تتزايد الأصوات المطالبة في أوروبا بكسر حالة الصمت التي تطوّق معاناة الشعب الصحراوي، في ظل تعتيم إعلامي متعمّد من قبل النظام المغربي الذي يواصل فرض سياسة الأمر الواقع في الصحراء الغربية المحتلّة، من خلال ممارسات قمعية وتحالفات عسكرية مشبوهة مع الكيان الصهيوني. وفي هذا السياق، قالت المخرجة السينمائية الإسبانية، راكيل لاروسا، في حوار مع صحيفة "ألتو أراغون"، إن نضال الشعب الصحراوي لم يجد الاهتمام السياسي المطلوب، مؤكدة أن الصمت الدولي وغياب الإرادة هو ما يعمق مأساة هذا الشعب لا ضعف إرادته أو عزيمته. وأضافت أن "النّساء الصحراويات يقمن بدور محوري في النّضال التحرري، لكن حضورهنّ يهمّش بشكل ممنهج في التغطيات الإعلامية التي تتجاهل نضالهنّ اليومي ومساهماتهنّ الفاعلة في مقاومة الاحتلال"، مندّدة في ذات الوقت بازدواجية الخطاب الذي يعتمده المخزن، حيث يروّج لصورة زائفة عن احترامه لحقوق المرأة، بينما يواصل سياساته القمعية ضد الصحراويات في الأراضي المحتلّة، من خلال الترهيب والملاحقات والمنع، في محاولة لعزل الصوت النّسائي الصحراوي وكسر رمزيته في معركة التحرّر. ولم يقتصر طرح المخرجة على التحليل النّظري، بل سلّطت الضوء على هذا الجانب المهم من خلال فيلمها الوثائقي القصير "تنافر" (Disonancia)، الذي شاركت فيه فاطمتو بوشريا، مؤسسة الفريق النّسائي لدعم الأعمال المتعلقة بنزع الألغام، مبرزة شجاعة النّساء الصحراويات في مواجهة تبعات الاحتلال المغربي. وفي معرض حديثها عن تجربتها الشخصية أكدت لاروسا، أن انخراطها في القضية الصحراوية بدأ بدافع الفضول، لكنها سرعان ما اصطدمت ب"تعتيم إعلامي هائل"، مشيرة إلى أنها طردت من الأراضي الصحراوية المحتلّة من قبل قوات الاحتلال خلال محاولة تصويرها داخل الأراضي المحتلّة، لكنها عادت لتصور من مخيمات اللاجئين لأن السينما -كما قالت- "ذاكرة ومقاومة". بدورها كتبت عضو حركة المعتقلين السياسيين الصحراويين، الإسبانية كريستينا مارتينيز بنيتيز دي لوغو، إلى وزارة خارجية بلادها، تذكّر فيها بمسؤولية مدريد التاريخية والأخلاقية تجاه معاناة الشعب الصحراوي. وقالت في الرسالة إن الاحتلال المغربي "غير قانوني وغير أخلاقي"، وإن إسبانيا بصفتها القوة المديرة للإقليم "تتحمّل قسطا كبيرا من المسؤولية عن استمرار هذا الوضع"، مؤكدة أن الشعوب الأوروبية ترفض الصمت وتواصل التعبير عن تضامنها مع الشعب الصحراوي وحقّه المشروع في تقرير المصير. من جانبه قال عضو جمعية الصحفيين والكتّاب الصحراويين في أوروبا، بشير لحداد، أن النظام المغربي يعيش "حالة قلق و اضطراب متصاعدة"، تتجلى في تحركاته السياسية والعسكرية المرتبكة، موضحا أن المخزن فشل رغم كل وسائل القمع والدعاية في فرض "سيادته" المزعومة على الصحراء الغربية. وفي مقال نشره على موقع "المستقبل الصحراوي"، أكد لحداد، أن المغرب يعوض فشله السياسي بتحالفات مشبوهة مع الكيان الصهيوني، مستدلا بتعزيز "جدار الاحتلال الرملي" بطائرات تجسس مسيرة صهيونية، في خطوة تؤكد أن المخزن اختار الانخراط في حلف إقليمي قائم على القمع والاستعمار. بتوظيفه لمعلومات مضلّلة منظمة بريطانية تدين تشويه المغرب لصورة النّشطاء الصحراويين أدانت منظمة "عدالة المملكة المتحدة" الدور الخطير الذي تلعبه وسائل الإعلام الموالية للاحتلال المغربي، في التحريض ونشر المعلومات الكاذبة وتشويه صورة النّشطاء الصحراويين السلميين في مجال حقوق الإنسان. وفي بيان لها، اعتبرت المنظمة البريطانية أن هذا التشويه المتعمّد يقوّض الأسس القانونية والأخلاقية لقضية الشعب الصحراوي، ويتعارض مع اعتراف الأممالمتحدة بالصحراء الغربية كإقليم غير متمتع بالحكم الذاتي لا يزال ينتظر تصفية الاستعمار. واستدلت المنظمة في هذا الإطار بالحملة التي تشنّها وسائل الإعلام المغربية على النّاشط الصحراوي طالب علي سالم، الذي انتقد في تصريحات له التواطؤ الأوروبي مع الاحتلال المغربي وانتهاكات نظام المخزن، مؤكدة أن تصريحاته "تعبير نزيه وشجاع عن مطالب واضحة بالعدالة والكرامة والمساءلة الدولية". وقالت في هذا الصدد إن "الاستهداف الممنهج الذي يتعرض له طالب علي سالم، هو في حقيقته هجوم على حقّ الشعب الصحراوي في تمثيل نفسه وعلى ذاكرته السياسية ونضاله المستمر من أجل الحرية"، مضيفة أن "الدولة التي يمثلها ليست خيالية، بل هي الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، عضو مؤسس في الاتحاد الإفريقي وتجسيد سيادي وشرعي لتطلعات الشعب الصحراوي". وأشارت إلى أن "صوت طالب علي، ليس فرديا بل هو صدى للإرادة الجماعية لشعب محروم من أرضه وحقوقه وهويته" وأنه "بناء على إعلان الأممالمتحدة الخاص بالمدافعين عن حقوق الإنسان، فإن من حقه التنظيم والتعبير والدفاع عن قضيته دون ملاحقة أو قمع". كما شددت على أن عمل طالب علي سالم "لا يهدد حقوق الإنسان بل يجسدها" وأن محاولات إسكات صوته تعد "جزءا من نمط عالمي يتزايد فيه قمع الأصوات الحرّة". وعليه طالبت منظمة "عدالة المملكة المتحدة" بالاعتراف العلني بحق المدافعين الصحراويين في حرية التعبير والتنظيم دون خوف أو انتقام واتخاذ خطوات ملموسة لدعم تنفيذ حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره والاعتراف بالجمهورية الصحراوية، مذكّرة بأنه في زمن تتعرض فيه مبادئ حقوق الإنسان للتسييس والانتهاك، فإن "قيم الحرية والعدالة والكرامة يجب أن تنطبق على جميع الشعوب بما في ذلك الشعب الصحراوي".