تحرّكت جمعيات شبانية بحماس من أجل قلب معادلة النفايات من عبء بيئي إلى فرصة تنموية، من خلال مبادرات فعلية تجاوزت الشعارات، وأثبتت أن التغيير ممكن إذا توفّرت الإرادة، وتكاتفت الجهود. في قلب مدينة عنابة التي تتميّز بجمالها الطبيعي وسواحلها الخلابة، يتزايد الوعي يوماً بعد يوم بضرورة التصدي لظاهرة التلوّث البيئي، وعلى رأسها مشكلة تراكم النفايات. وفي السنوات الأخيرة لم يعد مشهد النفايات المنتشرة في بعض الأحياء والمناطق العامة، أمراً اعتيادياً أو مقبولاً من فئة واسعة من المواطنين، خصوصاً بين الشباب، الذين قرّروا حمل مشعل التغيير. في وقت تكاد فيه النفايات تُشكّل خطراً مباشراً على البيئة والصحة العامة، برزت مبادرات جمعوية شبابية صادقة وطموحة، سخّرت كلّ إمكانياتها لنشر ثقافة بيئية جديدة، تُبنى على المسؤولية الجماعية لا على الاتّكال. هذه المبادرات باتت، اليوم، تُشكّل حراكاً حقيقياً يتجاوز مجرّد جمع النفايات، إلى إعادة تدويرها، وتثقيف الناس بشأنها، وتحويلها إلى مصدر جمال ودخل. جمعيات تتحرّك ووعي يتشكّل من بين الجمعيات التي صنعت الفارق على أرض الواقع تبرز جمعية "أصدقاء البيئة والتنمية المستدامة" – الحجار، التي لا تكتفي بحملات التنظيف فقط، بل تُركّز، بشكل كبير، على نشر الوعي البيئي بين المواطنين، خاصة في الأحياء الشعبية، والمناطق التي تعرف انتشارا كبيرا للنفايات. هذه الجمعية تنظّم بشكل دوري حملات تنظيف للأماكن العامة، والمدارس، والشواطئ، وحتى المساحات الخضراء المهملة. ولا تعمل وحدها، بل تنسّق مع مختلف الفاعلين المحليين كالسلطات، والمؤسّسات التربوية، وحتى جمعيات أخرى. أما جمعية "الدراجة الخضراء" فهي الأخرى قدّمت نموذجاً شبابياً فريداً في مجال التطوّع البيئي، بشعارها الذي أصبح معروفا في المدينة "ليست قمامتي، لكنّها وطني". وبهذه الجملة المليئة بالمسؤولية والانتماء يسير أعضاء الجمعية على دراجاتهم، يجوبون الأحياء لجمع القارورات البلاستيكية، وفرز النفايات، ونشر الرسائل التوعوية حول التدوير، وحماية الموارد الطبيعية. ويؤكّد أحد أعضاء الجمعية: " حين نُخبر الناس أنّنا نجمع النفايات لأنّنا نحبّ وطننا، يندهشون. لكنّنا لا نفعلها فقط للنظافة، بل لنرسل رسالة "إنّنا قادرون على جعل بيئتنا أجمل بأيدينا " . من النفايات إلى الفن المبادرات لم تتوقّف عند التنظيف فقط، بل تجاوزتها إلى إعادة التدوير، وهو ما جعل هذه الجمعيات ترتقي بعملها إلى مستوى راقٍ ومؤثر. حيث تقوم مجموعات من الشباب بإعادة استخدام المواد التي يجمعونها – خصوصاً البلاستيك – لصناعة تحف فنية فريدة؛ مزهريات، وأشكال هندسية، وحتى أثاث بسيط من النفايات. هذه الأعمال لا تُعرض فقط كأمثلة للإبداع، بل تُقدَّم في المعارض والأنشطة المدرسية لتعليم الأطفال كيف يمكن تحويل النفايات إلى شيء مفيد وجميل. وفي أحد المعارض التي نُظّمت في ساحة عامة وسط عنابة، وقف الزوّار مشدوهين أمام طاولة صغيرة صُنعت بالكامل من أغطية القارورات. ولوحات ملوّنة جمعت بين الورق المعاد تدويره والبلاستيك. الرسالة هنا كانت واضحة؛ "النفايات ليست نهاية الأشياء، بل يمكن أن تكون بداية جديدة". إشراك المواطن في عملية التدوير من أهم النقاط التي حرصت الجمعيات على العمل عليها، إشراك السكان في العملية البيئية، بدءا من جمع النفايات، مرورا بفرزها، ووصولًا إلى تسليمها للجهات المعنية بالتدوير. وفي هذا السياق، شجّعت الجمعيات المواطنين على جمع القارورات البلاستيكية من منازلهم وأحيائهم، وحتى من مكبات النفايات. وتم تخصيص نقاط تجميع في عدّة أماكن من المدينة. وفي خطوة ذكية، أصبح بعض المواطنين البسطاء، خصوصاً الشباب العاطلين عن العمل، يستفيدون من هذه العملية من خلال بيع القارورات والمخلّفات القابلة للتدوير، لمؤسّسات التدوير؛ ما خلق ما يُعرف اليوم ب"الاسترزاق البيئي"، وهو نموذج جديد للجمع بين العمل البيئي والفرص الاقتصادية. هذا التكامل بين الجانب البيئي والاجتماعي أعطى زخما إضافيا للمبادرات. ورسّخ فكرة أنّ البيئة لا تُحمى فقط بالوعظ، بل، أيضا، بالحلول العملية والمستدامة. دعم رسمي وتعزيز ثقافة التدوير ولم تبقَ هذه الجهود دون دعم رسمي؛ إذ تقوم مديرية البيئة لولاية عنابة، بدور فعّال في المرافقة والتوعية، من خلال توزيع المطويات والكتيّبات الإرشادية التي تشرح أهمية الفرز، وإعادة التدوير، وكيفية التعامل مع النفايات المنزلية بطريقة مسؤولة. كما تعمل المديرية على دعم الجمعيات الفاعلة، وتوفير فضاءات لتنظيم أنشطتها، فضلًا عن إدماج هذه المفاهيم في بعض البرامج المدرسية؛ ما يُعد خطوة مهمة نحو خلق جيل جديد أكثر وعيا بالبيئة. ورغم هذا الحراك الشبابي والجمعوي المتزايد، إلاّ أنّ التحديات لاتزال كثيرة. ومن أهمها غياب ثقافة الفرز من المصدر؛ إذ لايزال كثير من المواطنين يرمون النفايات بشكل عشوائي دون تفريق بين ما يُعاد تدويره وما لا يُعاد. وما يحدث اليوم في عنابة هو أكثر من مجرّد مبادرات موسمية؛ إنّه مشروع وعي بيئي يتشكّل على مهل. ويُبنى على التجربة الميدانية، وروح التطوّع، والحب الحقيقي لهذا الوطن. عنابة بكلّ ثقلها التاريخي والثقافي، قادرة على أن تتحوّل إلى نموذج وطني في إدارة النفايات لو توفّرت الإرادة السياسية الكاملة، والتمويل الكافي، والدعم المؤسساتي المستدام. والأهم من كل ذلك لو استمر هذا النفَس الشبابي، الذي أعاد تعريف العلاقة بين المواطن وبيئته. المعركة ضدّ النفايات لا تُخاض بالمكانس فقط، بل تبدأ بالوعي، وبالتصميم، والإيمان بأنّ لكلّ فرد دوراً. والجمعيات البيئية في عنابة لم تأتِ بجديد خارق، لكنّها أظهرت أنّ الأشياء الصغيرة حين تتكرّر بإخلاص، تصنع أثرا كبيرا؛ فلتكن مبادرات "أصدقاء البيئة" و"الدراجة الخضراء" مصدر إلهام. ولتكن عنابة واجهة جزائرية ناصعة، تُثبت أن التغيير يبدأ من الشارع، من الحي، من يد الشاب الذي يلتقط زجاجة من الطريق.. لأنه، ببساطة، يؤمن بأن هذا الوطن يستحق الأفضل. قبل شراء الأجهزة الكهربائية "الضمان".. حق لابد أن يعرفه الجميع تزداد العائلات الجزائرية وعيا بحقوقها في "الضمان" عند شراء الأجهزة الكهربائية المنزلية، خاصة مع اقتراب فصل الشتاء وارتفاع الحاجة إلى أجهزة التدفئة؛ مثل المدافئ الكهربائية إلى جانب الأجهزة الأخرى كالبرادات والثلاجات والتلفزيونات. هذا الوعي المتنامي يعكس حرص العائلات على حماية استثماراتها، وضمان جودة المنتجات التي تدخل بيوتها، والتأكّد من أنّ ما تشتريه لن يتحوّل إلى عبء لاحقا. في جولة ميدانية تحدّثت "المساء" خلالها مع عدد من العائلات العنابية، التي اختارت شراء المدافئ الكهربائية، مع التأكّد من وجود ضمان واضح وشامل. وأكّدوا أن إدراكهم لأهمية الضمان جاء بعد تجارب سابقة مع أجهزة تعرّضت للعطل، ولم يتم التعامل معها بشكل صحيح من قبل البائعين أو مراكز الصيانة. وفي الموضوع حدثتنا السيدة "أم ياسين" قائلة: "في الشتاء الماضي تعطّلت المدفأة التي اشتريتها دون ضمان، فاضطررتُ لشراء واحدة جديدة؛ الأمر الذي كلّفني الكثير. وهذا العام حرصت على شراء مدفأة مضمونة رسميا. وأشعر براحة أكثر؛ لأنّني أعرف أنّ أيّ خلل سيتم التعامل معه بسرعة" . هذا المثال الحي يعكس تغيّرا في سلوك المستهلك العنابي، الذي بات لا يكتفي بالسعر أو الشكل، بل يبحث، بدقة، في شروط الضمان، ومدى شموليتها، ليكون على يقين أنّ حقوقه محمية، وأنّ الجهاز الذي يشتريه سيخدمه طوال فترة استخدامه. علاوة على ذلك، يوضّح الخبراء المختصون في حماية المستهلك، أنّ هذا التوجّه الذكي نحو معرفة حقوق الضمان، يعزّز قوّة المستهلك في السوق، ويُجبر الشركات والموزّعين على الالتزام بمعايير الجودة، وتقديم خدمات ما بعد البيع بشكل احترافي؛ إذ إنّ المستهلك المدرك يمكنه المطالبة بالإصلاح، أو الاستبدال، أو حتى الاسترجاع، وهذا يجعل السوق أكثر شفافية، وعدلاً. كما إنّ التوعية المستمرة من خلال الحملات الإعلامية وورش العمل التي تنظّمها الجهات المختصة، ساهمت، بشكل كبير، في رفع وعي العائلات. واليوم تجدّ أنّ العائلة العنابية تتحرى عن مدّة الضمان، وما إذا كانت تغطي الأعطال التقنية، أو تلف القطع، وكيفية التواصل مع مراكز الصيانة المعتمَدة. ومع دخول فصل الشتاء وارتفاع الطلب على أجهزة التدفئة، تبرز هذه الحقوق كخطّ دفاع أساسي لحماية الأسرة من المفاجآت غير السارة التي قد تنجم عن تعطّل الأجهزة في أوقات الحاجة القصوى. ويصبح امتلاك جهاز مضمون ليس رفاهية، بل ضرورة تضمن استمرارية الراحة والدفء داخل المنزل. إنّ وعي العائلات العنابية بحقوق الضمان عند شراء الأجهزة الكهربائية، يعكس نضجا ملحوظا في ثقافة المستهلك. وهو مؤشّر إيجابي على تحوّل المجتمع إلى بيئة أكثر وعيا، وحماية؛ حيث يعرف كلّ فرد كيف يحمي نفسه، وأسرته، ويساهم في بناء سوق تنافسي وعادل، يخدم الجميع.