات خطيرة على الأمن الدولي    البليدة : افتتاح المهرجان الثامن لموسيقى وأغنية العروبي    غارات عنيفة يشنها الاحتلال الصهيوني    التصويت بالإجماع على قانون تجريم الاستعمار وفاء لرسالة الشهداء    الجزائر تهيب بكافة الأطراف اليمنية للتحلّي بروح المسؤولية    تمديد مدة المرحلة الثانية للتلقيح ضد شلل الأطفال    معنى اسم الله "الفتاح"    .. قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا    الرابطة الأولى موبيليس : الكشف عن برنامج الجولة ال14    التقوى وحسن الخلق بينهما رباط وثيق    الجزائر ماضية في ترسيخ المرجعية الدينية الوطنية    اتفاقيات لتصنيع أدوية لفائدة شركات إفريقية قريبا    التكفل بمخلفات المستحقات المالية للصيادلة الخواص المتعاقدين    صحيح البخاري بمساجد الجزائر    صناعة صيدلانية: تسهيلات جديدة للمتعاملين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إسقاط على الواقع الأسود لوباء "كورونا"
صدور ترجمة "الطاعون" لكامو في جوان 2021
نشر في المساء يوم 25 - 04 - 2021

بمناسبة اليوم العالمي للكتاب، أُعلن عن الصدور القريب لرواية "الطاعون" الشهيرة للراحل ألبير كامو، في ترجمتها الجديدة، عن منشورات "الجمل" (بيروت، ألمانيا)، ومنشورات "الفضاء الحر" بالجزائر.
جزء من مقدمة الترجمة الجديدة كتبها الروائي المعروف واسيني الأعرج، وقد توقف عند فكرة ترجمة ما تُرجم سابقا، متسائلا: "هل هناك جدوى من وراء ذلك، أم أن الأمر لا يعدو أن يكون مضيعة لجهد كان يُفترض أن يُدخر لكتاب غير مترجم؟ مثلا، لماذا ترجمة جديدة لنص تُرجم عربيا العديد من المرات من كبار المترجمين ومن غير الكبار؛ إذ هناك العديد من الترجمات المتسرعة، حتى إن بعضها تُرجم عن غير اللغة الأصلية؛ أي الفرنسية؟ سؤال ردده على مسمعي العديد من الأصدقاء، وهو سؤال مشروع؛ لأن الترجمة ليست فعلا آنيا ثانويا، ولكنها حاجة ثقافية دائمة، بل واستراتيجية حضارية".
كما يتساءل واسيني: "لماذا اخترت ترجمة رواية "الطاعون" لألبير كامو، ولم أختر غيرها في هذه الظرفية بالذات؟ هل لذلك علاقة بالتباسات الحاضر الذي نعيشه اليوم؟ لا نختار ترجمة النصوص اعتباطا بالخصوص في عالمنا العربي؛ حيث إن الترجمة لم ترقَ لأن تكون حرفة معترف بها. لا يمكننا أن ننفصل عن شرطيتنا الحياتية في لحظة زمنية محددة، لنا في تجربة ترجمة دون كيخوتي لسيرفانتس إلى اللغة الفرنسية وحدها، ما يجيب، ولو قليلا، عن هذا السؤال. لقد ترجمت بالفرنسية وحدها، عشرات المرات عبر أزمنة متعددة ومختلفة، وكان لكل زمن خياراته ليس فقط التاريخية واللغوية، ولكن أيضا وردود فعله تجاه نص عرف كيف يخترق الأزمنة والقرون".
ويرى واسيني أننا نعيش زمن الوباء جسدا وروحا؛ أي أن الوباء ليس حالة لغوية كما تعودنا أن نقرأها عند الكتّاب الذين عاشوها، لكنه حقيقة مادية مجسدة، نعيشها يوميا بخوف غير مسبوق، لهذا سيكون إحساسنا مغايرا حتما؛ لأننا جزء من العملية، ومهددون في كل ثانية بالمحو بسبب الوباء؛ هذا الإحساس المرعب لا يمكن ألا يكون حاضرا في الترجمة. ينتقل الخوف من الحالة الاجتماعية نحو الأصابع التي تكتب أو تترجم شيئا يحكم لحظتنا. والوباء كلحظة وجودية مُعاشة حقيقة، يتحول فيها الأدب إلى لحظة إثبات جدارة الحياة التي تصبح مجرد احتمال في وضع شاق كهذا، أو استحقاقا لم نتعود عليه، لهذا يضيف: "نقاوم الإفناء بالكتابة كما قاومنا الأوبئة الاجتماعية، كالإرهاب واضطهاد الحريات، وامسخ الاختلاف، وغير ذلك. هذه الأحاسيس ليست ثانوية ولكنها مهمة في الفعل الترجمي، الذي أعتبره شراكة ثلاثية حقيقية بين الكاتب، والمترجم الذي يقوم بسحب النص من مساحة لغوية وثقافية مهما كان اتساعها، نحو مساحة أخرى جديرة بالقراءة".
ويقول الروائي إنه لا يبالغ إذا قال إنه يترجم حاليا هذه الرواية بإحساس الموت المسبق؛ وكأن ذلك آخر عمل ثقافي يقوم به قبل التسليم في حياة، أصبحت في مهب الريح، ولا يعلم إذا ما كانت الظروف تسمح له بإتمام المشروع لكنه مصرّ عليه، هذا الإحساس المتضارب والقاسي لن يمر خارج الترجمة، بل هو في صلبها وكيانها وعمقها، ليبين: "يضعنا في علاقة متلاصقة مع وباء الطاعون الذي لا يختلف من حيث كونه وباء، عن وباء عصرنا، كورونا المستجد أو كوفيد 19؛ نفس الخوف البشري، ونفس الضعف الإنساني، ونفس المشاهد الجنائزية اليومية، الملايين يقادون إلى الردم تحت التراب عميقا؛ تفاديا لتفشي الوباء، وجنازات باردة على مد البصر، انتُزعت منها أي إنسانية، هذه المصاحبة الإجبارية مع الموت تؤسس لعلاقة جديدة مع الترجمة أو لروحها، ترجمة الطاعون تحديدا، لتصبح علاقة شراكة بين نص مكتوب ونص مترجم، وقارئ ينتظر بنفس أحاسيس الخوف، الترجمة غير منفصلة عن هذا المناخ.
ما يخفف عليّ مشقة الرغبة في الهرب من "الطاعون" هي الترجمة الموازية ل "مراسلات كامو لماريا كازاريس" حبيبته، والتي دامت 12 سنة بلا توقف؛ وكأن المراسلات تعيد للمترجم إنسانيته، وللغة صفاءها، لهذا كلما وصلت إلى سقف الخوف في الطاعون، استرجعت الحياة وجمالها بترجمة المراسلات". وأكد واسيني أنه ليس سرا أنه اطلع على كل ترجمات "الطاعون" العربية، المتوفرة، وبالخصوص تلك التي ترجمها كبار الكتّاب العرب؛ كالدكتور سهيل إدريس (1981)، والدكتورة كوثر عبد السلام البحيري، وأيضا ترجمة الدكتور سليم قباوة، وترجمة يارا شعاع، وغيرها، وترجمات متفاوتة القيمة والقوة والتأثير، في مجموعها تفتقر إلى شيء واحد، ذلك الإحساس الذي يسبق الترجمة، ويعطيها قوة داخلية متساوية مع اللحظة التاريخية التي نعيشها، بل ويبرر عودة النص الأصلي من خلال الترجمة الجديدة: شعرية الخوف والخطر المتربص بالجميع، الذي يمر عبر اللغة، فهي، حسبه، ترجمات تقنية لا غبار عليها عموما حتى ولو كانت، في بعضها، انزلاقات نصية حاول جاهدا العمل عليها وتقويمها؛ لأنها تمس المعنى الجملي أو ما أراده الروائي، وقد يكون سبب ذلك لكون الترجمة لم تأت من لغة الكتابة، ولكن من اللغة الوسيطة التي جاءت الترجمة عن طريقها، وبالخصوص الإنجليزية.
رواية الطاعون، كما يراها واسيني، لحظة مهمة في تجربة كامو؛ فهي من المرحلة الثانية من تجربته التي بدأها بمرحلة العبث التي جسدتها رواية الغريب، ومرحلة التمرد التي تجلت في الطاعون، ومرحلة الحب في روايته غير التامة "الرجل الأول" التي رافقته حتى موته؛ لهذا كله أقدم على خوض هذه المغامرة الصعبة والشيقة من أجل الانتصار للحياة حتى في أقصى أشكالها الوبائية، من خلال مشروع واسع يستمر سنتين، يشمل روايات ألبير كامو كلها: الغريب (1942)، والطاعون (1947)، والسقوط (1956)، والموت السعيد (1971)، والرجل الأول (1994)، إضافة إلى "مراسلات ألبير كامو وماريا كازاريس" التي ستصدر مرفقة برواية "الطاعون" في شهر جوان 2021.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.