انهار رجال كنا نعدهم أشاوس قهرهم الدمع وهم يرون قاعة التحرير خالية من حركتك وقهقهتك يا علي، صدمتهم برحيلك وتركتهم يعددون ذكرياتك الجميلة. علي أيها الزميل الوفي كيف يحق لأحدنا أن يغفل عن ذكراك وأن يمحو شريط ذكرياته معك الذي يمر أمام الأعين وكأنه واقع، لم تترك لأحدنا فرصة لينساك فأنت الحكيم أبدا والهادئ والمسالم والمرجع، تبتسم قبل أن ترد وتخدم قبل أن تطلب منك المساعدة إنها شيمك التي علمتك إياها أرض ''أمزور'' الطيبة. رحت أصفك إلى زوجي وأعد مناقبك فرد أنت مسكينة لا تعرفين عليا مثلي فأنا الذي عرفته في الشدائد وتقاسمت معه الملح وتشبعت من حضنه الدافئ عند تحيتي فأدركت أنني لازلت أكتشف خصال هذا الشاب حتى وهو ميت تحت الثرى. علي الذي يقاسمنا البسمة والتحية والسؤال عن أحوالنا كل يوم لم نكن نقبل منه أن يتجاوزنا في دائرة اهتمامه فكان عليه أن يحيينا كل يوم بتحيته الخاصة والحارة ولم نكن نقبل منه أي عذر أو تعب أو غفلة. أتذكر أنه كان يناديني ''الزينة'' ومرت أيام قليلة لم يكن يستعمل معي هذه العبارة وأنا التي كان يراني أخته الكبرى فلمته وسألته ''ماذا بك يا عليلو هل أنت غاضب مني؟، هل سمعت مني ما تكره؟'' فرد متفجرا بالضحك ''أنت حابسة'' كيف يعقل أن تظني بي السوء؟ نحن زملاء وإخوة ومن يومها لم يعد يهمل تحيتي بشكل معلن وكان يقول ''أفعل ذلك كي لا تظني بي السوء''. علي الذي لم يكن يبخل علي بالمعلومات وبأرقام هواتف المسؤولين وبالملاحظات القيمة غاب اليوم تاركا كرسيه شاغرا لا يجرؤ أحدنا على الجلوس عليه. مات علي نقيا طاهرا شهيدا عله يجد حياة أفضل يهبها له أكرم الأكرمين. مات ''علي واقفا'' كما كنا نناديه ونمازحه تشجيعا له وتأييدا لأي موقف يتبناه.