أطلقت ولاية عنابة من خلال المكتبة الرئيسة للمطالعة العمومية بركات سليمان، مساءً أدبياً دافئاً، احتضنته قاعة الندوات ضمن العدد الأربعين من منتدى الكتاب الذي تنظمه مديرية الثقافة والفنون. حيث تم تقديم أحدث أعمال الكاتب موسى لهوام؛ روايته الجديدة "يامنة"، التي اختارت أن تدخل الفضاء الثقافي الجزائري من أوسع أبوابه، محمَّلة بأسئلة الواقع، والهوية، والذاكرة. قدّم الكاتب عمله الروائي بأسلوبٍ مباشر، جمع بين الحميمي والتحليلي، حيث اصطحب الحضور في جولة فكرية داخل ثنايا روايته، كاشفًا عن الدوافع التي ألهمته لكتابتها، وعن الخلفية النفسية والاجتماعية للشخصيات، وكذا عن المسارات التي اختار أن تتقاطع فيها الحكاية مع السؤال، والواقع مع الرمز. "يامنة" ليست فقط اسما لبطلة تتنقل بين عوالم داخلية معقدة، بل، أيضا، مرآة لامرأة جزائرية تواجه تحوّلات زمنها، وتعيد بناء ذاكرتها في ظل واقع مضطرب، لا يمنح كثيرا من الأجوبة. وتفاعل الحاضرون مع العرض الذي قدّمه لهوام، لتتوالى بعدها المداخلات؛ من أكاديميين، وقرّاء، ونقّاد، ناقشوا جملة من القضايا المرتبطة بمحتوى الرواية؛ مثل علاقة الأدب بالواقع، وتمثيل المرأة في السرد، والبنية السردية المعتمدة، فضلًا عن استعمال اللغة بين الفصحى والتعبيرية اليومية. لم تكن الأسئلة سهلة، ولم يتردد الكاتب في تقبّلها والانفتاح على ما تثيره من زوايا جديدة لفهم النص. وتحدّث أحد المتدخلين عن "الحمولة الرمزية" التي يحملها اسم الرواية نفسه، وكيف تحوّل العنوان من مجرد اسم إلى مفتاح تأويليّ لفهم مسار البطلة، فيما توقفت إحدى الكاتبات الحاضرات عند البعد السيكولوجي في بناء الشخصيات. وقالت إن العمل يقترب من شكل الاعترافات الذاتية من دون أن يقع في فخ السيرة الذاتية المباشرة. وفي لحظة تواطؤ وجداني بين الكاتب وقرّائه، اختُتمت الأمسية بجلسة بيع بالإهداء، كانت مناسبة لأن يحظى كل قارئ بنسخته الموقّعة من العمل. هنا لم يكن التوقيع مجرد طقس ثقافي، بل لحظة اتصال شخصي بين المؤلف وجمهوره، تخللتها كلمات قصيرة، وابتسامات، وحديث جانبي بين القارئ ومَن صنع له رحلة عبر الورق. وفي تصريح مقتضب قال موسى لهوام: " أنا لا أقدّم أجوبة، بل أطرح أسئلة. والكاتب، في النهاية، ليس مفسرا مطلقا لنصّه، بل شاهِدٌ عليه. أشكر عنابة، مكتبتها وناسها، على هذا الحضن الأدبي الدافئ ". عنابة تحتفل بعيد الطفولة ضحكات تملأ الساحة وبرنامج حافل أسعد القلوب الصغيرة بأجواء مفعمة بالفرح والبهجة، انطلقت، أول أمس السبت بساحة مسرح عنابة، فعاليات عيد الطفولة، وسط حضور غفير للعائلات التي رافقت أبناءها للاحتفاء بهذا اليوم الخاص، الذي صار يمثل موعدا ثابتا في الرزنامة الثقافية لمدينة عنابة، حيث تحوّلت ساحة المسرح إلى فضاء يعج بالحيوية والضحك. وقدّم عدد من المهرجين البهلوانيين عروضا فكاهية، وألعابا تنشيطية نالت إعجاب الأطفال، وأدخلت السرور على قلوبهم. وكانت الأزياء الزاهية والحركات البهلوانية وتفاعل الجمهور، كفيلة برسم البسمة على وجوه الجميع كبارا وصغارا. وتستمر الاحتفالات لمدة خمسة أيام من 31 ماي إلى 4 جوان، حيث أعدّت مديرية الثقافة والفنون بالتعاون مع الجمعيات المحلية، برنامجا متنوعا وشيقا يُراعي مختلف أعمار الأطفال واهتماماتهم. ويتضمن عروضا مسرحية تربوية وترفيهية تُقدَّم يوميا بمسرح عز الدين مجوبي، الذي طالما جذب اهتمام الصغار بعوالمه الساحرة، وشخصياته المحببة. كما يتخلل البرنامج فقرات تنشيطية متجوّلة مع مهرجين، ورواة قصص، وموسيقيين، إلى جانب ورشات فنية تجمع بين الرسم والتلوين، وتشكيل الصلصال، والرقص، وأداء الحكايات، وكلها تهدف إلى تنمية الحس الإبداعي عند الطفل. وستقام، أيضا، ألعاب جماعية، ومسابقات فكرية ورياضية، تعزز روح التعاون، والمنافسة الإيجابية، إلى جانب ركن المفاجآت اليومية الذي يُوزَّع فيه الهدايا، وتُجرى فيه سحوبات ترفيهية، تضفي مزيدا من التشويق على الأجواء. ولا يقتصر عيد الطفولة بعنابة على الجانب الترفيهي، بل يسعى كذلك إلى تأصيل حق الطفل في اللعب والمشاركة في الحياة الثقافية، وفق ما تنص عليه الاتفاقيات الدولية لحقوق الطفل. ويشكل فرصة لتحفيز الأطفال على التعبير عن أنفسهم، وتنمية مواهبهم، وكسر روتين الحياة الدراسية اليومية. كما وُضعت، بالمناسبة، خلايا استقبال، ومرافقة نفسية للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، إضافة إلى تخصيص فضاء خاص بهم؛ لضمان إدماجهم الكامل في أجواء التظاهرة. ومع توالي أيام الفعالية تستمر ساحة المسرح والشوارع المجاورة، في استقبال الأطفال الذين يجيئون فرادى أو مع أسرهم، محملين بفضول الطفولة، وشغف الاكتشاف، حيث تتعالى الضحكات، وتُرسم وجوه ملوَّنة، وتُحكى القصص، وتُعزف أنغام البراءة. عنابة تُحيي الذاكرة المغاربية الكلمة تَعبر حدود التاريخ والهوية عُقدت بالمكتبة الرئيسة للمطالعة العمومية لولاية عنابة، أول أمس، الندوة المغاربية الأولى لاتحاد الكُتّاب الجزائريين، في إطار إحياء اليوم الوطني للذاكرة، وبمشاركة أدبية وثقافية من دول المغرب العربي؛ الجزائر وتونس وليبيا. وشهدت الندوة حضورا نوعيا لثلة من الأدباء والنقاد والباحثين المغاربيين، الذين التقوا لتبادل الرؤى حول الأدب، والذاكرة، والهوية المشتركة. وتمحورت أشغال الندوة حول أهمية الذاكرة الجماعية في الكتابة الإبداعية، ودور الأدب في الحفاظ على الوعي التاريخي المشترك بين شعوب المنطقة، خصوصا في ظل التحولات المتسارعة التي تعرفها الساحة الثقافية والسياسية في الفضاء المغاربي. كما نوقشت قضايا الهوية، والمصالحة مع الذاكرة الاستعمارية، وتحديات كتابة التاريخ من منظور أدبي وإنساني. وقد ألقى عدد من المشاركين مداخلات نقدية أضاءت جوانب متعددة من موضوع الندوة، مؤكدين أن مثل هذه اللقاءات ليست، فقط، فرصة للتبادل الثقافي، بل منصة لتعزيز وحدة الوجدان المغاربي، وتقوية جسور التواصل بين الكُتّاب في المنطقة. الندوة التي عُقدت في أجواء فكرية عميقة ومفتوحة، عكست حرص اتحاد الكُتّاب الجزائريين على أن تكون عنابة منبرا للفكر، وجسرا للذاكرة، وفضاءً مغاربيا يتجدد بالحوار والكلمة. وقد خلص المشاركون إلى ضرورة استمرارية هذه المبادرات، وتوسيع نطاقها مستقبلًا، لتشمل أجيالًا شابة من المبدعين، وتكريس ثقافة الذاكرة بوصفها مقاومة رمزية ضد النسيان والانقطاع.