كشفت التحقيقات التي قامت بها فصيلة الأبحاث التابعة للدرك الوطني، وكذا تقرير المفتّشية العامة للمالية، عن فضائح من العيار الثقيل، وتلاعبات بمجمع عمر بن عمر. وتحدثت صحيفة "الشروق" عن "خطة ممنهجة" لتحطيم الشركات العمومية المختصة في مجال الصناعات الغذائية وتحويل الحبوب ومنح امتيازات بالجملة لشركات خاصة في نفس المجال هدفها الربح السريع، والتحايل على أموال الدعم بشتى الطرق والوسائل، من خلال الحصول على كميات كبيرة من القمح المدعم وإعادة تحويله وبيعه في السوق السوداء. وأضاف المصدر ذاته أن الملف المتواجد على مستوى الغرفة الرابعة للقطب الجزائي الاقتصادي والمالي، سيتم إحالته خلال الأيام القليلة المقبلة على قسم الجدولة لبرمجة المحاكمة. وكشفت الصحيفة أنه وفي إطار تنظيم سوق الحبوب، لجأت الدولة ممثلة بالديوان الجزائري المهني للحبوب OAIC إلى تنظيم حصص الحبوب الممنوحة للمتعاملين الاقتصاديين الذين ينشطون في مجال الصناعات الغذائية وتحويل الحبوب، وشركة مطاحن "عمر بن عمر" واحدة من بين هذه الشركات، أين لوحظ أن الحصة المقررة للشركة تعد من أكبر الحصص مقارنة حتى بالحصص المقررة للشركات العمومية. وقدرت الحصة اليومية لعمر بن عمر، حسب التحقيقات، ب3500 قنطاراً من القمح الصلب ممنوحة بسعر مدعم من طرف تعاونية الحبوب والبقول الجافة CCLS بقالمة، أي ما يعادل 50 بالمائة من القدرة الإنتاجية للشركة والمقدرة ب2555 قنطارا في اليوم. ولم تكتف الشركة بالحصص الجد معتبرة المخصصة لها من طرف ديوان OAIC، بل تعدت ذلك لتقوم بعمليات استيراد القمح الصلب من الخارج، الشيء الذي زاد من صعوبة عملية مراقبة وجهة القمح المدعم من طرف الدولة، لأنه تعمد لخلط الكميات لتفادي مراقبة الممارسات التجارية غير الشرعية الناتجة عن تحويل الامتيازات إلى وجهة أخرى. وقالت كاتبة المقال إن عائلة بن عمر استحوذت وأثرت على موظفين عموميين من أجل تحويل امتيازات متحصل عليها لفائدة مستثمر في ولاية بجاية، الذي فضلا عن شرائهم التجهيزات المتحصل عليها في إطار الامتيازات التي منحتها الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار ANDI بسعر جد بخس، قامت كذلك العائلة عن طريق استغلال نفوذها بتحويل الامتيازات المتحصل عليها لفائدة شركة مصبرات عمر بن عمر CAB، دون تجسيد أي إضافة للنسيج الصناعي المحلي ولا حتى توفير مناصب شغل بالعدد المصرح به والبالغ حسب المقررات 190 منصبا جديدا. وتم معاينة خرق مجمع بن عمر للمادة 16 فقرة 2 من قانون الجمارك من خلال قيامه بمعاملات تجارة خارجية تتمثل في تصدير العجائن والكسكس لفائدة الشركة العائلية C.F.G SPA بسويسرا، التي تتكفل بدورها بتسويق هذه المنتجات إلى باقي دول أوروبا نظرا لنقص أعداد الجالية الجزائريةبسويسرا. وتسوق المنتجات مباشرة من الموانئ الفرنسية لاسيما في مرسيليا وروان إلى باقي الدول الأوروبية، مما يدل على أن السبب الرئيس من وراء اختيار سويسرا دون غيرها من الدول على غرار فرنسا، حسب المصدر، هو رغبة أفراد عائلة بن عمر الاستفادة من الفوارق بين السعر الحقيقي للعجائن المصدرة وسعرها الذي يتم تقليله وتذليله في سويسرا المعروفة بضعف رقابة المصارف على المعاملات وعزوفها عن تبادل المعلومات مع السلطات الأجنبية. ولا تمثل سويسرا الوجهة الوحيدة المقصودة من طرف أفراد عائلة بن عمر، حيث أفضت التحريات إلى اكتشاف حصول المسمى محمد العيد بن عمر على جنسية دولة تمثل جنة جبائية fiscal Paradis بامتياز وهي الجزيرة المتوسطية مالطا، مقابل تعهده بالاستثمار فيها. وحسب تقرير المتفشية العامة للمالية يمكن تصنيف هذه الأفعال في خانة مخالفة المادة 126 من قانون النقد والقرض والمادة 8-01 المؤرخ في 3 فيفري 2007، المتعلق بالقواعد المطبقة على المعاملات التجارية مع الخارج والحسابات بالعملة الصعبة التي تمنع كل عملية تكوين أرصدة نقدية، مالية أو عقارية بالخارج من طرف المقيمين بالجزائر انطلاقا من أنشطتهم بالجزائر والتي لا يمكن الترخيص بها سوى بقرار من مجلس النقد والقرض. شركات وهمية بأموال جزائرية وفيما يخص التحقيق حول تبييض الأموال، قام محققو فصيلة الأبحاث لدرك الجزائر بالتقرب من خلية معالجة الاستعلام المالي CTRF التي تعنى بمكافحة تبييض الأموال بالجزائر من أجل الاستفسار حول التصريحات بالشبهة والطابع التدليسي لمعاملات شركات عمر بن عمر إلى جانب التقارير السرية المرسلة من إدارتي الضرائب والجمارك والمصالح المالية لبريد الجزائر، حيث أن التدقيق في عمليات التجارة الخارجية "عمليات التصدير والاستيراد"، بينت أن شركات بن عمر تعتمد كتقنية لتبييض الأموال على إنشاء شركات وهمية التي ماعدا اسم الشركة لا محل لها بتاتا من الوجود، حيث اتضح أن شركةGFC SPA ، التي تعتمد عليها عائلة بن عمر لاسيما في عمليات التصدير لا أساس لها من الوجود في أرض الواقع، بل تملك عدا عنوان الذي يعود إلى إداري الشركة المسمى NICOLAS GELLARD والذي يعتبر في الأصل مقر مكتب للمحاماة وليست الشركة التي تم إنشاؤها. واعتمدت شركات مجمع بن عمر على إقحام أشخاص على علم ودراية بالثغرات القانونية التي يمكن الاستفادة منها من أجل تمرير العمليات المشبوهة، لاسيما إدخال المسمى "بن.ش.حليم"، جزائري الجنسية، مقيم بباريس الفرنسية كشريك في شركة GFC SPA الذي يعد العقل المدبر للشركة هناك، نظرا لتحكمه وعلمه بدواليب التهرب وكيفية إنشاء الشركات الوهمية في الجنان الضريبية. واستفاد بن عمر من إعفاء من الضريبة على أرباح الشركات IBS، والرسم على النشاط المهني TAP، والرسم على القيمة المضافة TVA والرسوم الجمركية DD وكذا اقتناء الحبوب وعجينة الطماطم المدعمة، وخوصصة الشركات العمومية ودفعها إلى التوقف عن النشاط بالرغم من إمكانية تشغيلها على غرار مركب العجائن "الرياض قورصو". بالإضافة إلى التنازلات عن الأوعية العقارية في إطار الاستثمار الصناعي باقتراح من لجنة المساعدة على تحديد الموقع، وترقية الاستثمار وضبط العقار CALPIREF والعقار الفلاحي في إطار ديوان الأراضي الفلاحية ONTA والتي يتم استخدامها كضمانات من أجل الحصول على قروض ميسرة، سواء تعلق الأمر بالقروض الطويلة والمتوسطة المدى المخصصة لتمويل إنجاز المصانع وشراء تجهيزات أو القروض الدوارة crédits de roulement، أو القصيرة المدى crédit à court terme لتمويل نشاط الاستغلال اليومي للمصانع على غرار شراء المواد الأولية والبضائع وخدمات التوزيع والنقل والطاقة وحتى تخليص الضرائب والرسوم الجمركية.