الاعتراف بالجميل وتقدير الإبداع هو ما يجعل الدنيا تزدان بالجمال والمحبة. والاحتفاء بالحياة يقوّي رابطة الوجود، ويمنحها ألقا خاصا.. لهذا كان الثامن جوان الجاري لضبط بوصلة الامتنان، وردّ الاعتبار، وإقرار التميّز والجدارة، من خلال تكريم ثلة من المبدعين، الذين بصموا المشهد الفني الجزائري، وتأكيد تفرّد جيل جديد من المبدعين الجزائريين، الذين وشّحوا جوائز "علي معاشي"، فكانت أجواء يوم الفنان بالمركز الدولي للمؤتمرات "عبد اللطيف رحال"، استثنائية، جمعت مختلف أطياف الفن وألوان الإبداع، ولمت شمل القديم والجديد والمبتدئ للاحتفاء بترانيم الامتياز، فإن كان اللقاء جيّدا يبقى أن التواصل أفضل، لرسم معالم غذ إبداعي أحسن وأرقى. الاحتفال الرسمي بيوم الفنان حمل شتى الألوان والأطياف تحت مظلة "بلادي الجزائر"، حيث اعتبرت وزيرة الثقافة والفنون صورية مولوجي، أنّه يوم "يختص دون الأيام، بكونه عيدا لمن اعتادوا صنع الأعياد وتزيين الأيام وتضميد الجراح". وأضافت أن الفن يمنح الحياة معناها، ويجدد أسباب التواصل والتحاور والتكامل بين الجماعات والمجتمعات، كما يحقق فرادة البلدان وتميّزها، داعية الفنانين إلى الاجتهاد في التأسس كطرف فاعل وله صوت السعي للتغيير والتطوير، وجعل الفنون ملاذات وعلاجات بدل المنافي الذاتية التي تستبد بالبعض. وقالت: "بقدر ما تكرس الفن والثقافة كمجالات نخبوية، فإنه من الضروري تجديد سمة الشمولية التي تتسم بها". وتابعت مولوجي القول إن "تكريم الفنان والاحتفاء به وتقدير عطاءاته ليس مهمة رسمية ولا شعبية، بل هو واجب مجتمع، فالذي يتمثل خصوصيات وظروف وتاريخ وتطلعات المجتمع بفنه، إنما هو واجهة، وصوت، ورمز للوفاء والانتماء، ومن خلاله يتحلى دور مواطنة على أعلى قدر". وربطت الوزيرة الاحتفال بالفنان بحلول ستينية استرجاع السيادة الوطنية، ليؤكد ويجدد أن الفنان كان ولايزال مدافعا عن الوطن ومبادئه الراسخة، محافظا على قيم الأمة الخالدة التي تحفظ أمن وطنه، وتعزز وجوده وقوّته وحضوره الإقليمي والقومي والعالمي. وقالت: "إن كان للفنان قيمة جمالية لا تحدّها حدود، فهو كيان يؤدي دوره العظيم في ترسيخ القيم الوطنية والإنسانية، والدفاع عن قضايا الأمة، والتغني بأمجادها وبطولاتها، والذود عن مكاسبها الحضارية والتاريخية، وتثمين معالم هويتها". الحفل الذي حضره رئيس المجلس الشعبي الوطني إبراهيم بوغالي، وعدد من أعضاء الحكومة، ومستشار رئيس الجمهورية المكلف بالسينما والسمعي البصري أحمد راشدي، ونائب رئيس مجلس الأمة، وممثل لرئيس أركان الجيش الوطني الشعبي وكذا رؤساء مجالس وهيئات وطنية، عُرض، خلاله، شريط وثائقي قصير حول مسار ونضال الفنان الراحل علي معاشي. كما استذكر العديد من الفنانين الذين رحلوا في السنوات الأخيرة، على غرار المطرب رابح درياسة، والمطربة سلوى، والممثل عمر قندوز، والممثل سعيد حلمي، والمغنية ريم غزالي، والممثلة فتيحة نسرين، والمخرج السينمائي إبراهيم تساكي، والمغنية نعيمة عبابسة، والممثل المسرحي ياسين زايدي، وغيرهم. الاحتفاء بالفنانين الجزائريين رغم التقديم الكارثي لمنشطة الحفل التي لم تبن جملة مفيدة واحدة وظهرت فجوة كبيرة بينها وبين زميلها في التنشيط، مسّ على غرار كل سنة، تكريم ما يربو عن ثلاثين فنانا من مختلف المشارب الإبداعية منهم الأحياء، ومنهم من ترجّل، لتبقى ذكراه خالدة خلود أعمله الفنية ومواقفه الإنسانية، فمن بين من تداولوا على منصة التكريم الغازي، وبيونة، والصادق جمعاوي، ونوري كوفي، وبادي لالة، وصالح أوقروت (غاب عن الحفل)، وزياني شريف عياد، وديب العياشي، وفاطمة حليلو، ومحمد أدار، وفضيلة حشماوي، وغوتي بن ددوش، وعايدة كشود، ومحمد خزناجي، وبوعلام شاكر، وعبد القادر شاكر، وعبد المجيد مسكود، ولطفي عطار وغيرهم. وعرف الجزء الثاني من الحفل تتويج الفائزين بالدورة السادسة عشر لجائزة رئيس الجمهورية للمبدعين الشباب "علي معاشي"، حيث تحصّل رشيد دحمون على الجائزة الأولى في فئة الشعر، بينما عادت الثانية والثالثة لكل من مسلم ربواح ونجوى عبيدات. وفي مجال الأداء المسرحي افتك إدريس بن شرنين المرتبة الأولى، وكل من سمية بوناب وفارس عبد الكريم المرتبتين الثانية والثالثة. وفي مجال المسرح المكتوب فاز بالمرتبة الأولى قرقوة محمد جلال الدين، في حين تُوج بالمرتبتين الثانية والثالثة كل من أسامة مناصرية وعدنان بلال. وفي الأعمال الموسيقية تُوّج عبد الوهاب بوغردة بالجائزة الأولى، ومحمد شريف ناصري بالثانية، ونبيل بلغانم بالثالثة. وتحصلت ياسمين حوات على المرتبة الأولى في فئة فن الرقص والغناء، بينما عادت الثانية لنجار بن عبد الله الأمير، والثالثة لآيت عمار محمد عمران. أما في الفنون التشكيلية فقد فاز كل من طبايبية محمد الصالح بالجائزة الأولى، ومحمد وليد شمامي بالثانية، وضيف محمد الأمين بالثالثة. وفي فئة السينما والسمعي البصري تُوج هيثم عامر بالجائزة الأولى، وسعدي محمد أكرم بالثانية، وحمي زكريا بالثالثة.