من عجائب صنع الكتاب أن تتحدث الوزارة المختصة في الثقافة عن طبع آلاف مؤلفة من الكتب، ولا تبحث عن بعض مئات من القراء لقراءة هذه الكتب، لذا فمصير الآلاف من الكتب التي تطبع سنويا هو مخازن المكتبات التابعة للبلديات والدوائر، في " الكارتون " معرضة لكل أنواع التلف من حرارة ورطوبة وغيرها، وحين تتكدس لا تفيد حتى لنلف فيها بعض الأشياء، لذا يكون مصيرها مفرغة واد السمار، من يدري قد يستفيد منها بعض النفر ممن يعملون في جمع النفايات ويقدرون حق الثقافة، بما أن أغلب المثقفين والمختصين يعملون في بلادنا في وظائف ومناصب لا صلة بمؤهلاتهم، أما المثقفين الذين يصبغون وجه الثقافة لدينا، فأغلبهم لا صلة له بالثقافة قدر ما هي صلته بالذي وضعه في الواجهة الثقافية، لهذا فالمشهد الثقافي لدينا باهت حد الشحوب، لأن الذي يمثلونه ليسوا في واقع الحال سوى انتهازيين بثوب مثقفين لأن ثوب الثقافة أكبر منهم بكثير، وكنا نتمنى من وزارة الثقافة وهي التي تتحدث عن آلاف المطبوعات، أن تتحدث عن مشروع لآلاف القراء، وعن القراءة في الأماكن العامة، وعن المطالعة في كل مكان، لأن خلق تقاليد القراءة والمطالعة يأتي قبل خلق تقاليد صناعة الكتب التي لا يقرأها حتى مؤلفها.