الكيان الصهيوني يرتكب جريمة تطهير عرقي في غزة

في ظل إصراره على قصف وإبادة وتقتيل وتجويع المدنيين العزل

توالت في الفترة الأخيرة صور جثث الشهداء ملقاة على الأرصفة والطرقات بشوارع مدينة غزة، الواقعة تحت مقصلة آلة الدمار والتقتيل الصهيونية، والكلاب الضالة تنهشها في مشاهد مروعة لا يستطيع العقل البشري تحملها.
أكد مدير الإسعاف والطوارئ بمدينة غزة وشمال القطاع، فارس عفانة، أمس، بأن عشرات الجثث ما تزال متناثرة في الشوارع في مناطق مثل الصبرة وتل الهوا والشاطئ والشيخ رضوان بالمدينة المنكوبة، مشيراً إلى أن قوات الاحتلال تمنع فرق الإنقاذ من الاقتراب وتطلق النار والقذائف على أي من يحاول التدخل. كما أشار إلى وجود عشرات العالقين تحت أنقاض المنازل المدمرة، إلا أن فرق الدفاع المدني لم تتمكن من الوصول إليهم، ما أدى إلى استشهاد عدد كبير من المصابين في أماكنهم، لافتا إلى أن الكلاب الضالة بدأت تنهش الجثث المتناثرة في الشوارع في ظل عجز الطواقم عن التدخل بسبب الانتشار العسكري الإسرائيلي الواسع وإغلاق الطرق المؤدية إلى المناطق المتضررة.
وأكد المتحدث باسم الدفاع المدني، محمود بصل، أن الاحتلال رفض 26 طلب تنسيق من أصل 27 خلال 22 يوماً الماضية، بالإضافة إلى أكثر من 70 طلب تدخل عاجل في الساعات الأخيرة بما يعرض المدنيين والمصابين لمخاطر كبيرة. وأضاف أن الطواقم تضطر أحيانا للتواصل مع الصليب الأحمر أو مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية "أوتشا" فقط، لمحاولة الوصول إلى بعض الأحياء دون تنسيق رسمي. وأكد بصل أن المشاهد الحالية في الصبرة وتل الهوا تكرر المشاهد التي شهدها شمال القطاع قبل ستة أشهر، داعيا المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية للتدخل العاجل لوقف الحرب وتوفير إمكانية وصول الطواقم الإنسانية.
قيم الانسانية تتحطم في غزة
حذّر مدير جمعية الإغاثة الطبية الفلسطينية، بسام زقوت، من أن الاحتلال الصهيوني يرتكب جريمة تطهير عرقي في غزة ويعمل على إجبار السكان إلى النزوح إلى جنوب القطاع، منتقدا عجز المجتمع الدولي أمام أكبر مأساة تاريخية.
وقال زقوت في تصريح صحفي، إنّ "قطاع غزة يعاني من مأساة كبيرة لا تتوقف بل تزداد يوما بعد يوم"، مضيفا أنه "في غزة تحطمت قيم الإنسانية ونظام العدالة وقيم السلام وحماية المدنيين". كما أوضح أن الاحتلال الصهيوني يستمر في تحييد القطاع الصحي في غزة، مشيرا إلى الاعتداء على جميع مراكز الإغاثة الطبية في غزة وعلى مستشفى "الرنتيسي" المخصّص للأطفال وعلى مستشفى "الحلو" الذي يقدم بعض الخدمات التخصصية. وأشار إلى أن سياسات الترويع الممنهجة للطواقم الطبية لا تزال مستمرة، مطالبا بحماية الطواقم الطبية، حيث تعمل الطواقم في بيئة غير آمنة ويشعرون أنهم مهدّدون خصوصا بعد قصف المراكز الصحية، مضيفا أن الرسائل التي نقلت من غزة والصور والمشاهد والتقارير، كلها كفيلة أن تحرّك العالم وأن تستيقظ إنسانيته.
وفي إطار مواصلة حربه الهمجية على غزة، استهدف جيش الاحتلال امس مستشفى "الحلو" بمدينة غزة بقذيفتين، ما أدى إلى قطع شبكة الإنترنت عنه وعزل المستشفى بالكامل عن العالم الخارجي في انتهاك جديد ضد المنظومة الصحية المنهارة في قطاع غزة.
وأوضح مدير المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، إسماعيل الثوابتة، في تصريح صحفي أمس، أن هذا القصف المتعمد أدى إلى تعذر الوصول أو الخروج من المستشفى الواقع غربي مدينة غزة، في خطوة تهدف إلى وقف الخدمة الطبية المقدمة للمدنيين في ظل العدوان المستمر. وأشار إلى أن جيش الاحتلال منذ السابع أكتوبر 2023، ارتكب سلسلة جرائم حرب بحق القطاع الصحي في غزة، من أبرزها قتل 1670 من أفراد الطواقم الطبية وتدمير 197 سيارة إسعاف، إضافة إلى تنفيذ 788 هجوم مباشر استهدف مرافق الرعاية الصحية وكوادرها.
وأفادت مصادر طبية محلية بأن المستشفى، يضم عدة أقسام من بينها قسم مرضى السرطان، بالإضافة إلى حضانة تحتوي على 12 حالة من الأطفال الخدج. كما أشارت إلى أن أكثر من 90 شخصا ما بين طواقم طبية ومرضى، يتواجدون داخل المستشفى في ظل حصاره بالدبابات الصهيونية ومنع الدخول أو الخروج منه.
وواصلت آلة الدمار الصهيونية قصف ما تبقى من مبان ومنشآت مدينة غزة، حيث نسفت مباني سكنية شمال مخيم الشاطئ غرب المدينة. كما أفاد مصدر في الإسعاف والطوارئ بسقوط شهيد ومصابين في قصف من مسيرة صهيونية على شارع أبو حصيرة غرب مدينة غزة. وذكر بأن أجواء المدينة تشهد تحليقا مكثفا للمسيرات الصهيونية وسط إطلاق نار يسمع في محيط مجمع "الشفاء" الطبي، الذي نفذت أول أمس قوات الاحتلال في محيطه أحزمة نارية.
وليس ذلك فقط، فقد شهدت غزة تقدّم عدد من الآليات العسكرية قرب مقر الأمم المتحدة في شارع النصر باتجاه الغرب بالتزامن مع تنفيد الطيران الحربي الصهيوني غارات مكثفة أدت إلى تدمير عدد من المنازل في منطقة التوبة بحي الدرج شرقا. وأكدت مصادر إعلامية أن "جيش الاحتلال لم يمهل سكان المنازل والنازحين إليها ولم يعطهم الوقت الكافي لأخذ مقتنياتهم قبيل تدميرها".
وكشف رئيس "شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية" في غزة، أمجد الشوا، أن المساعدات الإنسانية التي تدخل إلى القطاع لا تلبي الحد الأدنى من الاحتياجات. وأكد في تصريحات صحفية أن الاحتلال يجبر المواطنين على النزوح بحرمانهم من الخدمات الأساسية. وهو ما أكده المستشار الإعلامي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، عدنان أبو حسنة، الذي قال إنّ مدينة غزة تعيش انهيارا كبيرا في منظومة العمل الإنساني، محذرا من أن الوقود سينفذ خلال 48 ساعة. وأضاف أن المجاعة انتقلت مع النازحين إلى الوسط والجنوب، حيث يبيت عشرات الآلاف من النازحين في الشوارع بلا خيام أو مأوى.
وكان مدير الإغاثة الطبية في قطاع غزة، محمد أبو عفش، قد صرح بأن الاحتلال الصهيوني طلب من كل المؤسّسات الصحية والطبية والعاملين فيها الخروج الفوري من مدينة غزة، والتي تشهد عملية عسكرية مكثفة وغارات عنيفة في كافة أنحائها.
361 فرد من الطواقم الطبية محتجزون قسرا في سجون الاحتلال
وذكرت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، أمس، أن 361 من أفراد الطواقم الطبية محتجزون قسرا في سجون الاحتلال، في وقت تواصل فيه السلطات الإسرائيلية منع المؤسّسات الحقوقية من متابعة أوضاعهم والاطلاع على ظروف اعتقالهم. وقالت إن المعلومات الواردة من داخل سجون الاحتلال حول أوضاع الأسرى من الطواقم الطبية تكشف عن ظروف كارثية يتعرضون لها، وتنكيل ممنهج بحقهم.
وجدّدت مطالبتها المؤسّسات الحقوقية والأممية بالضغط على الاحتلال للإفراج الفوري عن هؤلاء الأسرى من الطواقم الطبية، محذرة من استمرار معاناتهم في ظل ما يتعرضون له من إهمال وظروف غير إنسانية.
ولا يختلف المشهد الدموي في جنوب القطاع عن شماله، حيث أعلن مجمع ناصر الطبي استشهاد فلسطيني وإصابة آخرين من منتظري المساعدات قرب مركز مساعدات شمالي مدينة رفح. كما نفذ الجيش الصهيوني عمليات نسف بالعربات المسيرة المفخخة لمربعات سكنية في منطقة الكتيبة وسط مدينة خان يونس.
50 شهيدا في ظرف 24 ساعة
ومع استمرار العدوان الصهيوني، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، أمس، وصول 50 شهيدا و184 إصابة إلى مستشفيات القطاع خلال 24 ساعة الأخيرة. وقالت إنه "لا يزال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات، حيث تعجز طواقم الإسعاف والدفاع المدني عن الوصول إليهم حتى اللحظة"، ليرتفع إجمالي شهداء لقمة العيش ممن وصلوا المستشفيات إلى 2571 شهيد وأكثر من 18 ألفا و817 إصابة، مشيرة إلى ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 66 ألف و55 شهيدا و168 ألف و346 إصابة منذ السابع أكتوبر 2023.