ولاية الجزائر : انطلاق الطبعة الخامسة من حملة التنظيف الكبرى ببلديات العاصمة    الأغواط : الدعوة إلى إنشاء فرق بحث متخصصة في تحقيق ونشر المخطوطات الصوفية    سيدي بلعباس : توعية مرضى السكري بأهمية إتباع نمط حياة صحي    بوجمعة يشرف على تنصيب اللجنة المكلفة بمراجعة أحكام قانون الإجراءات المدنية و الإدارية    سقوط أمطار الرعدية بعدة ولايات من البلاد يومي الجمعة و السبت    رئيسة المرصد الوطني للمجتمع المدني تستقبل ممثلي عدد من الجمعيات    عبد الحميد بورايو, مسيرة في خدمة التراث الأمازيغي    انتفاضة ريغة: صفحة منسية من سجل المقاومة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي    الرابطة الثانية هواة: نجم بن عكنون لترسيم الصعود, اتحاد الحراش للحفاظ على الصدارة    النرويج تنتقد صمت الدول الغربية تجاه جرائم الاحتلال الصهيوني بحق الفلسطينيين في غزة    رئيس الجمهورية يجدد التزامه بتحسين معيشة المواطنين عبر كافة ربوع الوطن    تصفيات كأس العالم للإناث لأقل من 17 سنة: فتيات الخضر من اجل التدارك ورد الاعتبار    جمباز (كأس العالم): الجزائر حاضرة في موعد القاهرة بخمسة رياضيين    نشطاء أوروبيون يتظاهرون في بروكسل تنديدا بالإبادة الصهيونية في غزة    عرض الفيلم الوثائقي "الساورة, كنز طبيعي وثقافي" بالجزائر العاصمة    رئيس الجمهورية ينهي زيارته إلى بشار: مشاريع استراتيجية تعكس إرادة الدولة في تحقيق تنمية متكاملة بالجنوب    وزير الاتصال يشرف السبت المقبل بورقلة على اللقاء الجهوي الثالث للصحفيين والإعلاميين    معسكر : إبراز أهمية الرقمنة والتكنولوجيات الحديثة في الحفاظ على التراث الثقافي وتثمينه    اليوم العالمي للملكية الفكرية: التأكيد على مواصلة تطوير المنظومة التشريعية والتنظيمية لتشجيع الابداع والابتكار    غزّة تغرق في الدماء    صندوق النقد يخفض توقعاته    250 شركة أوروبية مهتمة بالاستثمار في الجزائر    الصناعة العسكرية.. آفاق واعدة    عُنف الكرة على طاولة الحكومة    توقيف 38 تاجر مخدرات خلال أسبوع    وزير الثقافة يُعزّي أسرة بادي لالة    ندوة تاريخية مخلدة للذكرى ال70 لمشاركة وفد جبهة التحرير الوطني في مؤتمر "باندونغ"    بلمهدي يحثّ على التجنّد    تيميمون : لقاء تفاعلي بين الفائزين في برنامج ''جيل سياحة''    السيد عطاف يستقبل بهلسنكي من قبل الرئيس الفنلندي    معرض أوساكا 2025 : تخصيص مسار بالجناح الوطني لإبراز التراث المادي واللامادي للجزائر    أمطار رعدية ورياح على العديد من ولايات الوطن    المسيلة : حجز أزيد من 17 ألف قرص من المؤثرات العقلية    3آلاف مليار لتهيئة وادي الرغاية    جهود مستعجلة لإنقاذ خط "ترامواي" قسنطينة    145 مؤسسة فندقية تدخل الخدمة في 2025    إشراك المرأة أكثر في الدفاع عن المواقف المبدئية للجزائر    جريمة التعذيب في المغرب تتغذّى على الإفلات من العقاب    شركة عالمية تعترف بنقل قطع حربية نحو الكيان الصهيوني عبر المغرب    23 قتيلا في قصف لقوات "الدعم السريع" بالفاشر    مناقشة تشغيل مصنع إنتاج السيارات    تعليمات لإنجاح العملية وضمان المراقبة الصحية    قمة في العاصمة وتحدي البقاء بوهران والشلف    محرز يواصل التألق مع الأهلي ويؤكد جاهزيته لودية السويد    بن زية قد يبقى مع كاراباخ الأذربيجاني لهذا السبب    حج 2025: برمجة فتح الرحلات عبر "البوابة الجزائرية للحج" وتطبيق "ركب الحجيج"    الكسكسي الجزائري.. ثراء أبهر لجان التحكيم    تجارب محترفة في خدمة المواهب الشابة    "شباب موسكو" يحتفلون بموسيقاهم في عرض مبهر بأوبرا الجزائر    البطولة السعودية : محرز يتوج بجائزة أفضل هدف في الأسبوع    هدّاف بالفطرة..أمين شياخة يخطف الأنظار ويريح بيتكوفيتش    رقمنة القطاع ستضمن وفرة الأدوية    تحدي "البراسيتامول" خطر قاتل    هذه مقاصد سورة النازعات ..    هذه وصايا النبي الكريم للمرأة المسلمة..    ما هو العذاب الهون؟    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين البوقالة والبشارة والرؤى
''الفال'' معتقد راسخ في المجتمع الجزائري
نشر في المساء يوم 09 - 05 - 2010

الكثير من النسوة يجربن ألعاب الحظ وتستهويهن المفاجآت التي تطلقها ألعاب ''الفال'' المتنوعة، فيشغفن بها ويمارسنها بولع، لأنها بسيطة وسهلة وغير مكلفة، وفوق هذا وذاك بعيدة عن المحظورات، هذا ما تؤكده بعض الجدات والمجربات من بنات حواء بولاية عين الدفلى خاصة بالمناطق النائية، اللواتي يملأن الفراغ القاتل الذي يعانين منه بهذه الألعاب، فالواقع حسبهن أثبت أن ''الفال'' يشبه الرؤيا عند النوم تماما في سرعة وصدق تجسيده على أرض الواقع! وتبين أن الاستبشار بالفأل يتفق عليه كل الذين يؤمنون به، لأنه أحد المفاتيح السحرية لفتح أقفال المكاتيب على حد اعترافهم.إثارة كبيرة وغرابة أكبر وفرحة، وخوف كبير لما تجلبه لعب ''الفال'' التقليدية التي تضرب أصولها في جذور أعرافنا العميقة، وتعد هذه الألعاب موسمية تنتقى لها أوقاتها وتجمع حولها العائلات والأحباب حول إبريق من الشاي أو ما شابه.
..''اتحدث وتصنت للفال'' وتتصدر هذه الألعاب الترويحية ''البوقالة'' غير أنها تتنوع في طرق ممارستها، وكلما كانت الطريقة مضبوطة ودقيقة، جاءت النتائج أضمن، إلى جانب لعبة ''الماء'' و''عقد النية'' ثم إخراج المجوهرات للمشاركات والاستماع إلى ''فالهن'' ويحبذ أن تلعب في منتصف الليل في مكان هادئ مثل سطح يطل على الآخرين. وقد يعمد خلافا لذلك أن يكشف عن ''فال'' الشخص عن طريق الأحلام بواسطة تطبيق بعض الوصفات التي قال عنها أصحابها إنها ناجعة وفعالة ونتائجها مضمونة، ويذكر أن ألعاب ''الفال'' يمكننا فيها أن ننوب عن الآخرين مثل الغائبين عنا والبعيدين فيكفي ''عقد النية'' للاستماع ل''فال'' من نختار، وأبسط صور''الفال'' المتفق عليها كما تؤكد الجدات بالعامية ''تحدث وتصنت للفال''.
أخاف من ''الفال ''لأنه استشراف
قد يبدو لنا الفال أمرا بسيطا، ولا نوليه أية أهمية، وقد نسخر في البداية ممن ينطق به، لكن كثيرا ما تأكد أن بإمكان ''الفال'' فتح الأقفال وإطلاعنا على بشرى قريبة أو إنذار قادم نحونا، وما حدث ل''وسيلة'' ذات ليلة جعلها مذهولة، حيث صارت تؤمن بلعب ''الفال''، لكنها مازالت مرعوبة منها، تخاف مجرد الإنصات ل''فالها'' أو'' فال ''الآخرين''، وروت لنا ما حدث لها بالصدفة ذات ليلة فقالت ''ورثنا لعب الفال عن جداتنا، وكثيرا ما أثبتت لنا حسب روايتهن تحققها، لكن ما حدث مع شقيقتي الكبرى أمر مذهل جدا، ففي إحدى السهرات الهادئة صعدنا إلى سطح منزلنا بحضور بعض القريبات، حيث وضعنا في إناء مملوء بالماء مجوهراتنا ثم قامت كل واحدة بانتظار دورها، فتقرأ ''البوقالة'' ثم ينصت إلى''الفال''، ومع كل دور تدخل منشطة اللعبة يدها من تحت منديل وتمسك خاتما أو قرطا ولما تقرأ ''البوقالة'' تخرجها ونكون قد سمعنا ''الفال''، لكن ماحدث مع شقيقتي يكاد يكون أمرا لا يصدق فحين جاء دور أختي، قرأت ''البوقالة''، ثم أنصتنا من على سطح المنزل ل''فالها''، بعد أن ملأت فمها بماء الإناء مثل الأخريات لكننا تفاجأنا بقدوم غيمة سوداء تهاطلت منها أمطار غزيرة وسمعنا مشي أقدام نحونا، ثم جاءنا صوت بكاء خفيف رغم أن الهدوء كان يطبع تلك الليلة، ولم ينقض على تلك الحادثة سوى شهرين ونصف حتى مرضت شقيقتي التي كانت تتمتع بصحة جيدة بداء غريب سرقها منا فيما بعد''، وما أذهلنا أنه ليلة دفنها سقطت الأمطار بغزارة، وحضر الكثير من الناس، أما ''نور الهدى فجاء فالها على شكل صوت الرعد وزغاريد مدوية ولم تلبث بضع أشهر حتى تزوجت.

''البوقالة'' للكشف عن المستور
أما ''لامية ونهاد ومريم'' فهن مولعات بالبوقالة حيث يلجأن إليها ليس لملأ الفراغ فقط، وإنما من أجل إيجاد جو دافئ حميمي والتعرف على ''فالهن'' وكلهن يتفقن على طريقة ''البوقالة'' القديمة التي يعقد فيها المنديل، ''وتسحب المنشطة من تحت الإناء أقراطا وأساور وأشياء تخص المشاركات و''فال'' الفتيات يتوقف على أهمية البوقالة التي تصاغ في عبارة جميلة عذبة منمقة بالسجع تنبض بالإيحاء وتحمل مغزى عميقا، لم تخف لامية أنها مهووسة ب''البوقالة''، حيث تدمن عليها كلما حل شهر رمضان المعظم أو فصل الصيف، لأن السهرات طويلة وتحتاج إلى تسلية وترفيه عن النفس، ولا شيء أمتع - حسبها - من ''البوقالة'' رغم ما يعرضه التلفزيون والقنوات الأجنبية من برامج وأفلام ومسلسلات جميلة. وتعتبر ''لامية'' البوقالة اللعبة التي بإمكانها حمل بشارة طيبة أو العكس، حيث تقول إن هناك ''بوقالة'' خاصة إذا تليت على شخص إلا ونجح في أمر يتمناه وكمثال البوقالة التي تقول ''السميد سمدتو والكبش كبشتوا ويلا كتبلي نعيا في بيتو'' فحسبها هذه ''البوقالة'' فال خير وكل من تليت على اسمه غلا وتزوج أو نجح في امتحان أو تجارة..أو..أو..

الفال قد يكون مجرد عبارة
وعلى غرار الأخريات ''جميلة'' تحبذ ''الفال'' الذي يبدأ ب''البوقالة'' وينتهي ب''فال الماء''، فالطريقة حسبها سهلة وبسيطة ومعروفة عند الكثير من الأسر والعائلات الجزائرية، حيث تلعب ''البوقالة'' على الطريقة المشهورة، ثم يحتفظ بإناء الماء فيبيت هذا الأخير ليلة الثلاثاء تحت النجوم وليلة الأربعاء تلعب اللعبة، عندها تحضر جميع المشاركات وينتظرن أدوارهن، وقالت ''جميلة'' إنه يفضل أن تؤخر اللعبة إلى منتصف الليل فوق السطح أو بالقرب من الشرفة، وتملأ كل فتاة فمها بالماء لمدة ثوان إلى غاية الاستماع إلى فالها، وضربت متحدثتنا على ذلك عدة أمثلة، حيث عندما اجتازت شهادة الباكالوريا لأول مرة شاركت في لعبة الفأل فسمعت فجأة صوتا قادما من بعيد يقول لها يجب أن تنتظري دورك في الطابور الطويل، عندها ضحك جميع الحضور ولكنها لم تظن أنها ستفشل في تلك السنة، وفي السنة الموالية، ولم تتحصل على شهادة البكالوريا إلا في المرة الثالثة. في حين شقيقها الأكبر عندما قاموا بوضع الماء في دوره سمعوا صوتا يقول كلكم ترتدون ربطات عنق وفعلا كما قالت لم تمر إلا أشهر قليلة حتى خطب وتزوج. ويعد صوت الزغاريد وتعالي صفير السيارات حسب محدثينا علامات الفال الحسن. وقد يتجسد ''الفال'' حسب معتنقيه بدون اللجوء إلى هذه اللعب والطقوس العرفية المتأصلة داخل مجتمعنا، حيث بمجرد أن يبدي أحد قلقه حول عقبات ومشاكل حتى يسمع صوتا يهدئ من روعه كان يقول له ''تيسرت الأمور..'' أو ''على بركة الله''، وما إلى ذلك مما يتداول عندنا. هذا ما أكده لنا حتى الشباب والرجال على رأسهم ''عمر'' الذي يؤمن بالفال ويقول إن الفال بمثابة البشارة التي تأتي في كثير من الأحيان لتثلج صدورنا تماما مثل الرؤية التي يريد الله سبحانه وجل أن ينبئنا بأمر ما، لأنه رحيم بعباده ورؤوف بخلقه.
روى لنا أنه كان يمر بظروف جد صعبة وبأزمة مالية خانقة، ولم يكن يظن أنه في فترة قياسية سيتحول إلى رجل ثري، لكن الفال أنبأه وبشره فبعد أن ضاقت نفسه وكاد أن يفكر في الانتحار جاءه صوت يقول ''إن الله سيفرجها عليك بالخير الكثير..'' من جهة أخرى تلجأ بعض الفتيات إلى تحضير خبزة مالحة كما يقولون، حيث يقمن بعجن خبزة صغيرة يكون مقدار دقيقها مساويا لمقدار كمية الملح فيها، تم تطهى، وتؤكل قبل النوم، ويشترط في كل ذلك الامتناع عن شرب الماء إلى غاية صباح اليوم الموالي، وفي تلك الليلة يظهر الفال على شكل حلم.
..لاحرج في التيمن بالفأل دون تطير
أكد الدكتور ''احمد.م'' أستاذ العلوم الإسلامية أن الفال ورد في السنة الشريفة، وهو القول الطيب، والتبشر به شيء محبب حيث سئل الرسول صلى الله عليه وسلم ''ما الفأل يارسول الله'' فقال عليه الصلاة والسلام ''الفأل (بالهمزة) الكلمة الطيبة''، وأوضح الدكتور يقول في سياق متصل إن هذا يعني أن الفال وارد ولا حرج في التيمن به، لكنه أضاف أن الرسول صلى الله عليه وسلم حذر المسلمين من التطيّر، أي التشاؤم من الأمور قبل وقوعها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.