من احتجاجات "جيل زد" المتواصلة منذ أسبوع في المغرب إلى عودة المظاهرات المنددة بالعدوان الصهيوني على غزة والتطبيع مع الكيان المحتل، تبقى الجبهة الداخلية المغربية تتفاعل على صفيح ساخن ينذر بمزيد من التأجج قد يقود لانفجار غير محسوب العواقب في أية لحظة. فغداة يوم احتجاجي عنيف عاشته معظم مدن المملكة على إثر استمرار احتجاجات شباب "جيل زد 212" المطالب بإصلاحات اجتماعية عميقة خاصة في الصحة والتعليم، انتفض الشارع المغربي مجددا، أمس، ضد التطبيع وضد والابادة الصهيونية المتواصل فصولها على مدار عامين في قطاع غزة المنكوب. وتوافد عشرات آلاف المواطنين المغاربة على العاصمة الرباط من مختلف المدن والقر، للمشاركة في المسيرة التي دعت إليها الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع تحت شعار "الشعب المغربي بصوت واحد.. ضد الإبادة الجماعية، ضد التطبيع، مع المقاومة".كما دعا لتنظيم هذه المسيرة أيضا مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين، التي تشارك فيها تنظيمات سياسية وحقوقية ونقابية مختلفة، من بينها جماعة العدل والإحسان وحركة التوحيد والإصلاح والحزب الاشتراكي الموحد وحزب العدالة والتنمية وفيدرالية اليسار الديمقراطي والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وحركة مقاطعة الكيان الصهيوني. ورفع المتظاهرون الأعلام الفلسطينية إلى جانب لافتات تندد بحرب الإبادة الجماعية، مرددين هتافات تطالب بوقف التطبيع مع إسرائيل وتعبر عن دعمهم الواسع لحركات المقاومة الفلسطينية على غرار "افتحوا المعابر واوقفوا المذابح" و«عذرا غزة" و«المغاربة مع الفلسطينيين"، وتوشح العديد منهم بالكوفية الفلسطينية، في حين رفع اخرون شعرات تطالب بإنقاذ الاطفال ووقف المجاعة في غزة. وفي تصريح صحفي، طالب منسق مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين، عبد الحفيظ السريتي، بإسقاط التطبيع، معتبرا أن استمرار خروج المغاربة في المسيرات وتطورات الوضع "تلزم المسؤولين بأن يضعوا حدا للتطبيع". وأضاف السريتي على هامش المسيرة الشعبية الوطنية بمناسبة الذكرى الثانية لانطلاق معركة "طوفان الأقصى"، بأن "الشعب المغربي ليس مع التطبيع وبأن التطبيع خطأ فادح يجب أن يتوقف"، داعيا إلى إغلاق مكتب الاتصال وحل لجنة الصداقة البرلمانية المغربية الإسرائيلية. وقال إنه "عار على هذه الأحزاب التي لازالت تتحدث وهي موجودة في هذه اللجنة، في الوقت الذي هب فيه ضمير العالم هبة واحدة ليقول كلمته مع فلسطين"، مبرزا أنه "حتى عواصم العالم التي كانت غائبة هي اليوم حاضرة وبشعارات أساسية". وبينما أكد أن "المغاربة اليوم حجوا بأمواج بشرية إلى العاصمة الرباط للتعبير عن موقف ثابت للشعب المغربي وهو دعم فلسطين"، ابرز الناشط المغربي أن "الاحتلال الاسرائيلي لم يستطع أن ينجز أهدافه العسكرية، فرغم كل هذا الدعم لم يستطع حسم المعركة عسكريا"، مؤكدا أنه الفلسطينيين لا زالوا صامدين في بيوتهم المدمرة وهو ما يبرزا "بأن استراتيجيا المقاومة والشعب الفلسطيني انتصر". من جانبه، اعتبر عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان، عمر إحرشان، تطبيع المخزن مع الكيان الصهيوني "جريمة تهدد أمن المغاربة واستقرارهم، مشيرا إلى أن "الأعداد التي خرجت في مسيرة الرباط اليوم تظهر رفض الشارع المغربي لترسيم العلاقة مع كيان غاصب ومحتل". وأضاف أن "الظرفية تستحق أكثر من مسيرة لأن ما تمر به القضية الفلسطينية هو منعرج خطير جدا أمام تخاذل المنتظم الدولي". ومن اللافت في المظاهرة الحضور المتنوع للمغاربة من مختلف الفئات العمرية، مع مشاركة نسائية واسعة، وتمثيلية لمختلف القطاعات المهنية، من ضمنها الأطباء والمحامون الذين يشاركون مرتدين بزاتهم الرسمية.وتأتي المسيرة تزامنا مرور عامين كاملين على انطلاق معركة "طوفان الأقصى"، التي شكلت منعطفا تاريخيا في مسار القضية الفلسطينية وأعادتها إلى واجهة الاهتمام الشعبي والرسمي في مختلف أنحاء العالم. وكانت 56 مدينة مغربية شهدت مظاهرات في جمعة "طوفان الأقصى" رقم 96 تواليا للتعبير عن "الرفض القاطع للتطبيع مع الكيان المجرم والتصدي لرؤوس الاستبداد والصهيونية"، حيث خرج المغاربة ليؤكدوا مجددا تضامنهم مع القضية الفلسطينية ورفضهم للتطبيع، رغم آلة القمع الأمنية التي تلاحقهم والتي قد تصل إلى حد رمي المتظاهرين بالرصاص الحي والدهس بسيارات الشرطة كما وقع مؤخرا مع مظاهرات شباب "جيل زد 212" الذي خرج للشارع ليسمع أنين صوته المرهق لسلطات بلاده من اجل تحسين ظروف المعيشة فوجد في مواجهته نيران قوات الأمن القمعية واعتقالات بالجملة.