يحيي العالم اليوم ،اليوم الدولي للزعيم الجنوب إفريقي، نيلسون مانديلا، رمز الكفاح ضد نظام الفصل العنصري "الابارتيد" في جنوب إفريقيا وأول رئيس منتخب ديمقراطيا في البلاد، اعترافا بإسهامه في ثقافة السلام والحرية ونبذ العنف في العالم. واعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، شهر نوفمبر 2009 يوم 18 جويلية من كل سنة، موعدا للاحتفال ب«اليوم الدولي لنيلسون مانديلا"، إحياء لذكرى ميلاد الرئيس السابق لجنوب افريقيا، واحد اشرس المناهضين لسياسة الميز العنصري، والذي كرس حياته للكفاح من أجل الحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة والسلام لفائدة كل سكان المعمورة وشعوبها في وقت كانت بلاده تشهد "أسوأ نظام عنصري عرفه التاريخ البشري". فقد حرم نظام الفصل العنصري 85 من المائة من سكان جنوب افريقيا من ذوي البشرة السوداء ومنهم مانديلا نفسه من أدنى حقوقهم ولم يكن بإمكانهم التصويت والتنافس مع البيض في مكان العمل، كما لم يتمكنوا من استخدام نفس الحافلات والشواطئ والمراحيض العامة وعاش الكثير منهم في بؤس حاد. وجاء اعتماد الجمعية العامة لقرار الاحتفال باليوم الدولي لنيلسون مانديلا، اعترافا ب«اسهاماته ودوره الفعال في تأسيس دولة جنوب إفريقيا ديمقراطية غير عرقية ولا تفرق بين الجنسين وكذا ترويجه لثقافة السلام في مختلف أنحاء العالم". وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس في هذا السياق أن "هذا الرجل الاستثنائي جسد أسمى تطلعات الأممالمتحدة والأسرة البشرية" وأن "اليوم الدولي لنيلسون مانديلا يمثل فرصة للتأمل في حياة وإرث مدافع عالمي أسطوري عن الكرامة والمساواة والعدالة وحقوق الإنسان". وبعدما أشار إلى تنامي خطاب الكراهية وطمس المعلومات وتقويضها للمؤسسات الديمقراطية وتراجع التقدم بسنوات في الكفاح العالمي ضد الفقر واستمرار جائحة "كوفيد-19"، قال غوتيريس أن الجائحة كورونا التي عمت العالم منذ أواخر 2019 "أظهرت الأهمية الحيوية للتضامن والوحدة الإنسانية كقيمتين ناصرهما وجسدهما نيلسون مانديلا في كفاحه مدى الحياة من أجل العدالة". وقررت الجمعية العامة للأمم المتحدة، شهر ديسمبر 2015 ، توسيع نطاق اليوم الدولي لنيلسون مانديلا، ليتم استخدامه لتعزيز الظروف الإنسانية للسجن وزيادة الوعي بشأن السجناء، حيث اعتمدت قواعد الأممالمتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء تحت مسمى "قواعد نيلسون مانديلا"، من أجل احترام إرث رئيس جنوب إفريقيا الراحل. وتتيح هذه القواعد حلولا، تقوم على أساس المبادئ الأساسية للأمن والسلامة والكرامة في جميع السجون ولجميع السجناء من خلال الحد من نطاق عقوبة السجن وتحسين ظروف السجون وتعزيز إدارتها ودعم إعادة إدماج المجرمين اجتماعيا عقب الإفراج عنهم. كما يمثل اليوم الدولي لنيلسون مانديلا "فرصة للفت الانتباه" إلى السجناء في مختلف أنحاء العالم وتحسيس الرأي العام بأنهم جزء من المجتمع، مع تقدير "العمل الهام" الذي يقوم به موظفو السجون. ولد نيلسون مانديلا في 18 جويلية 1918 في مقاطعة "مفيزو" بجنوب إفريقيا وانضم إلى حزب المؤتمر الوطني الافريقي عام 1944 وأسس مع مناضلين آخرين "عصبة الشبيبة" التابعة للحزب. كما دشن حملة "تحد" التي كانت حملة عصيان مدني كبيرة اعتراضا على القوانين الظالمة التي فرضها نظام الميز العنصري على أبناء جنوب إفريقيا الأصليين، ما كلفه حكما بالسجن مدى الحياة عام 1964. وتم الإفراج عن مانديلا شهر فيفري 1990 بعد ضغوط دولية متزايدة بعد أن أمضى 27 عاما رهن الاعتقال التعسفي الظالم، ليعود بعدها إلى مواصلة نشاطه السياسي. وتولى قيادة المؤتمر الوطني الافريقي والمفاوضات التي أفضت إلى وضع حد لنظام الفصل العنصري وتشكيل حكومة متعددة الأعراق في بلاده. وانتقل نيلسون مانديلا بعدها بصفته نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني الافريقي إلى نيويورك شهر جوان 1990، حيث ألقى خطابا أمام لجنة الاممالمتحدة الخاصة بمحاربة الميز العنصري. وكرس نيلسون مانديلا، 67 عاما من سنوات عمره في الدفاع والمطالبة بحقوق الإنسانية، بصفته محامٍ لحقوق الإنسان وسجين ضمير وصانع سلام دولي وأول رئيس منتخب ديمقراطيا لدولة جنوب افريقيا، بعد فوز حزب المؤتمر بأغلبية ساحقة في أول انتخابات متعددة الاعراق تنظم في البلاد. وتقاسم مانديلا جائزة نوبل للسلام عام 1993 مع الرئيس الأسبق لجنوب افريقيا، فريديريك دو كليرك. وقرر مانديلا سنة 1999 ، الانسحاب من الحياة السياسية، مواصلا في الوقت ذاته الدفاع عن الحرية والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان إلى غاية رحيله شهر ديسمبر 2013 عن عمر يناهز 95 عاما.