اقترحت منظمة الأممالمتحدة، في تقرير أعدته أمس على دول منطقة الساحل الإفريقي تبني "إستراتيجية متكاملة" من أجل محاربة الإرهاب والجريمة المنظمة، اللتين تشكلان أهم الأسباب الرئيسية في عدم استقرار المنطقة التي تعاني بلدانها من الفقر والتوترات الأمنية. وأعد التقرير الذي عرضه الأمين العام الأممي بان كي مون على أعضاء مجلس الأمن الدولي، أول أمس، فريق عمل أممي بقيادة موفدها الخاص إلى منطقة الساحل رومانو برودي، الذي زار عدة دول في هذا الجزء من إفريقيا مؤخرا. ولأن التقرير فرضته بالدرجة الأولى الأزمة في مالي وانعكاساتها السلبية على كامل منطقة الساحل، فقد اعتبر الأمين العام الأممي أن "المشاكل في هذا البلد لا يمكن أن تعالج بطريقة معزولة" عن كل التطورات التي تعرفها المنطقة بكاملها. وقال بان كي مون إن" توفير السلام والأمن الدائم يحتاج إلى تحرك مشترك لمعالجة المشاكل من جذورها، من منطلق أن ذلك يتعدى حدود دولة مالي". ولذلك، فقد حث التقرير الأممي دول منطقة الساحل بتقوية أنظمتها الانذارية مع تبادل المعلومات فيما بينها، والتنسيق بين أجهزتها الأمنية عبر الحدود لمواجهة ظاهرتي الإرهاب والجريمة المنظمة اللتان استفحلتا بالمنطقة في الأعوام الأخيرة. وكشف التقرير عن إرادة أممية من أجل مساعدة دول الساحل على "وضع آليات تنسيق، تمكن مختلف أجهزة الأمن من شرطة وحراس الحدود والجيش والجمارك من العمل سويا وبطريقة متناسقة وفي إطار احترام حقوق الإنسان". ومن بين المقترحات التي تضمنها التقرير، تنظيم اجتماع إقليمي لأجهزة استخبارات هذه الدول من أجل تبادل المعلومات بخصوص تهديدات تنظيم القاعدة وفروعها المختلفة. كما اقترحت المنظمة الأممية تقديم مساعدة تقنية لأجهزة الشرطة وأجهزة العدالة في هذه البلدان، التي دعتها إلى التركيز أكثر على تمويل الأنشطة غير شرعية، إضافة على إلحاحها على أهمية تبادل المعلومات بين مختلف مطارات أمريكا اللاتينية وإفريقيا الغربية ومنطقة الساحل والمغرب العربي وأوروبا، بهدف متابعة ظاهرة الاتجار بالمخدرات من مصدرها ومراحل نقلها. وفي هذا السياق، أشار التقرير إلى أنه خلال العام الماضي، تهريب ما لا يقل عن 18 طنا من مادة الكوكايين قدرت قيمتها بأكثر من 1,25 مليار دولار عبر منطقة غرب إفريقيا، تكون كمية منها نقلت عبر منطقة الساحل باتجاه القارة الأوروبية واسيا. وأكد معدو التقرير، أن المقترحات التي تضمنها من شأنها وضع إستراتيجية متكاملة تسمح بمهاجمة كل جوانب الأزمة التي تتخبط فيها منطقة الساحل، بدءا بتحسين الحكامة ومحاربة الجريمة بكل أنواعها من الاتجار بالمخدرات والبشر والسلاح والسجائر وتبييض الأموال إلى مواجهة الإرهاب. وأكثر من ذلك، فقد اعتبرت الأممالمتحدة أن تطبيق هذه الإستراتيجية سيوفر المساعدة لحوالي 11,4 مليون إفريقي في دول المنطقة تهددهم المجاعة، من بينهم خمسة ملايين طفل تقل أعمارهم عن خمس سنوات.