دخلت المفاوضات الجارية بين الغرب وطهران حول النووي الإيراني مرحلة حاسمة، في ظل إعلان الاتحاد الأوروبي، أمس، أنه بصدد دراسة رد إيران على مقترحه "النهائي" لإعادة تفعيل اتفاق فيينا الدولي الموقّع عام 2015. وتضمن المقترح النهائي، الذي تقدم به الاتحاد الأوروبي الذي يقوم بدور المنسق في المفاوضات النووية، بعودة الولاياتالمتحدة إلى اتفاق فيينا الذي كانت انسحبت منه من طرف واحد عام 2018 خلال عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، ورفع العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران شريطة التزامها بعدم تجاوز الحدود التي رسمها الاتفاق بخصوص عملية تخصيب اليورانيوم وباقي الأنشطة النووية الحساسة. وأكدت نبيلة مصرالي، المتحدثة باسم رئيس الدبلوماسية الأوروبية، جوزيب بوريل، تلقي الجانب الأوروبي، في وقت متأخر من ليلة الاثنين إلى الثلاثاء، الرد الإيراني وهم بصدد دراسته واستشارة باقي المشاركين في المجموعة المفاوضة والولاياتالمتحدة بشأن طريقة المضي قدما. وكانت السلطات الإيرانية أعلنت، أول أمس، أنها قدّمت آخر ملاحظاتها إلى الوسيط الأوروبي في رد كتابي، مبدية تفاؤلها بإمكانية التوصل إلى اتفاق في حال تعاملت الولاياتالمتحدة بواقعية ومرونة. وبينما تنتظر طهران رد الاتحاد الأوروبي خلال اليومين القادمين، قالت المتحدثة باسم رئيس الدبلوماسية الأوروبية إن "العمل جارٍ من أجل صياغة رد على المقترحات الإيرانية وأن الوقت غير مناسب للحديث عن برنامج زمني لتقديم الإجابة". وأضافت أن جوزيب بوريل على اتصال دائم مع كل أطراف المفاوضات بما فيها الولاياتالمتحدة، مشيرة إلى أن الاتحاد الأوروبي لا ينوي "الكشف عن تفاصيل العملية الجارية أو مواقف المشاركين"، في نفس الوقت الذي لم تكشف فيه الصحافة الإيرانية عن مضمون رد طهران على المقترح النهائي الأوروبي. فبعد محادثات مطوّلة وجولات مكوكية أجراها الاتحاد الأوروبي بين واشنطنوطهران بداية من شهر أفريل 2021 بالعاصمة النمساوية فيينا، تم الإعلان مؤخرا عن عرض "نهائي" تقدم به الوسيط الأوروبي لإعادة تفعيل اتفاق فيينا النووي الموقّع عام 2015 بين طهران والغرب. وبينما قالت واشنطن إنها مستعدة لإبرام اتفاق بسرعة لإحياء اتفاق 2015 على أساس مقترحات الاتحاد الأوروبي، قال مفاوضون إيرانيون إنهم سينقلون مقترحات ورؤى إضافية إلى الاتحاد الأوروبي. وذكر وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، أن رد طهران لن يكون قبولا نهائيا لاقتراح الاتحاد الأوروبي ولا رفضا تاما له، مضيفا "أننا قلنا لهم إنه يجب احترام خطوطنا الحمراء، أبدينا لهم مرونة كبيرة ولكننا لا نريد التوصل إلى اتفاق يخفق تنفيذه على الأرض بعد 40 يوما أو شهرين أو 3 أشهر". ويرى دبلوماسيون ومحللون، أنه سواء قبلت طهرانوواشنطن العرض "النهائي" من الاتحاد الأوروبي لإحياء الاتفاق أم لا، فمن غير المرجح أن يعلن أي منهما إلغاءه لأن إبقاءه يخدم مصالح الطرفين. وبدأت إيران، التي تطالب برفع الحظر الدولي المفروض عليها والقوى التي لا تزال منضوية في الاتفاق فرنسا وبريطانيا وألمانيا وروسيا والصين، مفاوضات في افريل 2021 لإحيائه، تم تعليقها مرة أولى في جوان 2021. وبعد استئنافها في نوفمبر الماضي، علّقت مجددا منذ منتصف مارس الماضي بسبب بقاء نقاط تباين بين واشنطنوطهران رغم تحقيق تقدم كبير في سبيل إنجاز التفاهم. وأجرى الطرفان، بتنسيق من الاتحاد الأوروبي، مباحثات غير مباشرة ليومين في العاصمة القطرية الدوحة أواخر جوان الماضي لم تفض إلى تحقيق تقدم يذكر، قبل استئنافها مجددا في الرابع أوت الجاري بالعاصمة النمساوية فيينا بمشاركة الولاياتالمتحدة بشكل غير مباشر.