الإنتاج الوطني المرتقب من القمح الصلب سيضمن الاكتفاء الذاتي لسنة 2026    كيف تسوق إسرائيل مظلوميتها؟    جردة المائة يوم في عهد ترامب    تخيل.. عام واحد بلا كهرباء ولا آلات!    "واللَّه يعصمك من الناس"    كيف يقضي المريض الصلوات الكثيرة الفائتة؟    بشارات ربانية عظيمة    المرصد الوطني للمجتمع المدني يعقد دورته العادية السابعة    سعداوي: الإعلان عن نتائج عملية إصلاح مناهج وبرامج الطور الابتدائي قريبا    كرة القدم/الدورة الدولية الودية لأقل من 17 سنة: المنتخب التونسي يتعادل مع نظيره الموريتاني ب(0-0)    وزارة العدل تشرع في دورات تكوينية لفائدة القضاة والموظفين    سايحي يلتقي وزير الصحة العماني بتونس    بسكرة : تخرج 12 دفعة جديدة بالمدرسة العليا للقوات الخاصة    شايب و واضح يشاركان في لقاء من تنظيم قنصلية الجزائر بنيس حول المقاولاتية    79 شهيدا فلسطينيا جراء قصف الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة    وزير التربية الوطنية يعطي إشارة انطلاق امتحان شهادة البكالوريا من ثانوية الإدريسي بالجزائر العاصمة    باتنة: عودة أول فوج من الحجاج عبر مطار الشهيد مصطفى بن بولعيد الدولي    تتويج الفائزين بجائزة رئيس الجمهورية للمبدعين الشباب "علي معاشي"    بعد تسجيل خروقات في استغلال المصنفات المحمية، الوصاية:    بن جامع : الكيان "يتصرف وكأنّ القانون غير موجود، أو لا ينطبق عليه"    حجز 85 كلغ من الكوكايين بأدرار    مخيمات صيفية لفائدة 2000 طفل من أدرار وتمنراست    انهيار المحور المقاوم وصعود إسرائيل الكبرى"    تحذيرات ودعوات دولية للتعقّل والتهدئة    نشوب حرب شبه اقليمية بالمنطقة غير مستبعد    المواجهة العسكرية العلنية تستمر    ارتفاع أسعار النّفط بسبب التوترات في الشرق الأوسط    شهادة عدم تقاضي معاش عسكري إلزامية لتثبيت فترة الخدمة الوطنية    كهربة وسائل النّقل العمومي والفردي.. والتحوّل الطاقوي واقع    نحو جمع 90 ألف قنطار من الحبوب بالبليدة    مشاريع تجريبية لإنتاج وقود الطيران    الباك.. تجنّد أمني    العرباوي يشرف على إحياء يوم الفنان    ''الفاف" توسّع مهمة اكتشاف المواهب محليا وأوروبيا    نصائح للمقبلين على البكالوريا    نورة علي طلحة تبدع في بانوراما الجمال والهوية    "عائد إلى حيفا" في قالمة    الطاووس يتجول بكبرياء بين ضفتي الألوان والأكوان    منع مواقد الشواء في الغابات لقلة الوعي البيئي    طقوس وولائم تصل درجة البذخ    عمراني يتحسّس نوايا الإدارة قبل التحضير للموسم القادم    لو كنت في إسبانيا لأقالوني منذ أكتوبر    نشر القائمة المؤقتة للوكالات المرخّص لها تنظيم العمرة    الإنتاج الوطني المرتقب من القمح الصلب سيضمن الاكتفاء الذاتي لسنة 2026    الجمعية الوطنية للصيادلة الجزائريين تطلق حملة وطنية للتبرع بالدم    أزيد من 400 أخصائي في المؤتمر الدولي ال38 لجراحة المخ والأعصاب بالعاصمة    بتكليف من رئيس الجمهورية, السيد سايحي يشارك بتونس في أشغال المؤتمر الإقليمي للصحة الواحدة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا    حوادث المرور: وفاة 10 أشخاص وإصابة 507 آخرين خلال ال48 ساعة الأخيرة    كرة القدم/الدورة الدولية الودية لأقل من 17 سنة /الجزائر-تونس: المنتخب الوطني يواصل تحضيراته بالبليدة    جنوب افريقيا: المؤتمر الوطني الإفريقي يجدد دعمه الثابت للشعب الصحراوي ويفند مزاعم المغرب    مونديال الأندية ينطلق اليوم    تسليم وثائق التوطين ل 230 مستوردا    الكسكسي في مسابقة دولية    وصول أول رحلة للحجّاج العائدين إلى مطار وهران    تحيين 12 ألف بطاقة "شفاء" منذ بدء العملية    اختبار مفيد رغم الخسارة    صور من مسارعة الصحابة لطاعة المصطفى    لماذا سميت أيام التشريق بهذا الاسم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البطاطا والسردين من آيات "الفساد"
نشر في المستقبل يوم 04 - 04 - 2009

في البدء، أرجو أن يركز القارىء على الموضوع ويغض البصر عن العنوان، لأن معنى الفساد المقصود هنا، لا علاقة له بالفساد الذي يقصده منتقدو الإدارة، ويوظفه منشطو المواسم الانتخابية.. هم يتحدثون عن فساد منظومة إدارية، ونحن هنا نتحدث عن فساد بعض فئات المجتمع أو الأمة،‮ وتلك‮ هي‮ المصيبة،‮ مع‮ أن‮ المفسدين‮ كلهم‮ سواسية،‮ والفساد‮ ملة‮ واحدة‮.

ورد في ومضة إشهارية إذاعية جملة بصوت فيه الكثير من المؤثرات التي عادة ما تستخدم لتنميق المادة المشهرة، تقول فيها المذيعة ".. أخيرا ولأول مرة في الجزائر.. المراعي، حليب بقرة صاف.."، وكلمة " أخيرا" هنا يفهم منها الشيء الكثير، ولكنها أيضا تطرح أسئلة كثيرة، أبرزها‮ سؤال‮ يمكن‮ أن‮ نصوغه‮ هكذا‮: هل‮ وصلت‮ أزمة‮ حليب‮ البقر‮ في‮ الجزائر‮ إلى‮ وضع‮ يستوجب‮ منا‮ استيراد‮ هذه‮ المادة‮ من‮ الخارج،‮ وهل‮ نحن‮ أمام‮ أزمة‮ بقر،‮ أم‮ أننا‮ أمام‮ أزمة‮ إنسان؟‮
الواقع أن الإجابة عن هذه الأسئلة سهلة، ولكنها صعبة في الوقت ذاته، لأن المسألة في الجزائر لم تعد قضية " ندرة" مؤقتة أوعابرة في قطاع ما، بل تعدى الأمر ذلك ليصبح " عجزا" طال المجتمع الجزائري، فأصبح متكاسلا، خاملا، ولا ندري كيف أن هذا المجتمع الذي شن بالأمس القريب‮ ثورة‮ انتصر‮ فيها‮ على‮ الحلف‮ الأطلسي‮ بكامله،‮ وحرر‮ بلدا‮ بحجم‮ قارة‮ من‮ أعتى‮ القوات‮ العسكرية،‮ صار‮ اليوم‮ عاجزا‮ عن‮ توفير‮ حليب‮ الأبقار،‮ وصار‮ عاجزا‮ عن‮ مواجهة‮ أزمة‮ البطاطا‮ والسردين‮.
القدماء يؤكدون دوما بقولهم " ويل لأمة تأكل مما لا تنتج، وتلبس مما لا تزرع"، ونحن والحال هكذا، يبدو أننا نسير رويدا إلى دائرة الويل، لأن علماء الاقتصاد وخبراءه جميعا لو طلب منهم إيجاد تفسير لمرحلة العجز الغذائي التي نمر بها، لأعلنوا عجزهم عن ذلك، لأنه من غير المعقول، بل ومن العيب أن نقرأ يوميا في صحافتنا ونستمع لتصريحات المسؤولين حول أمور تخص الفلاحين وعالم الفلاحة، من قبيل تطوير القطاع، وإعداده لمرحلة ما بعد البترول، ونسمع أيضا أن الدولة بادرت بمسح ديون الفلاحين المقدرة بالملايير، فيخيل لنا أننا أمام مجتمع فلاحي‮ حقيقي،‮ ثم‮ نصطدم‮ بأزمة‮ حليب،‮ وأزمة‮ بطاطا،‮ وأزمة‮ سردين‮.
عندما نلجأ إلى استيراد حليب الأبقار من الخارج، يفهم من ذلك أننا أمام أزمة أبقار، وهنا يجب أن نتساءل من الذي أوجد هذه "الأزمة" في بلد تتجاوز مساحته مليوني كلم مربع، أكثر من نصفها هي مساحات غابية ورعوية، بل إن متيجة وحدها كافية لتربية " جيش" من البقر الحلوب،‮ نستطيع‮ من‮ خلاله‮ أن‮ نغزوا‮ قارة‮ إفريقيا‮ بأكملها؟‮
قد يجتهد المختصون في تبريرالأزمات، ويجدون إجابات لهذه الأسئلة، لكنهم لن يفلحوا في تبرير" أزمة" البطاطا التي صارت أسعارها تضاهي أسعار" الكافيار"، ولن يفلحوا أيضا في تبرير " أزمة" السردين الذي تجاوز سعرة 300 دينار، في بلد " كله بحر"، ولا أقول إنه يتوفر على أكبر‮ شريط‮ ساحلي‮.
الحديث عن "أزمة" الحليب والبطاطا والسردين في الجزائر، هو في الواقع حديث عن أزمة الإنسان الجزائري الذي يبدو أنه أصبح يتعامل مع بلاده كما لو أنها " منطقة عبور"، حل بها مؤقتا لقضاء حاجة ما ثم يغادرها نحو وجهة أخرى، ومهما اختلفت الرؤى وتباينت التفاسير، تظل أسماء‮ مثل‮ البطاطا‮ والسردين‮ ترمز‮ لآيات‮ "‬الفساد‮" الذي‮ طال‮ أمة‮ بأكملها،‮ فصارت‮ مقتنعة‮ بأنها‮ تأكل‮ مما‮ لا‮ تنتج،‮ وتلبس‮ مما‮ لا‮ تنسج،‮ وتلك‮ هي‮ المصيبة‮ الكبرى‮ ما‮ لم‮ نصلح‮ ذواتنا‮ ونغير‮ ما‮ بأنفسنا‮ .‬
سعيد‮ مقدم‮


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.