”لا تحتقر الصغير إن الجبال من الحصى”، هو المثل الذي يمكن أن نختصره عند الحديث عن معرض الفنان فريد عترون الذي تتواصل فعالياته إلى غاية 24 أفريل الجاري برواق ”عبان رمضان”، حيث وضع الفنان الحصاة في الصدارة وأكسبها فنية لا غبار عليها. أقحم فريد عترون الحصى في اللوحات وجعلها تنسجم معها إلى درجة تجعلنا نفكّر في أنها جزء لا يتجزأ من العمل ككل، والبداية بلوحات لصور حيوانات وضع الفنان الحصى في أماكن أعينها، فتظهر الفقمة البيضاء بعينين سوداوين متألقتين، وفي لوحة أخرى، تبرز الزهور الحمراء والوردية في مدقتها حصى أسود، وصورة أخرى لزهرة تحتها يدان تحمل حصى. واختار الفنان أن يخصص لبعض الحصى لوحات خاصة بها، فجاءت بعضها تحمل صورا عن الحصى مثل اللوحة التي تبرز تكدس الحصى على بعضها البعض، أما لوحة أخرى فوضع فيها الفنان حصى حقيقية مختلفة الأحجام والألوان، وفي لوحة ثالثة صورة لحصى على رأسها فراشة. كتب فريد على حصى مقولة ”العيش بطريقة أخرى” ورسم أسهما على حصاة أخرى تشير إلى توجه آخر وهذا في لوحة تضم صورة لميناء، كما وضع الحصى على دعائم متنوعة المواد، وأبرز تألّقها وألوانها المختلفة من أصفر، برتقالي، بني، أسود ورمادي، وحتى من الحصى من تحمل ألوانا مختلفة. كما تظهر الحصى البرتقالية والصفراء في مقدمة أعمدة مزينة برسومات عن الحصى، كأنها كواكب شامخة، وغير بعيد عنها، وضع الفنان الحجارة فوق بعضها البعض في مساحة مسطّحة، كأنّنا على كوكب من الكواكب البعيدة، حيث تطغى الحجارة على سطحها. ووضع فريد الأحجار الصغيرة على الورق وبالقرب منها توجد أقلام، كما وضعها على دعائم مختلفة المواد ليبتكر عالما تغزوه الحجارة ويفوح بالطبيعة خط وعليها نصوص مثل ”الحصاة تعبر عن الخلود، له مكان في ركن من البيت، بأشكاله المختلفة”، وكتب حكمة تقول؛ ”المال يستطيع أن يشتري منزلا وليس عائلة، سريرا وليس النوم، ساعة وليس الوقت، كتابا وليس معرفة، الدم وليس الحياة”. واختار فريد عترون الحصى ليعبر عن خوالجه وجمعها من البحار التي تعم بلدنا الجزائر، من بينها بحر شرشال الأثرية، فجاءت لامعة عكست جمالها وقدرة خالقها، لتؤكد أن الطبيعة أجمل من كل شيء، وأن خيال الفنان أوسع، وبما أفرزته الطبيعة يمكن له أن ينجز الجمال ويعرضه على كلّ محبي الفنون.