الأمن السيبراني لحماية المنظومة المعلوماتية من الهجمات    السيد بوغالي يستقبل بنواكشوط من طرف رئيس الجمهورية الموريتانية    الجيش الوطني الشعبي: تخرج 6 دفعات جديدة بمدرسة التخصص في الحوامات بعين أرنات    خدمات إلكترونية لضمان أفضل استقبال للجالية الوطنية    مشروع لإنتاج الهيدروجين الأخضر لسد احتياجات صناعة الحديد والصلب    بن جامع يحذر من الوضع الكارثي للأطفال في غزة ويدعو إلى استجابة "أكثر صرامة" للأزمة    كرة القدم: نهائي كاس الجزائر بين اتحاد الجزائر وشباب بلوزداد يوم 5 يوليو بملعب نيلسون مانديلا ببراقي    المركز الوطني للسينما والسمعي البصري: الإعلان عن قائمة مشاريع برنامج "هي" للسنيمائيات الجزائريات    الإطلاق الرسمي لتطبيق "Discover Algeria" للتعريف بالتراث الجزائري عبر الوسائط الرقمية    غرة شهر محرم 1447هجري ستكون يوم الجمعة 27 جوان 2025    إيران الكيان الصهيوني.. نهاية الحرب؟    "يوم عصيب" في اسرائيل إثر مقتل 7 جنود في غزّة    رغبة الاتحاد الإفريقي في الاستفادة من خبرة سونلغاز    1200 مليار لتهيئة الشواطئ    الموافقة على تعيين سفير الجزائر بغويانا    إحباط تمرير 8 قناطير من الكيف عبر الحدود مع المغرب    حلّ المركز الوطني للصناعة السينماتوغرافية    انتصار دبلوماسي صحراوي في نيروبي    حينما يتحول المطبخ إلى مرآة للهوية    أيام تكوينية لمرافقة الأفواج الشبانية بتلمسان    تتويج منتخب ولاية الجزائر باللقب    لطفي عمروش مطلوب لتولي العارضة الفنية    44 دولة أكدت مشاركتها في الألعاب المدرسية الإفريقية    شهيد الثورتين وحامل القلم والبندقية    عرفان بأودان الذي دفع حياته ثمناً لحرية الجزائر    هيئات صحراوية تفضح أساليب الاحتلال المغربي في نهب ثروات الشعب الصحراوي تحت غطاء التنمية المستدامة    خلال اجتماع تنسيقي.. ناصري يشدد على أهمية البعد العربي في الدبلوماسية البرلمانية الجزائرية    البلديات الساحلية للولايات ال14..12 مليار دينار لتهيئة الشواطئ والواجهات البحرية    يوم دراسي حول الأمن السيبراني وأخلاقيات مهنة القضاء : تسليط الضوء على التحولات الرقمية وانعكاساتها على أداء السلطة القضائية    اجتماع الحكومة:متابعة إنجاز المشاريع الهيكلية الكبرى ودراسة عروض تتعلق بعدة قطاعات    رجال الأعمال مدعوون إلى اغتنام الفرص المتاحة : الاستثمار المنتج أولوية لإدماج الاقتصاد الوطني في السوق العالمية    ترقية المقاولاتية واقتصاد المعرفة : عرض تجربة الجزائر في منتدى دافوس الصيفي    الذكرى ال52 لاستشهاد محمد بودية: إشادة بمناقب مجاهد الثورة الجزائرية ومناضل القضية الفلسطينية    خلال السنوات الأخيرة.. تصدير 65 صنفا من المنتجات الجزائرية    سوناطراك من الشركات الرائدة التي اتخذت قرارات تقليص نسبة انبعاثات الكربون    التوقيع على اتفاقية شراكة بين "أوريدو" والكشافة الإسلامية الجزائرية    تبسة: افتتاح معرض مشترك جزائري- تونسي للصناعات التقليدية والحرف اليدوية    رئيس الجمهورية يستقبل وفدا عن شركة إكسون موبيل الأمريكية    رئيس الجمهورية يستقبل سفير جمهورية غانا لدى الجزائر    الحماية المدنية تتجنّد لإخماد الحرائق    أمن البليدة يضع برنامجا توعويا لفائدة السائقين    البرلمان الإيراني يوافق على مشروع قانون لتعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية    الجزائر من بين أفضل 12 اتحادية    مشاركة 11 فرقة من 10 دول    موتسيبي يعزّي الجزائر    تنصيب لجنة التحقيق في فاجعة ملعب 5 جويلية    وزير الثقافة والفنون يتباحث مع المدير العام ل"الألكسو" آفاق التعاون الثقافي المشترك    كأس إفريقيا سيدات 2024 : المنتخب الجزائري يشرع في المرحلة الثانية من التحضيرات بسيدي موسى    تسليم أولى تراخيص تنظيم نشاط العمرة للموسم الجديد    الجزائر-موريتانيا: فرق طبية من البلدين تجري عمليات لزرع الكلى بالجزائر العاصمة    نتمنى تحقيق سلام عالمي ينصف المظلوم    حادث ملعب 5 جويلية: وفد وزاري يقف على الوضعية الصحية للمصابين    احذروا الغفلة عن محاسبة النفس والتسويف في التوبة    شكاوى المرضى في صلب عمل لجنة أخلاقيات الصحة    التعبئة العامّة.. خطوة لا بد منها    تحضيرات مسبقة لموسم حج 2026    فعل الخيرات .. زكريا عليه السلام نموذجا    هذه أسباب زيادة الخير والبركة في البيت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حينما يتحول المطبخ إلى مرآة للهوية
"البوراك العنابي" و"الشخشوخة" لذة وعراقة
نشر في المساء يوم 26 - 06 - 2025

لا تُعرف ولاية عنابة، جوهرة الشرق الجزائري، فقط بجمال شواطئها أو عمق تاريخها، بل أيضًا بمطبخها الفريد، الذي يشكل امتدادًا حيًّا لذاكرتها الثقافية. في هذا الركن البحري من الجزائر، تتداخل النكهات كما تتداخل الحضارات، ويصبح المطبخ العنابي بمثابة سجل مفتوح يروي قصة المدينة، من الميناء إلى المائدة، ومن الأزقة القديمة إلى الأفران العصرية.
من بين جواهر هذا المطبخ، يبرز "البوراك العنابي" بالفواكه البحرية، كتحفة ذوقية وفنية، توازي في رونقها أرقى المملحات العالمية، في حين تحتفظ "الشخشوخة" العنابية بجذورها العميقة، كطبق يلامس روح الأصالة الجزائرية، مع لمسة خاصة تميز العنابيين عن غيرهم.
"البوراك العنابي" ترجمة لنكهة البحر
إذا كان البوراك في الجزائر عامةً، من المقبلات الرمضانية المحببة، فإن "البوراك العنابي" يرتقي بها إلى مستوى آخر، ويكون حاضرا في كل المناسبات والمواسم والأفراح. فهنا، لا تكتفي السيدات بحشوه بالبطاطا أو اللحم المفروم، بل يُدخلن فيها ثمار البحر: القمرون (الجمبري)، الكلمار، في وصفة تمزج بين الرقي والبساطة.
يُلف "البوراك" بعناية، ويُحشى بمزيج متوازن من المأكولات البحرية، البقدونس والبصل، والبهارات العنابية الخاصة، ثم يُقلى حتى يأخذ اللون الذهبي المقرمش، في مشهد يخطف الأبصار، قبل أن يأسر الأذواق.
ما يُميز "البوراك العنابي" ليس فقط مكوناته، بل الشكل الفني الذي يُقدم به. فهو لا يقل أناقة عن المملحات المعاصرة التي نراها في معارض الطهو أو مطاعم الذواقة، بل يضاهيها، ويحتفظ محلية تضيف إليه بُعدًا تراثيًا وجماليًا. إنه طبق يُحضر بحب، ويُقدم بفخر.
"الشخشوخة" العنابية... البنة في البساطة
أما "الشخشوخة"، ذلك الطبق التقليدي الجزائري الذي يأخذ أشكالًا مختلفة، حسب المناطق، فله في عنابة نكهة لا تُشبه غيرها. بعجائن تُحضر يدويًا وتُفتت بدقة، تُقدم "الشخشوخة" العنابية غالبًا بمرق أحمر، يحتوي على اللحم، الحمص، ومزيج من التوابل القوية، كما يزين بالبيض والبنادق المصنوعة من اللحم، كل هذه المنمنمات تميز المطبخ العنابي.
في بعض المناسبات، تُحضر "الشخشوخة" بمرق أبيض، أو تُضاف إليها القرفة لتعطيها نكهة خاصة، في تجديد دائم للطبق دون المساس بجوهره. هذا التوازن بين الأصالة والمرونة، يجعلها طبقًا حيًا يتطور مع الزمن، لكنه لا ينفصل عن جذوره.
المطبخ العنابي في معركة الهوية
رغم العولمة، ورغم زحف الوجبات السريعة والمملحات الجاهزة، التي أغرت الكثيرين، لا يزال المطبخ العنابي وعلى رأسه البوراك العنابي والشخشوخة صامدًا، بل أكثر من ذلك، أصبح مصدر فخر وهوية، ومجالًا للتجديد الإبداعي.
الشباب العنابي، خاصة الطهاة الجدد وصانعات المحتوى، بدأوا في إعادة إحياء هذه الوصفات، وتقديمها بطرق جذابة، دون المساس بجوهرها. صفحات على "فايسبوك" و"إنستغرام"، وحتى برامج على "يوتيوب"، باتت تُظهر "البوراك العنابي" كمنتج راقٍ يعكس تراث المدينة، ويُنافس أشهر الأطباق العالمية.
حين يصبح الطبخ مقاومة ثقافية
في النهاية، لا يمكن الحديث عن عنابة دون التوقف عند مطبخها. فكل لقمة من "بوراك بحري" أو "شخشوخة" عريقة، ليست فقط أطباقا ومقبلات عادية، بل قصة تُروى، وهوية تُحفظ، وذاكرة تُقاوم النسيان.
المطلوب اليوم، ليس فقط الاستمتاع بتلك الأطباق، بل فهم معناها، وتحويلها إلى جزء من المشروع الثقافي للمدينة. فالمطبخ، حين يُحافَظ عليه، يصبح مقاومة ناعمة ضد ذوبان الهوية في عولمة لا ترحم. عنابة، بمطبخها العريق، تكتب فصلاً جديدًا من فصول التميز الجزائري... وكل "بوراك" تُحضره أيادٍ محلية، هو بمثابة قصيدة تُغنى للبحر، الأرض والأصالة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.