عقد وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي، أمس، اجتماعا وصف ب"التاريخي" كونه الأول الذي تحتضنه العاصمة كييف ضمن مسعى لترسيخ الدعم الأوروبي لأوكرانيا في حربها مع روسيا، في وقت يشهد فيه الجوار الأوكراني تصاعد تيارات رافضة لمواصلة مثل هذا الدعم الذي بدأ ينهك عديد هذه الدول. قال مسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، في بيان على وسائل التواصل الاجتماعي "نعقد اجتماعا تاريخيا لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي هنا في أوكرانيا، الدولة المرشحة والعضو المقبل في الاتحاد الأوروبي". وأضاف أن الهدف من الاجتماع هو "التعبير عن تضامننا ودعمنا للشعب الأوكراني"، لكنه أقر بأن الاجتماع "لا يهدف للتوصل إلى نتائج وقرارات ملموسة". ورحبت كييف بالاجتماع، الذي وصفه وزير خارجيتها، دميترو كوليبا، بأنه "حدث تاريخي لأنها المرة الأولى التي يجتمع فيها مجلس الشؤون الخارجية خارج حدوده الراهنة، خارج حدود الاتحاد الأوروبي، لكن ضمن الحدود المستقبلية له". ويأتي الاجتماع، الذي غاب عنه وزراء خارجية المجر وبولندا ولاتفيا، في وقت تتزايد فيه الخلافات بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي حول مسألة دعم أوكرانيا وفي وقت يشهد فيه الجوار الأوكراني تراجعا في دعم كييف في ظل صعود تيارات رافضة لمواصلة هذا الدعم وأخرى تسعى حتى للتقرب من روسيا. وبقيت دول الاتحاد الأوروبي، البالغ عددها 27 دولة، متحدة في دعمها لأوكرانيا منذ تفجر الصراع المسلح في 24 فيفري 2022، حيث فرضت على روسيا عقوبات مشددة وأنفقت أموال طائلة على الأسلحة لكييف. غير أنه ومع استمرار الحرب ودخولها عامها الثاني وسط غياب أدنى مؤشرات احتوائها على الأقل في المستقبل القريب، تصاعدت المخاوف من ظهور تصدعات داخل الاتحاد الأوروبي مع تزايد القلق أيضا بشأن دعم الولاياتالمتحدة التي تعتبر من الدول الرئيسية التي تقف إلى جانب لأوكرانيا. وليس ذلك فقط، فقد تنضم سلوفاكيا إلى المجر، أقرب حليف لروسيا في الاتحاد الأوروبي، في معارضتها لتقديم مزيد من الدعم لأوكرانيا بعد فوز الحزب الشعبوي الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق، روبرت فيكو، في الانتخابات التشريعية في براتيسلافا بداية الأسبوع، إضافة إلى وجود توترات بين كييف وبعض من أشد الدول المؤيدة لها في الطرف الشرقي للاتحاد الأوروبي وأبرزها بولندا حول مسألة تدفق الحبوب الأوكرانية إلى أسواقها. وفي هذا السياق، تطرقت وزيرة الخارجية الفرنسية، كاترين كولونا، إلى المخاوف المرتبطة بتراجع الدعم، حيث قالت إن "الاجتماع في كييف كان إشارة لموسكو على تصميم الكتلة الاوروبية على دعم أوكرانيا على المدى الطويل". وأضافت في تصريحات صحافية إنه "دليل على دعمنا الراسخ والدائم لأوكرانيا حتى تنتصر"، مشيرة إلى أنه "رسالة أيضا إلى روسيا مفادها أنه لا ينبغي أن تراهن على أننا سنتعب. سيستمر دعمنا لفترة طويلة". من جانبها، دعت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، إلى وضع استراتيجية لحماية أوكرانيا من تبعات الضربات الروسية على شبكة الطاقة الأوكرانية في الأشهر المقبلة مع انخفاض درجات الحرارة. وقالت إن "أوكرانيا تحتاج إلى خطة حماية في الشتاء تشمل دفاعا جويا ومولدات وتعزيز إمدادات الطاقة"، في حين قال وزير الخارجية الهولندي، هانكه بروينز سلوت، إنه "من المهم حقا بأن نجتمع هنا اليوم للتعبير عن تضامننا مع أوكرانيا". وتوقع الكرملين الذي كان يراهن على سقوط سريع لأوكرانيا من تزايد التعب لدى عديد الدول الغربية وخاصة الولاياتالمتحدة من مواصلة دعم كييف التي تعتمد على الدعم الغربي ماليا ومن حيث التزوّد بالأسلحة في حربها مع روسيا. وجاء ذلك على لسان المتحدث باسم الرئاسة الروسية، ديمتري بيسكوف، الذي قال، أمس، إنه ينتظر في أن "تستمر الولاياتالمتحدة في التورط في هذا الصراع في الواقع بطريقة مباشرة"، قبل أن يضيف بأن "التعب الغربي ساهم في خلق انقسامات على مستوى المؤسسة السياسية وسيقود الى تناقضات".