تصف الإعلامية الأستاذة صورية بوعمامة، التكوين في المجال الإعلامي بالأكثر من ضروري في زمن "السوشل ميديا" وما تعرفه من زخم معلوماتي، ما يفرض حتمية الاستثمار في المورد البشري، خاصة أن المادة الإعلامية أصبحت تلعب دورا هاما في الرقيّ بالدول وحماية مكتسباتها في ظل حرب الصورة، والحروب الإعلامية في بؤر النزاع، على اعتبار أن الجزائر ليست بمنأى عما يحدث في العالم. التقتها "المساء"، مؤخرا، على هامش إشرافها على دورة تكوينية بالعفرون بولاية البليدة بادرت بتنظيمها مؤسسة "أف بي أم" للصحافة والإعلام. وحول واقع تكوين الإعلامي في مختلف المؤسسات الإعلامية العمومية والخاصة وما ينبغي أن يحمله قانون الإعلام الجديد للإعلامي والإعلام عموما، كان هذا الحوار. ❊ بداية، كيف تنظرين إلى تكوين الإعلامي؟ ❊❊ الإعلامية صورية بوعمامة: سمحت خبرتي المهنية التي تزيد عن 30 سنة في مجال تخصصي إعلام واتصال، بالإشراف على تكوين المنتسبين إلى مؤسسة التلفزيون الجزائري في مجال التقديم التلفزيوني. وحسب ما لدي من معطيات، فإن كل المؤسسات الإعلامية يُفترض أن لديها 2 ٪ من الميزانية، موجه للاهتمام بتكوين الإعلاميين المنتسبين لمختلف المؤسسات الإعلامية، غير أن الاهتمام بالتكوين غير مفعّل في كثير من المؤسسات، وعلى الرغم من أهميته لإعطاء الصحفي الفرصة لتحيين معلوماته في ظل التخصصات التي دخلت عالم الإعلام، فمثلا مجال التقديم التلفزيوني وهو من صميم تخصصي أصبح يعرف وجود تخصصات جديدة، يحتاج فيها الإعلامي لأن يكون ملما بالصحافة الإلكترونية، والتوجه نحو صحافة "الويب"، وكل هذا يفرض على مختلف المؤسسات الإعلامية، أن تولي أهمية أكبر بتكوين موردها البشري، لا سيما أننا من خلال الإعلام، قادرون على التسويق لصورة الجزائر الجميلة على مختلف الأصعدة بعدما أصبح للإعلام أدوار جديدة. ❊ ألا تعتقدين أن المؤسسات الجامعية، هي الأخرى، لا تستثمر في تكوين الطلبة؟ ❊❊ حقيقية، الجامعات الجزائرية لا تستثمر كثيرا في ما يتعلق بالتقديم التلفزيوني من حيث الأستوديوهات والتجهيزات التلفزيونية والإذاعية، الأمر الذي يترتب عليه تخريج طلبة برصيد نظري، بعيد كل البعد عما يحتاج إليه الصحفي في مجال التقديم الإذاعي أو التلفزيوني؛ من تقنيات ومهارات وشروط. وعن تجربة ميدانية، فإن الاحتكاك بالإعلاميين غير المكونين في مجال تخصصي، جعلني أقف على الضعف الكبير المسجل لديهم في مختلف المهارات التي تجعلهم غير مؤهلين لتقديم المادة الإعلامية وكيفية التعامل معها، ما يفرض حتمية الخضوع للتكوين الذي لا يتوقف عند اكتساب بعض الدورات، وإنما ينبغي أن يكون مستمرا ودوريا، لجعل الصحفي مواكبا دائما لمختلف التطورات، وقادرا على التكيف مع مختلف الوضعيات الإعلامية التي يوضع فيها، وحثه على المطالعة، والاطلاع على مختلف ما يجري في العالم. ❊ في رأيك، هل يمكن الاستفادة من خبرات الإعلاميين المحالين على التقاعد؟ ❊❊ سمحت الفرصة لمختلف الإعلاميين من الجيل القديم، باكتساب جملة من المهارات المختلفة في مختلف المؤسسات الإعلامية. وفي اعتقادي، فإن الإعلامي الذي ينتهي مشواره المهني، لا بد أن يُستفاد من خبرته، من خلال تمكينه من الإشراف على الدورات التكوينية. وبالمناسبة، أوجه دعوى إلى الإعلاميين القدماء، للالتحاق بمجال التكوين، وتمكين الجيل الجديد من خبراتهم، خاصة أن الطلب كبير من المنتسبين إلى مختلف المؤسسات الإعلامية، لإكسابهم مفاتيح المهارات، التي تمكنهم من تقديم المادة الإعلامية بكل احترافية. ❊ فتحت الحكومة المجال لمراجعة قانون الإعلام، ما الذي تقترحينه؟ ❊❊ المشهد الإعلامي في الجزائر تغير. ونحن، كإعلاميين في مختلف المؤسسات الإعلامية المكتوبة والمرئية والمسموعة، مجبَرون على التأقلم مع ما يجري في العالم، وبالتالي في اعتقادي أن مراجعة قانون الإعلام فرصة لتعزيز حماية حرية التعبير. ونتطلع لأن يكون بمثابة الحامي لحقوقهم، خاصة أن كثيرا منها مهضومة، لا سيما في القطاع الخاص، إلى جانب التأكيد على تسهيل الوصول إلى مصادر الخبر، وأن يجد الصحفي من خلال القانون، البيئة الجيدة للوصول إلى الخبر. والمشكل، اليوم، ليس في بث الخبر، وإنما في التأكد من صحته. ففيما مضى، كانت الإشكالية كيفية الوصول إلى الخبر؟ واليوم هو ضرورة التأكد من الخبر في عالم "السوشيال ميدا" وصحافة المواطنة، وبالتالي نحن بحاجة إلى قانون إعلام يكون داعما للصحفي، ومقنّنا للمشهد الإعلامي الذي يعيش إن صح التعبير نوعا من الفوضى. وكإعلاميين، نستبشر خيرا بهذه الخطوة الجادة، التي نتمنى أن تنهض بقطاع الإعلام، الذي أضحى له أدوار مختلفة عن تلك الكلاسيكية القديمة. ❊ تعقيبك على مقتل الإعلامية الفلسطينية شرين أبوعاقلة؟ ❊❊ مقتل شرين أبوعاقلة الإعلامية الفلسطينية بتلك الطريقة، هي جريمة بشعة، وهي ليست الأولى من نوعها في حق الإعلاميين. ولكن المفارقة بالنسبة لمقتل شهيدة القلم، هي أن الجريمة كانت علنية ومباشرة! ولعل هذا ما جعل ردود الأفعال العربية والأجنبية في مواقف مساندة، وتصفها بالتعدي على حرية التعبير، ومقتل الحق الإنساني في الحياة، وعليه فإن الإعلامية شرين ستخلّد نضال المرأة في عالم الإعلام، وتخلّد واقع حرية التعبير في العالم، الذي أصبح مستهدَفا، وهو ما يعكس الحاجة الملحّة إلى مزيد من الحماية، خاصة بالنسبة للإعلاميين في الحروب. وعلى الصعيد الوطني، هذا ما ينقصنا في الجزائر، التأمين على حياة الإعلامي، خاصة في بؤر النزاع. ولعل الجزائر عاشت بؤرا للتوتر على المستوى المحلي في العشرية السوداء، التي فقدت فيها المهنة أكثر من 100 شهيد في قطاع الإعلام، ما يفرض حتمية التأمين على الحياة. ❊ كلمة أخيرة؟ ❊❊ كإعلاميين وخبرتنا المتواضعة، قادرون على تقديم إضافة، وإسماع صوتنا خاصة في ما يتعلق بإثراء قانون الإعلام، الذي نعوّل عليه، ليكون داعما للإعلامي، وللمادة الإعلامية.